تبدو قصصه وأنت تقرأها للوهلة الأولى وكأنها خيط مشدود إلى عالمين، أحدهما قديم يكاد يندثر، والآخر ينهض من تحت ركامه، لكنه مثقل بالخوف والقلق، العمل الأدبي الجيد من وجهة نظره هو كوْن واحد كونته ذاكرة أشبه بالمرآة تنعكس عليها الصور لكنها آخر المطاف ليست صورة الواقع، الأفكار عنده هي إعادة لترتيب حياتنا، لكن الإبداع اقتحام لجوهر هذه الحياة، للوصول إلى دلالاتها الكامنة، هو الروائي والكاتب سعيد الكفراوي، الذي حصد اليوم جائزة الدولة التقديرية في الأدب. ولد سعيد الكفراوى عام 1939 بقرية كفر حجازى بمحافظة الغربية، وبدأ كتابة القصة القصيرة من الستينيات ليصبح أحد أعلامها، قدم الكفراوي مجموعته الأولى في بداية الثمانينيات فلفت انتباه النقاد إلى المستوى المتميز الذي ظهرت عليه المجموعة بتناولها لطرق جديدة من الأداء السردي لم تكن شائعة من قبل، وهو واحدًا من القلّة الذين ظلّوا أوفياء للقصّة القصيرة التي ظلّ يكتبها منذ صدور مجموعته الأولى "مدينة الموت الجميلة" منتصف الستينيات. الكفراوي أحد رواد فن القصة القصيرة في العالم العربي، ويشكل الموت والكتابة عن الطفولة والعوالم الأولى متكأً أساسيًا في مشروعه الإبداعي حيث يمزج فيه الواقعي بالخيالي؛ لتخرج لنا الحكايات محملة بأحوال الجماعات المهمشة والمغمورة، وقدم أكثر من ثلاثة عشر مجموعة قصصية بدءا من مدينة الموت الجميل، والبغدادية، ستر العورة، رائحة الليل، كشك الموسيقي، بيت للعابرين، زبيدة والوحش، يا قلب مين يشتريك، سدرة المنتهى، دوائر من حنين، وعشرون قمرًا في حجر الغلام، وحصل على جوائز عدة، وترجمت أعماله إلى الفرنسية والإنجليزية والألمانية. يعد الكفراوي، ضمن أكثر الكتاب الذين رفعوا من شأن النساء في كتاباته وذكر قدرهن وأهميتهن في المجتمع، فوصفها بالأم. ويقول الكفرواي: "لا أكتب بخطة سابقة على فعل الكتابة ففى كل الأحوال أسير إلى لحظة فيض تأتينى من حيث لا أدرى فأنا حبيس أنتظر منة الإله على كى أكتب، والمرأة لم تكن آثمة على الإطلاق في قصصى فهى الأم والجدة والزوجة وهى " الطاهرة " في " عزاء " وهى قصة عن البنت الكفيفة التي أخذت بيد عبد المولى لتعرفه معنى الموت والرحيل، كما برز في كتاباته المسيحيين والصوفيين، حيث اعتبر أن قبط مصر عنصر أصيل في تكوين شعب مصر، لهم تراثهم وثقافتهم ودينهم الممجد في عيسى ومريم البتول، حيث إن التراث القبطى يمثل جزءا حيا من ذاكرة المسلمين حيث التاريخ المشترك والزمن الواحد.