التنظيم يعتمد فى تمويله على «الجمعيات الخيرية» والضرائب والنفط والآثار يستعين ب «الذئاب المنفردة» لتنفيذ عمليات بالخارج ويتواصل مع التكفيريين فى مصر وليبيا تزامنًا مع تزايد العمليات الإرهابية فى شبه جزيرة سيناء، التى كان آخرها الهجوم على 5 كمائن للجيش فى مدينة «الشيخ زويد»، أمس الأربعاء، أظهر تقرير وزارة الخارجية الأمريكية السنوى عن الإرهاب فى دول العالم، نموًا متزايدًا فى إمكانيات تنظيم الدولة الإرهابية «داعش»، عبر اتباعه متخذا منهجًا اقتصاديًا غير مسبوق لدى التنظيمات الإرهابية فيما يتعلق بالتمويل، إلى جانب استعانته بالمقاتلين الأجانب، ونشر العقيدة المتطرفة بشكل فعال. وكشف كل من ماثيو ليفت، مدير «برنامج ستاين للاستخبارات ومكافحة الإرهاب»، وريان يوكيليس، الباحث بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أهم ما جاء فى تقرير الخارجية الأمريكية الذى تضمن تحذيرًا من تنامى ما يعرف بتنظيم «داعش» الإرهابي، وخلقه نوعًا من التحول فى طبيعة التهديد الإرهابي. وذكر التقرير أن تنظيمات «القاعدة» و «الحرس الثورى الإيراني» و«حزب الله» تمثل خطرًا حقيقيًا، إلا أن التهديد الناجم عن «داعش» مختلف تمام الاختلاف. وذكر التقرير أن عام 2014 شهد استحواذا غير مسبوق لتنظيم «داعش» على أراضٍ سورية وعراقية، واستمرار تدفق المقاتلين الإرهابيين الأجانب من جميع أنحاء العالم للانضمام إليه، وتزايد المتطرفين العنيفين الذين يعملون على أساس منفرد فى الغرب «الذئاب المنفردة»، بجانب بدء التنظيم فى توطيد علاقاته مع أتباع محتملين خارج العراقوسوريا فى مقدمتهم: «أنصار الشريعة» فى ليبيا، «أنصار بيت المقدس» فى سيناء. وقال إنه فى السنوات الماضية، ركزت جهود الولاياتالمتحدة لمكافحة الإرهاب على هزيمة تنظيم «القاعدة». وفى حين يبقى التنظيم الذى نفذ اعتداءات 11 سبتمبر يشكل تهديدًا، إلا أنه يعتمد بشكل أساسى على أتباعه الإقليميين، لاسيما تنظيم «القاعدة فى شبه الجزيرة العربية» و«جماعة خراسان» فى سوريا، وبشكل متزايد على أفراد يجدون فى عقيدة التنظيم وحيًا لهم ولكنهم يتصرفون بصورة مستقلة، ومن دون توجيه خارجى من قادة تنظيم «القاعدة». واليوم، تصدر التهديدات الإرهابية الأكثر خطورة بشكل أساسى عن تنظيم «الدولة الإسلامية»، كونه المحرك الرئيسى لعدم الاستقرار الإقليمى الذى يثير لهب التطرف. تمويل «داعش».. «انهب واجري» تتنوع مصادر تمويل «داعش» وتنبثق غالبيتها موارد محصنة من التدابير التقليدية المعتمدة لمحاربة تمويل الإرهاب، وتشمل: «المنظمات التى تعمل تحت غطاء مؤسسات خيرية، عمليات بيع النفط فى السوق السوداء، فرض ضرائب على سائقى الشاحنات المحليين وأصحاب الأعمال وموظفى الحكومة السابقين». ويجمع التنظيم الإرهابى الجزء الأكبر من أمواله من داخل الأراضى الخاضعة لسيطرته، عبر أنشطة متنوعة مثل الابتزاز والجريمة وفرض الضرائب وتهريب النفط والقطع الأثرية. وبعد استيلائه على مدينة «الموصل» فى يونيو 2014، عكف «داعش» على نهب المصارف بحرية وفرض ضرائب على العمليات التجارية، وابتزاز السكان. وتقدّر وزارة الخارجية الأمريكية أن التنظيم الإرهابى حصل على ما يصل إلى عدة ملايين من الدولارات شهريًا بواسطة شبكات الابتزاز المتنوعة والنشاط الإجرامى فى الأراضى التى نشط فيها، بجانب الأموال التى تجمع من خارج الأراضى الخاضعة للتنظيم، وهو ما ظهر فى اعتقال فرنسا لشخصين بتهمة «بيع رايات داعش»، وجمدت الفلبين أصول 6 عناصر من التنظيم وكذلك فعلت بريطانيا. المقاتلون الأجانب «الهجرة فى سبيل الشيطان» ثانى عوامل تنامى قوة «داعش» وفقًا