إن أحزنك ظلام الليل فانظر إلى السماء فإن فيها القمر، وإن لسعتك نار الشمس فاحتم تحتها بظل الشجر.. وإن ضقت بهم أو ألمّ بك غم أو أصابك كرب فاسأل من مَدَّ الظلَّ وخلق القمر أن يكشف عنك الهم والغم ويفرِّج عنك الكرب ويأتيك بالفَرَجْ. وإن سقطت فى حفرة فاعلم أن لكل جواد كبوة، فالحياة دار ابتلاء ولا تخلو من بلاء، وليس كل ما يتمناه المرء يدركه فى الحال. وإن كنت قد فشلت فإياك أن تستسلم للإحباط أو أن تعلن الانسحاب. لا تجعل سِهَامَكَ تُخطئ ولا تُصيب، ولا تبذل طاقتك وجُهدَك فيما لا يفيد، وإذا لم تستطع شيئاً فدعه وجاوزه إلى ما تستطيع. فالمهم ألا تتوقف أبداً عن العمل وألا تسمح بأن يرحل من القلب الأمل مهما كان السبب. الأمل ليس وهماً كالسراب، بل هو فنار، يهديك بضوئه فى الظلام،أوقد سراج الأمل ولا تركن إلى الكسل، وإن حدث أن غرقت فى بحر من الظلمة فأضئ فى أعماق ذلك البحر شمعة، وتذكر أن ما من ليل إلا وأعقبه فجر وأن ما من يوم إلا وتشرق فيه الشمس. لا تبك على ما فات فلن يعيده البكاء، اخلع رداء اليأس والبس رداء الأمل فى الغد، هيا اجر إلى الأمام، سابق الزمان، تخط الأحزان، اقفز فوق حواجز الإحباط، اطرق كل الأبواب حتى وإن رأيتها مقفولة بأقفال! فالله هو الفتاح. إن كنت على صواب، فلا تعبأ بالانتقاد، ولا تضع فى الحُسبان أى كلام هَدَّام، واعلم أن آراء البعض فينا تكون فى بعض الأحيان أدنى إلى الصواب من آرائنا فى أنفسنا التى قد يحكمها الهوى. وإياك إياك أن تغتر بالثناء، واستشر الأمناء، واستمع وأنصت لنصائح المحبين والحُكَماء، واستفد منها قدر المستطاع، إن كان المَلاح فى البحر يُصححُ من وقت لوقت اتجاه مَسَارِ السفينة فأنت تستطيع بالمثل أن تصحح ولا ريب مَسارَكَ بكل نصيحة. اجعل لك هدفاً محدداً واعلم أن من يطارد عصفورين معاً لا يصطاد منهما واحداً، واعلم أن من يسعى إلى أن يحيا الحياة التى يرجوها فى خياله قد يلاقى من النجاح ما لم يخطر أبداً على باله. اختر الرفيق قبل الطريق والجار قبل الدار، وإن حدث أن عشت يوماً مع الذئاب فاجعل سلاحك دوماً على استعداد، ولا تخف من صوت الرصاص.. فالرصاصة التى ستقتلك لن تسمع صوتها بأذنك. قد تقتضى منك الشجاعة أن تجبن ساعة، لكن لا تستمرئ الجبن كعادة الجبناء وتحل كل مشكلة تواجهك بالفرار، لا تخش الموت كما لا يخشاه الليث، واعلم أن للأسد فى مماته هيبة ليست للكلب فى حياته. فى الحياة شد وجذب، ومد وجزر، واختلاف فى وجهات النظر، وتضاد فى طبائع البشر، ومن المهم أن يصبر المرء ويضبط النفس فى هذا المعترك، وإن حدث أن طُعِنتَ من الخلف فذلك يعنى أنك فى مقدمة الركْب، لكن الأهم من أن تكون فى المقدمة هو أن تكون من اتجاهك على بيِّنة، واعلم أن الناس توسع الطريق بسرور من أجل أن تتيح لكل من يعرفُ وجهتَه المرور. اركب مطية الحق، فمن ركب الحق سبق الخلْق، وافعل دوماً الخير وإن كان سيُلقى فى البحر فعلى الله وحده الأجر، ودل من تعرفه على خير ينفعه، فالدال على الخير كفاعله، وكن كالشجرة المورقة التى تمنح ظلها حتى لمن يحتطبها.