- مدير مستشفيات بورسعيد: القتلى سقطوا برصاص الشرطة - سبعة مجهولين فتحوا النار على سجن بورسعيد.. فَردَّ القناصة بقتل 26 - والدة أحد الشهداء: ابني ذهب لشراء “,”كشرى“,” فعاد برصاصة في رأسه - شهود عيان: الشرطة أطلقت قنابل الغاز على “,”النعوش“,” - النيابة لم تُشرف على تشريح الجثث.. وبدأت عملها بعد الحوادث بثلاثة أيام كشف تقرير تقصي الحقائق التي قام بها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومؤسسة الكرامة، وهيومان رايتس ووتش، في أحداث بورسعيد، اليوم، أن هناك أدلة قوية على أن الشرطة فتحت النار على المتظاهرين يوم 26 يناير، فقتلت وجرحت عددًا كبيرًا منهم ومن المارة، كما استخدمت الشرطة الطلقات الحية في اليومين التاليين. وقالت المنظمات: إن تحقيق النيابة المبدئي في أحداث بورسعيد، شابته مخالفات إجرائية، تشمل الاحتجاز التعسفي ومزاعم بالتعذيب، كما لم تبدأ النيابة التحقيق في الأحداث قبل 29 يناير، فأدى التأخير لمدة 3 أيام إلى إعاقة التحقيق من البداية، حيث لم يزر وكلاء النيابة مسرح الأحداث ولا أشرفوا على تشريح الجثث، والأخطر أن وكلاء النيابة أخفقوا في استدعاء ضابط شرطة واحد لاستجوابه، فلم يستجوبوا سوى السكان ال 36 المعتقلين، حتى الآن، بتهم حيازة واستخدام أسلحة نارية . وقال شهود عيان للمنظمات: إن هناك ما يقرب من سبعة رجال، مجهولي الهوية، فتحوا النار على الشرطة أمام سجن بورسعيد العمومي يوم 26 يناير، وكان هذا بعد وقت قليل من قيام قاضٍ بالحكم على 21 من سكان المدينة بالإعدام في العاشرة صباحًا، وتمكن المسلحون الذين استخدم بعضهم أسلحة آلية من قتل 2 من ضباط الشرطة وجرح 10 آخرين، فيما زعمت وزارة الداخلية أنه محاولة فاشلة لاقتحام السجن، إلا أن الوزارة لم تقدم أدلة تؤيد هذه النظرية، وشهادات الشهود الذين أجرت معهم المنظمات مقابلات، لا تؤيد رواية الوزارة . كما أطلق رجال الشرطة الذخيرة الحية من سطح السجن وساحاته، وبانتهاء الصباح كانت حصيلة القتلى قد بلغت 28 شخصًا، هم ضابطا الشرطة و26 شخصًا من خارج السجن . و أكد الشهود أن الشرطة ظلت تطلق النار على الناس في محيط السجن ما يناهز الساعة بعد توقف النيران الموجهة إلى الشرطة، فتسببت في عدد من الوفيات والإصابات. وقال 5 شهود على الأقل للمنظمات إنهم شاهدوا عربات شرطة مدرعة تتحرك عبر شوارع بعيدة عن السجن وبداخلها أفراد شرطة يطلقون النار عشوائيًا على المارة، مما أدلى إلى وفيات وإصابات . وعلى مدار اليومين التاليين وقعت مواجهات إضافية بين الشرطة والمحتجين أمام قسمي شرطة العرب والمناخ، فقام بعض المحتجين بإطلاق الحجارة وزجاجات المولوتوف على الشرطة، التي ردت بإطلاق الذخيرة الحية الكثيفة والعشوائية، فتسببت في مقتل 7 أشخاص على الأقل. بنهاية الأيام الثلاثة، ارتفعت حصيلة القتلى إلى 42، بينهم ضابطا الشرطة، واستقبلت المستشفيات المحلية 874 مصابًا، بحسب وزارة الصحة. كان أصغر الموتى سنًا، وفق مراجعة سجلات مديرية الشئون الصحية، هو عبدالرحمن سلامة، 15 سنة، ونقل