تسليم أوراق امتحانات الثانوية والقراءات بمنطقة الإسكندرية الأزهرية    شعبة السيارات: التجار أكثر ناس تضررت من ارتفاع الأسعار..المبيعات تراجعت 90%    14 مليار دولار في طريقها إلى مصر بسبب رأس الحكمة    حزب الله اللبناني يقصف إسرائيل بالصواريخ الموجهة    اشتباكات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي غرب رام الله    روسيا: مصير زيلينسكي محدد سلفا بوضوح    السفير الروسي: انضمام مصر للبريكس مهم جدا للمنظمة    الدوري الإنجليزي.. تشيلسي يحول تأخره بهدفين أمام أستون فيلا لتعادل 2-2    روما × نابولي.. مواعيد مباريات اليوم الأحد 28- 4- 2024 في الدوري الإيطالي    عاجل| مفاجأة كبرى في أزمة حسام حسن وصلاح.. والده رفض الصلح    غدا.. محاكمة عاطل متهم بإنهاء حياة عامل في الحوامدية    مصرع شاب صدمه قطار أثناء عبوره مزلقان بقليوب    رحلة صد رد للإسكندرية.. السكة الحديد تطلق قطارًا للاحتفال بشم النسيم    فضل الصلاة على النبي.. أفضل الصيغ لها    25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل عن 65 عاما    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير.. أسعار الذهب اليوم الأحد 28 إبريل 2024 بالصاغة    فكري صالح: الزمالك قادر على تخطي دريمز والتأهل لنهائي الكونفدرالية    أمطار رعدية على هذه المناطق.. بيان عاجل من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم (لا تنخدعوا)    بالأسماء.. مصرع 5 أشخاص وإصابة 8 في حادث تصادم بالدقهلية    حسام البدري: أنا أفضل من كولر وموسيماني.. ولم أحصل على فرصتي مع منتخب مصر    هيئة كبار العلماء السعودية تحذر الحجاج من ارتكاب هذا الفعل: فاعله مذنب (تفاصيل)    بعد التراجع الأخير.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 28 أبريل 2024 بالأسواق    هل مرض الكبد وراثي؟.. اتخذ الاحتياطات اللازمة    لأول مرة بالمهرجانات المصرية.. "الإسكندرية للفيلم القصير" يعرض أفلام سينما المكفوفين    حسام غالي: كوبر كان يقول لنا "الأهلي يفوز بالحكام ولو دربت ضدكم (هقطعكم)"    نصف تتويج.. عودة باريس بالتعادل لا تكفي لحسم اللقب ولكن    ملف يلا كورة.. أزمة صلاح وكلوب.. رسالة محمد عبدالمنعم.. واستبعاد شيكابالا    اليوم، أولى جلسات دعوى إلغاء ترخيص مدرسة ران الألمانية بسبب تدريس المثلية الجنسية    بشرى للموظفين.. 4 أيام إجازة مدفوعة الأجر    العالم الهولندي يحذر من زلزال قوي خلال 48 ساعة ويكشف عن مكانه    حزب الله يعلن استهداف إسرائيل بمسيرات انقضاضية وصواريخ موجهة ردا على قصف منازل مدنية    الإثنين.. وزير الخارجية الأمريكي يزور السعودية لمناقشة وقف إطلاق النار بغزة    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بالمنيا    أول تعليق من الأزهر على جريمة طفل شبرا    «مينفعش نكون بنستورد لحوم ونصدر!».. شعبة القصابين تطالب بوقف التصدير للدول العربية    وفاة الفنان العراقي عامر جهاد    عمرو أديب: مصر تستفيد من وجود اللاجئين الأجانب على أرضها    غادة إبراهيم بعد توقفها 7 سنوات عن العمل: «عايشة من خير والدي» (خاص)    