طبيعة التدين لدى المصريين يصعب مذهبيته خاصة للمسلمين، حيث ينقاد المسلمون المصريون إلى ما عليه «الإجماع» لم تفلح الطائفة الإسماعيلية الشيعية إبان حكم الفاطمى الشيعى في تغيير الثقافة الدينية لعامة الشعب المصرى سوى بضعة متلونين متحولين من الشواذ الدنيويين. في عصر الرئيس الراحل محمد أنور السادات - غفر الله له - بدأ الغزو المذهبى الدينى باقتحام السلفية الوهابية المجتمع المصرى، وأخذ عدة محاور مهمة منها: 1- الدعم السلفى الخليجى لمؤسسات سلفية دعوية مما مكنها من طرح إصدارات مقروءة ومسموعة لشيوخ ومنظرى السلفية من دولة المنشأ وجمعية سلفية بدولة خليجية أخرى جمعية إحياء التراث في أوساط شعبية. 2- تجنيد بعض الدعاة بالأوقاف والأزهر، وبعض المعارين من مدرسين وأعضاء هيئة تدريس لنشر الفكر السلفى، جعل اعتناقه سببا لإعارات متتالية! 3- بدء تصعيد شيوخ السلفية في مساجد تخص السلفية «جماعة أنصار السنة المحمدية بعابدين بالقاهرة شارع قوله» و«مسجد عباد الرحمن بالبساتين بالقاهرة» و«مسجد العزيز بالله بالزيتون» ومساجد الجمعية الشرعية خاصة وسط القاهرة ومدينة الجيزة ثم السويس والمنصورة ومؤخرا الإسكندرية. يضاف إلى ذلك: إعطاء الضوء الأخضر من الرئيس السادات لجماعة الإخوان علانية فسرعان ما بدأت الفلول تتوحد وتقوى وتصدر إصدارات وتقتحم تجمعات بالجامعات والنقابات وبدأت تناوشه نفسه وتعترض على سياساته وحزبه. أطلق الرئيس السادات وأذن بعمل أنشطة دينية بالجامعات المصرية فكانت النواة والمفرخة لجماعات وتنظيمات «الجهاد» وشباب محمد، التكفير والهجرة، الجماعة الإسلامية وغيرها. في عهد الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك، قويت التيارات السلفية بفعل الوهج الإعلامي والعديد من قنوات فضائية دينية مع التراجع والتقزم والانحسار من الأزهر، بل والاختراق له وللأوقاف، وصار الحضور الأزهرى باهتا يعانى عدم الانتشار الإعلامي إضافة إلى معاول هدم من السلفية والإخوان والفصائل الدينية الأخرى: 1- اتهام وإشاعة السلفية أن الثقافة الأزهرية فاسدة من جهة العقيدة أي كفار لعدم تجزؤ الإيمان بالله - عز وجل! 2- ترويج جماعة الإخوان وأشياعهم وباقى جماعات وتنظيمات أن علماء الأزهر «شيوخ السلطان» ومنافقون! وتصدى «الأمن الشرطى» وفق حسابات معينة لجماعات الإخوان دون القضاء النهائى بخلاف تصديه القوى لتيارات أخرى سواء بالمراجعات أو التحول أو التلون أو اليأس وغير ذلك. مع بدايات أحداث وحوادث 25 ينارير 2011 بمصر وما كان ببعض دول أخرى «تونس، ليبيا، اليمن، سوريا» اغتنمت جماعة الإخوان التحولات في نظم سياسية فحولت دفة الأحداث لصالحها بالتجنيد والتعبئة والإنفاق وغير ذلك مما في جعبة قوى مخابراتية بالمنطقة وخارجها وبدأت في إفساح المسرح لها وحدها وإن سمحت للسلفية لفترة مؤقتة بعدة أمور: أ - تحجيم «المجلس العسكري الحاكم» والتشكيك فيه. ب - استئجار مجرمين بمقر حزب الحرية والعدالة الإخوانى بالتحديد في مقر «منيل الروضة» للقيام بأعمال عنف مع مخالفين بل ومع ثوار فيما بعد. ج - جمع وحشد عوام من معدمين وممن يعانون بطالة من تجمعات فقيرة مثل «قرى بمحافظتى الفيوم وبنى سويف، وقرى مركزى البدرشين والعيام بمحافظة الجيزة» و«قرى مركز بنها بمحافظة القليوبية» لتكثير أعداد معتصمين ومجتمعين ومسيرات إخوانية. د - تمالؤ قيادات دينية رسمية مع جماعتى الإخوان والسلفية بتصعيد رموز منهم احتماء بها «أ.