لم يكن مصطلح «العصمة» مشهورًا عند الفقهاء السابقين، وإن لم يغب معناه عن معالجتهم فيما أسموه «تفويض الزوجة في تطليق نفسها»، أو «توكيل الزوجة في طلاق نفسها». هذا التوكيل وذلك التفويض قد يكون في عقد الزواج أو بعده ولا يسقط حق الزوج في إيقاع الطلاق بنفسه ويقع بالتوكيل في الطلاق أو التفويض فيه عدد الطلقات بالصفة المنصوص عليها في التوكيل. واختلف الفقهاء في حكم تولية الزوجة طلاق نفسها بالوكالة أو بالتفويض على مذهبين، الأول: يرى عدم مشروعية تولية الزوجة طلاق نفسها بحال وإن حدث كان باطلا، وهو قول طاووس وابن حزم الظاهرى وحجتهما في ذلك أن الشرع جعل الطلاق للزوج فلم يكن لغيره أن يوقعه، وما يدل على ذلك قوله تعالى في خطاب الأزواج: «إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن». أما المذهب الثانى فيرى مشروعية تولية الزوجة طلاق نفسها بالوكالة أو التفويض في الجملة، وهو قول أكثر أهل العلم ذهب إليه أصحاب المذاهب الأربعة وإن ذهب الحنفية إلى أن توكيل الزوجة في طلاق نفسها يقع تفويضا لا توكيلا أن الوكيل يعمل لغيره لا لنفسه حجة أصحاب هذا المذهب ما أخرجه الشيخان عن عائشة في قصة تخيير النبى لزوجاته أن يبقين في عصمته أو يفترقن عنه عملا بقوله تعالى: «يأيها النبى قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحًا جميلًا وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرًا عظيمًا» الأحزاب 28-29. ومن وجه نظر الدكتور سعد الدين هلالى أستاذ الفقه المقارن، فإن الرأى الجائز هو ما ذهب إليه أكثر أهل العلم بجواز تولية الزوجة طلاق نفسها بالوكالة، حيث يرى أن مسألة تفويض الزوجة في طلاق نفسها أو توكيلها فيه تقوم على المبادرة من الزوج ورضاه التام غالبًا، لأنه المسقط لبعض حقه في اختصاصه بالطلاق ويكون التوكيل أو التفويض قبل العقد وبعده، مع الأخذ بأنه لا يجوز استصدار قانون ملزم يجعل للمرأة الحق في الطلاق كالرجل؛ لأنها ستفوقه حينئذ في الحقوق حيث جعل لها الإسلام حق الخلع وقد أخذ به القانون.