للخارجية الأمريكية يتمثل فى قدرته على استقطاب أعداد كبيرة من المقاتلين الأجانب إلى صفوفه، فتقول فى تقريرها: «أعداد كبيرة من الأوروبيين توجهت إلى سورياوالعراق للانضمام إلى داعش»، موضحة أن تلك الظاهرة تخطت المجتمعات المسلمة فى أوروبا إلى المجتمعات المسلمة فى جميع أنحاء العالم. وأشار التقرير إلى أن نحو 400 مقاتل أجنبى عادوا إلى تونس من العراقوسوريا، بجانب منع 9 آلاف مجند محتمل من مغادرة البلاد، منوهًا إلى انضمام مقاتلين أجانب للتنظيم الإرهابى من عدة دول إسلامية أهمها: «بنجلاديش ولبنان والمملكة العربية السعودية»، ودول غربية مثل «فرنساوبريطانيا وروسيا والولاياتالمتحدة». وقدرت الخارجية الأمريكية عدد المقاتلين الأجانب فى صفوف «داعش» ما بين 20 إلى 31 ألف مقاتل، وقالت: «يتّبع تنظيم داعش استراتيجية متطورة للغاية قائمة على وسائل التواصل الاجتماعي، بهدف الترويج لوحشيته وإثبات قدرته على العمل كحكومة فعالة، ما ساهم فى استقطاب آلاف المجنَّدين الأجانب». وسائل «التواصل الإرهابي» ونوه تقرير الخارجية الأمريكية إلى قدرة «داعش» على تطويع وسائل التواصل الاجتماعى فى جذب انتباه الملايين من جميع أنحاء العالم، موضحة أن التنظيم تمكن من نقل عقيدته إلى المجنَّدين المحتملين، وظل متقدمًا على الحكومات الوطنية بخطوة واحدة باستخدام تلك الوسائل. وأضاف التقرير: «حافظ داعش على حضوره الأيديولوجى فى حياة الكثير من المجنَّدين المحتملين الشباب، فاستطاع بذلك استقطاب أتباع من جميع أنحاء العالم بسرعة كبيرة، وبناء علاقات مع أتباع محتملين أو ما يعرف بالولايات فى عرفه». وتابع التقرير: «باستخدام تلك الوسائل تمكن التنظيم فى الوصول إلى ما هو من العراقوسوريا، والتواصل مع أفراد ضعفاء فى جميع أنحاء العالم يمكنهم دعم الجماعة، أو الانضمام إليها فى الشرق الأوسط، أو تنفيذ هجمات «فردية» فى بلدانهم الأم. وعن ظاهرة «الذئاب المنفردة» قال التقرير: «يواجه المسئولون عن مكافحة الإرهاب مجموعة جديدة من المشاكل بفعل تزايد الهجمات الفردية، كما حدث فى أوتاوا وسيدنى وبروكسل». وأضاف: «هذه الهجمات تنبئ بحقبة جديدة أصبحت فيها القيادة المركزية لمنظمة إرهابية أقل أهمية، وهوية التنظيمات أكثر مرونة، والأحداث المتطرفة العنيفة أكثر تركيزًا على مجموعة أوسع من الشكاوى والأعداء المزعومين الذين قد تتماهى معهم عناصر فردية فتسعى إلى تنفيذ هجمات من تلقاء ذاتها». وأشارت وزارة الخارجية الأمريكية إلى الطرق التى تعتمدها دول مختلفة لمكافحة عقيدة «داعش»، لافتة إلى أن الملك الأردنى عبدالله الثانى قال فى نوفمبر 2014: «على الأردن محاربة الإرهاب والتطرف لحماية نفسه كأمة ولحماية الإسلام المعتدل الذى يضم الغالبية العظمى من مسلمى العالم»، كما أدلى قادة عرب آخرون ببيانات مماثلة، فيما أصدرت حكومات أوروبية عدة قوانين لمواجهة خطابات «داعش»، فحظرت النمسا، على سبيل المثال، استخدام وتوزيع رموز التنظيم والجماعات الأخرى المرتبطة به، فى خطوة تهدف إلى منع مجنَّدين محتملين من الوصول إليه. وخلص التقرير إلى أن استراتيجية «داعش» المخططة بشكل منهجى أدت إلى تناميه السريع، ورغم الجهود المتزايدة الرامية إلى مكافحة هذا التنظيم الإرهابي، ما زالت هذه الاستراتيجية تُثبت نجاحها، وفقًا للتقرير الذى أضاف: «نظام التمويل المعقد والمتنوع الذى تعتمده الجماعة، والتجنيد الفعال للمقاتلين الأجانب، وقدرة التنظيم على نشر أيديولوجيته، جميعها عوامل أدّت إلى تسهيل توسعه انطلاقًا من قاعدته الصغرى فى شمال سوريا إلى شبه دولة تمتد على مساحات كاملة فى شمال سورياوالعراق.