نيكول سابا تحيي حفلا غنائيا بنادي وادي دجلة بهذا الموعد    الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري للبيع والشراء اليوم الأحد 28 إبريل 2024 (آخر تحديث)    تحولات الطاقة: نحو مستقبل أكثر استدامة وفاعلية    ما حكم سجود التلاوة في أوقات النهي؟.. دار الإفتاء تجيب    متحدث الكنيسة: الصلاة في أسبوع الآلام لها خصوصية شديدة ونتخلى عن أمور دنيوية    الأردن تصدر طوابعًا عن أحداث محاكمة وصلب السيد المسيح    هل يمكن لجسمك أن يقول «لا مزيد من الحديد»؟    دهاء أنور السادات واستراتيجية التعالي.. ماذا قال عنه كيسنجر؟    السيسي لا يرحم الموتى ولا الأحياء..مشروع قانون الجبانات الجديد استنزاف ونهب للمصريين    «الأزهر للفتاوى الإلكترونية»: دخول المواقع المعنية بصناعة الجريمة حرام    أناقة وجمال.. إيمان عز الدين تخطف قلوب متابعيها    23 أكتوبر.. انطلاق مهرجان مالمو الدولي للعود والأغنية العربية    ضبط وتحرير 10 محاضر تموينية خلال حملات مكبرة بالعريش    ما هي أبرز علامات وأعراض ضربة الشمس؟    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من الإصابة بهذا المرض    " يكلموني" لرامي جمال تتخطى النصف مليون مشاهدة    رئيس جامعة أسيوط يشارك اجتماع المجلس الأعلى للجامعات بالجامعة المصرية اليابانية للعلوم    شرايين الحياة إلى سيناء    أمين صندوق «الأطباء» يعلن تفاصيل جهود تطوير أندية النقابة (تفاصيل)    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز أداء الحج دون الحصول على تصريح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"جيتو الإخوان" في ناهيا المحتلة
نشر في البوابة يوم 27 - 09 - 2015

تخضع لسيطرة 15 عائلة كبرى أشهرها «الزمر» و«الصيرفى» و«شحاتة».. وأسرة «الإخواني» عبدالمجيد عمران تمول الإرهاب بمعاونة «عناصر مأجورة»
هنا ناهيا.. المنسية من الحكومة والحاضرة فى صدارة المشهد الصاخب.. هى القرية التى تدفع ثمن خطايا وجرائم بعض أبنائها المنتمين للإخوان والجماعة الإسلامية.. هنا مسقط رأس عبود الزمر وابن خالته طارق الزمر، الهارب فى إسطنبول، وعصام العريان المحكوم عليه بالإعدام فى قضية غرفة عمليات «رابعة»، ولاعب الكرة الشهير محمد أبوتريكة وعبدالمجيد عمران الهارب فى تركيا ونجله أنس المحكوم عليه بالإعدام وبعض المطلوبين فى القضايا التى هزت مصر بداية من اغتيال ضباط الشرطة بقسم كرداسة، وليس آخرها التفجيرات التى استهدفت الكمائن.
مجرد التفكير فى الذهاب إلى ناهيا مغامرة محفوفة بالمخاطر أو هكذا كنا نتصور، فكل المعلومات التى يتم تداولها عن القرية تقود إلى إعادة التفكير فى الأمر مرة أخرى، فقبل عامين تم استهداف قسم الشرطة من قبل مسيرات التنظيمات الإرهابية المسلحة، وما تنقله وسائل الإعلام عن القرية من مسيرات وتفجيرات إرهابية وغير ذلك من الأمور التى تهدد استقرار الدولة يوحى بأنك مقبل على وكر للتنظيمات المتطرفة التى تورطت عناصرها فى العديد من الأحداث الإرهابية بطول البلاد وعرضها، ورغم كل المحاذير وما أكثرها فإن «البوابة» خاضت التجربة للوقوف على حقيقة ما يجرى على أرض الواقع.
