هذا التقرير الذى نشرناه منذ شهور، يبدو أنه صالح للنشر بعد مضى تلك المدة دونما حذف أو إضافة، عملًا بمقولة القاص العبقري، يحيى الطاهر عبد الله، «الحقائق القديمة صالحة لإثارة الدهشة». فقد كشفت مصادر استخباراتية تعمل فى سيناء، منذ شهور، أن التطور النوعى للعمليات الإرهابية التى شهدتها منطقة شمال سيناء فى الآونة الأخيرة، خاصة فيما يتعلق بعمليات التفخيخ، يؤكد انضمام عناصر محترفة من خارج سيناء إلى التنظيم سواء من داخل قطاع غزة أو ما يطلق عليهم «الطيور المهاجرة» لتنظيم داعش، هؤلاء الذين عدلوا مسار هجرتهم من العراق وسوريا إلى سيناء. وأوضحت المصادر أن أجهزة الاستخبارات رصدت محادثات واتصالات على شبكة الإنترنت بين الراغبين من المصريين النفير إلى داعش فى العراق وسوريا وبين قيادات داعش، حيث طالبتهم الأخيرة بالنفير إلى سيناء، والانضمام إلى تنظيم بيت المقدس لتدعيمهم فى مواجهة الجيش المصري، وأضافت مصادر سيادية متخصصة فى الإرهاب أن تنظيم بيت المقدس فى سيناء يحذو حذو داعش، فى السعى للوصول إلى مرحلة التمكين وإعلان دولة الإسلام فى سيناء. وكشفت المصادر عن وجود ثلاث مراحل لتنظيم داعش ينتهجها الآن أنصار بيت المقدس للوصول لمرحلة التمكين، والإعلان عن دولة إسلامية فى سيناء، وهى مرحلة الشوكة والإعداد ثم مرحلة الشوكة والنكاية، ثم مرحلة التمكين، وشددت المصادر على أن تنظيم بيت المقدس يعتقد أنه يخوض غمار المرحلة الثانية، وهى مرحلة الشوكة والنكاية، فى محاولة لتجاوزها والوصول إلى مرحلة التمكين، بعد استقطاع جزء من أرض سيناء. وأوضحت المصادر أن التنظيم يسعى إلى إنهاك الجيش المصرى مستخدمًا مساعدات لوجستية تأتيه من الخارج ومن قطاع غزة، تمكنه من توسيع نطاق مواجهاته المستقبلية مع وحدات الجيش بهدف توسيع نطاق الإمارة الإسلامية التى يزمع الإعلان عنها. وحول مرحلة الشوكة والنكاية قالت مصادر أمنية متخصصة، إن هذه المرحلة تعنى تنفيذ عمليات نوعية تهدف إلى إجهاد الجيش المصرى وإظهار انتصارات التنظيم فى محاولة لجذب المزيد من المساعدات اللوجستية من جهة، والأفراد الراغبين فى التطوع من جهة أخرى، تمهيدا لرفع علم الدولة الإسلامية المزعومة على أى قطعة من أرض سيناء، وتابعت المصادر أن التحريات الأمنية لم تتوصل حتى الآن لقيادات التنظيم الحقيقية فى سيناء سوى اسم الدكتور أسامة المصري، الذى ترجح المصادر عدم وجوده فى سيناء فى هذا التوقيت، بينما تردد اسم أبو أيوب المصرى باعتباره القائد الفعلى لتنظيم بيت المقدس فى سيناء برغم إعلان الحكومة العراقية عن مقتله خلال عام 2010، وأبو أيوب المصرى كان زميلا لأبو مصعب الزرقاوي، أثناء إمارة الأخير لتنظيم القاعدة، وذلك قبل أن يقتل على يد القوات الأمريكية فى جنوبالعراق، ثم انضم لتنظيم الدولة الإسلامية فى العراق حتى أعلنت الحكومة العراقية مقتله، ثم فجرت أمريكا مفاجأة بالإعلان عن مكافأة مالية قدرها 3 ملايين دولار لمن يرشد عن أبو أيوب المصرى خلال عام 2014 معلنة أنه موجود فى سيناء، إلا أن أجهزة الاستخبارات المصرية العاملة على الملف، لم تتمكن من تأكيد تواجده فى سيناء حتى الآن، كما لم تتمكن بعد من تحديد هوية القيادات التى تقود تنظيم أنصار بيت المقدس فى سيناء فى هذا التوقيت، خاصة بعد مقتل شادى المنيعى وكمال علام ومحمد التيهى وعناصر قيادية عديدة. كما كانت هناك تاكيدات أن طبيب بن لادن الهارب من السجون المصرية خلال ثورة يناير 2011 والذى توجه إلى شمال سيناء ظل متواجدا لفترات طويلة يلقى الخطب الجهادية بمساجد التكفيريين بالشيخ زويد، حتى انقطعت أخباره وترددت أنباء عن مقتله خلال ضربات جوية للطائرات الأباتشي، ليصبح لغز الكشف عن