مسئولو الأمن جرحى الشرطة وقتلاها إلى مستشفيات الشرطة، في حين عولج الآخرون جميعًا في المستشفيات العامة ببورسعيد ومحافظات أخرى . وأكد الدكتور عبدالرحمن فرح، مدير المستشفيات بمديرية الشئون الصحية في بورسعيد، أن الأغلبية الساحقة من القتلى قتلوا بطلقات حية، وأصيب معظمهم في النصف الأعلى من الجسم، 11 منهم في منطقة الرأس والعنق، فيما أصيب اثنان بطلقات في الرأس من الخلف. وقال طبيب شرعي قام بإجراء بعض عمليات التشريح إنه بخلاف رجل واحد توفي بنوبة قلبية نجمت عن التعرض المفرط للغاز المسيل للدموع، فإن الآخرين جميعًا أصيبوا بطلقات من عيار 7,62 مللي التي تستخدمها الشرطة، إلا أنها أيضًا متاحة على نطاق واسع في السوق السوداء . وخلُص الطبيب الشرعي إلى أن معظم قتلى يوم 26 يناير أصيبوا من مكان بعيد ومن أعلى، بما يدل على احتمال إصابتهم من قبل رجال الشرطة الذين تمركزوا فوق سطح السجن وأطلقوا النار على الحشود بعد أن بدأ الهجوم على السجن . الشرطة قتلت المتظاهرين والمارة تمكنت المنظمات الأربع من جمع أدلة تشير بقوة إلى أن الشرطة قتلت بالرصاص عددًا من العزل، ففي أحد مقاطع الفيديو يمكن رؤية رجل يقف مع آخرين عند ركن قرب السجن، ثم يصاب ويسقط على الأرض، بينما يختبئ الآخرون، ثم يجرونه بعيدًا تاركين أثرًا من الدماء، ولا يوجد ما يشير إلى أنه كان يحمل السلاح أو يستخدمه . وقال أحمد يحيى، وهو أحد الشهود، إنه شاهد تامر الفحلة، حارس المرمي السابق بفريق المصري البوسعيدي لكرة القدم، يصاب في عنقه، وإنه لم يكن يستخدم العنف أو السلاح: “,”أصيب أمامي مباشرة، كان يتطلع فقط من خلف أحد المباني حين أصيب من اتجاه السجن“,”، وتبين السجلات الرسمية لمديرية الشئون الصحية أن سبب وفاة تامر الفحلة هو “,”طلق ناري أسفل الرقبة“,”. وقال شاهد آخر اسمه منتصر: إنه شاهد ضابط شرطة يطلق النار على طفل في التاسعة، وقالت سلوى السيد قزاز، والدة أحد المتهمين ال21 المحكوم عليهم بالإعدام، إنها بدورها شاهدت الطفل يصاب بالرصاص: كنت أرى ستة ضباط على سطح السجن يطلقون الرصاص.. بدأ إطلاق الرصاص من سطح السجن، وأطلق أحدهم النار على طفل في التاسعة كان يقف أمام مبنى على الجهة المقابلة من السجن، سقط الطفل على الأرض وكان ينزف من فمه، وكان هناك رجل خرج من أحد المباني يحمل كيسًا به حليب، فأُطلقت عليه النار بدوره وانسكب الحليب، وعند هذه اللحظة جرني الناس بعيدًا . وقال ثلاثة شهود إنهم شاهدوا الشرطة تطلق النار على رجل أعزل في مقعد متحرك، كثيرًا ما كان يحضر المظاهرات ومباريات الكرة في بورسعيد، يمكن رؤية الرجل في أحد مقاطع الفيديو بشارع محمد علي، على بعد 100 متر على الأقل من السجن، هناك صوت طلقات نارية، ثم يُصاب الرجل، وقال ثلاثة شهود على الأقل إنه كان أعزلًا. قال “,”يحيى“,” إن الشرطة أطلقت النار أيضًا على الأشخاص الذين تركوا الاحتماء بالمباني القريبة لمساعدة الرجل الجريح: “,”كان كل من يحاول المرور يصاب بالنيران، رأيت الرجل في المقعد المتحرك يصاب ويسقط، وأطلقت