الطريق إلى القرية يمر ب«كرداسة» الملاصقة لها وهذه المدينة لها قصة أخرى، فهى التى شهدت فى أعقاب فض اعتصامى رابعة والنهضة جريمة إرهابية بشعة، حيث تم تفجير قسم الشرطة وقتل 11 من رجال الأمن به.. 8 كيلو مترات تفصل «ناهيا» عن هضبة الهرم، ويحدها من الشمال قريتا كومبرة وكفر حكيم، ومن الجنوب كرداسة وصفط اللبن، ومن جهة الغرب قرية بنى مجدول، ومن الناحية الشرقية كفر برك الخيام.
قرية المتناقضات
فى الطريق إلى ناهيا تلمح أولى علامات التناقض بين السيارات الملاكى الفارهة التى يقودها بعض السكان وبين الميكروباص الذى أنهكته المطبات وعشوائية القيادة، والأخير هو وسيلة الانتقال الأكثر شيوعًا بين سكان المنطقة وهو يربطهم بالطريق الدائرى وبمنطقة «بولاق الدكرور» و«أرض اللواء».
ما أن تصل أطراف القرية حتى تشعرك أكوام القمامة التى تفضح عجز الأجهزة المحلية والتنفيذية وتقاعسها، بأنك على مشارف منطقة تعج بالأمراض والأوبئة، القمامة هنا فى كل مكان، فاضت بها الشوارع فاستقبلتها ترعة المريوطية التى تفصل بين القرية وزمام الأراضى الزراعية بها، وعلى هذه القمامة يتربى آلاف الحشرات والكلاب الضالة.
الطابع الريفى يطل عليك من كل التفاصيل بداية من الطرقات الضيقة غير الممهدة أو فى سلوكيات السكان أنفسهم، فهم يتمسكون بريفيتهم سواء فى شكل السكن أو فى طبيعة العلاقات فيما بينهم أو حتى فى زيهم، فبرغم أن القرية تقع بالقرب من العاصمة تجد الرجال يرتدون الجلباب البلدى والنساء ترتدين العباءات.
الأهالى يتخلصون من المخلفات بإلقائها فى الترعة التى تحتضن القرية وتفصل المنطقة السكنية فيها عن زمام أراضيها الزراعية الذى يبلغ 4 آلاف فدان، تنتج الخضروات التى تباع فى أسواق القاهرة الكبرى، وتعتبر النشاط الرئيس لكثير من سكان المنطقة.. الزمام تقلصت مساحته بسبب إقامة المبانى التى شكلت تجمعًا سكانيًا جديدًا من الأهالى بفعل تجريف الأراضى الزراعية قبل عدة سنوات لصناعة الطوب واستخدامه فى البناء.
رغم الثراء الشديد الذى يتمتع به بعض الأهالى المنتمين لعائلات كبيرة فإن الكثيرين من أبناء القرية تكسوهم ملامح الفقر المدقع، وهو ما ينعكس على التفاوت الهائل فى المستوى الاجتماعى والاقتصادى بين الأهالى، وتعد منطقة السهراية ب«ناهيا البلد»، من أكثر المناطق العشوائية التى يعانى سكانها صعوبة الحياة فشوارعها ضيقة، أما البيوت فحدث عنها ولا حرج، معظمها مكون من طابق أو طابقين على الأكثر، جميع المنازل مبنية بالطوب اللبن إلا القليل منها جرى هدمه وإعادة بنائه بالطوب الأحمر والأسمنت.
خريطة العائلات
خريطة العائلات هنا تعكسها طبيعة المبانى السكنية فيها، فالمبانى الفخمة على الطريق الرئيسى تدل على ثراء شريحة كبيرة من السكان المنتمين لعدة عائلات كبيرة «تضم المنطقة نحو 15 عائلة شهيرة»، أشهرها تاريخيا وأكثرها عددًا عائلات «الزمر، شحاتة، زيادة، عبدالشافى، الصيرفى» باعتبارهم يمتلكون نفوذًا سياسيًا واجتماعيًا سواء داخل القرية عن طريق المصاهرات التى تربط بينهم جميعا أو من خلال فروع عائلاتهم المنتشرة فى القرى المجاورة مثل «كفر حكيم، بنى مجدول، أبورواش، المنصورية».
