«مجلس الأمن» يصدق ويلوّح ب«إجراءات صارمة» حال مخالفته.. و«نتنياهو» يستنجد ب«اللوبى اليهودى» لرفضه ألمانيا توفد وزير الاقتصاد إلى طهران.. وإيطاليا تستثمر فى الطاقة.. ومسئول إيرانى: «وداعًا للفلافل ومرحبا بماكدونالدز» ما زالت أصداء «الاتفاق النووى» الذى وقعته إيران مع الدول الكبرى الست، تثير ضجة كبيرة حول العالم فى الوقت الحالى، وتباينت ردود الأفعال والتحليلات والتحركات العالمية، للتعاطى مع هذا المتغير الجديد الذى سيغير شكل منطقة الشرق الأوسط، ويعيد صياغة استراتيجيات العالم الاقتصادية والسياسية والعسكرية أيضًا. مجلس الأمن يصدق البداية من مجلس الأمن الذى صدق على «الاتفاق النووى» بين إيران والقوى الدولية بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية، فى خطوة تمهد الطريق لرفع العقوبات الدولية المفروضة على الاقتصاد الإيرانى، بشرط التزامها حرفيًا بالاتفاق التاريخى الذى توصلت إليه مع الدول الست الكبرى حول برنامجها النووى. وأشار مراقبون إلى أن هذا التصويت كان مجرد «إجراء شكلى»، خصوصا أن القوى الدولية الخمس دائمى العضوية فى مجلس الأمن «الولاياتالمتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا»، هى التى أعدت الاتفاق بالتعاون مع ألمانيا، وكذلك القرار المطروح للتصويت، والذى تضمن بداية عملية رفع العقوبات التدريجية والمشروطة لقاء ضمانات بأن «طهران» لن تعمل على امتلاك السلاح النووى. وأعلن المجلس تصديقه على «الاتفاق»، وكلف «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» القيام بعمليات التحقق والمراقبة الضرورية للالتزامات النووية التى اتخذتها إيران وأهمها: «الحد من عدد أجهزة الطرد المركزى أو خفض مخزونها من المواد الانشطارية». وعند تلقى المجلس تقريرا يؤكد «سلمية» البرنامج الإيرانى، سيتم إلغاء القرارات السبعة التى اتخذتها الأممالمتحدة منذ 2006 لفرض عقوبات على إيران. وتقضى هذه القرارات بحظر بيع إيران معدات أو خدمات على ارتباط بالأنشطة النووية الإيرانية، وتجميد أموال شخصيات وشركات إيرانية، وفرض حظر على الأسلحة التقليدية والصواريخ الباليستية. وسيبقى الحظر ساريا لمدة 5 سنوات بالنسبة إلى المعدات والخدمات المرتبطة بالأنشطة النووية، ولمدة 8 سنوات بالنسبة إلى الأسلحة والصواريخ، وبعد عشر سنوات عند انتهاء مدة «اتفاق فيينا» تغلق الأممالمتحدة ملف إيران. وإذا ما خالفت إيران التزاماتها فسيكون بوسع المجلس عندها إعادة فرض كامل مجموعة العقوبات بشكل شبه تلقائى. ويكفى أن ترفع إحدى الدول الخمس دائمة العضوية فى مجلس الأمن والتى تملك حق «الفيتو» قرارًا ينص على أن العقوبات تبقى مرفوعة، ثم أن تضع «فيتو» على هذا القرار نفسه حتى تفرض العقوبات مجددًا. "الكونجرس" يدرس.. وأوباما يهدد ب"الفيتو" وفى أمريكا تسلم «الكونجرس» نص الاتفاق النووى بين إيران والقوى الدولية، ومن المنتظر أن يصدر قراره النهائى خلال 60 يوما، ويتوقع المراقبون أن يقر الاتفاق فى النهاية رغم المعارضة التى أبداها الكثير من