عرفت البشرية العنف الأسرى منذ البداية، عندما قتل قابيل أخاه هابيل، وتطورت مع الوقت لتتخذ أشكالا عديدة، فهناك العنف الذى يتعرض له الأطفال، سواء بالإهمال وسوء التربية أو الضرب والتعذيب، وهناك العنف المتبادل بين الآباء والأبناء، وبين الآباء والأمهات، وبين الإخوة والأخوات، بل وامتد العنف خارج نطاق الأسرة الصغيرة ليشمل الأقارب، غير أن الأكثر انتشارا هو العنف الذى تتعرض له الزوجات من الأزواج، والمتمثل فى سوء المعاملة والضرب والتعذيب، فخلف الأبواب المغلقة حكايات كثيرة، كما طفت على السطح مؤخرا ظاهرة العنف الجنسي الذى تتعرض لها المحارم بارتكاب الفحشاء معهم. بل هناك ظاهرة خطيرة للعنف الأسرى والمتمثلة فى إيذاء كبار السن من الآباء والأمهات، سواء بالضرب أو الإهانة أو بتركهم دون رعاية أو حماية. يذبح والدته.. ويزعم: قتلتها للحفاظ على سمعة الأسرة عاد الابن الأصغر «أنس» 23 عاما، من عمله، حيث كان يقيم مع والدته لأنه لم يتزوج بعد، وبمجرد فتحه للباب الخارجى ودخوله للمنزل، نادى على أمه فلم ترد، فجأة تعثرت خطواته فى بركة دماء بأحد أركان المنزل، فتتبع آثارها والتى قادته إلى سطح المنزل، ليجد أمه ملقاة على الأرض وغارقة فى دمائها، حاول إنقاذها وحملها إلى مستشفى «الحوامدية» لكن الأمر كان قد انتهى وصعدت روح الأم إلى بارئها. تقدم الابن والمستشفى ببلاغ إلى مأمور قسم البدرشين، وعلى الفور تم تشكيل قوة من مباحث القسم بقيادة العميد رشدى همام مفتش مباحث جنوبالجيزة، وبمعاونة النقيب أحمد عطية، والنقيب ماجد فوزى، الذين توجهوا لمعاينة جثة الأم وتدعى «نادية.ع» 53 عاما، حيث تبين أنها مقيمة بقرية ميت رهينة، وتعمل موظفة بالإدارة الزراعية، واتضح أنها مصابة بعدة طعنات نافذة بالرأس والرقبة. بالانتقال إلى مكان الواقعة وبعمل البحث والتحريات اللازمة وسماع أقوال شهود العيان، تم تحديد هوية الجانى وهو الابن «تامر.ا» 30 عاما، موظف، وتم القبض عليه، وبمواجهته أنكر فى البداية، لكنه اعترف فى النهاية بالواقعة، وأقر أنه قام بقتلها خوفا على سمعة العائلة، مؤكدا أنه اكتشف زواج أمه عرفيا من زميل لها فى العمل بعد وفاة والده منذ سنوات، وأنه ضغط عليها لكى تنهى ارتباطها بهذا الرجل، وأضاف أنها بالفعل انفصلت عن زميلها وحصلت على الطلاق منه، إلا أنه اكتشف بعد ذلك استمرار علاقتها به، مما دفعه إلى التخلص من أمه، ليحافظ على سمعة العائلة. «الإخوة الأعداء» فى الجيزة أقدم أخ على قتل شقيقه بدماء باردة لمجرد الخلاف على إيراد المحل الذى ورثاه عن والدهما، البداية كانت عندما تلقى مأمور قسم الجيزة بلاغا بقيام الأهالى بالعثور على جثة ملقاة فى أحد البيوت المهجورة بالمنطقة ومطعون عدة طعنات قاتلة فى أنحاء متفرقة من جسده. على الفور تم تشكيل قوة من قوات مباحث القسم بقيادة المقدم علاء فتحى، وبمعاونة النقيب هيثم خلف، والنقيب شريف ماهر. التحريات التى قام بها رجال المباحث أثبتت أن الجثة لشاب يدعى «كريم .