حكايات عن هجوم البلطجية.. وحماية المسلمين للمسيحيين ترحيب بوجود القوات الأمنية بالقرية.. وتخوف من عودة البلطجية بعد رحيل القوات تُعرف قرية “,”دلجا“,” بقلعة الإرهاب، ليس فقط بسبب أو بعد الأحداث الأخيرة، وتحصُّن عدد من الجماعات المتطرفة بها، ولا لعدد الهجمات الإرهابية التي شنها الإرهابيون من مؤيدي مرسي المعزول على الكنائس والمسحيين، أو حتى فقط لأنها إحدى قرى محافظة المنيا، التي ينتمي إليها عاصم عبد الماجد، لكن لأنها إحدى القرى التي يعتبرونها معملًا للتشدد والإرهاب. المشهد داخل “,”دلجا“,” يختلف عنه من الخارج، وعن رؤيتها عبر شاشات التلفزيون. “,” دلجا“,” قرية يصل عدد سكانها إلى نحو مئة وخمسين ألف نسمه، تجمعهم وتفرقهم الإشاعة، الوجود الأمني بها عبارة عن نقطة شرطه مكونة من ضابط، وعدد من الخفراء، لا يزيدون عن خمسة، تشتهر بالتجارة والجزارة، هي من أكثر المهن المنتشرة فيها، تتعدى مساحتها مساحة مركز أبو قرقاص التابعة له، يتفشى فيها الجهل والفقر أيضًا، الناس هناك لا يعرفون معنى الرفاهية، فالجميع يعمل من أجل قوت يومه. تتميز “,”دلجا“,” بموقعها الفريد من الناحية الغربية من مركز أبو قرقاص، ويحدها الجبل من الناحية الغربية. كاميرات “,”البوابة نيوز“,” على مدار يومين كاملين قامت برصد الحالة الكاملة التي يعيشها أهالي دلجا، في ظل الوجود الأمني المكثف والتحقيق معهم في ملابسات كل ما حدث. دفع الإتاوات بدأت الرحلة حين ركبنا سيارة “,”تويوتا“,”، وهي وسيلة الانتقال الوحيدة المتوفرة هناك، وحاولت التعرف على رأي الناس، فقال هاني، ليسانس حقوق ويعمل في محل موبيليا من أجل كسب قوت يومه: “,”في يوم فض الاعتصام هربت من فوق السطوح خوفًا من البلطجية، كانت زوجتي على وشك الولادة، وقمت بحملها فوق ظهري كي أنجو بها هي وأطفالي من الحريق الذي نشب في بيتي، فقد استطاعوا كسر الباب الرئيسي والدخول، ولكن بعض المسلمين وقفوا أمامهم فلم يستطيعوا سرقة أي من الممتلكات، ولكني اضطررت الذهاب إلى بيت والدي في الناحية الغربية، والتي كان يحميها عائلة “,”الغتايتة“,”، وهي عائلة مسلمة كبيرة لا يستطيع أحد من البلطجية الوقوف أمامها، والكثير من المسلمين عرضوا عليه أن أجلس في منازلهم الخالية ولكنى رفضت وشكرتهم وفضلت الجلوس بجانب أبى“,”. حين سألته عمَّا إذا كان قد دفع إتاوة كما يدَّعِي البعض؟ أجاب مرتبكًا بعض الشيء: “,”لا مش كل الناس، أنا مادفعتش بس فيه غيرى دفع“,”. البلطجية معرفون قاطع الحديث محمد، أحد سكان دلجا قائلا: “,”يا أستاذ نحن في دلجا، عائلات ولكل عائلة كبيرها، ولا يستطيع أي بلطجي أن يسطو على شخص من عائلة أخرى، وكل ما حدث ليس له أساس من الصحة، مثلما قال أبونا أيوب في التلفزيون، أن 150 عائلة تم تهجيرها وسرقتها، وهذا لم يحدث فالعدد الحقيقي لم يتعدى 13 عائلة، ولكنه يهول في الأحداث لمصلحة الكثيرين، ولتنفيذ ما يتمناه الكثيرون“,”. قاطعه هاني، قائلا “,” أبونا أيوب لم يكذب، وهذا ما حدث