المستفيدون.. أصحاب الفراشة والبلطجية والمقاهي والمطابع وشركات الحراسة وتنظيم المؤتمرات و«الهتيفة» و«مطلقو الشائعات» كما ينتظر السياسيون والأحزاب، الانتخابات البرلمانية، لتحقيق مكاسب سياسية، والدخول تحت القبة، والحصول على حصانة، يتلهف الآلاف من المصريين، على هذه الانتخابات لا لتحقيق مكسب سياسى، ولكن لتحقيق أكبر مكسب مادي، حيث يعد موسم الانتخابات بالنسبة لهم، «بيزنس» يحققون من خلاله مليارات الجنيهات، فعندما تشتد وتيرة المعركة، يبدأ أصحاب الفراشة، والبلطجية، والمقاهى، والمطابع، وشركات الحراسة، وشركات تنظيم المؤتمرات، فضلًا عن فئات أخرى ك«الهتيفة»، و«مطلقى الشائعات»، فى عرض بضائعهم، ومهاراتهم، وإمكاناتهم أمام المرشحين، لإيصالهم للبرلمان، وهو مايرفع سقف الإنفاق على هذه الانتخابات إلى 10 مليارات جنيه حسب مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، فيما أوصلها خبراء اقتصاديون آخرون إلى 37 مليار جنيه. وكشف تقرير حديث لمركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، عن أن إجمالى الإنفاق على الانتخابات البرلمانية، من قبل المرشحين فى الدعاية، يتراوح من 7 إلى 10 مليارات جنيه، هذا بخلاف إنفاق تأمين الانتخابات من قبل الشرطة والجيش، وأجهزة الدولة الأخري. وأرجع التقرير ارتفاع تكلفة الانتخابات إلى العديد من الأسباب متمثلة فى تأمين الانتخابات من جانب الشرطة والجيش، نظرًا لنمو ونشاط الحركات الإرهابية خلال الفترة الماضية، ما يستدعى زيادة التأمين وزيادة الحراسات، إلى جانب عدم وجود مجلس الشورى، وفقًا للدستور الجديد ما يجعل المنافسة على انتخابات مجلس النواب تشتد، كما أن زيادة عدد المرشحين يفتح الباب للمنافسة، وزيادة حجم الدعاية والإنفاق على الدعاية لجذب الانتباه. وقال الدكتور عبدالمنعم السيد، معد التقرير، إن السماح لدخول أعضاء الحزب الوطنى السابق، فى الانتخابات سيشعل نار المنافسة بين المرشحين خاصة فى الأقاليم والدخول فى منافسات ومناظرات خاصة لم يتميز به أعضاء مجلس النواب بالخبرة والدراية بما يجرى فى الانتخابات. وأشار إلى أن هناك إلزام مرشحى مجلس النواب بعمل فحوصات طبية بمبلغ 4 آلاف جنيه، لكل مرشح، إضافة إلى تأمين انتخابات بمقدار 3000 جنيه لكل مرشح، أى أن تكلفة التقديم تصل ل 7000 جنيه، لكل مرشح، وهى لم تكن موجودة فى الانتخابات السابقة، وذلك فى ظل ارتفاع أسعار الدعاية والإعلان، متوقعًا أن تزيد معدلات وقيم الإنفاق لتصل إلى مليون جنيه، أو أكثر، وقد تصل مع بعض الأشخاص لأكثر من ذلك بكثير وتتجاوز 10 ملايين جنيه. ويقول الدكتور صلاح زيدان، الخبير الاقتصادي، إن مرشحى مجلس الشعب، يستخدمون العديد من الأسلحة لخوض الانتخابات، أهمها ما يعرف بمحترفى الانتخابات، الذين ينقسمون إلى عدة فئات، منهم من يقوم بحماية الدعاية الانتخابية لمرشح بعينه، ومنهم «الهتيفة»، الذين يهتفون باسم المرشح وتاريخه، وخدماته، ومنهم من يقوم بإطلاق الشائعات ضد المرشح المنافس، وكما يخوض مرشح الانتخابات، بهدف الحصول على عضوية البرلمان، يخوض آخرون العملية الانتخابية، وهدفهم الحصول على