د حسن الشافعى، أ.د يوسف القرضاوى، السفير رفاعة الطهطاوى، أ.د محمد عمارة» وإفساح المجال للداعية السعودى الشيخ العريفى، والظهور الإعلامي مع مرشدى الإخوان وأشياخ من التيار السلفى ومن جماعة الجهاد والإسلامية!! ما لبثت جماعة الإخوان أن وثبت على حكم مصر، واستشعر المسيحيون وقلة قليلة من أزهريين، وجمع من علمانيين ولبراليين وقوى وطنية خطورة «الفاشية الدينية» الساعية إلى التغلغل في مفاصل الدولة المصرية. وصارت العشوائية والضبابية فيما يخص الشأن الدينى سيد الموقف، وانتهز التيار السلفى ذلك فتحولت منه طائفة للأعمال السياسية، وعمل فزاعة «المد الشيعى»، وإعلان الاحتقار للمسيحيين، والشروع في تغيير البنية الوجدانية المصرية في حب أولياء الله الصالحين وآل البيت - رضى الله عنهم - والبدء في نبش قبورهم! ووصلت الأمور إلى اجتياحه للأزهر لدعاة سلفيين، والتدليس على الناس بمناقشة ما تسمى رسائل علمية من كيانات خاصة مجهولة داخل جامعة الأزهر بكلية الدعوة الإسلامية ومركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامى. لم تقترب جماعة الإخوان إبان حكمها لمشروع «تقنين الشريعة الإسلامية» الذي بدأه الشيخان د. عبدالحليم محمود، وجاد الحق على جاد «شيخا الأزهر الراحلان» وأ.د صوفى أبو طالب «رئيس مجلس الشعب الراحل» رغم وجود المشروع في المجلس الإخوانى، تحت بصر وأمرة حزب الحرية والعدالة الإخوانى، وتيارات سلفية!! في الثورة الشعبية 30 يونيو من الأغلبية العظمى والمؤيدة من أهل الحل والعقد، ومع العودة تدريجيا إلى الدولة المدنية الوطنية بدستور معدل، والتخفيف التدريجى لسطوة مشايخ تيارات الإخوان والسلفية، بدأ الأزهر على استيحاء يلملم أوصاله، ولكن ظهر في المشهد أمران: أولهما: تصاعد ظاهرة «العنف المسلح» من جماعات دينية. ثانيهما: ظهور ثقافة عن الشيعة الإمامية إيجابا أو سلبا بما لا عهد للشعب المصرى به، وانتهزت تيارات سلفية ذلك بإنشاء ما يسمى مواجهة المد الشيعى! وتأرجح موقف الأزهر بين مويد تارة، وبين مؤيد لمشروع التقريب المذهبى تارة أخرى، وبين إدانة للشيعة الإيرانيين، ومجاملة إلى حد ما للشيعة العرب «العراقيين بالذات». وخلص المشهد فميا يخص الشأن الدينى إلى نشوب الحروب الطائفية المذهبية في دول: العراق، سوريا، اليمن. وتمهد الحروب الفكرية الطائفية لمصر لجرها لذات المستنقع مرة إلى خارج حدودها، ومرة باستدعاء أزمة ليست أصلا في داخلها، مع اليقين أن شبه وأدبيات تنظيمات العنف المسلح تستند إلى فتاوى سلفية تراثية ومعاصرة! فتنة عهد «عثمان».. أحداث «صفين» و«الجمل».. و«كربلاء» تبعث من جديد، مع صراع عرقى ثالوثة: العرب، الفرس، الأتراك وكلهم للأسف ينتمون من جهة الهوية - لا الصبغة الأصلية، إلى الدين الحق!! بلاغ فهل من معتبر ومذّكر؟