ضبط محاولة دعاية ورشوة بمحيط لجنة انتخابية بأجا في الدقهلية    محافظ الجيزة يعتمد مواعيد امتحانات الفصل الدراسي الأول للصفوف الدراسية    القس أندريه زكي يهنئ بطريرك الأقباط الكاثوليك بعيد الميلاد المجيد    الإسكان تبحث التعاون مع شركة كورية متخصصة في تصنيع مكونات محطات تحلية المياه    وزيرا الكهرباء ونظيره الأردني يشهدان مراسم توقيع عقد تبادل الطاقة الكهربائية لعام 2026    توقيع بروتوكول تعاون بين هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة والمصرف المتحد    التشكيل المتوقع لنابولي أمام ميلان في كأس السوبر الإيطالي    الداخلية: نفى ادعاء الاستعانة بضابط شرطة لتلفيق قضية ببورسعيد وكشف حقيقة الواقعة    ضبط 5 قضايا تهريب و3699 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    «الصحة» تعلن توقيع بروتوكول تعاون مع البنك الزراعي لدعم عمليات زراعة القرنية    برنامج الأغذية العالمي يحذر من مجاعة..التدخل الخارجى يهدد باستمرار الحرب في السودان    إعلام عبري: نتنياهو يُبلغ واشنطن قريباً بممثله الجديد في مفاوضات سوريا    محافظ دمياط يتابع سير التصويت في جولة الإعادة لانتخابات النواب    بث مباشر مباراة السعودية والإمارات في كأس العرب 2025 (لحظة بلحظة) | التشكيل    جلوب سوكر - خروج صلاح من القائمة النهائية لجائزتي أفضل مهاجم ولاعب    مدافع بتروجت يدخل ضمن اهتمامات الزمالك لتعويض رحيل مصدق    علي ماهر يضع اللمسات الأخيرة قبل مواجهة الأهلي في كأس عاصمة مصر    توافد الناخبين منذ الساعات الأولى للتصويت بدائرة كفر شكر القليوبية    الوطنية للانتخابات للمواطنين: شارك ..صوتك مهم يصنع فرق فى القرار    ضبط سيارة زيت طعام غير صالح وفول مصاب بالسوس بساقلته قبل توزيعها على المطاعم    أمواج 2.5 متر.. الأرصاد تحذر من اضطراب الملاحة بالبحر الأحمر    طابور من الشباب للتصويت فى جولة الإعادة بلجان الأسمرات.. صور    مكانش قصدى أموته.. اعترافات طالب 6 أكتوبر بقتل زميله بقطعة زجاج    أمين مجمع اللغة العربية: العربية قضية أمة وهويتها ولغة الوعي القومي العربي    "الست" خارج الصورة    تكربم 120 طالبا من حفظة القرآن بمدرسة الحاج حداد الثانوية المشتركة بسوهاج    بمنتصف التعاملات.. البورصة تواصل ارتفاعها مدفوعة بمشتريات محلية وأجنبية    المستشفيات التعليمية تناقش مستجدات طب وجراحة العيون في مؤتمر المعهد التذكاري للرمد    استهداف سيارة عبر طائرة مسيّرة في مرجعيون بجنوب لبنان    إخماد حريق داخل مزرعة دواجن بالفيوم.. وتحرير محضر بالواقعة    البرد القارس يودي بحياة رضيع في غزة ويرفع عدد الضحايا إلى 13    مع تراجع التضخم محليا.. محللون يرجحون خفض الفائدة 1% في آخر اجتماعات العام    وزير الاتصالات يفتتح مقر مركز مراقبة الطيف الترددي بمحافظة الجيزة    التعليم العالي: انضمام 11 فرعا جديدا إلى قائمة الجامعات الأجنبية بمصر    تخصيص قطع أراضي لإقامة مدارس ومباني تعليمية في 6 محافظات    صحة المنيا: تقديم أكثر من 136 ألف خدمة صحية وإجراء 996 عملية جراحية خلال نوفمبر الماضي    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الخميس 18 ديسمبر 2025    مصدر بالصحة: الدفع ب10 سيارات إسعاف في حادث مروري بدائري المنيب صباح اليوم    أستاذ علوم سياسية: التوسع الاستيطاني يفرغ عملية السلام من مضمونها    مركز التنمية الشبابية يستعد للبطولة التنشطية لمشروع كابيتانو مصر    الكوكي يشيد بإمكانيات المصري ويكشف سبب قبوله تدريب الفريق    عام استثنائي من النجاحات الإنتخابية الدولية للدبلوماسية المصرية    وزير الثقافة يبحث تعزيز التعاون الثقافي مع هيئة متاحف قطر ويشارك في احتفالات اليوم الوطني    وزير الصحة: الذكاء