مبلغ مالى للتنازل، وهو ما يطلق عليه المرشح التجارى. ويقول «مصطفي. ا»، «جزار» بالهرم، إن هناك بعض المرشحين لانتخابات مجلس الشعب، دفعوا له مبالغ مالية، لشراء «عجول»، على أن يقوم بذبحها وتوزيعها على أهالى الدائرة. وأضاف «فيصل. م»، «تاجر جملة» ل«البوابة» أن بعض المرشحين طلبوا منه توزيع «شنط» للفقراء، تحتوى زيت وسكر وسمن وأرز وصلصة، قبل وخلال الإنتخابات. وأكد «زكريا. س» خطاط، أن الانتخابات تعد موسمًا مهمًا للخطاطين، وذلك رغم ظهور الطباعات الحديثة، والكمبيوتر، لعمل اللافتات «القماش» للمرشحين. وأضاف ل«البوابة» أن تكلفة اللافتة القماش يتراوح سعرها من 50 إلى 100 جنيه، مؤكدًا أن الانتخابات مصدر رزق كبير لنا، وأن كل مرشح يطبع حسب إمكاناته، فمثلا المرشح ذو الإمكانات المتوسطة يقوم بطبع 10 آلاف بوستر 4 ألوان، بتكلفة 2000 جنيه، و 1000 لافتة قماش، يطبع عليها اسمه واسم عائلته، ولكن المرشح الأعلى فى المستوى المادي، يطبع لافتات «اللاينر»، وعليها اسمه وصورته. وجرت العادة أن تتم الاستعانة بعدد من البلطجية، والمسجلين خطر، خلال العملية الانتخابية، لصالح بعض المرشحين، الذين يعتقدون أن هذا الأمر قد يساعدهم فى التصدى لأي محاولات يقوم بها الخصوم، وفى المقابل يوجد ترحيب شديد، من جانب البلطجية والمسجلين، وكذلك أفراد وشركات الحراسة، على القيام بهذه المهمة نظرًا لأنهم يحصلون على مبالغ مالية كبيرة من المرشحين، نتيجة القيام بهذه الأعمال، حيث تتراوح «يومية» هؤلاء الأفراد، من 500 إلى 1000 جنيه، فيما يحصل قدامى البلطجية على مبالغ خيالية من المرشحين، مقابل استقدام البلطجية والمسجلين لكل مرشح. وينقسم البلطجية الذين يتعاملون مع المرشح إلى نوعين، الأول يكون مع المرشح قبل الانتخابات بفترة زمنية كبيرة، أما النوع الثانى فهم الفريق الذى يتم الاتفاق معهم فى الوقت الساخن للانتخابات. وقال عوض الفيومي، منسق دعاية انتخابية، إن المرشحين يبحثون عنهم قبل الانتخابات بفترة طويلة، حيث يطلب المرشح الدعاية الانتخابية له، وتأمين موكبه، وإطلاق الشائعات لصالحه، ضد المرشح المنافس، لتشويه صورته فى الدائرة، لافتًا إلى أن البلطجية ليسوا مع مرشح واحد، وإنما انتماؤهم لمن يدفع أموالًا أكثر. فيما قال «مرتضى. س»، تاجر سيارات، إن هناك نوعين من البيزنس، الأول بين المرشح والناخب، وهو شراء الأصوات مقابل مبلغ مالى يتراوح ما بين 100 إلى 500 جنيه، والنوع الثانى، وهو بيزنس المصالح المتبادلة، وتكون بين المرشح ومفاتيح الدائرة، وهم مجموعة من الأشخاص تتحكم فى أعداد هائلة من الأصوات. يأتى ذلك فيما كشف الدكتور عادل عامر، مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية، عن إجمالى تكلفة الانتخابات البرلمانية المقبلة، والتى ستبلغ نحو مليارى جنيه و600 مليون جنيه من خلال ميزانية الدولة على تجهيزات العملية الانتخابية ومكافأتها والمشرفين، بخلاف أن تكلفة المرشحين لهذه الانتخابات قد تصل إلى أكثر من 37 مليار جنيه، لافتًا إلى أن المرشحين لن يلتزموا بالحد الأقصى للدعاية الذى حددته اللجنة العليا للانتخابات بمليون جنيه.