على طريقة هابيل وقابيل، قتل الشقيق شقيقه، إثر مشادة بينهما تطورت إلى مشاجرة وانتهت بأن استل أحدهما سكينًا ليقتل الآخر أمام والدهما.. الجريمة التى حدثت فى منطقة الجبل الأصفر، بدائرة قسم شرطة الخانكة، أصابت جميع الجيران بالذهول، فيما كان الأب نفسه ضحية أيضا، وقد شهد نهاية نجليه أمام عينيه قبل أن يترك لهما قطعة أرض ليرثاها، وقد كان الطمع هو سبب كل ما حدث. التقينا الأب المكلوم، والد الجانى والمجنى عليه، وهو الحاج محمود، 65 عاما، فقال لنا وهو يغالب دموعه: «لا أصدق ما حدث، وما زلت أظن أننى فى حلم، لا بل كابوس، يا ليتنى مت قبل هذا اليوم، ولم أشاهدهما يقتتلان فيسقط أحدهما صريعا ويصبح الثانى متهما بالقتل، كل ذلك من أجل الطين الذى أرادا أن يرثاه فى حياتى، وقد أصابهما الطمع، رغم أنى قلت لهما اصبرا إلى أن يتوفانى الله، وقد بقى فى عمرى القليل، لكنهما تعجلا فكانت إرادة الله أكثر سرعة من إرادتهما، فحدث ما حدث رغم أنى لم أبخل عليهما بشيء طوال عمرى. ولكن ماذا أفعل للطمع». ويضيف الأب وهو يغالب دموعه «شريط الواقعة يمر أمام عينى ولا أستطيع أن أنساه، فقد فقدت نجلىَّ الاثنين مرة واحدة.. بعدما قتل أحدهما الثانى، لكن القتيل ارتاح.. أما القاتل الثانى فلن يرتاح حتى يموت هو الآخر». وأضاف الحاج محمود، الأب المكلوم «لو أعرف أن المال سيفعل هذا بين الأشقاء، ما كنت حرصت عليه طيلة حياتى، ولا حرصت على أن أجمعه لأتركه لهما، ليعينهما على أمر الدنيا، فلقد كان المال هو اللعنة التى جعلتنى أخسرهما أمام عينى». ويتابع «الضنا أغلى من كنوز الدنيا، وأنا فقدت نجلىَّ قبل أن أموت، ولن يرثانى حيا أو ميتا، بل تركانى أنا وقد ورثت عنهما عذابا لا ينتهى بفقدهما سويا». صمت الأب عن الكلام، وبينما تخرج منه بعض الكلمات غير المفهومة، تدخل بعض الحاضرين فى الحديث، وقال لنا أحدهم: «اتركوه لحاله فهو الآن فى حالة يرثى لها». حقيقة وتفاصيل ما حدث يوم الواقعة كان مؤلما جدا، وقد رواه لنا بالتفصيل أحد الجيران قائلا: «سمعنا صوت مشاجرة فى منزل الحاج محمود، بين نجليه، فحاولنا التدخل لفض المشاجرة، حيث صعدنا لتهدئة ابنيه، خصوصا أن الأب رجل مسن لا حول له ولا قوة، لكن القدر كان أقوى منا، ولم نستطع فعل شىء عندما وجدنا فتحى يسحب سكينا من المطبخ، ويتجه نحو أخيه صارخا، وبينما كان شيطان الغضب يسيطر عليه، لم نشعر إلا وهو قد طعن شقيقه بالسكين عدة طعنات نافذة، فسقط شقيقه على الأرض غارقا فى دمائه، وتعالت الأصوات، فتجمع على أثرها كل الجيران فى الشارع وطلبنا الإسعاف فى محاولة منا لإنقاذ الضحية. لكن عندما توجهنا به إلى المستشفى كان قد أصبح جثة هامدة وفارقت روحه جسده». يضيف جار الجانى والضحية «كان مشهدا صعبا ومؤلما جدا، ولم نكن نعرف ماذا سنفعل من أثر الصدمة. وقد علمنا أن سبب المشاجرة هو أن الشقيقين طلبا من والدهما تقسيم قطعة الأرض التى يملكها بينهما قبل وفاته، لكن أحدهما طمع فى نصيب الآخر، واحتد بينهما النقاش وتطور إلى مشادة تطورت بدورها إلى مشاجرة بينهما، انتهت بأن توجه القاتل إلى مطبخ الشقة واستل سكينا بنصل حاد، وطعن به شقيقه القتيل». وتابع الجار «عندما توجهنا إلى مركز قسم شرطة الخانكة، وجدنا المستشفى قد أبلغ قسم الشرطة بالحادثة، حيث أبلغنا رئيس المباحث، المقدم ناجى عبدالعزيز، أنه بالفعل تلقى بلاغًا يفيد بوصول شخص إلى مستشفى الخانكة مصابا بعدة طعنات نافذة بالصدر، ويدعى سعيد محمود فتحى، 28 عاما»، وعلى الفور انتقل معنا إلى مكان الحادث بالجبل الأصفر أمام الوحدة الصحية، حيث تبين له أن الجانى يدعى فتحى محمود فتحى، 31 عاما، هو شقيق المجنى عليه، فتحرر محضر برقم 9779 إدارى مركز الخانكة، وجار عرض المتهم على النيابة العامة لمباشرة التحقيق.