هكذا يعيشون بيننا كأشباح صامتة، لا يراها ولا يشعر بها أحد.. هم المهمشون القابعون تحت خط الفقر، دون ضجيج، يبحثون عن الحد الأدنى من الحياة.. أحكم الظلم قبضته عليهم، فارتضوا خانعين بحكم القدر وإرادة الأيام.. لم ينشغلوا بثورة قامت، ولا شهداء سقطوا، ولا بانتخابات جرت، ولا بأحزاب تشكلت، ولا بدستور كتب، ولا يهمهم رئيس تم خلعه، ولا آخر تم عزله ولا ثالث تم تنصيبه، لا تعنيهم التظاهرات وإن كانوا أحق الناس بها، لا ينددون ولا يشجبون لكنهم يئنون.. صرخاتهم مكتومة لا تسمعها سوى آذانهم، لا ينشدون من هذه الحياة إلا لقمة العيش و«ستر ربنا». الطيبون و«الغلابة» فى بلادنا يعيشون فى صمتٍ.. يتحركون.. يعملون فى صمت، كالموتى يترحم على ذكراهم، مع أنهم لا يزالون على قيد الحياة.. أسقطتهم الدولة بحكوماتها المتعاقبة من حساباتها، لا تعترف بحقوقهم فى دفاترها، ولا تلتفت لمشاكلهم.. لا رقم قومى، ولا شهادة ميلاد، ولا حتى «وفاة».. ساقطو القيد، محرمون من أبسط الحقوق، فلا الحياة ترحمهم ولا الدولة تعترف بمصريتهم. عائلة «سلومة».. 30 سنة «خدمة» تحت الأرض عاشوا بين الموتى أحياءً.. لكنهم فى الحقيقة كانوا أمواتًا.. لم يجدوا مكانًا يأويهم إلا «حوش» مقبرة إحدى الشخصيات العامة، سكنوها طيلة ال28 عامًا الماضية، مقابل سكنهم للمبنى الذى تآكلت جدرانه وأبوابه.. سقطوا من ذاكرة الحكومات المتعاقبة، كل ما يملكونه ويثبت هويتهم بطاقات ورقية غير معترف بها، وترفض الجهات الرسمية إصدار بطاقات رقم قومى بناءً عليها.. شوبلى سلومة - 76 سنة، يعمل «تربى»، رضخ للعيش هو وأسرته وأنجب 6 أبناء، استطاع أن ينفق عليهم من «رحمة» أهالى الموتى. يحكى «سلومة»: «أنا بقالى فى الحوش دا 30 سنة، بشتغل تربى من وأنا عندى 15 سنة، والأوقاف إدتنا مدفن نشأت باشا، نحرسه مقابل إنهم يسيبونا نسكن فيه، وما ليش مصدر رزق غير من الرحمة اللى بيدهولنا أهالى الميتين، لما بدفن أقاربهم، غير كده لا ليا شغلانة ولا معاش». «سلومة» لم يستطع استخراج بطاقة تُثبت مصريته: «بقيت راجل عجوز وماعنديش غير شهادة ميلاد قديمة ورقها أصفر، وبطاقة ورقية مابتدنيش أى حق من حقوق المصريين».. فى عصر مبارك حصل «سلومة» على بطاقة ورقية تثبت وجوده على قيد الحياة، لكن بمرور السنوات لم يعد لتلك البطاقة أى قيمة. أصول «سلومة» تعود لبدو سيناء، قضى طفولته فى مدينة «بالوظة» من قبيلة «الأخارسة»، اضطر للسفر إلى بلده، لاستخراج شهادة ميلاد وبطاقة رقم قومى، ليقدم طلبًا للعلاج على نفقة الدولة، بعد أن تعرض لحادث منذ 5 سنوات أقعده عن الحركة، ذاق الأمرين بسبب عدم قدرته على تحمل نفقات العلاج، يقول: «من 5 سنين عملت حادثة، وقعدت ألف