ع» 40 عاما، وهو صاحب مطعم فول، تم طعنه بآلة حادة فى أجزاء متفرقة من جسده. كما بينت التحريات أن وراء الحادث شقيق المجنى عليه، ويدعى تامر، 34 عاما، وتبين من التحريات أن المجنى عليه شريك المتهم فى محل الفول، وقد تم إلقاء القبض على المتهم أثناء اختبائه بشقة أحد أصدقائه بالمنطقة. قال المتهم فى التحقيقات: «قتلته بدون وعى.. وندمت وقعدت جنبه أبكى عشان ماليش غيره فى الدنيا بعد أبويا»، حيث إن والدهما ترك محل «الفول» للشقيقين، ولكن الطمع دخل بين الشقيقين، وكانت تحدث مشاجرات بينهما بصفة يومية، لأن المجنى عليه كان يطلب من شقيقه أن يوجد ويعمل معه، لكن المتهم كان يطلب إيراد المحل فقط. وأشار المتهم إلى أنه فى يوم الحادث طلب من شقيقه أن يتنازل له عن المحل مقابل مبلغ مالى ضئيل، وعند رفض المجنى عليه قام بالتعدى عليه بالضرب، لكن القتيل قام بصفع المتهم فاشتعلت النار بداخله، وقام بإحضار آلة حادة، وقام بضرب شقيقه، ولم يتركه إلا وهو جثة هامدة، ولم يكتفِ بذلك، بل استمر يطعنه فى جميع أجزاء جسده لينتقم منه. وتابع المتهم، أنه بعد أن تأكد من مقتل شقيقه استعاد وعيه وجلس بجواره يبكى كثيرا، وقرر أن يهرب لحين إلقاء القبض عليه، فأمرت النيابة بحبس المتهم 4 أيام على ذمة التحقيقات وتشريح الجثة واستكمال التحريات حول الواقعة. يقتلان زوجة ابن عمهما ونجله بسبب قطعة أرض الميراث يعتبر من أهم الأسباب التى تكون خلف الكثير من جرائم القتل، التى راح ضحيتها الكثير من أفراد العائلات، وهذا ما حدث فى جريمة جديدة فى منطقة البدرشين بعد أن قام عامل وشقيقه بإطلاق النيران على ابن عمهما أثناء خروجه من المنزل هو وزوجته وابنهما، انتقاما منهم بسبب خلاف على ميراث قطعة أرض، لم يتركاهم إلا وهم غارقون فى دمائهم، ولفظت الزوجة والابن أنفاسهما الأخيرة فى الحال، وتم نقل ابن عمهما إلى المستشفى بين الحياة والموت لتلقى العلاج. البداية كانت عندما تلقى مأمور قسم البدرشين بلاغا من الأهالى بوقوع جريمة قتل بالبدرشين، على الفور تم تشكيل قوة من قوات مباحث القسم بقيادة المقدم عماد رشدى رئيس المباحث، وبمعاونة النقيب أحمد كامل، والنقيب أحمد عطية، والنقيب عمرو الديباوى، وبالانتقال إلى مكان الواقعة تبين إصابة كل من «محمد.ر.ج» 21 عاما، عامل، ووالدته «منار.ع» ربة منزل، 55 عاما، مصابين بطلقات نارية فى أماكن متفرقة من الجسد، ولفظا أنفاسهما الأخيرة وتوفيا فى الحال، وإصابة زوجها «رفعت.ج»، عامل، وتم نقله إلى مستشفى البدرشين المركزى بين الحياة والموت لتلقى العلاج. وبعمل البحث والتحريات اللازمة الخاصة بقوات المباحث للوصول إلى ملابسات الواقعة، وسماع أقوال شهود العيان تبين أن المجنى عليه نشبت مشاجرة بينه وبين أولاد عمه أثناء تقسيم الميراث، فاختلفوا على قطعة أرض، فقرر اثنان منهم الانتقام منه، فأعدا له خطة للتخلص منه فانتظرا أثناء خروجه من المنزل ومعه زوجته وابنه، وقاما بإطلاق وابل من الأعيرة النارية باتجاههم وسط ذهول المارة، حيث سقطوا غارقين فى دمائهم ولفظت الزوجة والابن أنفاسهما الأخيرة فى الحال، وأصيب الزوج وتم نقله إلى المستشفى لتلقى العلاج، ولاذ المتهمان بالفرار هاربين. تمكنت القوات من تحديد هوية المتهمين وهما كل من «أحمد.