الاصطناعى داعم لأطباء الأشعة وليس بديلًا عنهم    من تخفيض الفائدة إلى مكافأة المحارب.. أبرز وعود ترامب لعام 2026    السعودية.. تعليق الدراسة حضوريا في الرياض بسبب سوء الطقس وتساقط الثلوج    بوليتيكو: الاتحاد الأوروبي انقسم إلى معسكرين بسبب الخلاف حول مصادرة الأصول الروسية    د. حمدي السطوحي: «المتحف» يؤكد احترام الدولة لتراثها الديني والثقافي    الاحتلال الإسرائيلي يعتقل شابين خلال اقتحامه بلدتي عنبتا وكفر اللبد شرق طولكرم    راشد الماجد يشعل حفله في مصر ويهدي أغنية ل ملك السعودية: "عاش سلمان" (فيديو)    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 18ديسمبر 2025 فى المنيا.....اعرف صلاتك    الإعادة تشعل المنافسة.. مجلس النواب 2025 على صفيح ساخن    غياب الزعيم.. نجوم الفن في عزاء شقيقة عادل إمام| صور    «صوت هند رجب وفلسطين 36» ضمن القائمة القصيرة للأوسكار ال 98    يلا شووت.. المغرب والأردن في نهائي كأس العرب 2025: صراع تكتيكي على اللقب بين "أسود الأطلس" و"النشامى"    اقتحام الدول ليس حقًا.. أستاذ بالأزهر يطلق تحذيرًا للشباب من الهجرة غير الشرعية    18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الربيع.. في مديح الورد
نشر في البوابة يوم 10 - 04 - 2015

الربيع.. تلك "الفترة الرطبة" بين فصلين قاسيين الشتاء والصيف، نستقبله لنسترجع معه أجمل الذكريات بألوان الأزهار التي تملك الكون بأكمله، وتهل علينا البهجة والسعادة من خلال الغوص في بساتينه، وعلى مر الزمان غنت الأجيال أجمال الأغنيات للربيع، ولم يستطع الفن في ثوبه الجديد اختلاس مكانة الأغنيات القديمة مهما أبدع، فليست مجرد كلمات أو ألحان فقط، بل حروف تحمل معها تاريخ وذكريات تُغني عما هو جديد؛ فتغنى به كبار الشعراء والمطربين منذ "أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكًا" للبحتري، وحتى "آدي الربيع عاد من تاني" و"البدر هلت أنواره" لفريد الأطرش؛ فعندما وصف البحترى الربيع قال:
"أَتاكَ الرَبيعُ الطَلقُ يَختالُ ضاحِكًا مِنَ الحُسنِ حَتّى كادَ أَن يَتَكَلَّما
وَقَد نَبَّهَ النَيروزُ في غَلَسِ الدُجى أَوائِلَ وَردٍ كُنَّ بِالأَمسِ نُوَّما
يُفَتِّقُها بَردُ النَدى فَكَأَنَّهُ يَبُثُّ حَديثًا كانَ أَمسِ مُكَتَّما
وَمِن شَجَرٍ رَدَّ الرَبيعُ لِباسُهُ عَلَيهِ كَما نَشَّرتَ وَشيًا مُنَمنَما
أَحَلَّ فَأَبدى لِلعُيونِ بَشاشَةً وَكانَ قَذىً لِلعَينِ إِذ كانَ مُحرَما
وَرَقَّ نَسيمُ الريحِ حَتّى حَسِبتَهُ يَجيءُ بِأَنفاسِ الأَحِبَّةِ نُعَّما.
وجاءت أم كلثوم لتُغني أغنية الربيع "آدى الربيع عاد من تأني والبدر هلت أنواره؛ وفين حبيبي اللي رماني من جنه الحب لناره؛ أيام رضاه يازمانى هاتها وخد عمرى اللي رعيته؛ رماني فاتني وشغل فكرى؛ كان النسيم غنوه النيل بغنيها وميته الحلوة تفضل تعد فيها؛ وموجه الهادي كان عوده؛ ونور البدر وأوتاره يلاغى الورد وخدوده؛ يناجى الليل وأسراره وأنغامه تسكرنا أنا وهو مفيش غيرنا؛ لمين بتضحك ياصيف لياليك وأيامك"، وغنّى فريد الأطرش الكلمات نفسها.
ومن الشعراء الذي تحولت أبياتهم الشعرية إلى قصائد مغناه الشاعر "مأمون الشناوي"، الذي حفلت قصائده الشعرية بجمال الربيع الذي ينشر كل الأنوار على مشاهد الطبيعة؛ كذلك من الأغاني الشهيرة التي وصفت الربيع وصارت أيقونة لا يمر حضوره وإلا ويتغنى بها الجميع أغنية "الدينا ربيع" والتي قام بكتابتها الشاعر صلاح جاهين وغنتها السندريلا سعاد حسني "الدنيا ربيع والجو بديع.. قفلي على كل المواضيع.. قفل قفل قفل.. مافيناش كاني ومافيهاش ماني كاني ماني إيه الدنيا ربيع الدنيا ربيع.. الشجر الناشف بقا ورور.. والطير بقا لعبى ومتهور.. كده وإحنا حنفرفش امتى اومال.. دلوقتى ولا في سبتمبر".
