قالت مجلة «الأيكونوميست» البريطانية إن منطقة الشرق الأوسط تتعرض حاليًا لمخطط لإعادة تقسيم خرائطها بما يؤدى إلى نشأة دول جديدة، عبر «تقسيم المقسم وتفتيت المفتت». وأضافت المجلة في تقرير موسع بمناسبة مرور 100 عام على اتفاقية «سايكس بيكو» أن الاتفاقية رسخت لمطامع الدولتين الاستعماريتين الكبريين آنذاك، بريطانياوفرنسا، بإدخال المنطقة في نزاعات جيوسياسية واضطرابات فوضوية مستمرة، وهو ما يواصل الغرب ترسيخه في الوقت الراهن. وقالت إن ظهور داعش وصعود الأكراد وضعف الدول العربية القوية هو أسلوب جديد لتقسيم المنطقة وإعادة هيكلتها وتعيين حدودها وفقًا لاتفاقيات جديدة بين القوى الاستعمارية. ووقعت بريطانياوفرنسا، اتفاقية سايكس بيكو الشهيرة عام 1916 لتقسيم منطقة الشرق، وإنشاء دول وخلق واقع جغرافى جديد على أنقاض الإمبراطورية العثمانية التي بدأت تتهاوى عقب هزيمتها في الحرب العالمية الثانية. وأشارت المجلة إلى أن ما تشهده منطقة الشرق الأوسط حاليًا وخاصة العراق والشام «المعروفة باسم الهلال الخصيب» من صراعات حالية تعود جذورها إلى أكثر من 100 عام عندما وقع الدبلوماسى الفرنسى فرانسوا جورج بيكو، والبريطانى مارك سايكس تلك الاتفاقية السرية بمشاركة روسيا، في مايو 1916 بعد مفاوضات لأشهر بدأت في نوفمبر 2015. وكشفت المجلة عن أن واضعى الاتفاقية حرصوا على جعل تلك المنطقة مشتعلة لأطول فترة ممكنة وحاولوا تقسيمها بصورة تضمن السيطرة عليها وإشعالها في أي وقت، لذلك لم يمنحوا الأكراد دولة مستقلة ووزعوهم على أربع دول هي العراقوسورياوتركيا وإيران، ومنحوا المسيحيين الموارنة دولة في لبنان وحرموا الهاشميين من ملكهم. ودخلت روسيا كطرف في القضية لتحصل على إسطنبول، وكذلك المضايق البحرية الإستراتيجية بين البحر المتوسط والبحر الأسود، لسيطرة على البحر الأسود بالكامل، في حين سيطر الفرنسيون على لبنانوسوريا وجزء من تركيا، وطردوا الهاشميين ومنعوهم من إقامة مملكة في سوريا واكتفوا بعرش العراق ومملكة الأردن، وكانت فلسطين الجزء الأهم في هذا التقسيم. وشكل اكتشاف النفط تحولًا كبيرًا في تاريخ المنطقة حيث قررت تلك القوى إعادة هيكلة الاتفاقية في 1918 بعد هزيمة تركيا في الحرب العالمية الأولى، وضم مناطق جديدة للعراق مثل الموصل التي كانت تطالب بها تركيا. وأشارت المجلة البريطانية إلى أن الحكومة البريطانية خدعت الجميع حتى فرنسا في هذا التقسيم، حيث استطاعت تعزيز نفوذها بالمنطقة وتشكيل دول جديدة وأخلت بوعودها حتى مع حليفتها فرنسا وسيطرت على مناطق وضمتها للعراق في الشام وحرمت فرنسا منها.