تاريخ العرض: 1992 إنتاج: قطاع الإنتاج، التليفزيون المصري إخراج: مجدى أبو عميرة تأليف: محمد صفاء عامر تمثيل: عبد الله غيث، حمدى غيث، أحمد عبد العزيز، سماح أنور، شريف منير، وائل نور، وفاء مكي، إنعام سالوسة، عبد الله محمود، محمد الدفراوى الصعيد المصرى منجم للحكايات، ولكن لأسباب كثيرة لم يقدم الصعيد على الشاشتين الكبيرة والصغيرة إلا نادرا، وبشكل نمطى يعج بالأخطاء غالبا، وهذه الأخطاء تبدأ باللغة التى غالبا ما لا يكون لها علاقة باللهجات الصعيدية، وتمتد إلى صور الحياة الاجتماعية، والطباع السائدة والأعراف والعادات، التى تختلف من محافظة لأخرى، وأحيانا من قرية لأخرى. كثير من الذين كتبوا عن الصعيد من أهل البندر، أو صعايدة رحلوا عن بلادهم واستقروا فى القاهرة منذ شبابهم المبكر، وهؤلاء يكونون غالبا من المتعلمين الذين قضوا طفولتهم وصباهم بين المدرسة والبيت، فلم ينزلوا إلى العمل فى الحقول أو غيرها من المهن، ولم يتعرفوا على تفاصيل الحياة فى بلادهم قبل هجرتهم للقاهرة. هذا التوصيف ينطبق على مؤلف «ذئاب الجبل» محمد صفاء عامر الذي جاء إلى القاهرة شابا وعمل قاضيا قبل أن يستقيل ليتفرغ لكتابة الأفلام والمسلسلات، التى تدور معظمها عن الصعيد. الفارق الوحيد قد يكون هو حفاظ عامر على صلاته بمسقط رأسه، واحتفاظه باللغة الصعيدية، وإلمامه بالعادات والتقاليد وأسلوب الحياة فى الجنوب. قدم صناع «ذئاب الجبل» مسلسلهم باعتباره أول عمل «صادق» عن الصعيد، وبالفعل احتوى العمل على كثير من التفاصيل الجديدة على العين، من اللغة والملابس وشكل الحياة فى البيوت وطبيعة الصراعات الطبقية والقبلية التى تسيطر على الناس فى الصعيد. وقد حرص مؤلف المسلسل محمد صفاء عامر على اختيار قرية وقبيلة معروفة، هى الهوارة، مما أضفى على العمل مصداقية من ناحية، ومقارنات لا تنتهى بين المسلسل والواقع من ناحية ثانية. كان «ذئاب الجبل» من أوائل الأعمال الدرامية التليفزيونية التى توفر لها مراجعون للغة، وقد أصبحت هذه عادة بعد ذلك فى المسلسلات الصعيدية، علما بأن مهنة مراجعى اللغة معروفة فى العالم كله، فى السينما والتليفزيون، مراعاة للدقة والمصداقية وإضفاء الجو الواقعى على العمل. كذلك تم تطعيم العمل بعدد من الأغنيات التى كتبها الشاعر الصعيدى عبد الرحمن الأبنودي، بصوت على الحجار وفاطمة عيد وألحان جمال سلامة. كل هذه العناصر ساهمت فى أن يحظى المسلسل بشعبية جماهيرية كبيرة فى محافظات الصعيد، التى يقال إن شوارعها كانت تخلو من البشر وقت عرض المسلسل، كما حظى بشعبية فى مصر كلها، فقد كان الموضوع والعالم الذى تدور فيه الأحداث جديدا، والشخصيات قوية وتضج بالحياة والعنف والإثارة. يدور «ذئاب الجبل» حول الصراع بين عائلتين، الأولى هى عائلة الشيخ بدار، حمدى غيث، كبير قرية هوارة، وعائلة علوان أبو البكري، عبد الله غيث، وأولادهما وزوجاتهما، فى حبكة معقدة يصعب تلخيصها، ولكنها تعج بقصص الحب والانتقام والجريمة والمطاردات، وكل توابل «الأكشن». وقد شارك فى العمل عدد كبير من نجوم التليفزيون، الذين ظهروا بشكل مختلف نسبيًا فى أدوار الصعايدة. كان «ذئاب الجبل» بداية لموجة من المسلسلات «الصعيدية» وبداية تعاون بين المؤلف محمد صفاء عامر والمخرج مجدى أبو عميرة امتد بعد ذلك فى عدة مسلسلات كان من أكثرها نجاحًا «الضوء الشارد»، «أفراح إبليس»، و«حدائق الشيطان» وغيرها.