ياسر عرفات بكى عندما شاهد «إسكندرية ليه» أتمنى إخراج فيلم عن علاقة الرجل بالمرأة.. وأريد أن أصدم المجتمع كما يصدمني «بعد الموقعة» رؤيتي الشخصية عن الثورة وانتقدت عبدالناصر في «سرقات صيفية» يوسف شاهين علمني السينما.. ورفض أفلامي وأريد أن أفعل ما يحلو لي أحد المخرجين الكبار والمميزين وأصحاب التجارب والأفلام البارزة في تاريخ السينما، وصاحب رؤية خاصة، سواء داخل أفلامه أو خارجها.. المخرج يسرى نصر الله يتحدث ل«البوابة» عن أعماله الجديدة، وعن رؤيته للأحداث الفنية والسياسية الفترة الحالية، وغيرها من القضايا، ويقول عن العمل الجديد الذي ينوى تقديمه: «أحضر لفيلم جديد، ولكن لانشغال الممثلين الذين تم اختيارهم في أعمال أخرى سوف أبدأ التصوير بعد عيد الأضحى، وتم اختيار أماكن التصوير، وتمت الموافقة على السيناريو من قبل الرقابة، ومن الممثلين المشاركين في العمل باسم سمرة، وعدد من الوجوه الجديدة، والفيلم يتحدث عن التمسك بالحياة». ■ يقال إن الجمهور لا يفهم أفلامك.. ما رأيك؟ وكذلك لماذا تصنف «جنينة الاسماك» كأفضل أفلامك؟ - من يذهب للسينما الآن هم الشباب، وأرى أن الفئة التي كانت تقول مش بنفهم الأفلام لا تذهب إلى السينما الآن، أما فيلم «جنينة الاسماك»، فهو فيلم خاص جدا ومتعب جدا، بداخله لعبة إما يستوعبها المشاهد أو لا، وأعتبره أنجح أفلامى، ويليه فيلم «احكى يا شهرزاد»، وفيلم «مرسيدس» عندما عرض انهالت على «الشتيمة»، ولكن عندما يعرض الآن سيلقى إقبالًا شديدًا خصوصا من الشباب، لم يكن سابقا لعصره، ولكنه كان مناسبا للفترة التي عرض فيها، وكان يناقش فكرة إنكار الواقع «السن» و«وضع البلد»، ولكن كلمة غير مفهوم كلمة سياسية، وأرى أن ناصر عبد الرحمن استطاع في فيلم «المدينة» وفيلم «جنينة الاسماك»، أن يرى أفكارا جديدة، ولكن الكتابة الفعلية للعمل أنا أقوم بها، ولا أنكر فضل أحد، كما تظهر أفكاره وكتاباته مع المخرج يوسف شاهين، والمخرج خالد يوسف بشكل مختلف، لأننى أعمل على وجود هذا الاختلاف. ■ وهل ترى فيلم «بعد الموقعة» يعد رؤية خاصة عن الثورة؟ وهل قلت إن الفيلم لم يعجب الجمهور؟ - لم أقل في أي مكان أن الفيلم لم يعجب المشاهدين، ولست مسئولا عن ما ينشر كذبا، وتم تصوير الفيلم في شهر مايو 2011، وانتهينا منه في يناير 2012، وفيلم «بعد الموقعة» يعبر عما عايشته بشكل شخصى أثناء الثورة، وليس ما يعيشه الناس، وما كان يخيفنى عبرت عنه من خلال الفيلم، وكنت أريد أن أحكى عن هذا الفيلم، وما به من جموح، وصدمتى يوم 9 مارس يوم المرأة العالمى، عندما تعرضت النساء لضرب قاس ومهين من الإخوان، وكان رأى الثوريين الذين أعرفهم أن هذا التوقيت غير مناسب لكى تطالب المرأة بحقوقها، وعندما طالب الثوار بالدستور وجاء الإخوان يقولون القصاص أولا، وانحاز الثوريون لهم هنا بدأت الحالة التي دفعتنى لعمل الفيلم، لن يرضى على الفيلم من هم ضد الثورة، ومن عاش أحداث الثورة القاسية سيراه بسيطا، ولكن الآن بعد استقرار وهدوء الأوضاع يرون الفيلم بشكل مختلف لأن السينما حالة من الوجدان. ■ لماذا كنت تنتقد جمال عبد الناصر في فيلم «سرقات صيفية»؟ - أنا اشتراكي يسارى ماركسى، كانت حياتى تناقض الفترة الناصرية وهذا ما ظهر في فيلم سرقات صيفية، الفلاحون أخذوا أراضى زراعية من عبد الناصر ولكن كان لا بد عليهم من زراعتها زراعات رئيسية، مثل القمح والقطن والأرز، والحكومة فقط من لها الحق لشراء هذه المحاصيل، والجانب الآخر الاقطاعيون يزرعون الفاكهة بجميع أنواعها ويتم تصديرها للخارج دون رقابة من الجمعيات الزراعية أو الحكومة، ومن نوادر الفيلم عقب انتهائه افتتح به مهرجان كان لمدة 15 يوما، وعرض في فرنسا رغم إنتاجه البسيط ب50 ألف دولار، وكانت أول تجربة للممثلين الذين شاركوا في العمل، مثل عبلة كامل، ومحمد هنيدى، ومنحة البطراوى، ومجدى كامل وأميرة العايدى، وكان عرضه في مصر قليل جدا، وانتقد الفيلم كونه يتحدث عن عبد الناصر بشكل سلبى، والتليفزيون المصرى رفض الفيلم بحجة أنه من الناحية التقنية دون المستوى، ثم اعترضت الرقابة على نهاية الفيلم، كون الفلاح سافر إلى العراق وكان في وقت حرب العراق 1986، وكان المصريون من يدفعون الثمن وهذه الحقيقة يتم التكتم عليها. ■ ما قصة الفيلم التي تتمنى إخراجها؟ - أتمنى أن أخرج فيلما يتكلم عن العلاقة بين الرجل والمرأة بتفاصيلها وعنفها وحميميتها، ولكن لا المجتمع ولا الممثلون سوف يقبلون ما أريده، ولكن أريد تنفيذه في مصر حتى أصدم المجتمع الذي صدمنى، وعرض على تنفيذ الفيلم في فرنسا، ولكننى مصرى أريد أن أوعى مجتمعى، ومثل هذه الأفلام في الخارج لا تمثل لهم صدمة. ■ ماذا تفعل مع الانتقادات التي توجه لك؟ هناك من يكرهنى ويغير منى، فلا أعطى لهم أهمية ولا أرد عليهم، ولا أستخدم حقى في رفع قضايا ضدهم، وهناك فرق بين من يناقش فيلمى ومن يتصيد لى ويفتعل ما يتصيده. ■ وماذا عن علاقتك بيوسف شاهين؟ - عندما كنت في السادسة وشاهدت فيلما سألت والدى من صنع هذا، قال «المخرج»، ومنذ تلك اللحظة استقرت الفكرة بذهنى، دخلت جامعة القاهرة كلية سياسة واقتصاد، وفى الجامعة أنشأت ناديًا للسينما، وكنت أكتب في اتحاد النقاد، ثم سافرت إلى بيروت وعملت كناقد سينمائى في جريدة السفير، وعملت مع عمر أميرالاى كمساعد مخرج، قبل معرفتى بيوسف شاهين، ومعرفتى به كانت بعد مشاهدتى فيلم «عودة الابن الضال»، ووجدت أنه فيلم شخصى جدا ومختلف عن كل شيء، وكتبت دراسة كاملة، ونشرت في كتاب، ولم أكن أعرف شاهين، وفيلم «إسكندرية ليه» كان