انكمشت على نفسى في تلك الليلة، وانا أتأمل تلك الاخاديد التي حفرتها الاحزان في ذاكرتي، اتحسس عمقها، اه الى الجحيم صرخت وانا أرمى تلك الصورة القديمة، ليس من احد ضيع طريقي سواك، راسي يدور، يكاد ينفجر، لم اعد احتمل تلك الوساوس التي تطفو فجاءة بذاكرتي، ذلك المحقق اللعين، يبحلق في وجهى بقوة، يكاد يفترسني بنظراته، يرميني بتلك النظرة القاتلة،, تلك النظرة التي تجعل أبى يعود ليصفع ذاكراتي آلاف المرات، ينتزع الحزام الجلدي،, لينهال على بقوة، يمزق طفولتي تحت قسوة حذائه القاسي، دموع أمي تتساقط تنهمر، تنكمش وترتجف وتصطك اطراف أمي وهى تمد يديها في محاولة فاشلة لتنتزعني من براثن الوحش الذى ظهر في جلباب أبى، حينها تخبيئني في حضنها تبلل راسي دموعها المتساقطة،, تحتمل صلف وغرور وقسوة تلك الذكورة الزائفة في صرخة ابى العالية وهو يتوعدني،, في تلك الليلة علمت اننى لم اعد انا ذلك الصبى وابى يرفس برجليه وتخور قواه، للحظات حاولت ان انسى ماذا فعل بي،, تفترسني الهواجس وهو يلوح بقبضته في الهواء، يا الهى اود ان اضرب راسي بالجدار حتى تنفجر الدماء في وجه ابى، لكنه يرمقني بتللك النظرة الباردة حتى وهو يُطل من اطار صورته الملفوفة بالشريط الاسود في عناية، رحل وخلف في نفسى جُرح ابديا لا يندمل، ضربني حتى الرمق الاخير حين ضبطني اُراسل صفاء مازالت نبراته الحادة تثقب أذنى، انا اضربك حتى اربيك يا ابن الكلب من تربى صرخت بوجهه في حدة، فلتصمت يا ابى انى اراك كل ليلة تتسللُ من غرفة الخادمة عاري الصدر، ما ان تخرج من الغرفة حتى انزلق تحت طاولة المطبخ، يتصبب العرق غزيرا من الخيال والظلال التي رميت بها في راسي، في الليلة التالية جاء دوري تسللت انا الاخر بعدك، انتفضت وهى تبصق في وجهى وترمقني بنظرة حادة ما خاب من شابه اباه، تتوارثون الجنون، في الصباح غادرت وهى تأخذ شيئًا من ثيابها، وتترك البقية على طاولة الغرفة لتصفع امى بانك حقا شيطان،, وانت تصرخ منتهرا أمي، أتاني صوتك حادا انغرس سكينا بقلبي وددتُ لو أننى اصرخ بوجهك ابتعد عن أمي، لا تُمد يديك، طفح الكيل، طفح الكيل تعالت صرخاتي، وتللك الممرضة تسحب الابرة من جيب معطفها، صرخت عاليا، صرخت هي الأخرى يا عبد السميع ساعدني، يا عبد السميع عبد السميع هو الآخر يرن في مخيلتي بشواربه الكثة، عبدالسميع يتسلل بهدوء من شُقتنا وعلى راس أصابعه في تلك الظهيرة، المحها عند الباب ترتدى الروب الازرق، تُحكم رباط وسطها تُطلُ براسها، وانا أتأملها من مخبئي .. صدرها الذى يأويني ينكفئ عليه عبد السميع، اظل لساعات ونفسى تراودني، شيء داخلي يمنعني، يجعلني اُحسُ ان فصول الحكاية لم تكتمل، الخاتمة بيدي انا من سيكُتبُ النهاية وحدى انا شد وثاقه يا عبد السميع مازال صوت الممرضة بعيدا كانه اتى من فراغ هذا العالم، للحظة صرخت كل الدنيا، شد وثاقه يا عبد السميع أمي عادت بعد اشهر طويلة قضتها غاضبة في منزلهم، ارتميت في حضنها، وأنا أهمُسُ في اذنيها هل سيزورنا عبدالسميع ؟ انتفضت كمن لدغتها افعى تتجاهل السؤال، تهرب بنظراتها بعيدا,, اُكرر السؤال وحدنا بالغرفة انا وأمي، وما زلت بحضنها وعبدالسميع في مخيلتي، ويعلق سؤالي في فراغ الذاكرة،, تُتمتم أمي عبدالسميع مين يا ابنى، تصمت أمي، ويصرخ عبدالسميع نادى الدكتور يا عنايات، عنايات تختفى، تتلاشى من اثر المخدر، اصرخ امارس هوايتي القديمة وحزام ابى ينهال على اتسلل للخرابة خلف منزلنا، اعود بذاكرتي طفلا في العاشرة من عمرى، يصفعني ابى، يدوسني بحذائه القاسي، أمي تأخذني لحضنها عبدالسميع عالقا بحضنها، اصرخ يتعالى صراخي تصرخ عنايات الدكتور قرر ان يبقى بالمصحة، المحقق فوق راسي، ابى يترجاني اعطينى الدواء وابتسامة تعلوا وجهى وابى يقبض بكلتا يديه على صدره، تخور قواه يسقط كالثور، أرجوك يا بنى الدواء وإلا سوف أموت .. يخرج صوتي بهدوء الى الجحيم أبى . Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA