العميد عباس حافظ إسماعيل، أقدم محاربي القوات المسلحة: - ناصر “,”شاف الذل“,” ولم تطعمه زوجة والده سوى “,”المش“,”.. وعندما أكل الأرز والفاصوليا كان “,”عيد“,” - عبد الناصر المدبر الرئيسي لثورة يوليو.. و“,”نجيب“,” كان رئيسًا شكليًا للضباط الأحرار - حسن البنا لم يكن مؤهلًا لتولي جماعة إسلامية.. وكان يلقي محاضراته من “,”ورقة مكتوبة“,” - “,”ناصر“,” لم يكن ضد فكرة المشروع الإسلامي ليعادي الاسلاميين - لم أسمح ل“,”البنا“,” بدخول منزلي لأنه كان يستغل علاقاته بنا - “,”الجماعة“,” فهمت الشرعية خطأ.. والجيش تدخل لإنقاذ الشعب من الإرهاب - طالبت “,”تمرد“,” بتشكيل مجلس منتخب يتحدث باسمهم أمام الشعب أكد العميد الدكتور عباس حافظ، آخر زملاء الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، فى “,”المدرسة الحربية“,”، أن الإنجليز خططوا لقتل الرموز الوطنية، بإنشاء جماعة الإخوان، التي قتلت أحمد ماهر، رغم مواقفه ضد الإنجليز. وأضاف في حواره ل“,”البوابة نيوز“,”، أن حسن البنا، مؤسس الإخوان، لم يكن مؤهلًا لتولي جماعة إسلامية، حتى أن جميع محاضراته كان يلقيها من ورقة مكتوبة، كان واضحًا أنه لم يكتبها. وعن علاقاته بالزعيم جمال عبدالناصر، أوضح “,”حافظ“,”، الذي يبلغ من العمر 97 عامًا ميلادية، و103 هجرية، أن ناصر “,”شاف الذل“,” علي يد زوجة والدة، التي لم تطعمه سوى “,”المش“,”، وعندما أكل الأرز والفاصوليا، تحول يومه إلى عيد.. وإلى نص الحوار: ** في البداية.. كيف ترى ثورة 30 يونيو؟، وهل تعتقد أنها امتداد ل 25 يناير، أم انها موجه ثورية واحدة؟ “,” 30 يونيو“,” ليست ثورة جديدة، لكنها موجة ثورية استعادت ثورة الشباب المصري، الذي خرج يوم 25 يناير بعفوية، بحثًا عن كرامته التي أهدرت في البرلمان المزور، وفي طوابير الخبز والبنزين والمستشفيات، لكن الجماعة التي تدعي أنها إسلامية، سرقت تلك الثورة، وأرادت القضاء على هوية الشعب، فكانت هبة 30 يونيو، لاستعادة الثورة لمسارها الطبيعي، وحفاظًا على الهوية والشخصية المصرية. **هل تعتقد أن للمؤسسة العسكرية بانحيازها لإرادة الشعب المصري، دور في السيطرة على مجريات الأمور؟ الجيش المصرى مؤسسة وطنية غير طامعة فى السلطة، وأوفت بوعدها بنقل السلطة بشكل سلمي إلى أول رئيس مدني، لكن النظام السابق فهم الشرعية بشكل خاطئ، وفهم الصندوق بشكل غير سليم، وشعر أنه أصبح نصف إله يمشي على الأرض، فارتكب العشرات من الأخطاء، مما أدى لخروج الناس إلى الشوارع مرة ثانية، وفي ظل التهديد المستمر من الجماعات المسلحة للشعب الرافض لسياسات “,”مرسي“,”، كان لزامًا على القوات المسلحة أن تتدخل لحماية هذا الشعب من الإرهاب. ** ما الفارق بين ثورة 1952 وثورتي 25 يناير و30 يونيو؟ الفرق أن ثورة يوليو قام بها أشخاص يعرفون بعضهم البعض جيدًا، ويتحركون فى اتجاه واحد، وكان يوجد بينهم شخص وحيد مغضوب عليه من الجميع، ما عدا عبدالناصر، وهو محمد أنور السادات، حيث كان يرى عبدالناصر الذي يعد الرأس المدبر لثورة يوليو، بينما كان اللواء محمد نجيب رئيسًا شكليًا للضباط الأحرا ر ، أن السادات ذاق الكثير من المعاناة وسجن، لذلك فضل أن يبقى عليه، لكن ثورة 25 يناير بدأت دون قائد، ولم تجد أحدًا يتحدث باسمها، حتى قفز عليها الإسلاميون، وحتى ثورة 30 يونيو رغم وجود حملة “,”تمرد“,”، لكنني لا أستطيع أن أقول أنها قائد باسم الثورة. ** معني ذلك أننا سنعيش نفس تجربة ما بعد ثورة 25 يناير؟ مقاطعًا... لذلك طلبت من ثوار 30 يونيو وأعضاء “,”تمرد“,”، تشكيل مجلس منتخب من بينهم، ليتحدث باسمهم، مهما كان عدد أفراده، ويختارون واحدًا يمثلهم ويتحدث باسمهم، لأن الوضع بالغ الخطورة، بعد أن ظهرت مجموعات تريد إشعال البلاد بمحاولات إحداث فتنة بين الجيش والشعب، ويذكر التاريخ أن الجيش المصري حمى البلاد داخليا وخارجيا من أكبر مؤامرة لتدمير وتقسيم مصر، وخيب ظن الدول الخارجية من تهمة ضرب الجيش للمتظاهرين، واتخذ موقفًا غاية فى الروعة وفوت الفرصة عليهم في التدخل بشئون مصر. ** في أحد خطاباته بميدان التحرير تطرق “,”مرسى“,” إلى فترة الستينات، ألا ترى أن الجماعة أظهرت كرهًا غير عادي لزعيم مثل “,”ناصر“,”؟ حتي نعلم لماذا يكره الإخوان “,”ناصر“,” علينا أن نفهم القصة من أولها، فالإخوان تشكيل كان على رأسه حسن البنا، وهو لا يصلح لذلك، وعبدالناصر لم يسجنهم إلا بعد أن حاولوا قتله فى المنشية، يوم تأميم قناة السويس، وهم الذين قتلوا أحمد ماهر، رغم مواقفه ضد الإنجليز، الذين أرادوا قتل الرموز الوطنية على يد جماعة الإخوان، التي أنشأوها. ** لكنهم يقولون إن “,”ناصر“,” حاربهم لأنه ضد مشروعهم الإسلامي؟ من قال ذلك؟.. جمال عبدالناصر صديق عمري وعشرتي الأولى في الجيش المصري، لم يكن على الإطلاق ضد فكرة المشروع الإسلامى، وأتذكر أننا كنا نلتقى رائدًا بالجيش يحدثنا عن الإسلام فى تجمعات محدودة، وكان يتحدث عن الإخوان، وأخبرنا بأن حسن البنا يعقد اجتماعًا كل ثلاثاء فى ميدان الحلمية، ودعانى وعبدالناصر لحضوره، وذهبنا إليه بالفعل فوجدناه رجلًا طيبًا، لكن عمقه الإنسانى والإدراكى لا يؤهله لقيادة مجموعة بهذا الحجم، فمحاضرته كان يلقيها من ورقة مكتوبة، ويتلعثم فى قراءتها دلالة على أنه ليس صاحب المحاضرة، كما كان البنا يمد يده إلى الناس لتقبلها. ** لذلك قررتما أنت وناصر عدم حضور محاضراته؟ ليس لهذا السبب فقط، ولكن أذكر أن بعض الشائعات أصبحت تتردد بقوة أن الإنجليز هم من يدعمون البنا، وينفقون عليه حتى يحدثوا “,”فتنة“,” بين المسلمين والمسيحيين فى مصر، قبل حرب فلسطين عام 1948، وكان الجيش المصرى يدرب مجموعة من الفلسطينيين فى غزة على مواجهة اليهود، وكتبت جريدة الإخوان، وقتها، إنهم والجيش يدربون الفلسطينيين على القتال، وأشاعوا أننا “,”إخوان مسلمين“,”، لذلك عندما فررت من الأسر عام 48 فى تل أبيب، جاء البنا إلى بيتى فى القاهرة ليهنئنى، معتبرًا أننى عضو فى الجماعة، لكنى لم أسمح له بالدخول، لرفضي الجماعة ومشروعها . ** قلت إن ناصر صديق عمرك وعشرتك الأكبر في الجيش المصري فكيف تعرفت عليه؟ جمال عبدالناصر قبل أن يكون زعيمًا للأمة كان زميلى فى المدرسة الحربية، وكنت أكبر منه بسنتين، كان شابًا هادئ الطباع وقليل الكلام ومثقفًا، لا يفارقه الكتاب، وتشع الوطنية من عينيه، كما كان ذكيًا جدًا، وأنا أعرفه منذ كان تلميذًا فى الثانوية، وأعرف كل ما تعرض له من مصاعب وفقر فى طفولته البائسة، فبعد أن ماتت أمه تزوج أبوه من سيدة قست عليه وكانت لا تطعمه إلا “,”مش وحادق“,” وعندما أكل الأرز والفاصوليا فى إحدى المناسبات كان عيدًا بالنسبة له، وقد تزاملنا فى التدريس بالكلية الحربية، فى منتصف الأربعينات من القرن الماضي، وظلت علاقتى به قوية قبل ثورة يوليو 1952 وبعدها، وكان يصافحني بحرارة شديدة عندما يقابلني، ويقول: “,”ازيك يا عبس وإزي وسام ووائل“,”، وكنت أبادله التحية بالمثل، وهو الوحيد الذى استمع لي بعد فراري من الأسر في حرب 1948. ** رغم ما تقول عن إنجازات ناصر وتواضعه، فإن الكثير يؤكد أنه الزعيم الذي أرسى قواعد الديكتاتورية بعد توليه الرئاسة؟ الرئيس عبدالناصر كان معذورًا، فقد كان أول أهداف الثورة محاربة الفقر والفساد، ولم تكن الديمقراطية هدفًا فى حد ذاتها، لأن خبرة عبدالناصر السياسية لا تؤهله للقيام بذلك، ومصر فى ذلك الوقت لم تكن تحتمل قيام الأحزاب، وكان الهدف الأهم هو الأخذ بيد المصريين غير القادرين، وعبدالناصر فى حكمة كان بمثابة “,”الديكتاتور العادل“,”، وأنا لا أوافق على تسميه ثورة 1952 بالانقلاب العسكرى، لأنها جاءت لتخلص الشعب من الاحتلال الإنجليزى والفساد والظلم الذى وصل إلى حد الاستعباد، وكان هناك 2% فقط من الأجانب والمصريين الإقطاعيين يملكون كل الأراضى الزراعية فى مصر، وأذكر أن عبدالناصر عندما طلب من محمود الشاهد، كبير ياوران رئاسة الجمهورية، شراء طقم صالون جديد ليستقبل فيه الناس، اشترى له طقمًا بألف جنيه، ما أثار غضب جمال جدًا، وقال له “,”هادفعهم منين؟“,”، لأنه ببساطة كان يتقاضى مرتب “,”بكباش ي“,”. ** هل كان لك دور فى قيام ثورة يوليو 1952؟ ليس بالشكل الذي تتخيله، فقد قابلت عبدالناصر أثناء حرب 1948 وقبل أسري بأسابيع قليلة، وأخبرني بأنه يمهد للقيام بأمر مهم، سيحسن من أوضاع البلاد والجيش، فقلت له عندما تعود نتحدث معًا، وعندما عدنا إلى مصر أقنعته بأنه من الأفضل ألا أشارك بشكل مباشر فيما يريدون القيام به، لأننى لست مصرى الأصل، فجدى تركى وجدتى روسية، وتخوفت من اتهام البعض للثورة بأن من شارك فيها غير مصريين، لكنى عاهدته على أن أؤمن كل أعمالهم، وأن أكون احتياطيًا استراتيجيًا فى حالة القبض عليهم . ** كيف التحقت بالكلية الحربية؟ قدمت أوراقي للكلية الحريبة وكان اسمها في ذلك الوقت المدرسة الحربية، استقبلني اللواء ابراهيم خيري باشا، و6 ضباط انجليز، أحدهم قال لي: انت يا ولد، رددت قائلا “,”ماتقوليش يا ولد، قل يا طالب“,”، فقال لي “,”أنت شاب متفوق وذكي من الأفضل لك أن تسافر إلى بريطانيا وتتعلم هناك فأنت متفوق ويمكنك أن تصبح مهندسًا بارًا“,” . **وماذا قلت له؟ قلت: “,”أنا تعلمت من أجل مصر، وأريد أن أصبح ضابطًا في الجيش المصري“,”، ولكنهم للأسف رفضوني، فالتحقت بكلية الهندسة، بعدما تم قبولي بكليتي الهندسة والطب، وبقيت مسجلا بكلتا الكليتين، لكني تركت الكلية بعد أن وجدت مشكلات بها، حيث كان الطلبة الوفديون ضد عميد الكلية، وفي إحدى المحاضرات دخلوا المدرج ب“,”فرقة موسيقية“,”، فغادر العميد المدرج، وبعدها ذهبت لوالدي وقلت له إن الوضع لن يستمر هكذا، وطلبت السفر للتعليم بالخارج، وبالفعل قبلوني بجامعة أكسفورد، وفي جامعة أخرى في لندن مجانًا، لكن جاءني خطاب من قيادة الجيش المصري، بأن القيادة انتقلت إليه من الجيش البريطاني، وأنه تم قبولي بالمدرسة الحربية . ** و كيف كانت أحوالكم أثناء الدراسة بالمدرسة الحربية ؟ يكفي أن الدراسة كانت باللغة الانجليزية، على أيدي البعثة الإنجليزية العسكرية البريطانية، التي جاءت الى مصر بعد معاهدة 1936، وكانت مسئولة عن تدريب الضباط واختيار من يصلح منهم للقيادة، وللأسف كان يتم اختيارهم حسب الأهواء و“,”الواسطة “,”. ** لكنكم تخرجتم في النهاية وأصبحتم ضباطًا بالجيش المصري؟ بعد معاناه كبيرة.. فقد تخرج عبدالناصر في الكتيبة الخامسة بنادق مشاة، وكان معه الممثل الكبير أحمد مظهر، وأنا كنت في الكتيبة الرابعة، ومعي المشير أحمد إسماعيل، وزير الحربية أثناء حرب أكتوبر 1973، والرئيس الراحل أنور السادات، وضباط بعضهم لم يتعلم أي شيء، وأذكر أن الضابط الانجليزي الذي كان بالبعثة العسكرية، أعجبه جنايني فقرر أن يجعله “,”ضابطًا“,”، وهكذا أي أن البريطانيين كانوا يريدون أن يستغلوا الجيش لحسابهم، كنا ندرس اللغة الانجليزية بدون داع، وكل العلوم كانت تحددها لنا البعثة الانجليزية، وأيضًا لم تكن هناك دراسة عسكرية كما ينبغي، وكنا نتعلم جغرافيا وطيبوغرافيا وتكتيكًا . ** في ظل تلك الظروف كيف كانت أوضاع الجيش المصري حينها ؟ عندما انضممنا للجيش عام 1938، كان عدد جنوده لا يزيد على 18 ألف جندي وضابط، منهم 9 كتائب مشاة، و4 بطاريات مدفعية، طبقًا لمعاهدة محمد علي مع بريطانيا، وكانت بطاريات المدفعية محمولة على بغال ( كل 6 بغال تحمل مدفعًا بمكوناته)، و“,”آلاي“,” خيالة، ولا توجد به مدرعات، ولا سلاح مهندسين، ولا توجد سيارا ت.. ماذا تتوقع من جيش بهذه الامكانيات؟، كما أن التعامل داخل الجيش المصري حينها يسير وفقًا للأهواء، فالقائد الانجليزي كان يحب المتملقين والمنافقين. ** نعود لعلاقتك ب“,”عبدالناصر“,”.. هل كنت تعتقد أنه سيكون زعيمًا؟ عندما كنا طلبة فى “,”الحربية“,”، حدثت مواقف طريفة وغريبة أحيانًا، تدل على أن “,”جمال“,” كان زعيمًا منذ صغره، أذكر أنه اُختير ضمن فريق شد الحبل، لأنه قوى وكانت تدريبات الفريق عبارة عن حبل يربطونه فى جذع شجرة كافور ضخمة جدًا، في ملعب المدرسة، ولأن هذا التدريب كان بدون فائدة، لأن الشجرة كانت لا تهتز، قال جمال للضابط المشرف على التدريبات، إن ما نفعله لا يمكن أن يأتى بنتيجة، فما كان من الضابط إلا أن نهره، وقال له “,”أنت هتعرف أحسن مننا.. أنت جاى تعلمنا؟، إحنا اللى هنعلمك“,”، فصمت جمال ولم يرد، وفى اليوم التالى وجدنا برميلين ممتلئين عن آخرهما بالرمال والحبال مربوطة بهما، وبدأنا فى الشد، فكانت تتحرك، وظهر أخيرًا مجهودنا، وعندما جاء الضابط المدرب أوقفنا ونادى على جمال، وقال له “,”عشان يا أفندى ما تبقاش تتفلسف وتتعجل الأمور كل حاجة عندنا لها ترتيب ونظام“,”، وعاد جمال إلى مكانه دون أن يخبر الضابط المدرب بأنه هو من جاء مبكرًا قبل موعد التدريب ونفذ هذه الفكرة. ** وما هي أكثر المواقف التي لا تنساها له؟ أذكر له جميلًا لن أنساه ما حييت، فبعد خروجى من الجيش، عام 1960، صدر قرار بتعيينى فى وزارة الثقافة، ولكن وزارة الخزانة اكتشفت أن تعيينى جاء مخالفًا للقانون، لعدم صدور قرار جمهورى به، فاستغنوا عن خدماتي وتوقف المرتب، وبدأوا في خصم ربع المعاش كل شهر، وأربكني ذلك ماديًا، وكان الحل الوحيد لهذه المشكلة هو صدور قرار جمهورى بتعييني، ولم يكن أمامى إلا أن أطرق باب عبدالناصر، فكتبت له خطابًا بذلك، وتوقعت تأخر الاستجابة لكثرة أعماله، كان ذلك فى شهر رمضان عام 1963، لكن قبل العيد بأيام قليلة فوجئت بصدور القرا ر.