قضية قرصنة الكتب الكترونيا وتوزيعها على شبكات الإنترنت هي قضية مستحدثة ومعقدة بسبب سهولة توزيع الكتب المقرصنة عبر حدود الدول، وصعوبات التقاضي الدولية، ولكن رغم هذه التعقيدات فلا نستطيع أن نقول أنها قضية غامضة، فالقانون المصري والقوانين الدولية أصبحت تحمي حقوق الناشرين فيما يتعلق بالنسخ الإلكترونية من كتبهم بالضبط كما تحمي النسخ الورقية من القرصنة. وصعدت هذه القضية إلى واجهة النقاش الثقافي مؤخرا إثر نشر جريدة "القاهرة" الحكومية حوارا مع أحد قراصنة الكتب المعروفين والمدعو "على المولى" بطريقة تحمل كثير من الاطراء والمجاملة له، وجاء في نص الحوار باعترافاته سرقة أكثر من 100 ألف كتاب وتحويلها إلى صيغة "البي دي أف" وتسبب في خسائر المؤلفين والناشرين، وهو ما أثار استهجان اتحاد الناشرين، والمعني بحماية صناعة الكتاب في مصر، إضافة إلى سخط المؤلفين والناشرين أيضًا. أجرت "البوابة نيوز" تحقيق لمعرفة لماذا يكره الناشرون "على المولى"، حيث قال عادل المصري رئيس اتحاد الناشرين، أن الاتحاد بصدد إرسال جواب إلى الدكتور عبد الواحد النبوي وزير الثقافة نستنكر فيه إجراء حوارًا مع حرامي كتب، وان الاتحاد ليس ضد إجراء حوار معه، ولكن كان لا يجب على الصحفي أن يمجد فيه ويصفه بأنه "روبن هود المحبوب"، أو نمدحه ونقول له برافو عليك – على حد قوله-، مؤكدًا أن الصحفي الذي قام بإجراء مثل هذا الحوار لا يعلم شيء عن قانون حقوق الملكية الفكرية. وأكد المصري أن مثل هذا الحوار هو سقطة في تاريخ جريدة عريقة، -على حد وصفه-، خاصة أنها قدمت شكرًا لحرامي كتب على خدماته في خراب بيوت الناشرين، مضيفًا إن مثل هذا الحوار إذا كان في دولة تؤمن بثقافة حقوق الملكية الفكرية لكان هناك إجراء رادع يواجه مثل هذه الجريدة. وأوضح رئيس اتحاد الناشرين أنه يرحب ب"على المولى" في مصر لأنه سوف يسجن مباشرة فور أن يصل إلى أرض القاهرة، لأن باعترافه في الحوار قام بسرقة الكتاب والناشرين على حد سواء، مضيفًا أن اتحاد الناشرين سوف يتقدم إلى اتحاد الكُتاب بخطاب رسمي يطالب فيه المؤلفين بتقديم شكاوى ضد لص الكتب، مؤكدًا أن الاتحاد سوف يتعامل مع المدعو "على المولى" بصفته قرصان كتب. وفي نفس السياق أوضح عادل المصري رئيس اتحاد الناشرين أن مباحث المصنفات تعمل على قدم وساق وتقوم بحملات دورية على مناطق تنتهك حقوق الملكية الفكرية مثل سور الأزبكية، إلا أن تزوير الكتب أصبح متقن جدًا، مؤكدًا أن الاتحاد قام بتجهيز مشروع لتغليظ عقوبات انتهاك حقوق الملكية الفكرية. وعن قرصنة الكتب أوضح أن متابعة الكتب على الإنترنت أمر شديد الصعوبة خاصة أن بعد التتبع يتضح أن تقوم من سيرفرات خارج حدود القطر المصري، ولا يمكن ضبطها. وفي نفس السياق أوضح محمد البعلي صاحب ومدير دار صفصافة للنشر والتوزيع، أنه استهجن هذا الحوار الذي أثار جدلا بسبب محتواه المجامل والمؤيد لقرصنة الكتب الإلكترونية، لأن الحوار لم يلتزم بقوانين حماية الملكية الفكرية، موضحًا إن على المولى يجب أن يقع تحت طائلة القانون لتداول النسخ الإلكترونية غير المرخصة