وزارة الأوقاف تحتفل باليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة    الأنفاق: لا نزع ملكيات في مشروع امتداد المترو إلى شبين القناطر    مدبولي يلتقي نائب رئيس "المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني".. صور    حركة تنقلات جديدة بوزارة البترول.. التفاصيل بالأسماء    الرئيس السيسي يُجري اتصالاً هاتفياً بنظيره اللبناني جوزاف عون    انعقاد جولة مشاورات سياسية بين مصر واليونان    نتائج مباريات الجولة ال 14 من الدوري المصري    علي لاجامي يقترب من تعزيز دفاع الهلال بعد تعافيه من الإصابة    منتخب شابات النسائية يرتدي الزي الأبيض أمام تونس في بطولة شمال إفريقيا    الأرصاد تحذر: استمرار تكاثر السحب الرعدية الممطرة على جنوب البحر الأحمر    طوابير أمام لجان مدينة نصر والبساتين للإدلاء بأصواتهم.. صور وفيديو    ياسمين عبد العزيز تشارك جمهورها صور انطلاق مسلسل «وننسى اللي كان»    أعمال محمد عبد الوهاب بقيادة علاء عبد السلام فى أوبرا الإسكندرية    فى حضور 2000 من الجمهور بلندن.. ليلة استثنائية لأعمال عبد الوهاب بصوت فاطمة سعيد    خصوصية الزوجين خط أحمر.. الأزهر يحذر: الابتزاز والتشهير محرم شرعا وقانونا    ما حكم عمل عَضَّامة فى التربة ونقل رفات الموتى إليها؟ أمين الفتوى يجيب    استمرار حبس رمضان صبحي حتى 30 ديسمبر للنطق بالحكم    تداول فيديو لشاب يوزع المال لشراء أصوات الناخبين بالشرقية    محامية فضل شاكر ل اليوم السابع: حالة المطرب الصحية جيدة ومعنوياته مرتفعة    مباشر تصفيات كأس العرب – فلسطين ضد ليبيا.. سوريا ضد جنوب السودان    اكسترا نيوز: الإسماعيلية تحقق نسب مشاركة قياسية في انتخابات النواب 2025    منتخب الكويت يهزم موريتانيا ويتأهل لمجموعة مصر في كأس العرب 2025    تامر هجرس يكشف تفاصيل دوره في فيلم "عائلة دياب ع الباب" مع محمد سعد    من فيلم "السادة الأفاضل".. الحاجة نبيلة تغني "بره هالله هالله" بتوقيع أحمد زعيم    الصفدي: الاحتلال سجل 500 خرق لاتفاق وقف النار في غزة.. ولن ننشر قوات بالقطاع    بعد انتهاء ساعة الراحة.. استئناف التصويت بمدينة 15 مايو فى انتخابات النواب    "الصحة" تكشف حقيقة ظهور متحور جديد لفيروس كورونا    إعلامي يكشف عن رحيل 6 لاعبين جدد من الزمالك    استئناف التصويت بعد انتهاء استراحة القضاة وتزايد حضور الناخبين أمام لجان القصر العيني    تأجيل محاكمة 24 متهما بخلية مدينة نصر    نائب رئيس حزب المؤتمر: وعي الشعب أسقط حملات الإخوان لتشويه الانتخابات    وزير قطاع الأعمال يترأس الجمعية العامة للقابضة للأدوية لاعتماد نتائج أعمال العام المالي 2024-2025    الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق دبلومة صحافة الذكاء الاصطناعي    مراسل إكسترا نيوز بالدقهلية: انتظام العملية الانتخابية وسط إقبال متزايد    أمن المنافذ يضبط 66 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    تأجيل محاكمة الصغير المتهم بإنهاء حياة صديقه بالمنشار في الإسماعيلية    وكيل توفيق محمد يفجر مفاجأة بشأن انتقاله للأهلي في يناير    محافظ الجيزة: تطوير عيادات الصف والبدرشين وروز اليوسف والبراجيل ومركز كُلى البطران    وزير التعليم الإيطالى: أشكر مصر على الاهتمام بتعليم الإيطالية بالثانوية والإعدادية    رئيس الوزراء والوزير الأول للجزائر يترأسان غدا اجتماع اللجنة العليا المشتركة    الداخلية تكشف تفاصيل تعطيل شخص حركة المرور    الداخلية تضبط مدير كيان تعليمي وهمي بالدقي بتهمة النصب