أثار مؤتمر "القصة الشاعرة"، الذي استضافه اتحاد الكتاب الأحد الماضي، الجدل بين كثير من المثقفين، حيث رأى البعض موضوع المؤتمر خطوة لولادة لجنس أدبي جديد، له مُنحازين للفكرة باعتبارها انتصارا لفكرة التجديد في الإبداع العربي، وأنها جنس أدبي جديد لم يتم استيراده من الغرب، ومحاولين الدفع بها إلى الساحة الأدبية بمنتهى القوة؛ وعلى الجانب الآخر يرى آخرون أن التوجه في هذا الاتجاه "محض عبث"، وأن الخصائص الأساسية ل"القصة الشاعرة" لا فرق جوهري بينها وبين قصيدة النثر. من الرافضين الدكتورة فايزة سعد الأستاذ بكلية الألسن جامعة عين شمس التي أكدت أن يكمن جمال الشعر في قدرته الإيحائية وانفتاحه على كثير من التأويلات التي تختلف باختلاف ذائقة المتلقي، وما يميزه عن أي جنس أدبي آخر "وما يُطلق عليه القصة الشاعرة تتحدد خصائصها من منظور مبدعيها في التكثيف، وبنية الرمز، وتوظيفه، والانفتاح على كثير من الدلالات، والالتزام بالتدوير والتفعيلة الشعرية وهي جميعا من خصائص القصيدة الشعرية وخاصة الشعر الحر"، مؤكدة أنه لا يوجد فروق حقيقية بين القصيدة والقصة الشاعرة. وأشارت فايزة إلى أن هناك ثمة تجديد في التزام التدوير الذي يعني انقسام التفعيلة إلى السطرين الشعريين "أما توظيف آليات السرد والتقنيات القصصية والتعبير عن مفردات الحياة اليومية والتجربة الحياتية للإنسان في ممارساته اليومية فهي جميعا أصل لها ووظفها جيل الرواد من الشعر الحر"، وضربت مثالًا بصلاح عبد الصبور في "الناس في بلادي"، وأحمد عبد المعطي حجازي في "مدينة بلا قلب" حيث العلاقة بين السردية والشعر العربي علاقة قديمة قِدم الشعر العربي، وإن لم تقع في دائرة الضوء النقدي سوى مؤخرًا "ومن ثم فنحن بصدد حركة تطوير في بنية القصيدة في الشعر الحر ولا نستطيع الادعاء أننا بصدد جنس أدبي جديد". وقال الناقد الدكتور مصطفى الضبع أن وجهة النظر الإبداعية تُتيح تقّبُل كل الاشكال الجديدة "إذا استطاعت أن تؤكد جمالياتها الخاصة وتشكل ذائقة المتلقي وتضيف إليه علميًا"، وهو مالم يحدث في هذه الحالة، حيث لم يُقّدم الذين نادوا بمصطلح القصة الشاعرة ما يثبت كونها جنس أدبيًا أو نوعًا جديدًا يمُكن فهمه والاقتناع به، ولم يحدد بحث علمي واحد حدود المصطلح "لذا فإن على القائمين على هذا المصطلح وضع أسس علمية للمصطلح وللنوع وسيماته وخصائصه والجديد فيه، وما سوى ذلك يصبح العمل بالمصطلح ضربًا من العبث". ورفض الشاعر الجميلي أحمد الاعتراف بالقصة الشاعرة، مؤكدًا أنه سيظل عند رأيه "حتى إذا اعترفت بها بعض المؤسسات الثقافية، كما تم من قبل مع قصيدة النثر وإفساد النثر العربي"، وأشار إلى أن النثر العربي كان لون من ألوان الإبداع لايزال موجودًا، ولم يتم اختراعه أو ابتكاره في الثمانينيات، ومثال هذا رسائل الجاحظ "والآن يُطلق مجموعة من الكتاب اسم القصة الشاعرة على أعمالهم لضعف في تناول كتاباتهم، ومحاولة لابتكار لون جديد من ألوان الإبداع يحدث ضجة إعلامية حولهم وحول ما يكتبوه".