أعضاء الحزب الجمهورى. ويشير الاتجاه العام إلى «إقرار» الاتفاق، خصوصا أن الرئيس الأمريكى باراك أوباما يضغط بشدة على «الكونجرس» لإقراره، بل وهدد باستخدام «الفيتو» حال رفضه. وأوضحت مجلة «نيوزويك» الأمريكية أن فرص «إقرار» الاتفاق كبيرة فى الوقت الحالى، خصوصا أن «الديمقراطيين» وعددا آخر من «الجمهوريين» يرون فيه فرصة جيدة لوضع إيران تحت الوصاية الدولية والرقابة على برنامجها النووى، بدلا من تركها تعمل بشكل سرى على تخصيب اليورانيوم، وتفاجئ العالم بتحولها إلى قوة نووية. وكان «أوباما» هدد صراحة باستخدام «الفيتو» أمام «الكونجرس» حال اتخاذه قرارا برفض الاتفاق النووى مع إيران، مشيرًا إلى العواقب الخطيرة التى من الممكن أن تنجم عن غياب اتفاق من هذا النوع فى المستقبل. وقال «هذا الاتفاق ليس قائما على الثقة، إنه قائم على التحقق. المفتشون سيكونون قادرين على الوصول إلى المنشآت النووية الإيرانية الرئيسية طوال 24 ساعة»، محذرًا «الكونجرس» من اتخاذ قرار «غير مسئول» برفض الاتفاق. "البنتاجون" يستعد للحرب ورغم محاولات الإدارة الأمريكية إقناع الجميع فى الداخل والخارج بأهمية الاتفاق النووى لاستقرار العالم والشرق الأوسط، فإن العديد من الخبراء والعسكريين ومسئولى المخابرات غير مقتنعين بهذا إلى حد بعيد، وهو ما تمثل فى إعلان وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» أن خيار الحرب ما زال مطروحا ويلوح فى الأفق، ويجرى الاستعداد له حاليا. ونقلت صحيفة «يو إس توداى» الأمريكية عن وزير الدفاع الأمريكى آشتون كارتر قوله: «خيار العمل العسكرى لمنع إيران من تطوير أسلحة نووية ما زال قائما، رغم الاتفاق المبرم هذا الأسبوع». وأدلى «كارتر» بتصريحه هذا وهو فى طريقه إلى إسرائيل، المحطة الأولى فى جولته بالشرق الأوسط. كما طالب السياسى الأمريكى الشهير دينيس روس، أحد مستشارى «أوباما» السابقين، بضرورة منح إسرائيل أسلحة استراتيجية، حتى يمكنها شن حرب ضد إيران فى أى وقت، مقترحًا تقديم «قاذفات بى 52» القادرة على حمل أسلحة نووية تكتيكية، إلى «تل أبيب»، لضرب المواقع النووية الإيرانية إذا ما تراجعت إيران عن وعودها للعالم وبدأت فى تطوير أسلحة نووية. من جانبه بدأ وزير الدفاع الأمريكى جولة شرق أوسطية بدأها من إسرائيل وستمتد إلى السعودية، لتهدئة المخاوف الحالية من الاتفاق على إيران، وتأكيد دعم أمريكا لحلفائها وعدم التخلى عنهم. ويسعى «كارتر» لتهدئة مخاوف الحليف الرئيسى للولايات المتحدة فى المنطقة، الذى كان من أشد المنتقدين للاتفاق بشأن البرنامج النووى الإيرانى. بيد أن «كارتر» اعترف بأنه لن يغير رأى أى شخص فى إسرائيل، لكنه يسعى بدلا من ذلك إلى تأكيد أن رغبة الولاياتالمتحدة بحماية إسرائيل لم تتضاءل. وأضاف: «هذه صفقة جيدة، تزيل عنصر خطر حرج وحالة تهديد وعدم يقين فى المنطقة». "نتنياهو" يستنجد باللوبي اليهودي على صعيد متصل حث رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو أعضاء «الكونجرس» على رفض الاتفاق النووى مع