درس الإخراج فى أمريكا.. لكن نساء مصر كان لهن رأى آخر فاتجه إلى السينما رغم أنه نشأ فى القصور وعاش معيشة أرستقراطية جدا، إلا أن عشقه للسينما جعله يترك كل شيء، ولا يرى سواها، تخرج حسين فهمى فى المعهد العالى للسينما عام 1963م، ودرس الإخراج فى الولاياتالمتحدةالأمريكية، لكنه بعد عودته من رحلة دراسته لم يحاول العمل فى مجال الإخراج الذى ترك بلده من أجل دراسته، وأجّل هذا المشروع إلى أجل غير مُسمى حينما اكتشفه المخرج حسن الإمام كممثل، ومن هنا فضل العمل فى مجال التمثيل، مرجئا حلمه فى الإخراج فيما بعد، وهو الحلم الذى لم يتجاوزه، أو يحققه حتى اليوم. يقول حسين فهمى عن نفسه: «أنا مولود فى بيت سياسي، فجدى الكبير محمود باشا فهمى كان رئيسًا لمجلس الشيوخ فى عهد الخديو عباس، وكان رئيسًا لمجلس شورى القوانين، وجدى محمد باشا فهمى كان عضو مجلس الشيوخ ومن مؤسسى حزب الدستوريين، ووالدى كان سكرتيرًا لمجلس الشيوخ وعمره 28 عامًا، كما أنه درس العلوم السياسية فى باريس، وكان رجلًا متفتحًا وسابقًا لعصره، أما والدتى فهى خديجة هانم زكى خريجة جامعة السوربون، ومؤسسة جمعية تحسين الصحة وجمعية الهلال الأحمر، وضابطة فى الجيش المصري، ومؤسسة جمعية مشوهى الحرب، التى نشأت بعد معارك فلسطين»، كما يقول: «والدتى كانت نموذجًا لسيدة المجتمع بمعنى الكلمة، ولعل أهم ما أنجزته كانت جمعية مشوهى الحرب، التى كان رئيسها محمد نجيب، وأذكر أنه كانت بين أعضاء الجمعية خالتى عزيزة هانم زكى، وكانت ضابطة أيضًا فى الجيش المصرى برتبة يوزباشي». هو من جيل الفنانين الذين دخلوا مجال التمثيل، باعتباره سلوكا فى الحياة، وليس مجرد أداء يؤدونه أمام الكاميرا فقط، ولذلك حرص منذ البداية على الدراسة الجادة لهذا الفن فى المعهد العالى للسينما، إلا أن عشقه للسينما دفعه للسفر إلى أمريكا من أجل إجادة الإخراج أيضا، ولذلك يصعب إنكار الثقافة التى كان يتميز بها هذا الجيل، لاسيما حسين فهمى الذى حصل على جائزة أحسن بحث سينمائى عن علاقة المخرج بالممثل فى مهرجان النيلين عام 1983م، وهو هنا يُدلل على أن الفنان ليس مجرد مؤدٍ لدور سينمائى فقط، بل هو مثقف وباحث بالدرجة الأولى، فهو يريد أن يقول لنا، أنا لست مجرد ممثل بل أنا مثقف له دوره ومواقفه التى لا يمكن الاستهانة بها. حرص فهمى فى معظم أفلامه -مثله فى ذلك مثل باقى أبناء جيله- على تخير أعماله التى يُقبل على الاشتراك فيها، ومن ثم كانت أفلامه من الأعمال المتميزة كثيرا فى تاريخ السينما المصرية، بدأ حسين مع المخرج حسن الإمام فى فيلمه «دلال المصرية» 1970م، ومن هنا انطلق إلى عالم التمثيل السينمائى، تاركا مجال الإخراج تماما، كما كانت معظم أفلامه التى يعمل فيها من الأفلام المأخوذة عن نصوص أدبية، أو تحاول نقاش العديد من القضايا الاجتماعية المهمة، وبذلك فهو يكون من الفنانين الذين يؤكدون مسئولية الفنان، وأن له دورا مهما لابد أن يؤديه باتجاه مجتمعه. فى عام 1973م قدم حسين فهمى فيلمه «دمى ودموعى وابتساماتي» مع المخرج حسين كمال، وهو الفيلم المأخوذ عن قصة إحسان عبد القدوس الذى نال به فهمى جائزة أحسن ممثل، وهو اتجاه كان يهتم به هذا الجيل أيما اهتمام بأن تكون معظم الأعمال السينمائية التى يقدمونها مأخوذة عن أصول أدبية لها قيمة فنية، وفى عام 1976م يشترك مع المخرج عاطف سالم فى فيلم من أهم الأفلام التى لا تنساها الذاكرة السينمائية، وهو فيلم «حافية على جسر الذهب»، وهو الفيلم الذى ناقش الكثير من الفساد السياسى فى هذه الفترة، وكيف يمكن للسياسيين وأمن الدولة التحكم فى مصائر الكثيرين من البشر، ومن ثم ظلمهم. يشترك حسين فهمى مع المخرج سعيد مرزوق عام 1975م فى فيلم من أهم أفلامه، وهو فيلم «المذنبون» الذى ناقش الكثير من الفساد السياسى والاجتماعى فى هذه الفترة، وهو الفيلم المأخوذ عن قصة للروائى نجيب محفوظ، والذى أدى إلى الكثير من الأزمات الرقابية بسبب صراحته ومباشرته فى النقد السياسى لهذه الفترة، ولكن لأن حسين فهمى من الفنانين الذين كان لهم الكثير من المواقف فى مواجهة الفساد، فلقد تعاون مع مرزوق مرة أخرى عام 1985م فى فيلمه «إنقاذ ما يمكن إنقاذه»، وهو الفيلم الذى يؤكد فيه المخرج والممثل أن الموقف من الفساد الكامن فى المجتمع سواء كان على المستوى الاجتماعي أو المستوى السياسى هو أمر لا يمكن للفن أن يتفاداه، بل من الضرورى أن يكون للفن دور مهم فى نقاش هذه الظواهر ومحاولة القضاء عليها. لم يكن حسين فهمى بعيدا عن باقى قضايا المجتمع، وما يسوده من تقلبات مختلفة، وظواهر بدأت تطفو على السطح، فشارك عام 1982م فى فيلم «العار» للمخرج على عبد الخالق، وهو الفيلم الذى تحدث عما ساد المجتمع من انقلابات معيارية وأخلاقية، بانجراف ثلاثة إخوة إلى عالم المخدرات رغم تعليمهم وثقافتهم، كما شارك المخرج حسام الدين مصطفى عام 1974م فى فيلمه «الإخوة الأعداء» المأخوذ عن الرواية الروسية «الإخوة كرامازوف» للروائى الروسى دوستوفيسكي، وهو من الأفلام التى تركت الكثير من الأثر فى تاريخ السينما المصرية.