النار على الأشخاص الثلاثة أو الأربعة الذين حاولوا حمله بدورهم، فأصيب أحدهم في ساقه، وساعدت في حمله بعيدًا“,”. وأكد التقرير أن الأدلة التي جمعتها المنظمات تؤكد إخفاق الشرطة في إطلاق النار عند الضرورة القصوى فقط، وبأنها في بعض الحالات أطلقت النار على أشخاص من الواضح أنهم لا يحملون سلاحًا، وبدت وكأنها تطلق النار على نحو يتعمد الإيذاء. وقال خمسة شهود: إن ضباط الشرطة كانوا يطلقون الذخيرة الحية على نحو يبدو أنه عشوائي باتجاه المناطق السكنية، وفي بعض الحالات دمروا واجهات المتاجر وجرحوا وقتلوا بعض الأشخاص . وقالت والدة إبراهيم الوشاحي: إن ابنها كان في شارع الصباح، على بعد 500 أو 600 متر من قسم شرطة العرب، وذهب لشراء الكشري للغداء، فأصيب في الرأس وقتل على الفور. وأكد تقرير طبي مبدئي أنه أصيب بالذخيرة الحية، وأكد الشهود أن أفراد الشرطة هم من أطلقوا النار على إبراهيم. إطلاق قنابل الغاز على النعوش بدأ موكب تشييع جنازة الشهداء يوم 27 يناير الذي لحق به آلاف المشيعين والمحتجين من ميدان مريم، مرورًا بشارع أوجينا في اتجاه المقابر، ومر خط سيره على الناديين الاجتماعيين للشرطة والجيش، وهما المقران اللذان كثيرًا ما يستأجرهما سكان بورسعيد لمناسباتهم الاجتماعية، وقال محمود مرسي، أحد المحتجين: إن الموكب مر على نادي الشرطة، فبدأ الناس يهتفون ضد الشرطة ويوجهون لها الإهانات، وإن عددًا قليلًا من الناس ألقوا الحجارة على بوابة نادي الشرطة، وكان الرد الفوري من الشرطة هو إطلاق ثماني قنابل غاز مسيلة للدموع في تتابع سريع على الحشود . وقال المتظاهر “,”إ. إ“,”: كنت في المقدمة نظرًا لكوني أحمل نعش عمي، وبينما كنا نمر على نادي الشرطة بدأوا يطلقون الغاز المسيل للدموع علينا، فر الناس في كل الاتجاهات، كان نعشنا مفتوحًا وسقطت بداخله قنبلة غاز مسيلة للدموع، كانت كمية الغاز هائلة ولم نستطع التنفس، فسقطنا على الأرض وأسقطنا النعش وسقطت الجثة في الشارع . وبحسب التقرير هناك مخالفات وأخطاء إجرائية في تحقيقات النيابة منذ البداية، ففي ليلتي 29 و30 يناير، حيث قامت الشرطة والشرطة العسكرية في بورسعيد بإلقاء القبض على 22 مشتبهًا بهم بعد مداهمة منازلهم للاشتباه في تورطهم في “,”إطلاق النار على المتظاهرين“,”. وقال محمد خضر، أحد محامي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، الذي يمثل المحتجزين: إن الشرطة أخذت المحتجزين إلى معسكر الأمن المركزي ببورسعيد واحتجزتهم هناك دون وجه حق لمدة يومين، لأن معسكرات الأمن المركزي لا تعد مقرات مشروعة للاحتجاز بموجب القانون المصري . وقال نيازي إبراهيم يوسف، وهو محام آخر يمثل المحتجزين: إن معظمهم تعرض للتعذيب بما فيه الصعق الكهربي والجَلد، وقدم طلبًا لمكتب النيابة في بورسعيد يوم 10 فبراير بعرضهم على الطبيب الشرعي، وهو ما رفضت النيابة السماح به . وفي نهاية التقرير طالبت المنظمات بفتح تحقيق موسع داخل وزارة الداخلية حول الجرائم التي تعرض لها أهالي بورسعيد ومحاكمة المتورطين.