على المواطنين    لاعب إيفرتون: مشادة جانا جاي مع كين كانت لحظة جنون.. وهذا ما حدث في الاستراحة    بعد تصنيف «كارتل الشمس» إرهابية.. أمريكا تستعرض قواتها قرب فنزويلا    وزير التعليم: أتوجه بالشكر للرئيس السيسى تقديرا على اهتمامه البالغ بالتعليم    مغادرة مئات شاحنات المساعدات معبر رفح البري إلى كرم أبو سالم لدعم أهالي غزة    الوفد الثالث من الملحقين الدبلوماسيين يزور ستديوهات ماسبيرو    انسيابية عالية وإقبال كثيف.. الشباب والمرأة يتصدرون المشهد في القليوبية | فيديو    الصين: أجواء المكالمة الهاتفية بين شي وترامب كانت "إيجابية وودية وبناءة"    مجلس حكماء المسلمين يدعو لتعزيز الوعي بحقوق المرأة وحمايتها من كل أشكال العنف    وزير الصحة: مصر وتركيا شريكان استراتيجيان في بناء أمن صحي إقليمي قائم على التصنيع والتكامل    الافتاء توضح حكم الامتناع عن المشاركة في الانتخابات    باسل رحمي: نعمل على مساعدة المشروعات المتوسطة والصغيرة الصناعية على زيادة الإنتاجية والتصدير    الجيش السوداني ينفذ عملياته بمحاور شمال وجنوب كردفان للقضاء على الدعم السريع    الزراعة تطلق حملة لمواجهة مقاومة المضادات الحيوية في الثروة الحيوانية    «الصحة»: تقديم 21.9 ألف خدمة في طب نفس المسنين خلال 2025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 25-11-2025 في محافظة قنا    دعاء وبركة | أدعية ما قبل النوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الختان.. حلال أم حرام؟
نشر في البوابة يوم 16 - 02 - 2016

قد تندهش لو علمت أن الموقع الرسمى لدار الإفتاء المصرية يضع قضية ختان الإناث فى المنطقة الرمادية، خلال تصفحك للموقع المهم الذى يحتوى آلاف الفتاوى الرسمية بين عقائد، وعبادات، وآداب ومعاملات مالية، لن تجد نصا صريحا أو فتوى واضحة عن ختان الإناث، ليست مذكورة ضمن قسم فتاوى المجتمع والأسرة، وليس لها وجود داخل قسم المرأة، ولن تجد لها أثرا فى باب «شئون وعادات»!
بالبحث والتنقيب، لن تجد سوى العنوان الآتى: «خلال مشاركتها فى فعاليات اليوم الوطنى لمناهضة ختان الإناث بالقاهرة: دار الإفتاء تؤكد تحريم ختان الإناث.. وتدعو إلى مزيد من الجهود لمواجهة هذه الممارسة الضارة».. اللافت أن الخبر المنشور بتاريخ 23 يوليو 2013 ليس له أثر سوى العنوان فقط.. أما المتن فقد ذهب مع الريح، تتساءل هل الأمر مقصود؟ هل دار الإفتاء لا تريد الدخول فى هذه المنطقة الشائكة، وتصدر فتوى صريحة بتحريم ختان الإناث بدلا من الفتاوى الفردية التى نراها يوميا على شاشات التلفاز.
فى كتاب «ختان الإناث بين المغلوط علميا والملتبس فقهيا» الصادر عن جامعة الأزهر بالتعاون مع منظمة اليونيسيف قبل حوالى 3 أعوام، وكتب مقدمته الدكتور أحمد عمر هاشم، وراجعه مفتى الديار المصرية، على جمعة، حينئذ.. يوثق الكتاب لبداية تناول هذه القضية فى العصر الحديث، منذ كتب الشيخ رشيد رضا فى مجلته المنار عام 1904، ومرورا بقرارات وزارة الصحة التى منعت هذه الممارسة منذ الخمسينيات، وانتهاء بفتوى دار الإفتاء المصرية ومجمع البحوث الإسلامية ومشيخة الأزهر، بعدم جواز ختان البنات، منذ 2007، التى كانت سببا فى تجريم هذه العادة بمادة فى قانون العقوبات فى عام 2008.
من بين المغلوط علميا عن هذه العادة كما جاءت بالكتاب، أنها تجميل للأعضاء التناسلية للأنثى، وهى فى واقع الأمر تشويه للأعضاء التى خلقها الله فى أحسن تقويم، وتؤثر ممارستها سلبا على الزوج والزوجة في العلاقة الزوجية، وتمنع بعض السيدات من التمتع والاستجابة خلال العلاقة.
