عمت حالة من الحزن بالوسط الثقافي على وفاة الأديب والناقد الكبير "إدوار الخراط"، وأكد العديد من المثقفين على مكانة الفقيد أدبيًا وإنسانيًا؛ فقد نعى الكاتب الصحفي حلمي النمنم وزير الثقافة، الأديب إدوار الخراط، مؤكدًا أن وفاة الخراط خسارة كبيرة لأديب وأنه روائي أثرى الحياة الثقافية بأعماله "فكان متفانيًا في حب الوطن ورسم ملامح المجتمع في رواياته، وتغنى بمعشوقته الإسكندرية وحبه لها في رواية "ترابها زعفران"، مشيرًا إلى أنه يُعّد من رموز الحداثة في الأدب المصري، وأثرى المكتبة العربية بعدد كبير من الروايات والترجمات. وأضاف الوزير في بيان له اليوم أن الخراط استطاع أن يلمس بأعماله وجدان القراء واستحسان النقاد "فدارت حول أدبه الكثير من الدراسات النقدية والندوات، وصارت محطًا لاهتمام الباحثين في الأدب العربي والحداثة، كما تخرّج من تحت عباءته الروائية كثير ممن ساروا على الدرب". وأعرب الناقد الكبير الدكتور شاكر عبدالحميد، وزير الثقافة الأسبق، عن أسفه الشديد لرحيل الخراط، قائلًا "فقدنا كاتبًا من كبار الكتاب المصريين، والذي كان يقف في مرحلة وسطى بين الحداثة وما بعد الحداثة من خلال أعماله الكثيرة في مجال القصص القصيرة والرواية. وأضاف عبدالحميد أن الخراط قدّم رؤى جديدة لتذوق الإبداع من خلال أعماله "حيطان عالية، رامة والتنين، الزمن الآخر"، والتي تكشف عن عالم من المفاهيم عن الحب، وفقدان الحب، ولمفهوم الجسد، والحلم والكابوس، والأساطير واللغة، وللقلق والحيرة. ونعاه الروائي يوسف القعيد، مُعتبرًا فقدانه خسارة فادحة للوطن العربي بأكمله "لأنه كاتب استطاع أن يمزج بين الحداثة وما بعد الحداثة، من خلال سلسلة طويلة من أعماله القصصية والروائية"، مُضيفًا أنه لا يجد كلام يُعبر عن خسارته؛ كما أكد الدكتور سعيد توفيق أن الخراط كاتبًا متميزًا وله صوته الخاص "ليس من حيث الأسلوب وطريقة السرد فقط، وإنما حتى في المناطق التي كان يرتادها في أعماله، ودائمًا ما كانت تغلف كتاباته حالة من الغموض وسحرية غرائبية"، وأن فقدانه خسارة كبيرة للحركة الأدبية في مصر "خاصة أن المرض أقعده عن الكتابة والإبداع سنوات طويلة، وجاءت في فترة متزامنة مع وفاة الأديب الكبير الراحل جمال الغيطاني". وأكد الروائي وحيد الطويلة أنه صنع لنفسه مقامًا ومكانًا خاصًا، وأنه صنع حوله "دوشة" كبيرة في التسعينات "حيث راح خلف الكتابة الجديدة وطرق كل أبواب الفن، ومن الممكن أن نختلف على إدوار المثقف ونختلف معه؛ لكنه يبقى قيمة كبيرة، وقد جاء عصر كامل هو عصر الخراط بامتياز، صحيح أن من البشر من لم يكونوا على قدر نظريته، لكنه وضع قدمًا كبيرة في الماء، وجمهوره خارج مصر كبير، فقد كان طفلًا عذبًا وشخصًا فاتنًا". وقال الروائي مصطفى البلكي "إن العابرين الذين يتركون أثرًا يدل عليهم لا يرحلون، وتظل ظلالهم باقية، فما بالك بمن وجد في بقعة ضوء هي في أساسها صحو في محو، وأضاف" لقد غادر الخراط منذ بداياته أرضًا سار عليها الجميع وأوجد لنفسه طريقًا آخر يعتمد على قراءة الفصول الداخلية للنفس التي تشكل الواقع الذي يوجد، فكان اهتمامه بمنطقة اللاشعور المحزن الذي يحدد كل ما يتعلق بالروح ميزة جعلته يهتم بالإنسان من الداخل؛ مُشيرًا إلى أنه كان مجُربًا في كل أعماله القصصية والروائية ابتداء من روايته "حيطان عالية". وأعرب الروائي محمد عبدالنبي عن أسفه الشديد لرحيل الخراط، اليوم على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، وقام بنشر صورته ووصفه بالشمس، وكتب على صفحته "غير أن الشموس لا تغيب"؛ ووصفه القاص شريف عبد المجيد على صفحته بأنه أهم نقاد الوطن العربي، وأفضل المترجمين الذين أثروا الحياة الثقافية قائلًا "رحم الله الكاتب الكبير وأحد أهم نقاد الأدب العربى والمترجم المتميز الأستاذ إدوار الخراط". كذلك نعت الخراط كُلًا من الإدارة المركزية للشئون الثقافية بالهيئة العامة لقصور الثقافة، وأصدرت بيانًا أكدت فيه أن الخراط أحد كبار الأدباء المصريين والعرب، وهو صاحب تيار خاص في الأدب العربي؛ وكذلك صدر بيان آخر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب. كان الخراط قد رحل عن عالمنا صباح اليوم بعد صراع مع المرض في مستشفى الأنجلو الأمريكية عن عُمر ناهز التاسعة والثمانين؛ ويُقام القُداس على روحه غدًا في كنيسة قصر الدوبارة، ثُم يتم نقل جثمانه إلى مدافن برج العرب بالإسكندرية.