بعد ما يقرب من ربع قرن، حكم خلالها الرئيس السوداني عمر البشير بلاده بالحديد والنار وما ساد حكمه من انتهاكات لحقوق الإنسان وارتكاب جنوده من مجازر بشعة ضد مواطنيهم، كان من الطبيعي أن ينتفض الشعب السوداني ضده ولاسيما بعد أن زادت معاناة الشعب ووصلت إلى أعلى مستوياتها بارتفاع نسبة الفقر والبطالة والتضخم. وعلى الرغم من الاحتجاجات العنيفة التي دخلت عامها الثاني في السودان فإن البشير لا يزال متماديا في تحدي شعبه الثائر ولا يزال يصم أذنيه عن سماع مطالبه، بل والأكثر من ذلك أنه “,”زاد الطين بلة“,” عندما أكد ضرورة رفع الدعم، وهو القرار الذي زاد من معاناة الشعب السوداني الذي أنهكه الفقر. فيما تعالت الاحتجاجات التي جابت أنحاء السودان لتضع مستقبل البشير على المحك، وتطرح علامة استفهام كبرى حول مدى استمرارية الرئيس الإخواني قبل أن يطيح به انقلاب شعبي على غرار أمثاله من الحكام العرب الإسلاميين الذين لم يحاولوا الاستجابة لمطالب جماهيرهم الغاضبة. قطعا لن نستغرب هذه التصرفات العنترية عندما نعود إلى الخلفية التاريخية للبشير التي بدأها بانقلاب عسكري على حكومة الأحزاب الديمقراطية في ذلك الوقت برئاسة رئيس الوزراء الصادق المهدي، تولى بعدها منصب رئيس مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني في 30 يونيو 1989، وجمع بين منصب رئيس الحكومة ومنصب رئيس الدولة الشرفي، وفي 26 إبريل 2010 أعيد انتخابه رئيسًا في أول “,”انتخابات تعددية“,” منذ استلامه للسلطة. وخلال فترة حكمه للسودان، كان البشير الرئيس الأكثر جدلاً على الإطلاق ليس فقط لكثرة الانتقادات والاتهامات التي وجهت له من قبل المنظمات الحقوقية لقيام مجنديه بجرائم حرب، ولكن لصدور مذكرة توقيف بحقه عام 2008 من قبل المدعي العام لدى المحكمة الجنائية الدولية “,”لويس مورينو أوكامبو“,” في قضية دارفور، وذلك لاتهامات بأنه ارتكب جرائم حرب في إقليم دارفور، وطلب تقديمه للمحاكمة وهي أول مرة يُتهم فيها رئيس أثناء ولايته. ويعد البشير هو الرئيس الوحيد الذي رفض ترك السلطة من أجل الوطن، وقسم وطنه لدولتين حتى يستمر حكم الإخوان. واجه البشير عددا من الانقلابات أبرزها “,”انقلاب رمضان“,” عام 1990 بقيادة الفريق خالد الزين نمر، ولكن الانقلاب فشل، وألقي القبض على 28 ضابطاً، وتم إعدامهم في محاكمات عسكرية.