كلية البنات بجامعة عين شمس تحصل على الاعتماد لخمسة برامج دراسية    مستقبل وطن يواصل مؤتمراته الجماهيرية لدعم مرشحيه وحث المواطنين على المشاركة في انتخابات النواب (فيديو)    ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك» وبالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة.. الأوقاف تطلق (1010) قافلة دعوية بمراكز الشباب على مستوى الجمهورية    الداخلية تعلن مد فعاليات المرحلة ال27 من مبادرة كلنا واحد لمدة شهر    رسميًا خلال ساعات.. تطبيق التوقيت الشتوي 2025 في مصر وإلغاء الصيفي (رجع ساعتك)    مصر تستضيف الاجتماع الثاني للجنة رؤساء سلطات المنافسة لمنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية    تفاصيل قرار جديد للرئيس عبدالفتاح السيسي    مصطفى بكري: يجب محاكمة حميدتي كمجرم حرب    20 مليون دولار لتوفير مساعدات منقذة للحياة بالسودان    تقرير أمريكى يكشف ملامح قوة غزة الدولية.. التفاصيل    ترتيبات جديدة في الأهلي استعدادا لانتخابات النادي غدا    بتروجت: حامد حمدان سينتقل للأهلي في حالتين فقط    الفنانة نيجار محمد تتهم مدير شركة بالنصب عليها في الشيخ زايد    مدمن مخدرات.. القبض علي مسجل اعتدى بالضرب علي شخص وزوجته بالعمرانية    الفنانة نيجار محمد تتهم مدير شركة بالاستيلاء على مبلغ مالى فى الشيخ زايد    تأجيل محاكمة البلوجر أم مكة بتهمة بث فيديوهات خادشة    سينما الأطفال تطرق أبواب الدلتا.. انطلاق أول مهرجان من نوعه في المنصورة (تفاصيل)    «ابن أمه ميتعاشرش».. 4 أبراج رجالهم لا يتخلون عن والدتهم رغم كبرهم    قافلة بين سينمائيات تطلق ورشة الفيلم التسجيلي الإبداعي 2026 لتأهيل جيل جديد من المخرجات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في محافظة الأقصر    وزير الصحة يشهد إطلاق الإصدار الثالث من الأدلة الإرشادية لجراحة المسالك البولية    الطريق للسعادة.. 7 أطعمة هتعدل مزاجك مع تغيير الفصول والتوقيت الشتوي    تأجيل النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية 48 ساعة    عاجل الأحد المقبل بدء تسليم أراضي "بيت الوطن" للمصريين بالخارج بالقاهرة الجديدة    جيل بعد جيل على كرسى رئيس التحرير    إقالة مديرة مدرسة في بنها بعد مشادة بين معلمين    أسعار طن الأرز الأبيض والشعير اليوم الخميس 30 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    شوبير يكشف تفاصيل مفاوضات الزمالك مع محمد السيد    شوبير يكشف آخر تطورات حالة إمام عاشور ومشاركته في السوبر المحلي    رئيس مجلس إدارة جهاز تنمية التجارة الداخلية الجديد يبدأ مهام عمله    محافظ شمال سيناء: الوفود الدولية ترى على أرض الواقع جهود مصر في تنفيذ اتفاقية السلام بدلاً من الاكتفاء بالمعلومات المكتوبة    ميرتس: علينا استغلال الإمكانات الكبيرة لعلاقاتنا مع تركيا بشكل أفضل    أحمد موسى يتقدم ببلاغات للنائب العام ضد صفحات نشرت تصريحات مفبركة باسمه    المشدد من 3 إلى 15 سنة ل4 متهمين بحيازة أسلحة نارية وذخائر بشبرا الخيمة    وزير الصحة: أصدرنا حتى الآن أكثر من 115 دليلًا إرشاديًا فى مختلف التخصصات الطبية    «نفسي أشتمنا».. يسري نصرالله ينعى المصورين ماجد هلال وكيرلس صلاح    وزيرة التضامن تشهد احتفالية الأب القدوة.. وتكرم شخصيات ملهمة    محافظ بني سويف: تخصيص 11 شاشة عرض لنقل افتتاح المتحف الكبير    هل يتنافى تنظيم النسل أو تتعارض الدعوة إليه مع التوكل على الله وضمان الرزق للخلق؟    «يوم الوفاء» محافظ أسيوط يكرم أسر الشهداء وقدامى المحاربين    مدحت شلبي: محمد عبد المنعم يرفض العودة إلى الأهلي ويفضل الاستمرار في أوروبا    بينيا يقارن بين سارابيا وفليك: أكثر صرامة في بناء الهجمة    ضبط سلع غذائية فاسدة ودقيق مدعم قبل بيعه في السوق السوداء بأسيوط    الرئاسة تكشف تفاصيل لقاء السيسي ب رئيس مجلس الوزراء الكويتي    «بالزي الفرعوني وأعلام مصر» .. مدارس الإسكندرية تحتفل بافتتاح المتحف المصرى الكبير في طابور الصباح (صور)    محافظ سوهاج يوقف معدية غير مرخصة بالبلينا بعد تداول فيديو لطلاب يستخدمونها    محمد سلام والمخرج حسام حامد والمؤلف أحمد عاطف من كواليس مسلسل كارثة طبيعية    أسعار النفط تسجل 64.52 دولار لخام برنت و60.11 دولار للخام الأمريكى    الزمالك في اختبار مهم أمام البنك الأهلي لاستعادة التوازن في الدوري المصري    هل يحق للزوج منع زوجته من العمل بعد الزواج؟.. أمين الفتوى يجيب    طريقة عمل طاجن البطاطس بالدجاج| وصفة شهية تجمع الدفء والنكهة الشرقية    توفيق عكاشة: السادات أفشل كل محاولات إشعال الحرب في السودان    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في محافظة قنا    طابور الصباح فى الشرقية يحتفل بافتتاح المتحف المصرى الكبير.. فيديو    وزيرا خارجية اليابان وكوريا الجنوبية يتفقان على تطوير العلاقات    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في الشرقية    طريقة استخراج جواز سفر مصري 2025.. التفاصيل كاملة    «فين اللعيبة الجامدة اللي بملايين».. تعليق مثير من مدحت شلبي بعد تعادل الأهلي مع بتروجت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ناصر عبدالرحمن يكتب: رعد
نشر في البوابة يوم 13 - 05 - 2015

قوي البنيه.. صوته مخيف عالي.. لا يتحدث مع أحد بسهوله.. دائمًا وحيد يجلس في هدوء عجيب أمام دكانه.. في الخمسين من عمره.. يجلس على كرسي خشب قصير القامه أمام طشت كبير يمتلىء بالجاز والشحن.. تتحرك أهالي الحاره أمام دكانه في صمت طالما هو جالس أمام طشت الجاز يغسل معدات وأجزاء الموتوسيكل الخاص به.. يومه معروف بالنسبه لأطفال الحاره تمامًا.. يبدأ من السابعه صباحًاَ.. نسمع نباح كلبه يعلن عن نزول عم صابر من بيته.. بالمناسبه هو بيت غريب مظلم لا نور داخله إلا فيما ندر.. يسكن البيت هو وأمه وشقيقته المطلقه وزوجته التي لم يراها أحد فهي لا تصاحب أحد ولا تتحدث مع أحد.. عنده توأم من الأولاد... قطط صابر كبروا قطط صابر داخلوا المدرسة.. نراقب عم صابر وهو يفتح دكانه.. وهو دكان دراجات معظمها قديم متهالك... لا يقبل عليه أحد خارج الحاره خوفًا من رعد كلب م صابر الضخم الشرس الذي يجلس بجوار عم صابر منذ الصباح وحتى يغلق دكانه....
يجلس على مقعده الصغير ويبدأ في فك الموتوسيكل ويغسل أجزاءه بالجاز في هدوء قد تستغرق هذه العملية اليوميه ثلاث ساعات لا يجرىء أحد من أطفال الحاره طلب دراجه أو حتى الحديث مع عم صابر فهو في كامل تركيزه أمام أجزاء الموتوسيكل... يتابعه الكلب رعد في متابعة ومشاهده كانه يتعلم كيف يغسل عم صابر أجزاء الموتوسيكل...
