لا تزال أزمات جماعة الإخوان تتكرر، رغم محاولات التنظيم إثبات عكس ذلك، بتاكيد التنظيم الدولى بقاء محمود حسين نائبا وقائما بأعمال المرشد وإبراهيم منير نائبا للمرشد خارج مصر، مع الحفاظ على مكتب الجماعة في تركيا كما هو دون تغييرات، يترأسه أحمد عبدالرحمن، على أمل أن يحدث توافق بين الجيلين القديم والجديد بعد الانقلابات المستمرة بين الاثنين. صراعات المكتب القديم والجديد استمرت حتى وصلت إلى محاولة الجيل القديم السيطرة على القنوات الإعلامية من جديد، وبعد فشله، طالب التنظيم الدولى من الحكومة التركية إغلاق قنوات الجماعة، وعلى رأسها "مصر الآن" و"الثورة"، الأمر الذي تسبب في تصدع كبير داخل التنظيم. خلافات التنظيم تمثلت في عدة نقاط، منها: مَن الذين سيحكمون التنظيم ويسيطرون عليه وعلى تمويله؟ أيضا الخلاف الشخصي بين العديد من القيادات، وهو الخلاف الذي أسسته التقسيمة الإدارية من قطاعات وتمثيلها في مجلس شورى الجماعة (الجماعة سبعة قطاعات إدارية جغرافية هي: القاهرة الكبرى والإسكندرية ووسط الدلتا والدقهلية والشرقية وشمال وجنوب الصعيد). ورغم إجراء الانتخابات، التي أفرزت سبعة مسؤولين جدد للقطاعات الجغرافية، إلا أنهم وجدوا صعوبة في التعاون فيما بينهم خصوصًا مع ظهور عضوي مكتب الإرشاد "محمود عزت ومحمد عبد الرحمن" إلى الواجهة التنظيمية بالجماعة من جديد، وهما اللذين اختفيا لأسباب أمنية تتعلق بالأول، وأخرى مرضية للثاني، عقب فض اعتصام رابعة العدوية في أغسطس 2014. ومع صدقية معلومة الانتخابات، فنحن أمام شرعية جديدة داخل الجماعة جاءت برضا الصف، كما أن الأزمة الأخيرة الداخلية التي ألمت بالإخوان أفرزت قناعة ما عند كثير من المجموعات الشبابية التي تدير كثيرًا من العمل التنظيمي والميداني، بأن القيادة التي أدارت منظومة الجماعة حتى إجراء الانتخابات الأخيرة ليست جديرة بالإدارة الآن، وبالتالي فإن الانتخابات الأخيرة كانت تعبيرًا منطقيًا عن حالة الرفض للقدامى ومعاونيهم الذين أداروا ملفات الجماعة. ولم يعجب القيادة المتبقية من مكتب الإرشاد بالجماعة القرار، فحاول محمود عزت استقطاب المسؤولين الإثنين المنتخبين لقطاعي الشرقية والدقهلية، مع توافر معلومات أن الانتخابات تمت بعيدًا عن الشكل الذي تم الاتفاق عليه مع باقي القطاعات الخمسة، بحيث تبدأ الانتخابات بمجمعات انتخابية من الشُعب ومنها للمناطق ثم المكاتب الإدارية وانتهاء باختيار مسئول القطاع، وأن القائمين على الانتخابات في هذين القطاعين تجاوزوا الشُعب والمناطق واكتفوا بمجموعة معينة من أعضاء مكاتب القطاع. على الناحية الأخرى، كان هناك خلاف بين مكتب الإخوان بالخارج وبين قيادات الجماعة المصريين في "لندن"؛ محمود حسين وإبراهيم منير ومحمود الإبياري، واتُّفق على التعاون بينهما بعد مداولات ولكن عقب الانتخابات الداخلية التي أجريت مؤخرًا، وبدخول محمود عزت ومحمد عبد الرحمن للمشهد من جديد تغير موقف القياديين "حسين ومنير". منذ ذلك الحين بدأ حديث عن محاولات الأربعة "عزت وعبد الرحمن وحسين ومنير" إنشاء منافذ إعلامية بديلة للمنافذ الرسمية، ربما لإعلان قرارات ما في توقيت ما، تزامن معه أزمة قناة الجماعة الفضائية "مصر الآن"، ومحاولة استمالة عاملين بها لإنشاء قناة جديدة تعبر عن الإخوان القدامى يشرف عليها قيادي تقلد منصبًا سابقًا بوزارة الصحة، وهو ما دفع بمسئول مكتب إخوان الخارج أحمد عبد الرحمن لنشر مقال يؤكد فيه أنه لا عودة للوراء، وأنه على القيادات (دون أن يسميها) أن تلتزم بتطلعات الصف والالتزام بالنهج الثوري. من جانبه، قال هشام النجار، الباحث السياسي، إن تنظيم الإخوان يمر بمرحلة اعادة تشكيل من داخله، لافتا إلى أن الصراعات الضخمة والانقسامات تدور حول تحديد هوية التنظيم مستقبلًا، بين من يريده ثوريًا ومن يريده جهاديًا تكفيريًا وبين من يريده سياسيًا، وحول من ينادى بالسلمية ومن ينادى بالعنف والسلاح. النجار قال إن "الانقسامات والصراعات على القيادة بين الحرس القديم وجيل الشباب والصف الثانى من ناحية ومن ناحية أخرى الصراعات على القيادة بين قيادات الخارج وقيادات السجون، وما داخل تلك العناوين من تفاصيل صراعات مصالح وامتيازات ضخمة تحاول قيادات الخارج ترسيخها ووراثتها في حال أقدمت السلطة على تنفيذ الأحكام الصادرة ضد قيادات الداخل". الإخوانى المنشق سامح عيد قال إن "التنظيم الدولى أصر على بقاء محمود عزت ومحمود حسين بل وعقد يوسف ندا وإبراهيم منير" اجتماعات ولقاءات خصيصا لتثبيتهم داخل الجماعة، مضيفا: "أتوقع أن يتم الإطاحة بأحمد عبدالرحمن ومحمد منتصر والمكتب الجديد نهائيا".