أقام أمريكي من أصل إثيوبي يقيم فى الولاياتالمتحدة دعوى قضائية، اتهم فيها المخابرات الإثيوبية باستخدام برامج تجسس من أجل اختراق اتصالاته بالتواطؤ مع الاستخبارات الأمريكية، وهى الواقعة الأولى من نوعها التي ينظر فيها القضاء الأمريكي، حيث أثار الأمر جدلا حول الحريات الخاصة وانتهاكاتها لاعتبارات أمنية. وأوضح المدعي كيدان في عريضة الدعوى التي تقدم بها أن برنامجا إلكترونيا سريا للتجسس على الاتصالات ومكالمات "سكايب" و البريد الإلكتروني، قد اخترق حاسوبه الخاص بهدف نقل المحتوى الاتصالي الذى يتم عبره إلى أجهزة أمنية إثيوبية. وبحسب الدعوى القضائية اخترقت المخابرات الإثيوبية الحاسوب الخاص بالمواطن الأمريكي الإثيوبي الأصل من خلال تصدير فيروس"فين سباى" إليه برغم أنه مقيم على الأراضي الأمريكية، وتبين من خلال التحقيقات أن كيدان حصل على الجنسية الأمريكية بعد اللجوء إلى الولاياتالمتحدة " سياسي" قبل عشرين عاما. وقال محامى كيدان إنه دفع أمام القضاء الأمريكي بعدم قانونية عمليات المراقبة والاختراق التي قامت بها المخابرات الإثيوبية ووكالة الأمن القومي الأمريكية على حاسوبه الخاص مطالبا بالتعويض. وتتبنى منظمات الدفاع عن الحريات الخاصة فى الولاياتالمتحدةالأمريكية موقفا مؤيدا لهذا الدفع مطالبة بالحد من عمليات التجسس التي تقوم بها وكالة الأمن القومي الأمريكية على الأمريكيين المتواجدين على الأراضي الأمريكية أيا ما تكون أصولهم ما لم تكن لدى الوكالة موافقات قضائية على قيامها بذلك النشاط التجسسي. وتبين قيام وكالة الأمن القومى الأمريكية ببدء مراقبة البريد الإليكترونى لكيدان منذ الاشتباه فى نشاطه بأكتوبر 2012، ويوضح مسؤولون بالوكالة أن بذلك كان بالتنسيق مع أجهزة الأمن الإثيوبية. وأوضح خبراء وكالة الأمن القومي الأمريكية أن برنامج "فين سباي" الذى وقع حاسوب مقيم الدعوى فى شباكه بدأت الاستخبارات الإثيوبية استخدامه بعد تطويره فى معاملها اعتبارا فى مارس 2013، وهو ما كشفت عنه مؤسسة سيتيزين لاب المتخصصة فى دراسات المراقبة الإليكترونية، وحاول محامي كيدان إلقاء التبعة فى ذلك على المخابرات الإثيوبية والأمريكية على حد سواء بقيامهما بذلك وهو ما تؤكده محاولة المخابرات الإثيوبية إزالة هذا الفيروس من حاسوب موكله بنظام التحكم عن بعد . وطلب محامي المتهم الأمريكي الحكومة الإثيوبية بدفع تعويض مناسب لموكله نتيجة انتهاك خصوصية اتصالاته من خلال التجسس عليه، وتقول منظمة فريدوم هاوس الأمريكية للدفاع عن الحريات أن المخابرات الإثيوبية قد دأبت على استهداف ومراقبة اتصالات وبريد اليكترونى المنشقين الإثيوبيين اللاجئين إلى بلدان العالم الأخرى. ووثقت فريدم هاوس قيام المخابرات الإثيوبية باستهداف الحاسوب الخاص للمنشق تاديس كيرسمو المقيم فى الولاياتالمتحدة باستخدام فيروس / فين سباى / الذى رفعت مؤسسة / برايفسى انترناشيوال / البريطانية - وهى منظمة غير ربحية تعنى بالدفاع عن الحريات الخاصة - دعوى قضائية نيابه عنه اختصمت فيها الحكومة الإثيوبية. وقال خبراء إن فيروس"فين سباي" قادر فى حالة تصديره إلى الشخص المستهدف مراقبته تسجيل وتتبع اتصالاته الهاتفية حتى إذا كانت مصورة بالفيديو، وذلك فى حالة استخدامه للحاسوب الخاص به لإجرائها واستخدامه الكاميرا الحاسوبية كذلك، وفى حالة تسلل هذا الفيروس الخطير إلى حاسوب الشخص المستهدف فإنه بالإمكان أن يقوم بالتسلل إلى ملفاته الحاسوبية الخاصة حتى التي تم إلغاؤها ووضعها فى سلة المهملات الحاسوبية ونقل فحواها إلى الجهة الأمنية التي تستهدف هذا الشخص. ووفقا لتسريبات ويكليكس فإن فيروس"فين سباي" له القدرة على تجاوز أكثر من 40 نوعا من برامج مكافحة الفيروسات الإليكترونية وهو فى الأساس برنامج تجسسي طوره الخبراء الألمان فى شركة فين فيشر التي تتخذ من ميونيخ مقرا لها وتم ذلك قبل أعوام مما أثار نشطاء الدفاع عن الحريات الخاصة لتخوفهم من إساءة أجهزة الأمن لاستخدامه حيث لم تكن هناك أية موانع قانونية لتسويق هذا البرنامج. ويقول نشطاء الدفاع عن الحريات الخاصة أن أجهزة السيرفر الخاصة بالشركة الألمانية المنتجة لهذا البرنامج تعمل فى عدد من دول العالم منها بروناى و نيجيريا و قطر و تركيا وباكستان ورومانيا ودول أخرى منذ العام 2013 . وأوضح خبراء تكنولوجيا المعلومات أن إجمالي مبيعات برامج التجسس الإلكترونية واختراق الشبكات فى العالم" سباي وير" يصل سنويا إلى خمسة مليارات دولار أمريكي. وفى وقت سابق من العام الجاري اتخذ الاتحاد الأوروبي قرارا بالحد من تصدير شركاته لتلك البرامج إلى أسواق العالم خشية إساءة استخدامها وحظر استخدام هذا النوع من البرامج الخطرة دونما مصادقة قضائية على ذلك. ويقول خبراء منظمة الدفاع عن الخصوصية - مقرها لندن - إن السلطات القضائية عادة ما تصدر موافقاتها على عمليات المراقبة للحواسيب الخاصة بصورة سرية لأجهزة الأمن والاستخبارات مما يضع الأشخاص المستهدفين تحت المراقبة المستمرة دون علمهم بذلك واختراقا لخصوصيتهم. ويرى خبراء الأمن من الجانب الآخر أن اعتبارات الحفاظ على الأمن القومي فى دول العالم تحتم اللجوء إلى هذا الأسلوب بهدف جمع استدلالات تورط أشخاص مشتبه فيهم وأنه لا غضاضة فى ذلك متى تم تقنين إجراءات مراقبتهم.