مع بداية العد التنازلى للانتخابات البرلمانية - التى تعد الأهم فى السنوات الأخيرة - تشتد وتيرة المعركة وتظهر الأساليب الدعائية المشروعة وغير المشروعة ، للنيل من المرشح المنافس والحصول على أكبر قدر من الأصوات، وفى الوقت الذى يعتبر البعض الانتخابات مجرد لعبة سياسية، يراها آخرون «بزنس» وموسما مهما يستفيد منه أصحاب الفراشة والبلطجية والمقاهى والمطابع بالإضافة إلى فئات أخرى ليسوا أصحاب مهن مثل الهتيفة، لكن يصبح وجودهم ضروريا ومفيدا للغاية ويلعبون دورا كبيرا فى الانتخابات، وهناك أيضا مطلقو الشائعات ومن يسمى ب «مفتاح الدائرة»، وهو الشخص الذى يسيطر على عدد كبير من الأصوات. دائرة المستفيدين من الانتخابات البرلمانية تحتوى العديد من المفاجآت والكواليس والأسرار التى لا يعرفها الناخب صاحب النوايا الحسنة الذى يريد انتخاب مرشح يثق فى برنامجه ، فمثلا قليل من المواطنين يخفى عليهم أن أئمة المساجد يلعبون دوراً بارزا فى صعود سهم مرشح وهبوط آخر عن طريق الدعاية له من على المنبر. يستخدم المرشحون لعضوية مجلس الشعب العديد من الأسلحة لخوض الانتخابات، أهمها البطانة الذين ينقسمون إلى عدة فئات، فمجموعة تقوم بحماية الدعاية الانتخابية لمرشح، ومجموعة تهتف له، ومجموعة تقوم بإطلاق الشائعات ضد المرشح المنافس، وكما يخوض مرشح الانتخابات وهدفه الجلوس تحت قبة البرلمان يخوض مرشح آخر العملية الانتخابية وهدفه الحصول على مبلغ مالى للتنازل، وهو ما يطلق عليه المرشح التجارى. «أكتوبر» التقت بالعديد من أصحاب المهن ومنسقى الدعاية الانتخابية للدخول فى عالم بيزنس الانتخابات، حيث التقينا بأحد الجزارين ويدعى جمال عبد الهادي الذى أكد أن هناك بعض المرشحين لانتخابات مجلس الشعب يقوم بدفع مبلغ مالى للجزار لشراء «عجل»، ويقوم بذبحه وتوزيعه على أهالى الدائرة، وأضاف أن المرشح من الممكن أن يفعل أى شىء، فمثلاً يتعامل مع تجار المواد الغذائية لتوزيع شنطة للفقراء التى تحتوى على الزيت وسكر وسمن وأرز وصلصة. ومن جانبه أكد علاء عبد النعيم أحد الخطاطين أن الانتخابات تعد موسما رغم ظهور الطباعات الحديثة إلا أن الإقبال يكون على عمل اللافتات القماش. وأضاف أن تكلفة اللافتة القماش يتراوح سعرها من 25 إلى 60 جنيهاً فتكلفة المتر الواحد تبلغ نحو 9 جنيهات. كما التقينا بأحد أصحاب المطابع ويدعى حسام عبد الحميد حيث أكد أن الانتخابات تعد موسما يأتى كل خمسة أعوام، لافتاً إلى أن كل مرشح يطبع حسب إمكاناته فمثلا المرشح ذو الإمكانات المتوسطة يقوم بطبع 5 آلاف بوستر 4 ألون، بتكلفة 1500 جنيه، ويطبع 000 10 إمساكية بتكلفة 700 جنيه، و 100 لافتة قماش يطبع عليها اسمه واسم عائلة مشهورة بتكلفة 2500 جنيه. وأضاف أنه ظهر حديثاً لافتات اللاينر عليها اسم المرشح وصورته، ويتراوح سعر اللافتة ما بين 120 إلى 150 جنيهاً، ويكون ذلك وفق المقاس. وأشار إلى أنه يتم طباعة اسم المرشح على العديد من الأدوات مثل الكراسات والكشاكيل والأقلام والولاعات