فى المستشفيات، وفى الآخر طلّعت لى الصحة قرار علاج على نفقة الدولة، وطلبوا منى إثبات شخصية، فمكنش معايا إلا ورقة الدولة مش معترفة بيها».. شهادة ميلاد حديثة استطاع أن يحصل عليها من مكتب السجل المدنى فى العريش، وعندما أراد استخراج بطاقة رقم قومى كان عليه أن يُغير مهنته من «تربى» إلى عاطل عن العمل وهو ما يرفضه، واعتبره تزويرًا. «سلومة» تصور أن قيام ثورة فى البلد ستغير من حاله، وستقف إلى جوار المطحونين و«الغلابة»، لكنه تيقن أنها لم تقم من أجله، لا هو ولا من يغرقون فى الفقر و«الحوجة». بصوتٍ مرتجف، يملؤه الأسى والحنق، محمل بدموع مختنقة آبت أن تسقط.. جلست على «حصيرة» مهترئة الحواف، تنبش فى كيس بلاستيكى كبير عن بعض الأوراق القديمة التى تغير لونها إلى الأصفر، ربما تجد ورقة تثبت وجودها على قيد الحياة.. نجاة محمد السيد، فى العقد السادس من عمرها، حديث زوجها «سلومة»، قائلة: «طول السنين اللى فاتت دى محدش قالنا إنتو فين، وتعبنا وروحنا طلعت من الغلب دا، وأدينا عايشين، لا إحنا عارفين إحنا عايشين ولا ميتين».. رغم الغضب الذى يملأ صدرها وقلة حيلتها، بعد أن «دابت كعوب رجليها» - على حد وصفها - تضيف متسائلة: «هو إحنا مش من بقية الشعب دا، ليه منسيين ومتسابين كده، لا بطايق ولا معاش ولا بيت ولا أى حاجة». «نجاة» لم تتزوج بأوراق رسمية، لعدم امتلاكها شهادة ميلاد، فتزوجت بطريقة «زواج السنة»، ويتم بقراءة الفاتحة بين أسرتى الزوج والزوجة، وهو زواج شفهى غير موثق، وبدون وجود مأذون، ولا قسيمة تثبت الزواج، وبالتالى لم تستطع «نجاة» تسجيل أبنائها واستخراج شهادات ميلاد لهم، فدقت كل الأبواب لتستخرج أوراق تثبت شخصيتها هى وأبنائها، وبالتالى لم تستطع إلحاقهم بأى مدرسة، تحكي: «أنا متجوزتش بقسيمة، لأن جوزى فى الأصل يبقى ابن خالتى، وبعد ما خلفت كان نفسى ولادى يدخلوا مدارس، عشان ما يطلعوش زيى أنا وأبوهم، لكن مقدرتش حتى أطلعلهم شهادات ميلاد، عشان مفيش قسيمة جواز». عدم وجود ما يثبت وجود عائلة «سلومة» على قيد الحياة، حرمها من كل الحقوق التى تمنحها الدولة لمواطنيها، لعل أبرز هذه الحقوق هو «الدعم»، لعدم قدرتها على استخراج بطاقة تموينية. «سليمة» تحلم ب«رقم قومى وشهادة ميلاد» أعلنت التجاعيد المحفورة على وجهها، عن بلوغها سن السبعين.. يغطى جلباب أسود مهترئ أحال الزمن لونه إلى الرمادى جسدها النحيل، تمسك بيدها عصا، تهش بها على غنمات اعتادت رعايتها منذ سنوات.. عاشت طيلة حياتها بلا هوية.. لا تملك بطاقة شخصية ولا شهادة ميلاد تثبت وجودها على قيد الحياة.. لا تعرف عن نفسها إلا اسمها وأهل الزرائب الذين عاشت وامتهنت مهنتهم وتنقلت معهم من مكان