بالفعل، وأنا كنت ممن دفعوا إتاوات، ولكن لا أستطيع أن أقول على أسمائهم خوفًا منهم، والجميع في البلد يعرفهم بالأسماء، ولكن نحن المسيحيون لا نستطيع أن نتحدث بنصف كلمة. “,” وأكمل قائلا: “,” دفع الكثيرون دية، واستطاع هؤلاء كسر نفوسنا، فنحن الآن بلا كرامة، وأصبحت أنا وغيري نخشى الخروج من بيوتنا، كي لا ندفع الثمن مرة أخرى ولا نخرج إلا للضرورة القصوى “,” . فرحة بالجيش لم يعترض أحد الركاب على وجود الجيش والشرطة بعد تحرير القرية، لكن قالوا أن: “,”القوات تطبق قرار حظر التجول بصرامة شديدة“,”. وأكد محمود: “,”أن بعض الأشخاص أصبحوا غير قادرين على ري أراضيهم بسبب إغلاق الجيش جميع المداخل والمخارج المؤدية للقرية“,”. لكن الجميع أكد على فرحته بوجود الجيش، واستيائهم في الوقت نفسه من الشدة في تطبيق القرارات، مؤكدين على وقوف حالهم، فالبلد تعتمد على التجارة، ومنذ تلك الأحداث والجميع في حالة ضيق وتعسر مالي بسبب وقف أحوالهم وتجارتهم. البحث عن عمل تطرق الحديث إلى حالتهم المادية حين سألت أحمد، عن سبب خروجه في هذا التوقيت؟ فقد قال: “,” أنا خريج كلية الآداب تركت أهلي وأعمل في الإسكندرية بسبب ندرة العمل هنا، ولكن ما زلت أجوب المصالح الحكومية بالمنيا على مدار يومين للبحث عن وظيفة في الحكومة، عمل ثابت، فقد تقدمت في العمر ولا أجد من الدولة أية مساعدة، القصة في بلدنا سببها الجهل والفقر، فالمسيحيون يذهبون إلى الكنيسة عند حاجتهم إلى المال، أما نحن المسلمين فإلى من نذهب؟ فالأزهر لا يعولنا أبدا “,” . واستطرد قائلا :“,”ليس من حقك أن تسأل من أين أتى البلطجية؟ من قبل أن تسأل عن كيفية حياتهم وتعليمهم ومساعدة الدولة ووقوفها بجانبهم، فأنا أعرف شبابًا تعدت أعمارهم الخامسة والثلاثين ولم يتزوجون إلى الآن، فالحياة هنا لا تحتمل، والقرية مهملة على الرغم من كبر مساحتها التي من الممكن أن تتعدى مركز أبو قرقاص بأكمله، فمن المفترض أن تكون هي مركزا مستقلا بذاتها، وأن تنظر لها الدولة بعين الرأفة قليلا، فمن كان يعرف دلجا، أو يسمع عنها قبل تلك الأحداث؟ فالكثير لم يسمع عن دلجا سوى قرية الإرهاب فقط، والدولة لم تنظر إلينا سوى بعد تلك الأحداث، فقد زادت الكثافة الأمنية بعدما كانت نقطة شرطة واحدة ليس بها سوى ضابط وعدد قليل من الخفراء، هذا كان دعم الشرطة الوحيد لنا، ضابط واحد في بلد يتعدى سكانها المئة الف “,” . ولكن هاني قاطعه قائلا: “,” أنا ذهبت اليوم لأخذ قرض بقيمة عشرين ألف جنيه لأشترى منزلًا جديدًا بعيدًا عن الأحداث، ولم أذهب إلى الكنيسة كما تدعي، فالكنيسة تساعد من لا يستطيع حتى أن يقترض وهذا من حقه. ملجأ البلطجية في الطريق شاهدت قرية تسمى “,”أبو مرجان“,” هي قرية صغيرة في الطريق إلى “,” دلجا “,”، وأكدوا جميعهم على وجود عدد كبير من البلطجية وقيامهم بالكثير من عمليات الخطف والسرقة والنهب في الأيام الماضية، ولكن بعد وجود الجيش، اختفى كل هذا العدد في لحظة، ولكن الخوف من عودتهم بعد