والاجندات وال تى شيرتات والنتائج السنوية والشنط، مضيفاً أن المرشح يقوم بالتعامل مع جميع المطابع داخل حدود الدائرة لكسب أصوات الجميع. ومن جانبه أكد محمد الفشنى محام ، أنه جرت العادة أن يتم الاستعانة بعدد من البلطجية والمسجلين خطر خلال العملية الانتخابية، معتقدين أن هذا الأمر قد يساعدهم فى التصدى لأية محاولات يقوم بها الخصوم، فيما يعتقد مرشح آخر أن ظهوره وسط هذه الحراسة من البلطجية وبخاصة المتدربين فى صالات الجيم أصحاب العضلات المفتولة هو نوع من الوجاهة الاجتماعية وجذب الأنصار. وأشار إلى أنه فى المقابل نجد أن هناك ترحيبا شديدا من جانب البلطجية والمسجلين، وكذلك أفراد الحراسة على القيام بهذه المهنة نظراً لأنهم يحصلون على مبالغ مالية كبيرة من المرشحين، نتيجة القيام بهذه الأعمال التى تتناسب تماما مع طبيعتهم الإجرامية، حيث تصل يومية أقل هؤلاء الإفراد إجراماً إلى 100 جنيه، فيما يحصل بعض الكبار عتاة المجرمين على نحو 200 جنيه يومياً، فيما يبلغ بعض قدامى البلطجية على مبالغ خيالية من المرشحين، مقابل استقدام البلطجية والمسجلين لكل مرشح. ويقول نصر جارد أحد البودى جاردات والمتمرس في عمليات الانتخابات في الدورات السابقة قال: «إن المرشح يتفق مع مجموعة منا عن طريق كبيرنا ويدفع له مبلغا ماليا كبيرا، مقابل أعمال منها تقطيع بوسترات وصور المرشح المنافس الآخر، والتشويش على أنصاره، وافتعال المشاجرات، وإطلاق الشائعات والتحرش بأنصار المرشح الآخر». وأوضح أن البلطجية الذين يتعاملون مع المرشح نوعان، الأول يكون مع المرشح قبل الانتخابات بفترة زمنية كبيرة، أما النوع الثانى هم الفريق الذى يتم الاتفاق معهم فى الوقت الساخن للانتخابات». لكن هذا الموسم اختلف عن السنوات السابقة. ومن جانبه أكد سعيد الشربيني منسق دعاية انتخابية ويعمل بهذه المهنة منذ 20 عاما أن المرشحين يبحثون عنا قبل الانتخابات بشهرين، مضيفاً أن المرشح يطلب حماية الدعاية الانتخابية له وتأمين موكبه وإطلاق الشائعات ضد المرشح المنافس لتشويه صورته فى الدائرة، لافتاً إلى أن البلطجية ليسوا مع مرشح واحد وإنما انتماؤهم مع الذى يدفع أموالا أكثر. وأضاف ابراهيم عبدالرحمن أحد الذين تركوا هذه المهنة واتجه لعمل آخر أن البلطجية يلعبون دورا فى تعريف المرشح على كبار العائلات، للحصول على أكبر عدد من الأصوات، ومن جانبه أكد سيد عبد العاطي صاحب محل فراشة أن المرشح يأتى لنا بتصريح من الحى، فنقوم بوضع الفراشة فى الأماكن التى يحددها المرشح وهو الذى يتحمل ضياع أى معدات لنا. وعن كواليس بيزنس الانتخابات أكد محمد جاد تاجر سيارات و أحد المتابعين للعبة الانتخابات بدائرة الجيزة، أن هناك نوعين من البيزنس، الأول بين المرشح والناخب ، وهو شراء الأصوات مقابل مبلغ مالى يتراوح ما بين 100 إلى 500 جنيه، والنوع الثانى وهو بيزنس المصالح المتبادلة، وتكون بين المرشح ومفاتيح الدائرة، وهم مجموعة من الأشخاص تتحكم فى أعداد هائلة من الأصوات.