من الناشرين والمؤلفين وهي جريمة، وأظن أن من يسهل الجريمة أو يروج لها يقع تحت طائلة القانون. أما الناشرة بيسان عدوان صاحبة دار ابن رشد أوضحت أن مثل "على المولى" يساهم بشكل أو بآخر في ضرب صناعة النشر التي تقاوم صعوبات شديدة، ويروج لفكرة سرقة الكتب، التي تعاني منها دول العالم الثالث، مؤكدة أن "على المولى" لص كتب ويجب أن يقع تحت طائلة القانون. وأضافت أن سرقة حقوق الناشر والمؤلف كان يمكن التغاضي عنها قبل خمس سنوات من الآن حين كانت الكتب تمنع وتصادر فكان نشر الكتب الكترونيا وطرحها على الإنترنت هو الملاذ للقارئ، أما الآن فالسوق مفتوح. وأضافت أن الحوار اعتمد على عدم ثقافتنا بحقوق الملكية الفكرية، وان مصر غير معنية بمثل هذه الثقافة، وهو -ما يزيد الطين بله- على حد وصفها، مضيفًا أن على المولى حسب اعترافاته في الحوار يجلس أكثر من 16 ساعة ليزور كتاب ويرفعه على النت، وهذا ليس من أجل الثقافة، ولا من أجل المثقف العربي كما أدعى لص الكتب، ولكنه من أجل التربح من الإعلانات الرقمية. وأكدت أن على المولى حاول مرارًا وتكرارًا أن يؤسس دار نشر بلبنان، ولكن لديه مشكلات قانونية وربما تكون لقوى قوانين الملكية الفكرية. وطالبت صاحبة دار ابن رشد الناشرين المصريين فتح النقاش حول موضوع الحلول للكتب المسروقة سواء رقمية أو ورقية، للوقوف ضد الطفيليين والقوانين المجحفة والسوق غير المستقر والسماسرة والشللية التي تسيطر على كل شيء. وفي نفس السياق قال "وائل الملا"، صاحب دار أطياف للنشر والتوزيع، أن "على المولى" رفع 100 ألف كتاب يقابلهم 100 ألف إهدارًا لحقوق المؤلف والناشر، ويجب أن يقع تحت طائلة القانون، وانه انتهك حقوق الملكية الفكرية. وأضاف أن "على المولى" في حواره حاول يتجمل كثيرًا بادعائه أن يحل أزمة التوزيع، وهو مطلب للناشر والمؤلف، ولكنه ليس معني بهذه المشكلة، لأنه ليس ذي صفه، لأن بطريقته هذه يساهم في ضياع حقوق المؤلفين والناشرين على حد سواء. وطالب بضرورة تفعيل حقوق المؤلف والنشر، مضيفًا أن على المولى يتظاهر بدور بطولي حيث أنه يؤمن الانتشار للمؤلف كما يدعي، ولكنه في حقيقة الأمر يعاقب الناشر، بزعم أنه لا يدفع حقوق المؤلف وهو ليس ذي صفة أيضًا. وأضاف أن ساحات القضاء هي المعنية بعودة الحقوق لأصحابها، وأن المؤلف إذا لم يحصل على حقوقه من الناشر عليه أن يقاضيه، وإذا زعم "على المولى" أنه يحاول أن يصل بالمعرفة لأن سعر الكتاب مرتفع على القارئ العربي، فهذا ادعاء باطل ويحاول تجميل نفسه، لأن هناك كتب الأسرة المعنية بإيصال المعرفة إلى بأسعار زهيدة. وأكد صاحب دار أطياف للنشر أن المدعو "على المولى" لص الكتب يدعي أنه يصل بالمعرفة إلى القارئ الإلكتروني على الرغم من وجود مواقع معنية بهذا الأمر وتقدم الكتب الإلكترونية بحماية فكرية وبخصومات تصل لأكثر من 70 %. وأوضح "وائل الملا" أن الأجيال الجديدة من الشباب غير معنية بحقوق الملكية الفكرية، ولا تؤسس للحفاظ على حقوق المؤلف والناشر، بل بالعكس فهي تؤسس لحالة من الفوضى وخرق القوانين، بتمجيدهم لمثل هذه الشخصية.