م.ع» 31 عاما، عامل، وشقيقه «عبدالقوى.م.ع» 35 عاما، عامل، مقيمان بالشوبك، وجار ملاحقتهما للقبض عليهما، وتحرر محضر بالواقعة. مقتل شاب على أيدى «أو لاد خاله» لخلافات على الميراث شهدت مدينة نبروه بمحافظة الدقهلية حادثة قتل بشعة بعد أن لقى شخص مصرعه على يد «أولاد خاله»، كان إكرامى حبيب قد لقى مصرعه متأثرا بإصابته عقب مشاجرة بينه وبين خاله وأبنائه بسبب خلاف على الميراث، فطعنوه بأماكن متفرقة فى جسده حتى سقط غارقا فى دمائه ولفظ أنفاسه الأخيرة فى الحال. وتم نقل القتيل إلى مستشفى نبروه المركزى، كما انتقلت قوات الشرطة إلى مكان الواقعة وتم إلقاء القبض على أحد المتهمين، فيما لاذ باقى المتهمين بالهرب. ظاهرة خطيرة عن جرائم العنف الأسرى يقول الدكتور إبراهيم مجدى، استشارى الطب النفسى بمستشفى عين شمس، إنها مشكلة نعانى منها كثيرا، ولا توجد نسبة أو تقدير حتى الآن، لأنها تتزايد بطريقة غير عادية، مضيفا أن كل يوم تصل عدد الحالات إلى صندوق العنف الأسرى بمعدل من 100- 200 حالة فى اليوم أغلبها عنف موجه تجاه الأطفال والزوجات، وأن جرائم العنف جرائم غريبة عن مجتمعنا الشرقى، ووصلت هذه الجرائم فى السنتين الأخيرتين إلى 50 حالة قتل لآباء قتلوا أبناءهم والعكس، وأكثر هذه الجرائم توجد فى الأرياف أو العشوائيات، نتيجة لعدة عوامل أهمها: ■ المخدرات: من أهم العوامل الأساسية فى انتشار الجرائم، ولأن المخدرات تغيب العقل وتجعل إدراك الشخص وتقديره للأمور أقل، وتجعله يتصرف دون وعى «مثلا لو بيتعدى على ابنه مش هياخد باله هو الضرب ده هيوصل لحد فين ده، بالعكس إنه يتلذذ بالضرب»، أى أنها تجعله يتحول إلى شخصية «سيكوباتية» تميل إلى العدوانية. ■ العشوائيات: الزحمة والفوضى والعنف ونشر الجهل والكبت الذى يوجد بالمناطق العشوائية تجعل تفكيرهم فى الحلول جسدية فقط أقل من الحلول العقلية، ما يجعل الشخص ليس عنده تقدير، وغير قادر على التصرف والتربية أو التعامل مع أسرته. ■ التربية أو التنشئة: العنف موجود فى جميع الطبقات والمناطق، لكن نسبته تقل فى المناطق الراقية وتتزايد فى المناطق العشوائية، لأنه يرجع إلى تربية كل شخص، خاصة لو كانت أسرته تعامله بالعنف والقسوة، فبعد ذلك مع التنشئة سيكون عنيفا مع أسرته، ويربى أولاده على العنف والقسوة مثلما حدث له فى الصغر. ■ التدين على أسس غير صحيحة: هناك أشخاص تدينهم تدين ظاهرى فقط يتعاملون مع أسرتهم بمنطق العقاب والضرب أولا، فيستخدمون بعض وسائل العقاب مثل الهجر أو المخاصمة أو العتاب، وإن لم تفلح كل هذه الوسائل يتجه أخيرا إلى وسيلة العقاب بالضرب، وهناك أشخاص يتخذون الدين ظاهريا فقط، لكن لا يعملون به ويعاملون أولادهم أو أسرتهم بالقسوة. ■ العوامل الاجتماعية: نحن فى مجتمع أصبح مليئا بالعنف، والشخص يتأثر للأسف بما يحدث فى هذا المجتمع، ويحدث نوع من الفوضى تسمى ب«الإزاحة»، فمثلا فى العمل نجد أن الشخص يتعرض لكثير من المشاكل والظلم من أصدقائه أو مديره، فيحدث نوع من الكبت، فيطلع هذا الكبت على أسرته فى المنزل، لعدم قدرته على التوافق اجتماعيا ونفسيا.