إن العقود السابقة لم تشهد وجود إرادة سياسية قوية قادرة على بعث مشروع الضبعة النووى من مرقده، الذى أصبح حلما لملايين المصريين، لحاجتهم الماسة والحتمية للطاقة، نتيجة الزيادة المطردة فى عدد السكان، الذين عانوا من الانقطاع المتكرر للكهرباء بسبب تزايد الاستهلاك، الذى يشكل عبئا كبيرا على محطاتها وشبكاتها القديمة المتهالكة، وأصبح الحلم النووى الذى يبدأ من الضبعة هو الضامن الوحيد الذى يوفر لمصر قدرا كبيرا من الطاقة ويجعلها من كبرى الدول المصدرة لها. وبدأ الحلم يتحقق مع تفعيل الاتفاق المصرى الروسى لإقامة محطتين نوويتين بالضبعة، وأصبحت مصر تخطو بخطى متسارعة بفضل جهود رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى، لوضعها على خريطة التقدم التكنولوجى والاقتصادى واللحاق بالتنمية فى كافة المجالات. لا مجال للتشكيك فى البداية أكد محافظ مطروح اللواء علاء فتحى أبوزيد، أنه «لا يوجد مجال للتشكيك فى هذا المشروع العملاق، فهناك بعض الجهلاء وغير المتخصصين المشككين فى المشروع والتقليل من شأنه على المستوى العام، مشيرا إلى أن العالم يتجه إلى هذا النوع من الطاقة لتأمين حاجته فى ظل التزايد المستمر فى أسعار الوقود الحفرى خاصة النفظ، ونرى الدول المتقدمة والعظمى تمتلك العشرات من هذه المحطات»، مؤكدا أنه يقوم بمتابعة الوضع ميدانيا للوقوف على سير العمل بأرض المشروع والتقابل مع الخبراء الروس المتواجدين بأرض المشروع، ومتابعة وسائل الأمن والأمان النووى بالمشروع، وتذليل كافة العقبات والمعوقات التى من شأنها عرقلة سير العمل بالمشروع بناء على تعليمات وتوجهات الرئيس السيسى. وأضاف أبوزيد أنه «جار تجهيز موقع مشروع الضبعة النووى خلال الفترة المقبلة تمهيدا لتركيب المعدات والمقرر وصولها فى النصف الثانى من العام المقبل، بالإضافة إلى عمل قنوات التبريد والأعمال الفنية لإقامة هذا المشروع الضخم الذى يؤمن حاجة المصريين الحتمية من الطاقة، لافتا إلى أن معايير الجودة والأمان التى ستتبع فى إنشاء مشروع الضبعة فائقة جدا، وعند مراعاتها بشكل جيد تفوق مشروعات الطاقة الشمسية والرياح فى توليد الكهرباء وتحلية مياه البحر، مشيرا إلى أن طاقة الرياح تتكلف نحو 6 أضعاف الطاقة النووية، والطاقة الشمسية 3 أضعاف». وواصل قائلا «إن المشروع النووى سيوفر لمصر سنوياً مليار دولار من مصروفات الطاقة، وإن الطاقة المنتجة من المفاعل تكفى نصف استهلاك مصر من الطاقة، مضيفًا أن التجارب الدولية أثبتت أن الاستعانة بالتكنولوجيا النووية الطريق الأفضل لتطوير الصناعة الوطنية والارتقاء بها إلى المستويات العالمية القادرة على نقل الصناعات الوطنية إلى مستويات جديدة من الجودة وتزيد من قدرتها التنافسية فى السوق العالمية». الروس يتوافدون تشهد مدينة الضبعة بمحافظة مطروح توافد العديد من الوفود والخبراء الروس، لتفقد أرض المشروع والتجهيزات والمنشآت التى أقيمت على أرض الواقع، وبالفعل وصل 7 خبراء لإحدى الشركات الملحقة للقيام بالدراسات المبدئية لأرض المشروع وتحديث الدراسات السابقة التى أجريت خلال الفترة الماضية، ومن المقرر وصول 28 خبيرا تابعين لشركة «روس آتوم» الروسية المتخصصة فى مجال إنشاء المحطات النووية، وذلك للانتهاء من الدراسات الجيولوجية للتربة والأرض المخصصة لإقامة المشروع. وقد توالت الزيارات منذ إبرام مذكرة التفاهم بين الجانبين المصرى والروسى، وتفقدت تلك الزيارات والوفود الهناجر التى سيتم تخصيصها كمعامل لخدمة المشروع، ومراجعة الأمن الصناعى بها، وطرق التأمين، كما