ونحن نقف على بعد كومه من الأطفال نتابع الكلب رعد وهو يحرك رأسه مع حركة يد عم صابر كم يشاهد مباراة تنس في الملاعب الحمراء.... ويأتي العصر ليصلي عم صابر داخل دكانه... لا أحد يرى دكان عم صابر من الداخل أبدًا فلها عمق وباب من الداخل إلى شقته وسكنه مباشرًا ثم يخرج ويعيد أجزاء الموتوسيكل كما كانت ويأتي دور تجريب الموتوسيكل كأنها معركة حقيقية صوت موتور مخيف وطلقات شديدة الانفجار من الموتوسيكل.... الموتوسيكل وعم صابر فوق الموتوسيكل حتى يهدىء الموتور فينطلق بالموتوسيكل حول دكانه والكلب رعد يجري بجوار الموتوسيكل الذي يقوده عم صابر كحرس شخصي.
نصف ساعه يوميه يقود عم صابر الموتوسيكل ولا أحد يجرىء على لمس دراجه من دراجاته داخل الدكان أبدًا... حتى يعود عم صابر من رحلته اليوميه داخل حواري روض الفرج.
وفي السابعة مساءًا يغلق عم صابر الدكان من الداخل تاركًا بقع الجاز والزيت علامات أصيله أمام دكانه الغريب....
وتأتي الأجازه ونقرر تأجير دراجات عم صابر فيذهب أكبرنا "كيشو" يطلب منه في أدب تأجير خمس دراجات مدة نصف ساعة... يصمت عم صابر.. ينظر إلى كيشو الذي يرتجف في خوف من صوت الكلب رعد وزمجرته ومن طول صمت عم صابر وهو ينظر إلى وجه كيشو الذي لف رأسه تجاه كتلتنا يتمنى الاختفاء ونحن ننكمش خلف سياره قديمه تقف في الحاره قبل بناءها مغطاه لا أحد يعلم أي شىء عنها ولا أحد يسأل حتى عن صاحبها كلما تشير اليها يتجاهل الجميع السؤال... ويرفع عم صابر يده في رضا وهو يتلفت تجاهنا ( خدوا العجل بس محدش يطلع على الكورنيش ولا يدخل الحكر واللي ها يدخل حكر أبو دومه وتتاخد منه العجله هخلي رعد يتصرف معاه...
يوافق كيشو وهو يشير الينا لنأخذ العجل ونحن لا نتحرك لا نريد العجل ولا نريد الاصطدام برعد ونقرر الهروب والرجوع إلى بيوتنا سالمين لكن عم صابرله رأي آخر... بمجرد وقوفه والإشاره علينا (تعالوا خدوا العجل) نجري تجاهه ويأخذ كل واحد منا دراجته... وبمجرد الخروج من دائرة عم صابر والكلب رعد ننسى حالة الرعب ونبدأ في التسابق واللعب والإستعراض أمام بنات الحي بالدراجات السريعة وننسى أيضًا تعليمات عم صابر وننطلق بالدرجات إلى كورنيش النيل نتسابق مع السيارات المارقه ونصعد إلى كوبري إمبابه... بل ونجري فوق أقواس الكوبري بالدراجات في متعه لا أجد مثلها إلى الآن... حيث نقود الدراجات فوق القوس كأننا نصعد للسماء وندخل في خيال جميل يحملنا الهواء وتصاحبنا آشعة الشمس التي تغرب كل يوم.. وتنزل من بين السحاب إلى الكورنيش مرة ثانية تجرى بجوار النهر الذي يحمل خلاصنا جميعا.. فعادة اهل الحارة كلما رزقت بمولود نأخذ خلاصه وتتجه به إلى نهر النيل نرمى الخلاص داخل النيل ونعود في تهليل بان النهر قبل خلاص المولود.. يشير يوسف اكثرنا دقة ونظاما إلى قرب انتهاء الوقت المحدد.. لكن نشوة التسابق تشتعل فيجرى كيشو دون عقل في اتجاه حكر أبو دومه.. اما نحن فنقف في ذهول لا نستطيع أن نجارى كيشو في هذه الخطوة المجنونة.. يتوتر يوسف فيجب أن نعود بالدراجات إلى عم صابر.. ننتهى بعد انتهاء الوقت إلى الرجوع بالدراجات ناقصة ويتحمل كيشو عاقبة ما فعل.. ونقترب من الدكان ونرمى الدراجات امامها بينما لا يتحرك عم صابر ينظر في صمت ويأمر رعد بالصمت.. ويأتى الليل ونختفى في بيوتنا ونحن لا نعلم مصير كيشو.. ويأتى الصباح وصوت رعد يعلن عن فتح الدكان.. جريت إلى شباكى.. كان الهدهد صديقى يحلق امامى كأنه يخبرنى عما حل بكيشو..