بعض العائلات هنا غير كبيرة عدديًا ولا ممتدة جغرافيا لكنها اكتسبت عقب وصول الإخوان للسلطة شهرة واسعة مثل عائلة «العريان» التى ينتمى إليها القيادى الإخوانى «عصام العريان» المحكوم عليه بعدة أحكام فى قضايا إرهابية تراوحت بين الإعدام والمؤبد، بعض العائلات لا يتجاوز عدد أفرادها الأسر الصغيرة نزحت إلى القرية بحكم ظروف العمل منذ عدة عقود، فضلا عن عائلات أخرى من القرية لدى بعض أفرادها علاقات متينة بالتيارات الدينية المتطرفة، مثل «عدس النجار».
حديث الإرهابيين
الحديث بين الأهالى فى ناهيا لا يتوقف، يدور فى أغلبه حول بعض القيادات الإخوانية الهاربة والمطلوب ضبطهم مثل عبده زيادة وغيره، أو من ألقى القبض عليهم ثم خرجوا من السجن لأسباب غير مفهومة مثل عبدالله حامد الذى تضخمت ثروته بصورة تبعث على التعجب، فقد اشترى مساحات هائلة من الأراضى وكان يدفع قيمتها بالدولار.
أطراف الحديث لا تقتصر على هؤلاء فقط، فقد امتد إلى القيادى عبدالمجيد عمران الهارب فى تركيا ونجله «أنس» المحكوم عليه بالإعدام ومحمد مجدى موسى المتهم فى قضية تهريب وثائق الرئاسة.. تلك الأسماء يأتى ذكرها فى تمويل الأعمال الإرهابية فى ناهيا ومحيطها «الطالبية فيصل»، وكافة المؤشرات ترمى إلى أن أجهزة الأمن لديها المعلومات الكافية عن كل ما يجرى فى القرية وتعرف عبر عيونها كل الذين يقومون بالتمويل وأيضا العناصر المأجورة التى تأتى من خارج القرية ويتحركون بتوجيه بعض الفئات الهامشية من ناهيا.
جريمة لم نرتكبها
الأهالى الذين التقيناهم يصفون تجاهل الحكومة لهم بأنه عقاب على جرائم لم يرتكبونها، حسب ما أكد لنا الحاج «يحيى راشد الصيرفى» وهو ينتمى إلى إحدى العائلات الكبيرة فى القرية، حيث يروى قصة تفجير مركز الشباب الذى يعمل به والمواجه لمنزله، فيقول إن مجموعة من الملثمين ألقوا قنبلتين وفروا هاربين، وهؤلاء الملثمون يحتاجون لمواجهة من الدولة، فهناك ضرورة لعودة الشرطة، لأن وجودها فى النقطة يصيب الجبناء بالخوف من الإقدام على مثل هذه الأفعال.
أحد الأهالى رفض ذكر اسمه أشار إلى أن القرية تعانى الإهمال على كافة المستويات، وأنهم أصبحوا يعيشون حالة مأساوية فى ظروف غير آدمية صنعتها تلال القمامة ومياه الترع الراكدة نتيجة لرمى المخلفات والحيوانات النافقة بها وحرق هذه المخلفات كل يوم، فالتلوث أصبح يحيط جميع السكان من كل النواحى.
التواجد داخل القرية أصبح من المكروهات، هكذا يؤكد الشاب خالد محمد، لافتًا إلى أن جميع الخدمات فى قريته خارج نطاق الخدمة فالشرطة ليست موجودة بالمرة وأصبح الجميع يعيشون وكأنهم فى غابة، وكل منهم يحمل سلاحه ليؤمن منزله فى مواجهة أى مجهول سواء كان ملثمًا يدخل عليه أو أى «عيل صايع» يسرقه، ويشرح خالد: بعد حادث حرق مركز كرداسة ونقطة شرطة ناهيا ونحن بلا شرطة ولا قسم ولا حتى خفير ولا أحد يسال فينا من المسئولين وكأن الدولة تعاقبنا، وكأننا لسنا مواطنين.