الصدمة الكبرى، وتعرض لهجوم شديد واتهموه أنه مع التطبيع كأنهم متفرغون لنقد بعض الشخصيات وليس نقد الأعمال، ومنع عرض الفيلم من كل البلاد، وفى سينما «سارولا» في بيروت عرض الفيلم بشكل خاص حتى يقررون عرض الفيلم أم لا، وكان يحضر الفيلم ياسر عرفات وحضرت الفيلم معه، ورأيت ياسر عرفات بعد انتهاء عرض الفيلم عينيه منتفخة من البكاء، وتم عرض الفيلم في بيروت. وذهبت لطلال سلمان، رئيس تحرير ومالك جريدة السفير، وقلت له أريد أن أعمل حوارا مع يوسف شاهين وكانت هذه المرة الأولى التي اجتمعت فيها مع يوسف شاهين، وما صدمنى أننى رأيت لأول مرة سينمائيا عربيا وفنانا يتحدث بصيغة الأنا، ولكن الآن الكل يتحدث بصيغة الأنا، فقررت أن أخرج سينما وفى لقاء آخر معه قال لى: «اترك العمل في بيروت وتعالى أديلك 30 جنيه بدل 3000 دولار اللى بتاخدهم دول»، وبالفعل أنهيت أعمالى في بيروت وحضرت إلى مصر ولكنه نسى من أكون، وطلب منى أن أعمل معه كمساعد في السيناريو بشكل سرى، ثم عملت كمساعد مخرج أول في فيلم «الوداع بونابرت»، ثم ذهبنا بالفيلم إلى مهرجان كان، وكانت هذه المرة الأولى لحضورى نسيج فيلم من الألف إلى الياء في مصر، وبعدها مباشرة أخرجت فيلم «سرقات صيفية»، وكنت اهتم برأيه جدا في أفلامى، ولكنها أصبحت صادمة جدا، وكان نافرا جدا من فيلم «مرسيدس» و«المدينة»، ومدرسة يوسف شاهين أفادتنى في تعلم الصناعة. ■ لماذا كان هناك دائما إنتاج مشترك في أفلامك؟ - لأننا كنا في نظام الممول الأساسى هو السعودية، التي كانت لها شروط صارمة في الرقابة أكثر من الرقابة المصرية، وأذكر أن فيلم مرسيدس عرض في السعودية 50 دقيقة ومدة عرضه الفعلى ساعة و45 دقيقة، وفى فترة الثمانينيات كانت السعودية تتحكم في كل شركات الإنتاج والدراما، وكان هناك رقيب سعودى يحضر تصوير الدراما المصرية، وكانت تتحكم في كل الصحف العربية، وعدد كبير من الصحفيين الكبار كانوا يتقاضون أجورًا من السعودية، وكان هذا نتيجة الوهابية وبداية الجماعات الإخوانية ولذلك كان يهاجم يوسف شاهين ويقال عليه إنه عميل، لأنه في إنتاج أفلامه لا يعتمد عليهم. ■ كيف ترى وضع المرأة المصرية؟ ولماذا لم تتزوج حتى الآن؟ - المرأة المصرية هي من تعول أسرتها، وأرى أن الهجوم عليها لأنها أصبحت قوية لدرجة تخيف الرجل، رغم أنها لا تتحدث عن قوتها وفضلها، ولكن المجتمع ينكر هذا الفضل أيضا، والمرأة الآن أصبحت وحيدة، ولست قادرا نفسيا على أن أنجب أطفالا أو أرتبط، وكانت هناك تجربة انفصال أليمة بين أمى وأبى، وأدركت من خلالها إن مش أي حد ينفع يكون أبا أو أم وهناك أطفال يظلمون، فأنا لا أمتلك سيارة ولا شقة، وكل الأشياء التي تلزمنى بشكل مزعج أستغنى عنها، وأنا أريد أن أفعل ما يحلو لى. النسخة الورقية