لآخر، وحطت رحالها معهم دون أن تدرى إلى أين ستنتهى بها الرحلة. بدأت حديثها متلعثمة، ربما نسيت الكلام، بفعل الوحدة، فبعد أن فقدت عائلتها منذ طفولتها فى سوهاج، ثم جاءت إلى منطقة الجيزة مع من نزحوا إلى القاهرة، كل ما تمتلكه سعفة نخيل تسميها «الآصلة»، تحمل عليها اسمها كاملًا «سليمة مسلم حميد نصار»، فقد كانت هذه هى وثيقة «العرب البدو» فى تسجيل بياناتهم مثلما قالت. تحكى «سليمة»: «عشت حياتى كلها وحدى، بعد ما مات أهلى، جئت من سوهاج وعشت مع العرب وأهل الزرائب، كل ما أعرفه هو اسمى، لا معى بطاقة ولا شهادة ميلاد، وبحاول أطلعهم من سنين، بس مفيش فايدة»، وتضيف: «لا أعرف أنا مسلمة ولا مسيحية، لكن الناس هنا بتحب بعضها، ومفيش فرق بينّا وبين بعض»، وتتابع: «محدش معترف بالورقة اللى معايا دى، أبويا وأمى ماتوا، وأكيد مش هرجع تانى البلد فى السن دى أعمل تسنين، ولا أدور على حد عشان يطلّع لى شهادة ميلاد.. أدينى عايشة بربى شوية الغنم، وآكل وأشرب وأنام». كانت العادات والتقاليد السائدة لدى العرب البدو فى القدم أن تكون وثيقة الزواج عندهم على «الآصلة» التى يقدمها العريس لوالد العروس على أنها عقد الزواج، وعندما يُقبل بالزوج، يُقسِّم الوالد جريدة النخل إلى قسمين، تشرح «سليمة» قائلة: «العريس بيدى أبو العروسة الآصلة، فالأب يقطعها نصفين، ودا معناه إنهم اتجوزوا». من الفيوم للجيزة رايح جاى.. «شيماء»: عاوزة اتجوز عاشت طيلة 25 عامًا، دون شهادة ميلاد، ولم تسجل ضمن مواليد قرية «سيلا» بالفيوم، لأن والدها لم يستخرج بطاقة رقم قومى، وانتقل للعيش ب«صفط اللبن» بالجيزة.. شيماء محمد، قررت أن تبحث عن وظيفة تسد بها رمق إخوتها ووالدتها، بعد أن توفى عنها والدها، وانقطع الرزق عن الأسرة.. كل الوظائف التى تقدمت لها، طلب أصحابها شهادة ميلادها وبطاقتها الشخصية، لكن دون جدوى، ما دفعها إلى الذهاب إلى السجل المدنى، لاستخراج شهادة ميلاد، لكن الموظف المسئول أبلغها بأنها لا بد أن تذهب لمكتب الصحة، تقول: «كل شغل روحتله، طلبوا منى بطاقتى، وأنا مش معايا لأن أبويا مطلعليش شهادة ميلاد، ولما رحت السجل المدنى، قالولى لازم أتسنن فى مكتب الصحة». لم تكن مشكلة صعوبة إيجاد وظيفة ل«شيماء» هى المشكلة الوحيدة، لكن أيضًا تواجه مشكلة أخرى، لأنها ستتزوج بعد 6 أشهر، وهو الأمر الذى سيستحيل، بسبب عدم وجود أوراق تثبت هويتها، تحكي: «بعد مشاوير كتير من الجيزة للفيوم، تعبت وزهقت من الرايحة والجاية، حاولت أطلع فيها شهادة ميلاد، فشلت وملقتش حد يساعدنى، بقالى دلوقتى 3 سنين مخطوبة ومش عارفة أتجوز، عشان أطلع قسيمة جواز». أنا «منى».. حكاية فتاة لا تعرف إلا اسمها «منى» هكذا أبصرت