مستشفى بلا أطباء
المستشفى الوحيد الذى يخدم القرية ونواحيها، تحول إلى مكان تمرح فيه الكلاب الضالة والحشرات بكل حرية، الأمر الذى يمثل خطورة على أهالى القرية ويعرضهم للأوبئة والأمراض وسط غياب واضح من المسئولين.. انتقلنا إليه فوجدناه دون المستوى يفتقر لأبسط الخدمات العلاجية، الأمر الذى يجعل الأهالى يلجأون إلى مستشفى قصر العينى وغيره من المستشفيات والعيادات الخاصة خارج نطاق القرية.
يروى أحمد عبدالغنى - موظف - معاناته مع المستشفى قائلا: لا يوجد بالمستشفى أطباء أغلب الوقت، ولا توجد عربة إسعاف مجهزة لإنقاذ أى حالة خطرة مما يعرض العديد من الحالات الخطرة للموت، علاوة على أن المستشفى أمامه مقلب قمامة كبير وخاطبنا المحافظة والوحدة المحلية مرارا وتكرارا لإزالته ولكن دون جدوى.
تجولنا فى أزقة القرية وشوارعها الجانبية منذ لحظة وصولنا إليها قبل أن تغيب الشمس وحتى منتصف الليل، رصدنا على أرض الواقع حالة الغضب بين الأهالى، فى البداية كنا نظن أنهم سيوجهون لعناتهم إلى الحكومة باعتبار أنهم متعاطفون مع الإرهابيين ومؤيدون لهم بحسب ما تبثه القنوات التابعة للإخوان من صور لمظاهرات ومسيرات ليلية لا تتوقف، إلا أننا فوجئنا بأن الغضب فى نفوس السكان مزدوج ولم يكن مقتصرا على الحكومة وحدها، هم أعربوا عن الاستياء من الحكومة وأجهزة الدولة ليس من باب دعم الإرهاب، إنما لأنها تركت الأهالى يعانون من جرائم الإرهاب ويدفعون ثمن أفعال قلة تنتمى للقرية.
الحكومة من وجهة نظر غالبية الذين تقابلنا معهم، لم تتخذ الإجراءات الكفيلة بإنهاء تواجد الإخوان فى القرية، رغم أن من بينهم مطلوبين للمحاكمات، فهم ما زالوا يمارسون نشاطهم بحرية ويتولون الإنفاق على المسيرات واستئجار البلطجية من القرى المجاورة والأماكن الأخرى. فضلا عن تركهم يمارسون الخطابة بالمساجد، حيث يوجد 37 مسجدًا تابعا لوزارة الأوقاف والجمعية الشرعية، معظم الخطباء فى تلك المساجد رغم أنهم يتبعون الأوقاف لكنهم يحرضون على الإرهاب.
قبل نحو شهرين استيقظ أهالى «ناهيا» على صوت انفجارات هزت جدران المنازل عقب قيام الإرهابيين بتفجير قنبلتين فى مركز الشباب هدمت مبانيه، فى هذه الجريمة لقى خفير وموظف مصرعهما، وتحول المكان الوحيد الذى يجمع شباب القرية وأطفالها إلى «كومة تراب»، وطالت آثاره نقطة الشرطة المجاورة له، حيث يفصل بينهما شارع ضيق لا يزيد عرضه على 5 أمتار، فالنقطة عبارة عن بقايا مبنى محترق ينعق البوم على أشجاره الموجودة فى الفناء. أما الجدران المهترئة فقد جرى تشويهها برسومات لعلامة رابعة وكتابة العبارات المناهضة للدولة والجيش والشرطة والمطالبة بعودة محمد مرسى.
حال جدران نقطة الشرطة لا يختلف كثيرًا عن بقية المصالح الحكومية الممثلة فى عدد 5 مدارس للمرحلة الابتدائية، ومدرستان للإعدادى والمعهد الأزهرى والمستشفى الوحيد بالقرية، إلى جانب بعض المنازل التى لا يستطيع أصحابها مواجهة الصبية المدعومين من بعض القيادات الإخوانية التى تمرح فى القرية بحرية.
فى «دوار» عائلة الزمر أشهر عائلات القرية وأكثرها عددًا، جلسنا مع قياداتها وكبارها أقارب «عبود» وابن خالته «طارق الزمر» الهارب إلى تركيا، لم نكن فى حاجة للتمهيد للحديث عنهما، عرفوا ماذا نريد من تلك الزيارة والتواجد معهم فى دوارهم، رفضوا الحديث عن «طارق» فى إشارة توحى بالغضب من تصرفاته وإقدامه على التصريحات التى أطلقها بشأن دعم الإخوان، لكنهم استفاضوا فى شرح علاقاتهم المتينة بالدولة ك«دولة» على مر العصور.
هذه العلاقة من وجهة نظرهم تأكدت عبر تمثيلهم دون انقطاع فى البرلمان منذ نشأته عام 1864 إلى برلمان 2010، وكان ممثل العائلة طيلة هذا التاريخ منتميًا للحزب الحاكم، سواء فى العهد الملكى أو ما بعد ثورة 23 يوليو 1952، كما لم يعرف عن العائلة الوقوف فى صف المعارضة، أما الدوار كمبنى له حكايات يرويها أهالى القرية وأبناء عائلة الزمر، فهو المكان الذى جرى فيه تصوير مشاهد العديد من الأفلام السينمائية بداية من فيلم الحرام وكذا المسلسلات الدرامية لما به من عراقة وفخامة، فضلا عن إعلانات المساحيق والصابون والزيوت، جميعها يتم تصويره فى الدوار.
في دوار "الزمر"
فى أعقاب ثورة 25 يناير وخروج عبود الزمر وطارق من السجن، اجتمعت العائلة فى الدوار وطلبوا منهما الالتزام والاكتفاء بما حدث لهما فضلًا عن حثهما على عدم السير فى الاتجاه المضاد للدولة، لكن ما وقع من جانب الثنائى عبود وطارق كان خلاف ذلك تماما وربما هذا هو سبب الإشارة التى تحدثنا عنها فى بداية مقابلتنا معهم.
دور عبود وطارق فى دعم الإرهاب على مستوى الدولة ككل الجميع يعرفه أما عن دورهما فيما حدث من أعمال إرهابية داخل القرية أو محيطها الجغرافى، فينفيه مكرم الزمر، كبير العائلة وابن عمدتها، قائلا: هذا الاتهام عار تماما عن الصحة، فعبود رجل فى حاله منذ خروجه من السجن ولا علاقة له بطارق أو أفعاله، ورغم مرضه «أجرى عملية قلب مفتوح» فهو يتواصل مع جهات الدولة لطرح المشكلات التى تعانى منها ناهيا وسكانها.
وتابع مكرم الزمر: كلاهما لا يعرف أحدًا من جيل الشباب سواء من العائلة أو خارجها لأنهما قضيا 30 سنة فى السجن، الناس تسمع عنهما فقط، أما العيال بتوع المسيرات فهم معروفون والغريب أن الأمن يتركهم.
عن سماسرة المسيرات تحدث إلينا عثمان الزمر قائلًا إن الدولة لو عايزة تنهى القصة سوف تنهيها، ويواصل: والله العظيم حاجات بسيطة.. الولاد دول « ملهمش لازمة»، وكلهم متأجرين بالفلوس ومن السهل مواجهتهم إذا أرادت الحكومة، فقط عليها أن تسأل وتبحث لمعرفة من أين يأتى هؤلاء بالتيشيرتات الصفراء «اليونيفورم» ومن الذى زودهم ب«التوك توك».. ويتابع: الشرطة لا وجود لها فى ناهيا منذ عامين ولو أردت أن أبلغ عن «العيال دى» مطلوب منى أركب إلى القرية الذكية حيث يوجد مقر قسم شرطة كرداسة.
