"معايا الشامورت البلدي، تشفي العليل يا عتاقي، معايا البرابر البياضة"، بصوت يصدح كما القيثارة، انطلقت "سعدية" بين أروقة قرية "سوبك" بالمنوفية، فوق عربة نصف نقل تحملها وتحمل أقفاصا بها ما يقرب من 50 دجاجة، حيث ظهرت المرأة الضحوك مرتحلة بين القرى تعرض دجاجها على الأهالي، بعد أن غضت بصرها عن حجم المأساة التي يصرخ بها غيرها من الجيران، فالمرأه انهمكت في لقمة العيش وتناست أن قريتها تحتضر من الإهمال وانتشار المرض والأوبئة، 30 عاما قضتهم وهي تجوب الأزقة والحارات وعلى رأسها قفص خشبي يحمل كل أنواع الطيور. في ظل حالة من الضجيج الذي خيم على معظم قرى محافظة المنوفية وكثرة الشكاوى التي تطالب بردم الترع وتحسين المياه ورفع مقالب القمامة من أمام المنازل خطفت سعدية "أنظارنا فهي نموذج للفلاحة المصرية صاحبة الاصل ممن قيل في حقهن عبارة" ست بمية راجل. 45 عاما هي عمر المرأة البشوش خفيفة الظل والروح، 30 عاما هي عمر رحلتها مع البيع والشراء والتجارة، رحلة بدأتها منذ أن مرض زوجها واقعدته الجلطة طريحا للفراش، انجبت 4 من الأبناء، أدت رسالتها معهم حتى أصبحوا جميعا في سن الشباب. سعدية بائعة الدجاج تقول: 30 سنة بشيل على رأسي القفص بالفراخ لحد ما تعبت وعضمي وجعنى، اشترينا العربية دي بالقسط وبندفع 1000 جنيه كل شهر، والحال ماشي الحمد لله. تأتي بالدجاج من مزارع محافظة الشرقية وتبيعه في المنوفية بسعر زهيد للفلاحات اللائي يقومن بعد ذلك بتربية هذه الطيور ثم بيعها حين تكبر لأصحاب المحال، أما سعدية فهي تفضل أكل لفراخ التي تربيها هي في بيتها فهي تقول: بجيب جوزين ارميهم وأكبرهم وناكل منهم، ما نشتريش فراخنا من السوق. سلام نفسي وحالة من الرضا هي التي استوقفتنا لنجري معها الحوار فرغم سوء الحال وانتشار الفقر في قريتها "سوبك" بالمنوفية، وتفشي الأمراض بسبب تزايد اكوام القمامة وانتشار الترع ومصارف الصرف الصحي ووسط ضجيج وصرخات كل من حولنا وطالبونا بايجاد حلول للقرية، ورغم أن الصورة خير شاهد على المستوى الردئ والحالة المتردية من الإهمال إلا إن ضحكة المرأة وتفاؤلها خطف عدسات الكاميرات حين قالت "احنا بقينا نشرب مية حلوة، اسم الميه ايه يا ولا يا عماد، أيوه اسمها ميه متفنترة بيقولوا حلوة احسن من المية الوحشة اللي كنا بنشربها، والله صحيح بنشرب مية متفنترة وظلت تكرر الجملة وتتبعها بضحكات مملؤة بالأمل والتسامح مع الواقع والتعايش معه وان بدا في اسوأ حالاته، المرأة خفيفة الظل التي نسيت عمر زوجها ضاحكة، كل ما طلبته هو الستر من الله وراحة البال مستديرة بتفاؤلها عن كل ما حولها من مشكلات، ثم انصرفت وهي تردد نفس جملتها "معايا الشامورت معايا العتاقي، حلوة يا بياضة " نقلنا رسالة "سعدية " لنؤكد اننا لا نسلط الاضواء على السلبيات فقط في "سامعينك". خليك إيجابي وابعت مشكلتك أو شكوتك على الرابط دا [email protected]