المجتمع ينظر إلى خريج التعليم الفنى باعتباره «شبه عاطل» والوظائف المهمة يحصل عليها «الجامعيون».. وبروتوكول «بيبسى» ليس «سخرة» لم يزد اهتمام الحكومات المتعاقبة بالتعليم الفنى عن كونه تصريحات للاستهلاك الإعلامي، أو وسيلة لجلب المعونات الخارجية فى أحسن الظروف، لكن جاء قرار فصل التعليم الفنى فى وزارة مستقلة عن «التربية والتعليم»، ليكون خطوة فاصلة لتحويل التصريحات «القديمة» إلى حقيقة على أرض الواقع، ورغم ذلك ما زالت الوزارة الجديدة تعانى من الكثير من المعوقات، أبرزها عدم صرف كامل الميزانية المخصصة لها، والبالغة 11 مليار جنيه، لم تصرف منها أكثر من 20٪، حسبما قال الدكتور محمد يوسف، وزير التعليم الفنى والتدريب، فى حوار «البوابة». ■ ما طبيعة المشاكل التى واجهتها الوزارة الجديدة عند فصلها عن «التربية والتعليم»؟ - لا أنكر أن فصل الوزارتين تطلب وقتا ومجهودا كبيرا، وحتى الآن لم يتم الفصل بالشكل النهائى الذى ترتضيه وزارة التعليم الفني، والذى تستطيع عن طريقه القيام بمهامها على أكمل وجه، لكن الأمر لم يصبح أزمة حتى الآن، حيث تم الفصل المالى بين الوزارتين، وتخصيص ميزانية منفصلة للتعليم الفنى قدرها 11 مليار جنيه، تستقطع من الموازنة العامة للدولة بعيدا عن «التربية والتعليم». وحتى الآن، لم يتم فصل بعض الأمور الإدارية الخاصة بعمل المديريات التعليمية، كما أن مديرى المديريات التعليمية فى المحافظات يتولون الإشراف على المدارس سواء العامة أو الفنية، وهو ما يتسبب فى ارتباك دائم، لكن لدى خطة للفصل سيتم تطبيقها مع بداية العام الدراسى الجديد، تعتمد على إنشاء إدارة للتعليم الفنى فى كل مديرية تعليمية، لحين إنشاء مديريات مستقلة ماليا وإداريا، تهتم بالمدارس الفنية، وكل ما يتعلق بالطالب والمعلم ومراكز التدريب. ■ كيف يتم صرف الميزانية الخاصة بالوزارة؟ - سيتم تخصيص نسبة 65٪ من ميزانية الوزارة للرواتب، والباقى لأعمال الصيانة ومتطلبات المدارس، لكن حتى الآن لم يتم صرفها بالكامل للوزارة، فلم نستلم سوى نسبة 20٪ فقط منها، ما تسبب فى أزمة كبيرة لنا، حيث تم توجيه المبلغ كاملا لطباعة الكتب، دون توفير مبالغ الصيانة، وتوجهنا إلى وزارة المالية للمطالبة بصرف باقى الميزانية، ومن المتوقع صرفه قريبا. ■ هل انتهيتم من إعداد خطة لتحديث مناهج التعليم الفني؟ - شاركت عددا من أساتذة المناهج، والمتخصصين، وخبراء التعليم الفني، فى وضع خطة محددة لتحديث المناهج الدراسية، وربطها باحتياجات سوق العمل، وهى تعتمد على الاستفادة من تجارب دول أخرى، منها تركيا والبرازيل والاتحاد الأوروبي. ■ ما أبرز مشكلات «التعليم الفني» فى نظرك؟ - منذ أن توليت الوزارة الجديدة، نواجه عدة أزمات أساسية، منها غياب التكامل بين التعليم الفنى والتدريب المهني، وعدم وجود أى روابط بين مراكز التدريب الخاصة ب«التعليم الفني» والوزارات الأخرى، كما أن احتياجات الصناعة تتغير، ما يتطلب تحديث المناهج لتتوافق مع التكنولوجيا الحديثة، بالإضافة إلى التركيز على احتياجات أسواق الخليج، وربطها بالمناهج وطرق التدريس والتدريب، ونعانى أيضا من نقص التجهيزات وقلة الموارد. ■ كيف يمكن إلغاء الصورة المجتمعية لخريج التعليم الفنى باعتباره «عاطلا»؟ - لا أنكر أن المجتمع ينظر إلى خريج التعليم الفنى باعتباره شبه عاطل، فالوظائف المهمة يحصل عليها الجامعيون، وفى حالة التحاق خريج المدارس الفنية بالجامعات، فإنه لن يحصل على فرص جيدة، نظرا لوجود حاجة إلى تحسين مستوى أداء الخريج، ما يحتاج إلى بعض الوقت، لأن تطوير التعليم هو نوع من الاستثمار طويل المدى. ولابد أن تتكاتف كل طوائف الشعب لتطوير التعليم، بما فى ذلك منظمات المجتمع المدني، كما نحتاج إلى آلية لتطبيق معايير الجودة فى المناهج أو طرق التدريس النظرى والعملي، بالإضافة إلى ضرورة الارتقاء بالورش والتدريب العملى للطلاب، والاهتمام بالتعليم والتدريب المزدوج، وعند تحقيق كل هذه المتطلبات، يمكننا أن نغير نظرة المجتمع إلى التعليم الفني، ويبدأ المواطن عندها التفكير فى إلحاق أبنائه بالمدارس الفنية، التى سيكون لها مستقبل، فنحن سنضمن للخريج فرص عمل فى المصانع التى ستتوقف عن استقدام العمالة الأجنبية، والتى تحصل على رواتب أعلى من خريجى الجامعات. ■ ما أسباب ارتفاع نسبة البطالة بين خريجى التعليم الفني؟ - السبب الرئيسى هو ضعف مستوى التعليم، فالطالب يتخرج دون أن يدرس مناهج تؤهله للالتحاق بأى وظيفة فى المصانع، لذلك ستولى الوزارة اهتمامها بتحديد المهن والحرف التى تحتاجها المصانع المصرية والخليجية، ثم تشكيل لجنة فنية لإدخال تلك الحرف والمهن ضمن المناهج الدراسية، وتدريب الطلاب عليها، مع التركيز على تحقيق أعلى نسب الجودة، وفى هذه الحالة سنضمن تعليما جيدا، وخريجا كفؤا، ما يعد سلعة مطلوبة فى سوق العمل الداخلى والخارجي، وأنا أصر على الوصول بمستوى خريج التعليم الفنى إلى مستوى نظيره فى الدول الأوروبية، التى لا يختلف فيها خريج التعليم الفنى عن الخريج الجامعي، بل يتفوق عليه فى الفكر والابتكار. ■ واجهت انتقادات لقبول برتوكول تعاون مع إحدى الشركات، وصفه البعض بأنه بروتوكول «سخرة»؟ - لا أقبل أن تضغط أى جهة على طلاب المدارس الفنية، نظير الحصول على شهادة اعتماد من المصانع أو الشركات، والبروتوكول الذى تم توقيعه مع شركة بيبسى لتدريب الطلاب، لن يضر أى منهم، فالطالب يستطيع أن يرفض المهام المطلوبة منه دون قيد أو شرط، فالأهم لدى أن يتدرب الطالب أثناء الدراسة للانغماس فى سوق العمل، وأنا شخصيا لست وزير بروتوكولات.