تقول إيدا فون مياسكوفسكي في مذكراتها التي نشرتها بعد وفاة نيتشه بسبعة أعوام: في الثمانينيات، عندما نُشِرت كتابات نيتشه الأخيرة، التي تحتوي على بعض الكلمات اللاذعة ضد المرأة والتي تُقتبَس عنه كثيرًا، أخذ زوجي يمازحني بين الحين والآخر قائلاً لي: إنه ينبغي عليَّ عدم إخبار الناس بعلاقة الصداقة التي جمعتني بنيتشه، لأنه في الحقيقة لا يشيد بي كثيرًا، لم يقصد زوجي من ذلك سوى المزاح، فقد كانت لديه - مثلي بالضبط - ذكريات جيدة عن نيتشه، لقد اتسم سلوك نيتشه تجاه المرأة بالحساسية الشديدة، والتلقائية، والود، حتى إنه لا يمكنني الآن، وقد وصلت إلى هذه السن الكبيرة، أن أعتبر نيتشه كارهًا للمرأة! ويقول نيتشه: - إن حب المرأة ينطوي على تعسف وعمى البصيرة عن كل ما لا تحبه، المرأة كائن غير قادر على الصداقة: فهي لا تزال كالقطط، أو الطيور، أو الأبقار على أفضل الأحوال "هكذا تكلم زرادشت - باب الصديق". - وأخيرًا: المرأة! نصف البشرية الضعيف، المضطرب، المُتقلِّب، المتلوّن، إنها بحاجة إلى ديانة للضعف تقدس الضعفاء، والمحبين، والمتواضعين، أو لعلها تحوّل القوي إلى ضعيف، وتنتصر عندما تنجح في التغلب على القوي، لقد تآمرت المرأة دومًا مع كافة صور الإنحلال ضد الرجال الأقوياء "إرادة القوة". فأيهما يمكن أن نصدّق؟! حين قرأت السيرة الذاتية للفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه، وجدت أنه لا يمكن أن يكون قد كره المرأة بالقدر الذي اشتهر عنه، فقد كان يقدس أمه، ويحب أخته جدا، وقد شكا للطبيب النمساوي جوزيف برويير من إحساسه بالوحدة ورغبته في أن يحب امرأة وتحبه بنفس القدر. وذُكر في سيرته الذاتية أيضا أنه أحب أكثر من مرة، كان أبرزها علاقته بالكاتبة الروسية لو سالومي، أو لويزه فون سالومي، التي هام بها عشقًا بينما لم تبادله نفس المشاعر، وإنما كانت - كما تقول - منجذبة لآرائه وكتاباته، وقد تقدم لخطبتها فرفضته، وقيل إنه قبّل الأرض تحت قدميها وبكى أمامها لتقبل! لقد تم تفسير آراء نيتشه في المرأة من أكثر من زاوية، منها أنه علَّق كراهيته لمرأة على تجاربه السلبية في هذا الميدان، وهناك من قال إنها استراتيجية تخص نيتشه في التعامل مع فكرة الإنسان السوبر، فقد كان يرى المرأة كائنا ضعيفًا يعتمد على مشاعره أكثر من عقله، بينما هو يقدّس القوة وإرادة الحياة، وغيرها من التفسيرات المتناقضة كعادتنا مع أفكار الفيلسوف العظيم.