لعل تعبير "الزلزال" الذي استخدمه موقع "ديبكا فايلز" الإسرائيلي في وصف التعاون بين الولاياتالمتحدةالأمريكية وحزب الله اللبناني في تلال القلمون، حيث أكد الموقع أن وحدة عمليات أمريكية خاصة متموضعة في قاعدة حامات الجوية، توجه طائرات بدون طيار إلى أجواء القلمون لجمع معلومات استخباراتية وتسليمها لمقاتلي حزب الله وبعض الضباط الإيرانيين، واصفة ذلك بالزلالزل، هو توصيف في محله وغاب عنا نحن العرب في الوقت الذي شعرت فيه إسرائيل بخطورته على أمنها ومستقبل المنطقة بأسرها. ولعل المخاو ى ف الإسرائيلية غير مبررة، حتى لو باعتماد الرأي الذي يفسر التعاون بين أمريكا وحزب الله بالتعاون مع إ لايران وليس الحزب اللبناني، وهو ما يعيد الشكوك حول طبيعة الصفقة النووية التي تمت بتوقيع اتفاق الإطار النووي، لكن حتى مع تمكين إيران من السلاح النووي، الامر الذي تخشاه إسرائيل، لا خطورة على إسرائيل من هذا فالحقيقة أن إيران هي آخر من يُخشى منه على الكيان الصهيوني، لكن في المقابل، فالدول العربية هي المعنية بهذا التعاون بأكثر من إسرائيل التي ستؤمنها حليفتها الولاياتالمتحدة صديقة إيران، التي ستصير هي الأخرى حليفا هاما للكيان الصهيوني. الزلازلال، هو اتفاق جميع الأعداء على العالم العربي، في مخطط مزدوج لإخضاع المنطقة واقتسامها بين طهرانوواشنطن، وهو مخطط وإن كانت تطبيقاته قد بدأت في الظهور اليوم فقط، إلا أن الإعداد له بدأ منذ عقود مع نشأة الخلايا الشيعية في المنطقة، حزب الله في لبنان، الوفاق في البحرين، الحوثيون في اليمن، والحكومات الشيعية في العراق، ورغم أن النموذج الأخير تحديدا كان شاهدا على التعاون الواضح بين الجانبين "الإيراني والأمريكي" في العراق، إلا أن العالم العربي لم يكن بعد يدرك طبيعة المخطط، في ظل وجود صراعات وقتها بين طهران والغرب حول الملف النووي الذي تبين لاحقا أنه ربما أشرف عليه السي آي إيه بنفسه لإعداده وترويجه عالميا بهذا الشكل، ليتم في النهاية لإيران ما رغبت فيه من البداية بموافقة أمريكية. هذا التعاون بين طهرانوواشنطن تكرر في أكثر من حالة ولكن ربما بصور أخرى، ففي البحرين ومع الاحتجاجات التي حركتها إيران في فبراير 2011 منتهزة الحالة المزاجية للشعوب العربية وقتها في التغيير، لعبت واشطن دورا موازيا ساير الحركة الاحتجاجية منذ بدايتها وحتى نهايتها، بصنعها غطاء حقوقي وإعلامي من خلال تشويه الحقائق وإظهار الحكومة البحرينية في صورة من ينتهك حقوق الإنسان، كما نشطت فيه منظمات حقوق الإنسان الأمريكية منها والمحلية التي تعمل بتمويل أمريكي، لإصدار بيانات ضد الحكومة البحرينية، وتسليط الضوء على المعارضين البحرينيين الشيعة، مثل نبيل رجب وزينب الخواجة وغيرهما، في محاولة لتمكين الحركة الاحتجاجية من البحرين وإهدائها لإيران. أيضا، لعبت واشنطن دورا سلبيا في اليمن لصالح إيران والحوثيين، فبخلاف موقفها الرسمي المعلن من عملية عاصفة الحزم في اليمن، ساندت الحوثيين وإيران في الخفاء، حيث غابت عسكريا تماما عن المنطقة خلال العملية، وهي التي ظلت عشر سنوات تحارب القاعدة في اليمن، لكن الأمر مختلف مع الحوثيين لقرابتهم مع إيران!! حيث اكتفت بإصدار البيانات الإعلامية وإظهار تأييد العملية الخليجية، وأيضا غابت الاستخبارات الأمريكية عن منطقة باب المندب حيث تزود إيران الحوثيين بالأسلحة عبر البحرفي منطقة تملك واشنطن مفاتحها ولا يمكن لإيران أن تتصرف فيها بدون تنسيق أمريكي. وأخيرا، وطبقا للموقع الإسرائيلي، فقد بدأ التعاون بين الجانبين في لبنان أيضا بإعلان الموقع العبري مساندة قوات أمريكية لحزب الله في القلمون، وهو التعاون الذي يأتي بعد فشل مخطط تقسيم سوريا بعد دعم الإرهابيين في سوريا لزرع إمارة إسلامية لداعش بها. خلاصة القول؛ إن هذا التعاون بين إيرانوالولاياتالمتحدة، أمر أصبح أكثر وضوحا من السابق، ويفرض تغيير الاستراتيجية العربية في محاربة الإرهاب، حيث لم تعد واشنطن حليفا للدول العربية في محاربة الإرهاب، بل إنها هي من يرعى الإرهاب، وبالتالي فلا يمكن الوثوق فيها مجددا، كما ذهب الموقع الإسرائيلي بضرورة عدم الاعتماد على المعلومات القادمة من الاستخبارات الأمريكية في لبنان لأنها، وبحسب الموقع، قد يكون مصدرها حزب الله، وبالتالي فإن الحرب العربية ضد الإرهاب يجب أن تصير منعزلة عن الغرب، والاستعاضة عن الأخير بتكوين جيش عربي موحد للقضاء على الإرهاب في المنطقة سواء الشيعي، القادم من إيران، أو السني القادم من الولاياتالمتحدةالأمريكية.