الدكتور أسامة العبد، رئيس جامعة الأزهر السابق، قال: «إن البعض اتهم الأزهر بأنه لم ينكر هذه الممارسة إلا بعد أن أنكرتها المنظمات الدولية، وهذا غير صحيح، فقد تحدث العلماء فى هذا الموضوع منذ سنوات بعيدة، ومنهم من أيد ومنهم من عارض، لكن الحكم على الشيء جزء من تصوره، وتصور هذه العادة عند علماء الطب، الذين يقرون بضررها، والحديث الشريف والقاعدة الفقهية تقول لا ضرر ولا ضرار».
وأضاف ل«البوابة»: «علماء الشرع لديهم منهج فى التفكير، ويبحثون عن حقائق الأشياء، ويريدون ألا يحاسبوا عن خطأ ارتكبوه أمام الناس. نحن أمام دعوة لتجريم هذا الفعل، وقد طالبنا من الأطباء، طبقا لقوله تعالى «اسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون»، بأن يتفقوا على سوء هذا الفعل، وعلى ضرره وجرمه، وأن يكون الاتفاق قد صدر عن أبحاث طبية، وليس عن وجهة نظر فى الحياة والكون.. وتبين بعد ذلك بإجماع الأطباء أنها عادة ضارة، خبيثة لا تتواءم مع شريعتنا، وأنا أقول بحرمة ختان الإناث، وبأنه جريمة، ومن مارسه وجب عليه القصاص، لأنه اعتدى على جسد بشرى، «والجروح قصاص»، وعندما قال الحنابلة إنه مكرمة، قصدوا أنه ليس له علاقة بالشرع، وليس فى الأحكام الدينية الخمسة كلمة مكرمة، أى اذهبوا واسألوا الأطباء، وهناك بلاد إسلامية واسعة لا تأخذ به، ولو عاشوا لعصرنا لاتفقوا على تحريم الختان، لأنهم وقفوا عند علوم عصرهم».
أما فى كتاب «ختان الإناث دراسة علمية وشرعية» للدكتور محمد رمضان الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب الذى كتب مقدمته الدكتور محمد سليم العوا، وذيل بثلاثة مقالات، الأول لمؤلف الكتاب بعنوان «مفاهيم مغلوطة»، والثانى للدكتور يحيى إسماعيل، الأمين العام لجبهة علماء الأزهر، بعنوان «تعقيب مشفوع بعتاب»، ثم المقال الثالث والأخير الذى كتبه محمد سليم العوا بعنوان «تعقيب على تعقيب»، قد يطرح تساؤلا هاما أمام القارئ، وهو هل يكون الرأى أولا للشرع أم للطب؟ وإذا حكم الطب بضرر ممارسة ما، فما قول الشرع حينئذٍ؟
يناقش الكتاب عملية ختان الإناث بوصفها عادة اجتماعية ترتبط بالسياسة الشرعية، وما يترتب عليها من مصلحة أو ضرر، ويؤكد أن هذه العادة مخالفة لروح الإسلام ونظرته للمرأة وحقوقها، لكونها تؤدى إلى الضرر وإلى فوات أمر مطلوب شرعاً ومحل نقاش.
كما يكشف بعديها الاجتماعى والثقافى من كونها عادة متأصلة فى النفوس لها جذورها النفسية وإحاطتها بهالة من الشائعات والكلام غير المنطقى أو العلمى والمصالح، وذلك بعرض مادة تاريخية وتراثية، وتقديم شهادات من الواقع، ومناقشة الادعاءات المثارة حول فائدة هذه العادة والأضرار التى تنتج عنها، ثم التكوين التشريحى للأعضاء التناسلية.
وخلافا لما سبق قد تجد آراء مغايرة تؤكد ضرورة الختان، مكرمة للنساء، لعل أبرز ما كتب فى هذا الشأن كان الكتاب المثير للجدل للداعية الإسلامى يوسف القرضاوى: «الحكم الشرعى فى ختان الإناث» الذى يقول فى مقدمته: «منذ أن كنتُ طالبا فى الأزهر الشريف، وأنا أرى الناس يختلفون فى أمر ختان البنات: علماء الشرع يختلفون، وعلماء الطب يختلفون. ولا زلتُ أذكر كلمات الدكتور حامد الغوابي، وقد كان من أشدِّ الأطباء حماسا لختان البنات، وكان يجادل المخالفين ويقاومهم بقوة، ويجلب بخيله ورجِله، ويجمع من الأدلَّة والقرائن والمؤيِّدات الدينية والطبية والاجتماعية، ما يؤيِّد رأيه، ويؤكِّد حجَّته، على حين يخالفه أطباء آخرون كثيرون، يردُّون عليه، ويفنِّدون أدلَّته».