تفقدوا الاستراحات المخصصة للعاملين. أهالى الضبعة وطنيون أهالى الضبعة ضربوا أروع الأمثلة فى الوطنية وتغليب المصلحة العامة والعليا للبلاد على المصلحة الشخصية، وسيظل التاريخ يذكر مواقفهم الوطنية التى سطرت بأحرف من نور فى سجل التاريخ الحديث والمعاصر، كل ذلك من أجل الخروج بالمشروع النووى إلى مرحلته الحالية وتعاونهم مع جميع الأجهزة، لتحقيق الصالح العام وحرصهم على التعاون من أجل رفعة الوطن وتقدمه، فقد ضربوا مثالًا طيبًا لأهالى مصر الذين ينمون وطنهم، مع تأييدهم الكامل للجهود التى تمت فى المراحل الماضية والقادمة التى تبذلها القوات المسلحة، التى يثق فيها الشعب المصرى ويدعمها، أهالى الضبعة سلموا أرض المشروع النووى للقوات المسلحة تحت إشراف اللواء علاء أبوزيد محافظ مطروح - قائد المخابرات الحربية آنذاك - دون قيد أو شرط، إيمانا منهم بأهمية المشروع العملاق. بينما يقول مستور أبوشكارة المتحدث الرسمى باسم أهالى الضبعة المتضررين من المشروع النووى، بمناسبة التوقيع على اتفاقية إقامة محطة نووية للأغراض السلمية بالضبعة «لا يسعنا إلا أن نبعث ببرقية شكر وتقدير وامتنان لمؤسسة الرئاسة لوفائها بالعهد ولصدقها بالوعد، وبصرف النظر عن مخاوفنا بشأن المخاطر من إقامة المحطة النووية، فإننا على ثقة بأن القيادة السياسية على وعى تام بمخاوفنا وتعمل على إزالتها، ونحن أهالى الضبعة نؤكد أننا قد وضعنا ثقتنا فى محلها، وسلمنا الأرض لمؤسسة عريقة ليس على مشروع الضبعة فحسب بل على كافة مقدرات وثروات وحدود الدولة المصرية، إنها مؤسسة القوات المسلحة، ومن هنا نؤكد ترحيبنا بجميع الجهود التى من شأنها رفعة الوطن وتقدمه وازدهاره»، وبالنسبة لنا نحن أهالى الضبعة، ما يهمنا بالأساس هو الشأن المجتمعى، وهذا ما سنعمل على تفعيله من خلال التعاون المثمر البناء، من أجل توعية أبناء مدينة الضبعة ونشر الثقافة النووية وأن مدينتهم ستصبح مدينة متميزة، وأنهم من الآن يعتبرون محط أنظار العالم، وهذا سيتطلب منا بذل مزيد من الجهد، ونود أن نشير إلى أن هناك الكثير من جوانب التقصير من نواحى التوعية، والتثقيف والتوجيه، وهذا تقع مسئوليته فى جانبها الأكبر على وزارة الكهرباء والطاقة، وأيضاً على المهتمين بالشأن العام، وعلى وسائل الإعلام المملوكة للدولة». وقال رئيس اللجنة التنسيقية لأهالى الضبعة المتضررين من المشروع النووى «إننا نمر بمرحلة جديدة نعلى فيها مصلحة مصر ونغلب فيها روح المصلحة العامة، بدلا من المصالح الشخصية الضيقة، فأعظم تضحية هى أن تضحى من أجل أن يحيا الآخرون، وليس أن تضحى بالآخرين لتحيا أنت، فالتضحية ليس أن تذهب لتموت أحيانا، ولكن أن تبذل الغالى من أجل أن تحافظ على الأغلى»، مضيفا أنه لا يعطى درسا فى التضحية، ولكن يجب أن لا يجعلنا التعصب للرأى أن نتمنى الخراب للبلد، فالآراء السياسية تحترم، ولكن أمن واستقرار هذا البلد خط أحمر، ولن نسمح بما يهدد أمن مصر. وقال رئيس رابطة شباب الضبعة حمدى حفيظ الجميعى «إنه منذ عام 1981 وتحديداً عندما وقع الرئيس الراحل السادات على القرار الجمهورى بتخصيص أرض الضبعة لبناء أول محطة نووية مصرية للأغراض السلمية وببساطة الإنسان المصرى رحب أهالينا فى ذاك الوقت بالنووية، كما يسمونها على أمل أن تجلب لهم الرخاء والتقدم والتنمية، وهذه الأشياء التى حجبت عنهم ولكنهم وبعد عناء طويل وأحداث كثيرة فوجئوا باقتراب رجال الأعمال من أراضيهم التى وهبوها لوطنهم، وبعد ثورة 25 يناير المجيدة قرروا وشرفت بأننى واحد منهم إثارة قضيتهم لما حرموا من حقوقهم