بانفعال يكمل الحاج عثمان: قبل ما تنزل الشرطة بنلاقيهم كلهم مشيوا لأن تقريبا ليهم اتصال بالقرية الذكية، وما يثير الدهشة أن الشرطة تقبض عليهم وتتركهم مرة أخرى، ويستطرد: فى إحدى المسيرات سأل أحد المواطنين وهو كفيف: كيف يترك الرجال يشاركون فى المظاهرات، فانهال الإخوان على الرجل الضرير وأوسعوه ضربًا بلا رحمة.
عندما ذكر اسم «أبوتريكة» التقط الحاج مكرم الزمر طرف الحديث قائلا: «تصدق بالله كنت بعزى جنب بيت أبوتريكة وكان معى بعض الجيران قالوا تعالى نسلم على الحاج محمد أبوتريكة قلت لهم والله مانا رايح غالبية الشعب بتكره الإخوان.. وبعدين ابنه كان لاعب مشهور ومحبوب من الناس وكنا فخورين به لأنه ابن بلدنا.. وفى الآخر ياخد طوب يوديه رابعة».
الشرطة الغائبة
أما عرفة الزمر مدير عام بحى الهرم فيقول: «على فكرة الأمن وظيفة الشرطة، وهى المسئولة عن حمايتنا، لكن بيننا وبينها 25 كليو مترًا، وهذا يحتاج وقتًا لوصول المعلومة لها، فى المقابل قبل أن تتحرك القوات من القرية الذكية يصل الخبر للبلطجية فينصرفون قبل مجيء الشرطة».
«من حوالى شهر كان فيه «14 عيل» مسميين نفسهم الملثمين بيدخلوا على الناس بالسلاح الآلى ويطلبوا «فردة» من الناس، أحد الضحايا كان مدحت رمضان لاعب الكرة فى الترسانة، ومعه مجموعة لاعبين دخلوا عليهم المندرة فى بيتهم وأخدوا فلوسهم وموبيلاتهم.. فين الأمن وفين الشرطة؟» هكذا تحدث عرفة الزمر قائلا: «النهارده فى قرية زى دى فيها 100 ألف لو نصفهم معاهم سلاح ها يعرفوا يدافعوا عن نفسهم لكن قوانين الدولة تمنع تسليح الشعب».
كما ابتزوا أحمد عبداللطيف أحد رجال أعمال «الحزب الوطنى» لدفع 100 ألف جنيه مقابل التوقف عن المرور - يوميًا - وضرب واجهة العمارة الخاصة به بالرصاص.
عن بيزنس المسيرات تحدث عم عرفة قائلا: «من المؤكد أن المسيرات لا تضم أحدًا من خارج المنطقة، فالمشاركون فيها إما من ناهيا أو كرداسة أو كفر حكيم، وأعدادهم محدودة يدخلون فى أحد الشوارع الضيقة ليتم تصويرهم على فضائيات الإخوان وكأنهم أعداد كبيرة. وتكون المسيرات بالتناوب يعنى مرة فى ناهيا وبعدها كرداسة ومرة كفر حكيم».
«المسيرات دى بتتوزع فيها فلوس بالهبل وشنط.. كان فيه ناس مش لاقيين ياكلوا، فجأة بقوا أصحاب أرض وبيوت، بين يوم وليلة فيه ناس غلابة جدا بقوا راكبين عربيات ب150 ألف، ودول مالهمش أسر ولا عائلات من ناهيا، وفى المسيرات بنلاقي أطفال ابتدائى وإعداي خارجين يهتفوا للإخوان مين إلى قال لهم الكلام دا؟».. هكذا تحدث مدير حى الهرم.
عمرو نبيل، وكيل مؤسسى حزب درع مصر، قال: «مرسى طلع السحالى والعقارب.. فيه أسر هامشية لما لقوا إنه مفيش دولة انضموا للإخوان عشان الفلوس، والدولة لازم تكون أكثر حزما عشان البلد تنضف، وموضوع إنهم سايبينا من غير داخلية عشان ناهيا وكرداسة يخلصوا على بعض دا غلط، إحنا نعرف نحمى نفسنا إحنا عايزين نعيش فى دولة مش فى غابة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.