تظل المعارك الفكرية التي خاضتها الشاعرة العراقية نازك الملائكة، موجودة في تاريخ الشعر الحديث، فإليها والشاعر الراحل بدر شاكر السياب، يُنسب تيار الشعر الحر، وكلاهما ظل طيلة الوقت مؤكدًا أنه سبق الآخر، وظلت إبداعاتها موجودة في تاريخ القصيدة الحرة. ولدت نازك الملائكة في العاصمة العراقيةبغداد، يوم 23 أغسطس عام 1923، لأب أديب وباحث هو صادق الملائكة، الذي هيأ لابنته أسباب الثقافة، وأكملت تعليمها لتلتحق بدار المعلمين التي تخرجت فيها عام 1944 بتقدير امتياز، وأجادت اللغات الإنجليزية، والفرنسية، والألمانية، واللاتينية، ثم سافرت إلى الولاياتالمتحدة لتدرس اللغة والأدب بالإنجليزية، وتحصل على درجة الماجستير في الأدب المقارن من جامعة وسكنسون، إضافة إلى آداب اللغة العربية التي حصلت على الإجازة فيها. وعملت بعد ذلك أستاذا مساعدا في كلية التربية بجامعة البصرة؛ وما لبثت أن عادت إلى الولاياتالمتحدة لدراسة الدكتوراه، في البعثة التي أوفدتها الجامعة العراقية، وهناك اطلعت على الأدب الفرنسي والصيني والألماني والهندي. بداية نازك مع الشعر، كانت مع نشر ديوانها الأول "عاشقة الليل" عام 1947، الذي كانت تسود قصائده الحزن العميق، ووصف الشاعر مارون عبود الديوان بقوله "فكيفما اتجهنا في ديوان عاشقة الليل لا نقع إلا على مأتم، ولا نسمع إلا أنينًا وبكاءً، وأحيانًا تفجعًا وعويلًا "؛ وفي أعقابه نظمت أول قصيدة في الشعر الحر بعنوان "الكوليرا"، والتي وصفتها بأنها "ستغير خريطة الشعر العربي"، وأعقبتها بديوان "شظايا ورماد" عام 1949، الذي ثارت حوله ضجة عارمة، وتنافست بعد ذلك مع الشاعر بدر شاكر السياب حول أسبقية كتابة الشعر الحر، وهي الحركة التي وصفتها نازك فيما بعد بأنها "خرجت من العراق لتغمر الوطن العربي كله". جمعت نازك بين مواهب أدبية عديدة هي الشعر والنقد، ونقد النقد، وأصدرت عددًا من الدواوين والدراسات النقدية والأدبية مثل "قرارة الموجة"، و"شجرة القمر"، وجمعت دواوينها في مجلدين ضخمين تم نشرهما في بيروت؛ وأصدرت دراسات نقدية منها "قضايا الشعر المعاصر، الأدب والغزو الفكري، محاضرات في شعر على محمود طه، وسيكولوجيا الشعر"؛ وكانت قصيدة "أنا وحدي" هي آخر القصائد التي نشرتها، وهي القصيدة التي رثت بها زوجها. حصلت نازك الملائكة على العديد من الجوائز الأدبية منها جائزة الإبداع العراقي عام 1992، وجائزة البابطين للشعر عام 1996، وذلك بعد استقرارها بالقاهرة عقب حرب الخليج الأولى، كما أقامت دار الأوبرا المصرية في عام 1999 احتفالا لتكريمها بمناسبة مرور نصف قرن على انطلاقة الشعر الحر في الوطن العربي، والذي لم تستطع حضوره بسبب المرض؛ وتوفيت بالقاهرة عام 2007 عن عُمر ناهز الرابعة والثمانين.