إيران، وطالب «اللوبى اليهودى» بالضغط بقوة على صانعى القرار فى «واشنطن» لرفض هذا الاتفاق. وكشفت تقارير أمريكية أن «اللوبى اليهودى» بقيادة «لجنة الشئون العامة الأمريكية الإسرائيلية- إيباك» بدأت بالفعل تشن هجوما على إدارة «أوباما». وأشارت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية إلى أن «إيباك» وشخصيات أخرى موالية لإسرائيل دشنت حملة بعنوان «مواطنون من أجل إيران خالية من السلاح النووى»، جمعت ملايين الدولارات للضغط على «الكونجرس» لعرقلة الاتفاق النووى مع إيران، على أن تشمل تلك الحملة إعلانات بالصحف والمواقع الإلكترونية وشبكات التلفزة ضد الاتفاق. أوروبا تبحث عن الفرص على جانب آخر بدأت أوروبا التحرك سريعا لضمان نصيبها من «الكعكة الإيرانية»، بحثا عن أموال طهران والفرص الاستثمارية المتاحة حاليا هناك، وتقود ألمانيا حملة اكتشاف كنوز الشرق هناك، وأرسلت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وزير اقتصادها زيجمار جابرييل على رأس وفد اقتصادى ضخم إلى طهران. ووفقا لصحيفة «زالوكال» الألمانية فإن برلين أرسلت أول وفد اقتصادى غربى إلى إيران، فى خطوة تهدف إلى إيجاد موطئ قدم لها فى إيران. وأوضح صرح جابرييل، الذى يتولى أيضا منصب نائب المستشارة الألمانية، أنه وضع حجر الأساس لتطبيع العلاقات الاقتصادية مع إيران، مضيفا: «الشرط المسبق لذلك هو أن الخطوات التى وردت فى الاتفاق تُنفذ الآن». ويجرى وزير الاقتصاد الألمانى محادثات مع الرئيس الإيرانى حسن روحانى والعديد من الوزراء فى أثناء زيارته التى تستغرق 3 أيام. وبهذه الزيارة للوفد الاقتصادى الألمانى إلى طهران ترسل برلين إشارة قوية بأنها ترغب فى إعادة العلاقات الاقتصادية والسياسية بسرعة معها بعد المواجهات السياسية وسياسة العقوبات ضد طهران بسبب برنامجها النووى. وضم الوفد الألمانى مسئولى شركات «سيمنز» و«فولكس فاجن» و«ديملير» و60 شركة أخرى، وتنتظر آلاف الشركات الصغيرة دخول السوق الإيرانية والاستفادة منها. وقالت جمعيات الصناعات الألمانية إن الصادرات إلى إيران قد تتضاعف إلى أربعة أمثالها خلال السنوات القليلة المقبلة نتيجة التوصل إلى الاتفاق. كما قررت إيطاليا أن تحذو حذو ألمانيا، وأعلنت وزيرة التنمية الاقتصادية الإيطالية فدريكا جويدى، أن وفدًا تجاريا رفيع المستوى زار طهران لبحث الفرض الاستثمارية، خصوصا فى قطاع الطاقة والكهرباء والموارد الطبيعية. وأشارت صحيفة «التايمز» البريطانية إلى أن الإيرانيين يستعدون الآن لتوافد الغرب على بلادهم، وكتب أحد المسئولين الإيرانيين على «تويتر»: «وداعا للفلافل ومرحبا بماكدونالدز» فى إشارة إلى استثمارات المطاعم الغربية فى إيران بعد توقيع الاتفاق النووى. وأشارت الصحيفة إلى أن العديد من رؤساء الشركات الغربية يتهافتون على الأسواق الإيرانية المتعطشة لمثل هذه الاستثمارات. وتسعى شركة «ماكدونالدز» الشهيرة التى كانت من أوائل الشركات التى فتحت مطاعمها فى الكتلة الشرقية السابقة عام 1980، لافتتاح مطاعهما فى وسط طهران.