تُعد الأزمة التى اشتهرت إعلاميا باسم «الروايات الثلاث»، واحدة من أشهر ما شهده الوسط الثقافى من قصص رقابة ومصادرة الكتب، حيث أدى صدور ثلاث روايات عن سلاسل نشر تابعة لوزارة الثقافة، هى «أحلام محرمة» للكاتب محمود حامد، و«أبناء الخطأ الرومانسي» للروائى ياسر شعبان، و«قبل وبعد» للكاتب توفيق عبدالرحمن فى عام 2001 إلى اشتعال الجدل فى الأوساط الثقافية المصرية، بعد أن تصاعدت الاتهامات التى وجهها عضو فى البرلمان ينتمى إلى جماعة الإخوان للروايات الثلاث، حيث رأى أنها تنتهك الآداب العامة بمشاهد وألفاظ خادشة، وقدم استجوابا لوزير الثقافة فى ذلك الوقت الفنان فاروق حسني، الذى أصدر قراراً بمُصادرة الروايات الثلاث دون أن يدافع عن المبدعين أو حرية التعبير؛ كما أقال خمس قيادات من مواقعها بسلاسل النشر التابعة للوزارة، وهم المسئولون عن نشر الروايات الثلاث. ومع اشتعال المعركة، انقسم المثقفون فى تلك الأزمة إلى ثلاثة فرق، الأول ساند حرية الرأى والتعبير، وأصدر وقتها بياناً ينتصر فيه لقيم الحرية وإطلاق سراح الإبداع من أى قيود، من بينهم جمال الغيطانى ورضوى عاشور، ويوسف القعيد، وعزت القمحاوي، وفاروق عبدالقادر، وعبدالعظيم أنيس، وفريدة الشوباشي، وكان منهم من أعلنوا مقاطعتهم للوزارة وما يتعلق بها، وكذلك لأنشطة معرض القاهرة الدولى للكتاب فى الدورة التى تلت تلك الأزمة، أما الفريق الثاني، فساند موقف الوزير من مُنطلق أنه ليس من الذكاء تفجير أزمة جديدة فى الوسط الثقافى أو على المستوى الشعبي، بينما لم تنته بعد الأزمة التى جلبتها مصادرة رواية «وليمة لأعشاب البحر» للكاتب السورى حيدر حيدر، والصادرة عن سلسلة «آفاق عربية» التابعة للوزارة، وكان على رأس هذا الفريق الشاعر الراحل عبدالرحمن الأبنودي، الذى قال وقتها: «إن المثقفين مسئولون عن نشر هذه الروايات التى تثير الجدل، دون أن يراعوا وصول الإسلاميين للبرلمان فى الانتخابات الأخيرة»، واعترض بصفة خاصة على رواية «قبل وبعد»، فيما وقف الفريق الثالث على الحياد تماما، ولم يتخذ موقفا معينا، حتى إن بعض من راقبوا الأزمة وصفوه بأنه كان ينتظر ما ستفسر عنه المعركة ليختار الجانب الرابح. أما الوزير نفسه، دافع عن قرار المُصادرة فى حديث خاص لوكالة الأنباء الفرنسية، وحمّل من وصفهم ب«مجموعة من اليساريين» مسئولية إثارة أزمة الروايات الثلاث، وأن الوزارة قامت بمُصادرتها باعتبارها «مُسيئة للقيم الاجتماعية». وقال: «إن هذه الروايات التى تستخدم لغة سوقية فى وصف المشهد الجنسى قصد منها إثارة أزمة فى المجتمع المصري، وأن من يكتب مدافعا عنها فى الصحافة هم يساريون لا يقف إلى جانبهم أحد»؛ وقارن بين موقفه معهم الذى جاء على عكس وقوفه إلى جانب المثقفين فى أزمة رواية «وليمة لأعشاب البحر»، والتى كانت دوافعها سياسية، وأن الأزمة كانت مفتعلة ومدفوعة من الخارج، «ولكنى وقفت فى مواجهتهم فى الأزمة الحالية لأنها داخلية، ويقع على مسئوليتى كوزير الدفاع عن القيم والأخلاق الاجتماعية».