رحيل الجيش وعودة الأمور كما كانت عليه من جديد. في غضون ساعة وصلت إلى البوابة التي أغلقت بمدرعات الجيش ولا يستطيع أن يمر أحد دون تفتيش، ومن ثم نزلنا من السيارة لنترصد بكاميرا “,”البوابة نيوز“,” حالة الشارع بالكامل. حماية إسلامية ذهبنا لسماع بعض شهادات المسيحين في شارع “,”محمد“,”، حيث قال أحد المواطنين: “,”إحنا هنا في الشارع خمس بيوت مسيحين، وعيلة العفايفة هما اللي حمونا، هما اللي كانوا بيسهروا بلليل على أول الشارع علشان ماحدش من البلطجية يتهجم علينا وعلى بيوتنا، ذهبت حريمنا إلى بيوتهم واحنا الرجالة كنا معهم بره، بصراحة لولا المسلمين كنا اتقتلنا“,”. قاطعتنا الحديث امرأه محجبة، خرجت من بيتها وكان وجهها محتقنًا، وبصوت عالي وقفت امام الكاميرا وقالت “,”أنا عاوزة أقول حاجه هما بيقولوا اللى بدقون هما إلى سرقوا بس هما مظلومين اللي سرق ونهب دول بلطجية وحرامية ومسيحيين الشارع يشهدوا عاللي أنا بقوله إن كنت كدابة“,” واستطردت قائله: “,”إحكى ليهم يا محمد وقول إن المسلمين مش إرهابين ومالهمش دعوه بالى حصل، وان الإعلام الكداب هو إلى قال عليهم بلطجية وحرامية، عرفهم أننا اللي حمينا بيوت المسيحين دول كلهم وهما كمان يحكوا“,” وأشارت بأصبعها إلى أحد الواقفين بجانبنا وقالت: “,” أسألوه فنحن من قمنا بأخذ مواشيه إلى زريبتنا لحمايتها من تلك الأحداث، ووضعت مع مواشينا دون تفرقه، وهذه المرة أنا من قمت بحمايتها شخصيا ومساعدتها في القفز من السلم إلى السطوح حتى تحتمى ببيتى، فكل ما قيل بالإعلام كذب ونحن هنا في تلك الناحية كمسلمين قمنا بحمايتهم والمسلمون أكثر شرف مما يقال عليهم في كل مكان “,” خرج على صوتها نساء من عدة البيوت مجاورة والتفوا حولنا، البعض منهمكًا، مؤكدين على ما قالت، ولكنها لم ترضَ وذهبت بنا إلى الباب الوحيد المغلق في الشارع، وظلت تنادى إلى أن خرجت منه المرأة المسيحية التي احتمت في بيتها وطلبت منها أن تحكى لنا ما حدث حتى تبرأ الإسلام والمسلمين مما يقال. وقد أفادت تلك المرأة قائله “,”حاولوا يتهجموا على أنا وبناتي، بس هيه إلي حمتنا ونطتتني من السلم وحمتنى، لولا هيه كان ممكن يقتلونا“,” مسلم -مسيحي وأفادت بنت الراهب أنطون أحد رعاة الكنيسة بأنطون “,” أن علاقة المسلمين والمسيحين بالبلد لا يشوبها أي شائب ومن قام بحمايتها هم المسلمون من العفايفة، والحاج صلاح، وبعض الأسماء الأخرى، والتي كلها مسلمون، وقالت لنا أيضا أن المسلمين هم أشقاء ويعيشون منذ زمن دون أية تفرقه بين مسيحي ولا مسلم، فالجميع أخوة وأبناء لهذه القرية ولا يعرف المسيحي من المسلم، إلا وقت الصلاه“,” وأعرب جميعهم عن حبهم للجيش وأشادوا بالأمان في وجوده ولكن كانت هناك بعض الأشخاص الذين استاءوا من طريقة التعامل معهم، فمنهم من ستموت أرضه لأنه غير قادر على سقايتها، ومنهم من تعطلت أحوال تجارته، وليس لديه أي مصدر رزق آخر، ووقفت البلد ما بين مؤيد لوجود الجيش وما بين معارض لذلك الاحتلال على حد وصفهم.