تظل القضية الفلسطنية هي المفصل الرئيسى في قضايا الأمن القومى العربى، لا يمكن أن تجد رئيسًا أو ملكًا أو قائدًا عربيًا إلا وتحدث عنها، موليا إياها اهتمامًا خاصًا، فالشعوب العربية مسلمين ومسيحيين تتعلق قلوبها بالقدس حاضنة الأقصى وكنيسة القيامة، هذا من الناحية النفسية، أما من الناحية الثانية، ففلسطين تمثل معركة دائمة لكل الحكام العرب، منها يأخذون كثيرًا من شرعيتهم. وأعتقد أن الإخوان الإرهابيين لعبوا كثيرًا بهذه الورقة، كانوا يأخذون منها حجة لجمع الأنصار، ولا ينسى أحد هتافهم الشهير «على القدس رايحين شهداء بالملايين»... لكن هذا الشعار وككل شعاراتهم بار وخاب بعد أن وصلوا إلى السلطة، ففى عهدهم ولأول مرة تم توصيف ما تقوم به حركات المقاومة بأنه أعمال عدائية ضد إسرائيل، وذلك في اتفاقية رسمية وقعت عليها حركة حماس، لقد باعوا القضية من أجل أن يثبتوا أقدامهم في السلطة، لكن الشعب المصرى كشف لعبتهم، وثار عليهم، فهذا الشعب لا يخدعه أحد أبدًا. لقد وضعت مصر القضية الفلسطينية في قلب اهتماماتها مبكرًا جدًا، ويمكن في هذا السياق أن نرصد جوانب مما جرى. فقد حظيت القضية الفلسطينية باهتمام كبير من الدولة المصرية منذ عهد الملك فاروق الذي حرص على دعم فلسطين في مواجهة العصابات الصهيونية، فأرسل جيشًا إلى فلسطين للدفاع عنها، والقضاء على تلك العصابات في عام 1948، وكانت الهزيمة أحد أسباب تفجير ثورة 23 يوليو 1952. وعندما تولى الزعيم الراحل جمال عبدالناصر الحكم، وضع القضية الفلسطينية في مقدمة اهتماماته، فعقد مؤتمر الخرطوم الذي رفع فيه اللاءات الثلاث «لا اعتراف، لا صلح، لا تفاوض» مع إسرائيل». وفى عام 1964 اقترحت مصر إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية بهدف توحيد الصف الفلسطينى، وشاركت في القمة العربية الثانية التي اعتمدت قرار المنظمة بإنشاء جيش للتحرير الفلسطيني، وفى عام 1969، أشرف عبدالناصر على توقيع اتفاقية «القاهرة» تدعيمًا للثورة الفلسطينية، واستمر دفاعه عن القضية إلى أن توفى عام 1970.