وما نالهم من طردهم خارجها عام 2003، ولما وصلت قضيتنا للرأى العام وبشكل كبير جداً كان معه استحالة أن يقترب منها رجال الأعمال الفاسدون مرة أخرى، وفى ذروة هذه القضية جاءت قواتنا المسلحة، وهنا يتدخل القائد العام للجيش بعد ثورة 30 يونيو لحل هذه المشكلة المستعصية ويكلف مكتب مخابرات مطروح بالتواصل مع الأهالى ممثلين فى اللجنة التنسيقية والتى شرفت بأننى أحد أعضائها، عرضنا حقوق ومطالب أهلنا وصيغت بمعرفة رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ومنهم قائد المخابرات الحربية بمطروح اللواء علاء أبوزيد آنذاك والعقيد معتصم زهران مسئول شئون القبائل بالمكتب، وقاموا بعرضها بكل أمانة على القائد العام للقوات المسلحة آنذاك، وتمت الموافقة عليها كلها، ومنذ ذلك الحين حتى هذا اليوم نفذت كل مطالبنا وزيادة وبرعاية شخصية من محافظ مطروح». 1500 بيت تعويضًا للضبعاوية إقامة 1500 بيت على مساحة 2380 فدانا، بتكلفة إجمالية مليار جنيه هدية الرئيس السيسى لأهالى الضبعة المتضررين من المشروع النووى، ردا للجميل وتثميناً لوطنيتهم فى تسليم أرض المشروع النووى دون قيد أو شرط، ويتم إنشاؤها على جزء من الأرض المخصصة لمشروع المحطة النووية، وتصمم هذه البيوت بما يتلاءم مع الطبائع والعادات والتقاليد البدوية، ويتمتع بنسبة عالية من الخصوصية، وأسندت عمليات التنفيذ للهيئة الهندسية بالقوات المسلحة، والتى قامت بدورها بإرسال لجنة من المهندسين والمصممين المعماريين، لسؤال الأهالى عن متطلباتهم فى منزل المستقبل. هذا المنزل عبارة عن 3 غرف نوم، وغرفة توزيع، وحمامين ومطبخ، ومربوعتين، وصممت الأساسات لتحمل 4 أدوار علوية، بالإضافة للبنية التحتية من شبكة صرف صحى وشبكة مياه وكهرباء وطرق داخلية، كل ذلك تم تصميمه وتنفيذه على أحدث مستوى وبإشراف ومتابعة دقيقة من طاقم الإشراف بإدارة المهندسين العسكريين ذوى الكفاءة المهنية والخبرة والإخلاص والإتقان، وتم الانتهاء من المرحلة الأولى بنسبة تنفيذ تصل إلى 50٪ من المشروع، ومن المتوقع أن يتم البدء فى تنفيذ المرحلة الثانية فى الفترة المقبلة، الضبعة الجديدة جاءت بعد تضحيات قام بها أهالى الضبعة ودفعوا ثمناً غالياً على حساب التنمية البشرية والاجتماعية والاقتصادية، فقد عانوا لعشرات السنين من الحرمان والتهميش وعدم التنمية، وهذه المدينة هدية متواضعة من الجيش المصرى لأهالى الضبعة الذين تضرروا طيلة 30 عاما. المشروع آمن وأكد المهندس أحمد زهدى مدير مشروع الضبعة النووى، أن «قرار إسناد إنشاء المحطة لروسيا وفر عامين من مدة إنشاء المحطة، وهى فترة طرح المشروع فى مناقصة عامة، واطمأن المصريون عامة وأهالى الضبعة خاصة أن المشروع مؤمن بالكامل ولا يوجد أى مخاوف منه، مؤكدا أنه سيرفع من معايير الجودة بالساحل الشمالى ومحافظة مطروح والتى سيتم تطبيقها فى مجالات عديدة كالتعليم والصناعة والتنمية الاقتصادية، وسيوفر المشروع فرص عمل كثيرة بأجور مرتفعة جدا، وستوفر كميات هائلة من مياه التحلية لزراعة آلاف الأفدنة، وسيكون للمشروع مردود إيجابى فى شتى نواحى الحياة». ويقول زهدى إن «مصر لم تكن أولى الدول التى تستخدم التكنولوجيا النووية فى توليد الكهرباء، فهناك الكثير من دول العالم تستخدم الطاقة النووية السلمية، مؤكدا أن دولة الإمارات العربية المتحدة شرعت فى بناء 4 وحدات سيتم تشغيل أول وحدة منها فى 2017 المقبل»، مشيرا إلى أن المهندسين المصريين أثبتوا كفاءتهم فى العمل بمجال الطاقة النووية، حيث يعمل كثير منهم فى كندا ورومانيا وغيرهما من