"من لم يبتهج بالربيع، ولم يتمتع بنسيمه، فهو فاسد المزاج يحتاج إلى العلاج"، و بالرغم من أن مزاجنا فاسد يا "أبقراط" لكننا سنبتهج بالربيع "جميل الوجه، ضاحك السن، رشيق القد، حلو الشمائل، عطر الرائحة، كريم الأخلاق"، أو كما وصفه علي بن عبيدة؛ ولأن "منظره جلاء العيون" في وصف آخر. وكيف لا نبتهج به يا "بحتري" وقد أتانا "يختالُ ضاحكاً/من الحسنِ حتى كاد أن يتكلما/ وقد نبهَ النوروزُ في غلسِ الدجى/أوائلَ وردٍ كنَّ بالأمسِ نوما/يفتحهُ بردُ الندى /فكأنّما يبثُّ حديثاً كان قبلُ مكتما /ومن شجرٍ ردَّ الربيعُ لباسهُا/عليه كما نشرتَ وشياً منمنما/أحلَّ فأبدَى للعيونِ بشاشةً/وكان قذًى للعينِ إذ كان محرما". سنبتهج به، ومن لا يبتهج به معنا فهو كما قال عنه المأمون "أغلظ الناس طبعاً". في صباحات "أكيتو" سنحصد الجمال والنسمات والشمس الذهبية كما فعلت الناس في بلاد ما بين النهرين قديما؛ "أكيتو" يا خلق كان ينتظره السومريين ليحصدوا الشعير، واتخذه البابليون عيداً للنصر الذي حققه إلههم على إله آخر، وعرف ب"النيروز" أو بداية عام جديد في التقويم الإيراني القديم؛ وفي التقويم الصيني عُرف ب"مهرجان الفوانيس" ويعتبره الهندوس مهرجانا للألوان يرشون فيه المياه وتصطبغ الوجوه بألوان البهجة. "أكيتو" يا خلق هو عيد الحب والفن ترك قبساً من وهجه في ريشة "بوتشيللي" فخلده في لوحته "الربيع" برؤوس عرائسها المتوجة بالزهور، ومجّده "سانترون" في لوحته" زهور المارجريت" التي يقدسها العاشقون ويتخذونها رمزاً للوله والحب الأبدي؛ وكذلك فعل "تيسيانو" في لوحته "أدونيس وعشتروت"، وصوره " جورجوني" و"فرانجيلكو" ليُصيبا علماء النباتات ونقاد الفن بالدهشة، وأبى "فان جوخ" أن يرحل دون أن يرد ل"أكيتو" الجميل فيخلده في " زهرة الخشخاش"، وكذلك فعل "رسام الضوء" أو "جورج هتشكوك" الذي عاش عمره يزرع الزهور في لوحاته لتسر ألوانها المبهجة الناظرين وعشاق الجمال؛ كما زرع" كلود مونيه" في منطقة موازية لمنطقة الأزهار التي عاش بها في هولندا، ليحصد هواة الزهور والألوان "حقل التيوليب". سنحتفل بك يا "أكيتو" بعد أن استقبلنا رسُلك التي وضعت يدها على الزهور، فازدهرت وأعطت الإذن للطيور والحيوانات لتبدأ مواسم الهجرة والتزاوج.. وللأرض النماء.