الحياة، تسمع أقرانها ينادونها.. لم تفطن يوما إلى إن اسمها، لا بد أن يتبعه اسم ثانٍ، حتى سُئلت عن اسم والدها.. تعود القصة لليوم الذى ألقاها ذووها أمام أحد أبواب دور الأيتام، دون أى إشارة لاسمها أو اسم والديها.. فأطلقوا عليها اسم «منى».. عاشت بعدها طيلة 20 عامًا، لا تعرف شيئا عن أهلها، ما دفعها للهرب من الملجأ بعد مشاجرة مع إحدى رفيقاتها. خرجت «منى» للدنيا دون شيء.. لا مال، ولا هوية، ولا سند.. بحثت عن مصدر للرزق، كبائعة فى محال للملابس، أو فى مصنع للخياطة، أو عاملة نظافة، لكن كل محاولاتها باءت بالفشل، تحكي: «اتولدت يتيمة، ولا أعرف لى أم ولا أب، حكوا لى فى الدار إنهم لاقونى على الباب، وإنهم هما اللى سمونى منى، لحد ما جه يوم، كنا فى رحلة برة، وحد سألنى اسمك منى إيه؟.. معرفتش أرد، وقلت له مش عارفة.. وادينى عشت كل حياتى كده من غير ما أعرفلى أهل»، وتضيف: «بعد ما هربت من الملجأ دورت على شغل كتير لكن مالقتش، الكل بيطلب ورق إثبات شخصية». عندما هربت «منى» من الدار، لم تكن تعى ما كان ينتظرها، من «بهدلة» - على حد وصفها - وعندما حاولت العودة مرة أخرى، طالها من السباب والشتائم ما طالها، تقول: «اتبهدلت أوى، ما كنتش عارفة إن الدنيا برة وحشة أوى كدة، كنت بنام على الرصيف، وفى الجامع، وفى جراج عربيات، وبعد ما تعبت رجعت تانى الدار، لكنهم طردونى». «عبد العال» المطحون: مفيش بطاقة.. يبقى مفيش عيش المشكلة الوحيدة، التى تؤرق ذهن «مصطفى عبدالعال»، 40 سنة، من منشية ناصر، هى عدم قدرته على الحصول على الدعم المقرر على السلع الغذائية، وتحديدًا الخبز.. فما يزال «عبدالعال» يذكر ذله ومحاولات استجدائه لموظف صرف الخبز، وهو يقول له «مفيش بطاقة.. يبقى مفيش عيش». «عبدالعال» لا يختلف حاله عن حال الكثيرين، الذى يعيشون فى مصر دون هوية، ولم يهتم يومًا باستخراجها، لأنه تربى فى ورشة ميكانيكا سيارات، ولم يحتاجها يوما، لكن ضيق الحال دفعه ل«الحوجة» لدعم الدولة، يوضح فى أسى: «أنا عشت طول عمرى دا، من غير ما حد يسألنى أنت مين، ولا اتولدت فين، ولا بتعمل إيه، وأنا ما اهتمتش أطلع البطاقة دى». مأساة «عبدالعال» بدأت عندما تزوج أبواه، لأنهما تزوجا عرفيًا، ولم يسجلا الزواج بشكل قانونى، وبوفاة والدى كان على والدته أن ترفع دعويين قضائيتين لإثبات زواجها، وإثبات نسبه، يشرح: «أبويا اتجوز أمى عرفى ومات، وأمى لقت نفسها وحيدة، ولازم ترفع قضية إثبات نسب عشان تقول إنى ابنها، وطلعلى شهادة ميلاد، ولما أكبر أنا أعمل بطاقة شخصية، لكنها ما عملتش حاجة، وفضلت أنا عمرى كله من غير ورق». عندما تزوج «عبدالعال»، تزوج «زواج سنة»، واختار أن تتشابه ظروف شريكته مع