نزلت للحارة وتجمعنا فوجدنا كيشو يقترب بجواره امه وهو يبكى وتخبرنا امه ( قد عضه رعد وقررالطبيب اعطاء كيشو واحد وعشرين ابرة )
لم يستطيع كيشو أن يذهب كل يوم لأخذ الحقنة من عضه رعد لذلك هرب وادعى لأمه أنه منتظم ولكن الحقيقه كنا نتقابل ونتداول في حوش البيت.. نتخيل كيف سيتحول صوت كيشو إلى نباح.. نضحك ساعة ونرتجف من الخوف إلى أن قرر كيشو أن ينتقم من رعد.. تقابلنا عند ميدان السوق.. ذهبنا إلى عم حمدى والد كيشو وهو مكانجى عرض سينمائى داخل سينما ألف ليلة وليلة في ميدان روض الفرج.. دخلنا غرفة المكانجى عم حمدى فيأخذ كيشو نقود منه.. تسللت كعادتى إلى الكوة التي تطلق آشعة الخيال وتوقعه على الشاشة البعيدة شاهدت سعاد حسنى وهى تنظر إلى بحب ودلال يشدنى عم حمدى من الكوة حتى يكمل عمله.. لكن نظرة سعاد حسنى لم تتركنى ولم انساها إلى الآن..جمع كيشو باقى النقود المطلوبة ليشترى بها لحمة رأس ثم إلى الصيدلية ليشترى سم فيران وخلف العربة الغامضة المركونة وضع كيشو ورقة اللحم بسم الفيران بالقرب من رعد.. الذي ترك مكانه تجاه العربة واختفى تحت الغطاء يأكل الطعام المسمم في هدوء ونهرب إلى بيوتنا بلا سلام أو كلام.. ولا أحد يجرؤ أن يرد على صوت عم صابر الجهورى القوى ينادى رعد.. يصرخ وسط الحارة رعد.. رعد يتحرك كالمجنون إلى نهاية الحارة.. يركب الموتوسيكل وينطلق بين الحوارى والاحياء في شبرا وروض الفرج.. يومين يا عم صابر وانت بتبحث عن رعد ونحن نزداد حزنا وخوفا تزداد تعاطفا وحبا لعم صابر وننكمش من الرعب مما فعلنا.. إلى أن جاء اليوم الموعود الذي وجد فيه عم صابر الكلب رعد تحت غطاء السيارة يكف الغطاء لنرى السيارة القديمة لأول مرة ويخرج الكلب رعد من تحتها..في لحظة خروج أهالي الحارة بلا اتفاق حتى العجائز الجميع خرج على صوت بكاء عم صابر وهو يحمل على يديه الكلب رعد.. خرج بكاؤه المسموع يهز قلوب الجميع ويعصره عصرا تبكى امى وينظر اليه ابى في مهابه ونحن نصطف أهالي الحارة صفين حول عم صابر الذي يفترش التراب في وسط الحارة يبكى رعد ويحتضنه ويقبله يخفيه في حضنه ويهدهده بينما تخرج زوجته واخته التوأم القطط حول عم صابر عينهم تبكى رعد.. وكأن الوقت توقف تماما حتى يحمل عم صابر رعد ويركب الموتوسيكل ويختفي به لا نعلم أين ذهب به... ولم تعد صباح الأيام التاليه كأيام رعد... ساد الصمت كل صباح ونحن نسمع همهمات الأهالي وهي تشير إلى دكان عم صابر الذي عرضه للبيع.. وتتغير الحاره بعد عم صابر ورعد... سرقت السياره الغامضه وسكن الحاره الأغراب والبلطجيه والقتله فلم تعد كما كانت آمنه... رحم الله عم صابر وكلبه وأعاد للحاره الآمان.
تمت بحمد الله،،،،


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.