هوية قيادات تنظيم بيت المقدس غامضًا حتى الآن. وأرجعت مصادر سيادية ذكر اسم أبو أيوب المصرى بعد الحوادث الأخيرة، نظرا لطبيعة التفجيرات الأخيرة التى شهدتها منطقة سيناء، والتى تحمل بصمات أبو أيوب المصرى والذى يعرف أيضا باسم أبو حمزة المهاجر. وعن خط سير العناصر الإرهابية الأجنبية المتوجهة إلى شمال سيناء كشفت تقارير أمنية بأن البحر الأحمر هو الطريق الوحيد لتهريب وتسلل العناصر الإرهابية الأجنبية، وكذا شحنات السلاح إلى منطقة شمال سيناء وقطاع غزة، وأضافت المصادر أن شواطئ البحر الأحمر بمناطق رأس سدر وشرم الشيخ، تستقبل يوميا شحنات السلاح المهرب من ليبيا عن طريق جبال محافظة البحر الأحمر، ثم يتم نقل هذه الشحنات قبل نقطة نفق الشهيد أحمد حمدى بالبحر عبر لنشات الصيد التى تنقله إلى شواطئ رأس سدر، حيث يتلقفه عناصر من المهربين من البدو بجنوبسيناء لنقلها إلى مناطق الشمال عبر الدروب الجبلية التى تقع بوسط سيناء. وفيما يتعلق بإمكانية وصول عناصر من داعش إلى سيناء، كشفت تقارير بأن مطار شرم الشيخ الدولى يعد طريقا سهلا لوصول العناصر الإرهابية من الخارج، والتى تصل إلى مطار شرم الشيخ الدولى على أنهم سائحون، حيث يرتدون ملابس لا تثير أية شكوك فيما يحملون جوازات سفر خاصة ويقيمون فى شرم الشيخ على أنهم سائحون لمدة ثلاثة أيام، ثم يختفون متوجهين إلى شمال سيناء خاصة. للمؤسسة العسكرية المصرية تاريخ نضالى كبير شاركتها فيه القبائل البدوية، الذين يطلق عليهم المجاهدون من بدو القبائل خاصة فى سيناء، وقد توارث الأبناء عن آبائهم وأجدادهم تلك الروح الثورية والنضالية، مستكملين عمليات التعاون الاستراتيجى مع المؤسسة العسكرية، وضم ملف المتعاونين مع الجيش من بدو سيناء فئات عديدة، منهم من حصل على نوط الامتياز كونهم مجاهدين قدموا لبلدهم خدمات جليلة. فى مقابل هؤلاء هناك متعاونون كثر أيضا مع حركة حماس والتنظيمات التكفيرية، ففى خلال عام 2007 وعقب سقوط قطاع غزة فى أيدى مقاتلى حماس بدأت الحركة فى عمليات حفر الأنفاق على الحدود بين غزة ومصر، وبدأ معها بيزنس التهريب بجميع أشكاله من سلاح وبضائع ونقل أموال، الأمر الذى دفع ببعض القبائل المحسوبة على بدو سيناء فى رفح والشيخ زويد وأماكن أخرى بسيناء ألى توطيد علاقاتهم مع حركة حماس وأصبح هناك مندوبون دائمون للحركة فى سيناء، عملوا وما زالوا كجواسيس ينفذون تعليمات الحركة التى أغرقتهم بالمال المتحصل من عمليات التهريب فقاموا بشراء أراضٍ نيابة عن حماس، تم استخدامها فى إخفاء السلاح وتخزين البضائع تمهيدا لتهريبها لداخل القطاع، ووصل الأمر الى استخدام حماس لهؤلاء المجرمين الذين خانوا أوطانهم، فى خطف وقتل أى عنصر ترغب قيادة حماس فى تصفيته بمنطقة سيناء ويرجع بعض رجال الأمن هذه التصرفات للحالة الاجتماعية المتدنية التى يعيشها قطاع كبير من مواطنى المنطقة الحدودية، تلك التى دفعتهم لإلقاء أنفسهم فى أحضان حماس من أجل حفنة دولارات. وقد ظهرت علامات الثراء على قطاع كبير من أهالى المنطقة الحدودية برفح والشيخ زويد وأصبحت عملية تهريب السلاح والصواريخ والمتفجرات لحماس عبر الانفاق أمرا سهلا خاصة عقب ثورة 25 يناير عام 2011 والتى شهدت اختراقا كبيرا لحماس وتنفيذها لعملية اقتحام السجون، وهو ما يؤكد حجم التعاون الكبير من قبل البدو مع الحركة، كما لعبت الممارسات التى شهدها عهد الرئيس المخلوع محمد مرسى دورا كبيرا فى تغذية تلك المناخات. حيث مارس مرسى ضغوطا كبيرة على المؤسسة العسكرية لمنعها من اقتحام منازل المواطنين القاطنين على الشريط الحدودى تحت دعوى احترام حقوق الإنسان، وهى حجة أتاحت الفرصة لتهريب الصواريخ لحماس لاستخدامها وقت الحاجة.