ويكمل فى كتابه: «إذا كان المطلوب منا اليوم هو حسم القضية فى هذا الأمر المختلَف فيه (ختان الإناث)، ببيان الحكم الشرعى القاطع أو الراجح فيه، وفق الأدلة الشرعية المعتبرة، فالواجب علينا أن نراجع الأمر من جذوره، لننظر فى الأدلة التى اعتمدتها الأطراف المختلفة، لنعرف أهى أدلة صحيحة الثبوت أم هى أدلة مشكوك فى ثبوتها؟ وإذا صحَّت هذه الأدلة من جهة ثبوتها، فهل هى صريحة الدلالة على الحكم أم لا؟
ومن المعلوم لكل دارس أو طالب علم أن الأدلة الشرعية التى تؤخذ منها الأحكام، هى - أولا - القرآن الكريم، والسنة الصحيحة، ولا خلاف فيهما، ويأتى بعدهما: الإجماع والقياس».
ثم يتساءل القرضاوى: «فلننظر ما فى هذه المصادر أو الأدلة الأربعة حول ختان الإناث. وهل يوجد فى كل منها ما يستدَلُّ به أو لا يوجد. وما قيمته العلمية لدى الراسخين فى العلم؟». ثم ساق القرضاوى ثلاثة أحاديث نبوية تبين أهمية الختان للمرأة هى.. «إذا التقى الختانان وجب الغسل»، الحديث الثانى: حديث أم عطية: أن النبى صلى الله عليه وسلم، قال للخاتنة: «أَشِمِّى ولا تَنهَكِي، فإنه أسرى للوجه، وأحظى عند الزوج» أما الحديث الثالث: هو: «الختان سُنَّة للرجال، مكرُمة للنساء».
واختتم القرضاوى حديثه قائلا: «لا ينبغى إذن التشنيع على كل مَن قام بختان بناته (أو خفاضهن) على الوجه الشرعي، الذى جاء به الحديث، ولا يجوز تسمية ذلك بأنه (جريمة وحشية) تُرتكب فى القرن الحادى العشرين!».
ليس القرضاوى وحده هو المؤيد للختان، ولكن الدكتورة مريم إبراهيم هندى، مدرسة الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة، تؤيد أيضا ختان الإناث، وتبرهن ذلك فى كتابها قائلة: «هذا بحث عن ختان الإناث بين علماء الإسلام والأطباء، وقد دفعنى لدراسته عدة أسباب، منها كثرة الحلقات التى تنشر فى وسائل الإعلام المسموعة والمرئية عن ختان الإناث، وقد شعرت خلال متابعتى أن الهدف هو تنفير الناس من ختان الإناث، وصد الناس عنه، وبيان أنه ليس مشروعاً، بل هو جريمة وفيه امتهان للمرأة، ففكرت فى بحث هذا الموضوع لدى علماء الدين والأطباء ليظهر هل ختان الإناث جريمة وامتهان لها واعتداء على حقوقها أم لا؟
الكتاب الذى يقع فى 50 صفحة ينقسم إلى أربعة فصول، نرصد منها الجزء الدينى المتعلق بالحكم الشرعى، والذى تم عرضه خلال مبحثين، الأول هو حكم الختان عند علماء الشرع القدامى، والثانى هو حكم الدين عند علماء الدين المعاصرين، الذين تنقل لنا المؤلفة آراءهم عبر العقود الماضية، نجد مثلا المفتى الراحل محمد سيد طنطاوى يقول_ طبقا للكتاب_ إن الفقهاء اتفقوا على أن الختان فى حق الرجال والخفاض فى حق النساء مشروع، ثم اختلفوا فى وجوبه، فقال الإمامان أبو حنيفة ومالك: هو مسنون فى حقهما وليس بواجب وجوب الفرض، ولكن يأثم تاركه، وقال الإمام الشافعى: هو فرض على الذكور والإناث، وقال الإمام أحمد: هو واجب فى حق الرجال، وفى النساء عنه روايتان أظهرهما الوجوب، وهو فى حق النساء قطع الجلدة التى فوق مخرج البول دون مبالغة في قطعها.
هكذا تظل قضية ختان الإناث من وجهة نظر شرعية محل جدل دائم بين الفقهاء، وإن كان الأطباء فى العصر الحديث أكدوا ضررها البالغ على المرأة، لتتحول القضية من دينية إلى طبية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.