الدول المتقدمة وذلك منذ عدة سنوات، مؤكدا انتهاء الهيئة الهندسية للقوات المسلحة من أعمال البنية التحتية لمشروع الضبعة النووى لتوليد الكهرباء، وتم تنفيذ المرحلة النهائية من أعمال التشطيبات الخاصة بمبانى العاملين والسكن الإدارى، حيث تلتزم القوات المسلحة المصرية كعادتها بالمواعيد المتفق عليها عند إسناد أى عمل لها، وتشمل البنية التحتية للمشروع إنشاء برج الأرصاد لقياس درجات الحرارة والرطوبة واتجاهات الرياح، بالإضافة إلى إنشاء مبانى العاملين وأجهزة قياس المياه الجوفية والزلازل والتيارات البحرية وإمداد خطوط الغاز والمياه والكهرباء والاتصالات. مدرسة فنية للتكنولوجيا النووية وعودة إلى تصريحات اللواء علاء أبوزيد محافظ مطروح قال إنه تم تخصيص أرض بمساحة 8 أفدنة، لإنشاء أول مدرسة فنية متقدمة فى مجال الطاقة النووية السلمية بمدينة بالضبعة، ومن المقرر أن تبدأ نشاطها اعتبارًا من العام الدراسى 2016/2017، وستكون الدراسة بها بنظام الخمس سنوات بمجال الطاقة النووية، وستتم دراسة السنة الرابعة والخامسة فى التخصصات والتكنولوجيا النووية، لخدمة المشروع النووى العملاق بالضبعة، وتخريج مواطنين قادرين على التعامل مع هذا النوع من التكنولوجيا لإتاحة الفرصة أمام شباب مطروح خاصة ومصر عامة للدخول فى العصر النووى والوصول لمصاف الدول الكبرى المتقدمة. وأكد على ضرورة مراعاة أن يكون تصميم المدرسة غير تقليدى، ومتوافق مع طبيعة المدرسة كأول مدرسة فى المجال النووى، مضيفًا أن المدرسة ستعمل على خلق كوادر فنية متخصصة من أبناء المحافظة تكون لديها المهارة والكفاءة والقدرة على العمل فى التطبيقات السلمية للطاقة النووية للعمل فى المشروع النووى بالضبعة، مشيرا إلى أن الأولوية لدخول المدرسة لأبناء مطروح، وفى حال عدم اكتمال الأعداد المطلوبة يمكن سد العجز من طلاب المحافظات الأخرى. الضبعة أفضل المواقع العالمية أكد رئيس هيئة الرقابة النووية والإشعاعية الدكتور محمد رضا عز الدين، أن دورنا مراقبة المشروع لتنفيذه طبقا لأعلى معايير الأمان النووى فى العالم، وأخذنا توجهات من رئيس الدولة للعمل لصالح أبناء مصر، مشيرا إلى أن محطة الضبعة ستقوم على أعلى معايير الأمن والأمان فى العالم، وأن المرحلة الأولى من المشروع تستهدف إقامة 4 مفاعلات نووية طاقة إنتاجية 1200 ميجاوات أى 4800 ميجاوات، ونضع أيدينا فى أيدى أهالى الضبعة، ومن هنا نبعث رسالة طمأنة لأهالى الضبعة والمصريين جميعا، مضيفا أن موقع الضبعة أفضل المواقع العالمية لإقامة مفاعلات نووية، وأنسب المواقع على الإطلاق مناخياً وجيولوجيا، ولا يوجد أى مخاوف من حدوث الكوارث الطبيعية مثل الزلازل وغيرها، لافتا إلى أن الضبعة بعيدة تماما عن حزام الزلازل بجانب صلابة التربة وتحملها إنشاء المفاعلات الأربعة. وأوضح أن التكنولوجيا التى ستتبع فى إنشاء الضبعة النووية من مفاعلات الجيل الثالث المطور، دون تدخل العامل البشرى، والمفاعلات مؤهلة للتعرف على خطر أو حادث طارئ وتقوم بالفصل الإلكترونى، وبها تكنولوجيا حديثة للتبريد وملحقات الطاقة النووية، وهذا الحلم الذى طال انتظاره سنوات طوال يعود على مصر كلها بالخير ويرفع معايير الجودة فى الصناعات، ويحقق طفرة تنموية واقتصادية واجتماعية، وطمأن الأهالى أن الهيئة تراقب جميع خطوات المشروع بالضبعة على أرض الواقع، لافتا إلى أن هناك 450 محطة نووية على مستوى العالم تعمل الآن بكفاءة عالية من الجودة وتطبق معايير الأمن والأمان، منها 106 محطات فى الولاياتالمتحدةالأمريكية، و16 محطة فى أوروبا.