ظروفه، حتى وإن أنجب، فلن يحتاج إلى إدخال أبنائه إلى مدارس، لأنه يرى «العلام ما بيأكلش عيش حاف»: «لما اتجوزت، دورت على واحدة شبهى، وماحدش هيسألنى اتجوزتها إزاى ولا فين عقد الجواز، جبنا شهود وقعدنا مع بعض وقرينا الفاتحة، وخلاص على كده». شقيقة «مصطفى» تدعى دعاء، تبلغ من العمر 15 سنة، لديها نفس مشكلة شقيقها، ليس لديها أى أوراق ثبوتية لدى الدولة، تبدأ من عدم امتلاكها شهادة ميلاد، بعد وفاة والدتها انتقلت للعيش مع جدتها لأمها، وبسبب ضيق الحال خرجت للعمل للإنفاق على نفسها وجدتها.. لم تجد «دعاء» عملًا إلا فى مصنع أحذية لكسب الرزق، وبسبب ما تتعرض له بالمصنع من مضايقات تركت العمل، واتجهت لمكان آخر طلب منها أوراقًا تثبت هويتها لقيدها أسوة بباقى العاملين، فشلت فى استخراج أى إثباتات شخصية، تقول بيأس: «بعد ما أمى ماتت، رحت عشت عند ستى الكبيرة فى السن، وإحنا مالناش غير ربنا يقف معانا، دورت على شغل كتير، لكن برضه ملقتش، لكن ولاد الحلال دلونى على مصنع جزم أشتغل فيه، لكن المعاملة هناك كانت وحشة أوى، فمشيت، ورجعت تانى أدور على شغل لكن طلبوا منى بطاقتى، وفى الآخر، ملقتش فايدة، فجبت علب مناديل، وبقيت ببيعهم فى المترو»، وتضيف: «اللى زينا مالوش تمن، ده أنا لو ماشية فى الشارع واتقبض عليا أو عربية خبطتنى ومت، ولا حد هيعرف عنى حاجة». «دعاء» و«مصطفى» من المستحيل أن تستخرج إثبات هوية، إلا بعد أن يثبت والدها المتوفى زواجه العرفى من والدتها المتوفاة وإثبات نسبهما عن طريق محضر بقسم الشرطة، وهو الأمر الذى لم يحدث، لأن «اللى بيموت ما بيرجعش»، ليظل الاثنان يعيشان كالأموات على قيد الحياة، محرومان من أبسط حقوقهما لدى الدولة. «سنية».. «ميراث» مع إيقاف التنفيذ لا تختلف حالة «سنية» عن كل الحالات التى التقينا بها فقد تزوجت بنفس الطريقة، مثلما تتزوج بعض فتيات الصعيد فى سن مبكرة.. تركت بيت أهلها ومسقط رأسها بمحافظة المنيا، مدينة ملوى، بعد أن قرر زوجها الانتقال للعيش فى القاهرة.. كانت تظن أنها ستهرب من الفقر والجهل وضيق الحال، ومن حياة الصعيد الصعبة، إلى حياة أكثر رفاهية وراحة فى العاصمة - كما كانت تظن - واستقرا فى مصر القديمة.. لم يدم الأمر طويلا، حتى توفى زوجها، بعد إصابته بحمى ألزمته الفراش. «سنية دياب» تبلغ من العمر حاليا 67 عامًا، لم تنجب من زوجها الراحل، وعندما وافته المنية لم تستطع أن ترثه لعدم وجود أوراق تثبت هويتها، أو تثبت أنه زوجها، لأنها لم تتزوج عن طريق مأذون، تقول: «لما رحت أطلع شهادة وفاة وإعلان وراثة ماعرفتش، عشان مش معايا قسيمة الجواز»، وتتابع: «معظم الناس الكبيرة اللى جم من الصعيد مش معاهم إثبات لوجودهم».