وأيضًا كان لأمير الشعراء أحمد شوقى تحية خاصة بفصل الربيع " مرحبًا بالربيع في ريعانِهْ وبأَنوارِه وطِيبِ زَمانِهْ رَفَّت الأَرضُ في مواكِب آذارَ، وشبَّ الزمانُ في مِهْرَجانِه نزل السهلَ طاحكَ البِشْر يمشي فيه مَشيَ الأمير في بُستانه عاد حَلْيًا بِرَاحَتيْهِ وَوَشْيًا طولُ أَنهارِهِ وعَرْضُ جنانه لف في طيْلَسانِه طُرَرَ الأر ضِ، فطاب الأَديمُ من طيلسانه ساحرٌ فتنة العيونِ مُبينٌ فضل الماء في الربا بجمانه عبقريُّ الخيالِ، زاد على الطيْ ف، وأَرْبَى عليه في أَلوانه في مأتمٍ لم تخلُ فُيَهْنِيكَ ما حرَّمتْ حين تنام".
وقال أيضًا "آذار أقبل قم بنا يا صاح حي الربيع حقيقة الأرواح صفو أتيح فخذ لنفسك قسطها فالوصف ليس على المدى بمتاح ملك النبات فكل أرض داره تلقاه بالأعراس والأفراح".
وقال مصطفى صادق الرافعي "إذا احتدم الصيف، جُعلتَ أنت أيها البحر للزمن فصلًا جديدًا يسمى "الربيع المائي"، وتنتقل إلى أيامك أرواح الحدائق، فتنبت في الزمن بعض الساعات الشهية كأنها الثمر الحلو الناضج على شجره، ويوحي لونك الأزرق إلى النفوس ما كان يوحيه لون الربيع الأخضر، إلا أنه أرق وألطف.
ويرى الشعراء في ساحلك مثل ما يرون في أرض الربيع، أنوثة طاهرة، غير أنها تلد المعاني لا النبات. ويحس العشاق عندي ما يحسونه في الربيع أن الهواء يتأوَّه.
في الربيع، يتحرك في الدم البشري سر هذه الأرض؛ وعند "الربيع المائي" يتحرك في الدم سر هذه السحب".
وقال ابن المارداني: "أما ترى الأرض قد أعطتك عذرتها.. مخضرةً واكتسى بالنور عاريها فللسماء بكاءٌ في حدائقها.. وللرياض ابتسامٌ في نواحيها".
ويقول الصنوبري: "تبارك الله ما أحلا الربيع فلا.. يغرر مقايسه بالصيف مغرور من شم طيب جنيات الربيع يقل.. لا المسك مسكٌ ولا الكافور كافور وقول أبي الفتح بن العميد: أسعد بنيروزٍ أتاك مبشرًا.. بسعادة وزيارةٍ ودوام واشرب فقد حل الربيع نقابه".
وسبق الشاعر "أبو تمام" أقرانه من الشعراء في وصف الربيع وهو يقول في قصائده "رقت حواشي الدهر فهي تمرمر وغدا الثرى في حليه يتكسر نزلت مقدمة المصيفة حميدة ويد الشتاء جديدة لا تكفر مطر يذوب الصحو منه وبعده صحو يكاد من الغضارة يمطر من كل زاهرة ترقرق بالندى فكأنها عين عليه تحدر من فاقع غض النبات كأنه در يشقق قبل ثم يزعفر أو ساطع في حمرة فكأن ما".
وعندما نتطرق للربيع فلا يمكن أن ننسى شاعر لبنان "جبران خليل جبران " الذي غرق قلمه في وصف الطبيعة التي جعلت من لبنان صورة فنية مكتملة الأركان وخاصة عند ذوبان الثلوج عن جبالها؛ فيكتب عن الاختلاف بين الفصول في قصيدته "الفصول الأربعة"، وهو يخص كل فصل بوصف دقيق عن مزاياه ويكتب عن الربيع "هلمي يا محبوبتي نمش بين الطلول.. فقد ذابت الثلوج وهبّت الحياة من مراقدها وتمايلت في الأودية والمنحدرات.. سيري معي لنتتبّع آثار أقدام الربيع في الحقل البعيد.. تعالي لنصعد إلى أعالي الربى ونتأمل تموجات اخضرار السهول حولها.. هاقد نشر فجر الربيع ثوبا طواه ليل الشتاء فاكتست به أشجار الخوخ والتفاح فظهرت كالعرائس في ليلة القدر".
والربيع لم يترك أجدادنا الفراعنة دون أن يترك بصمة الغزل عليهم، فكان الشاعر القديم يرى محبوبته بوضوح، وهو ما جعل برديات المصريين تزخر بالحب مع موسمه، ففي برديه "شستر بيتي" ينعكس الربيع على هذه القصائد، وتختفي معه المشاهد الدرامية الحزينة، لتظهر المشاهد الحميمة على بردية الشاعر وهو يقول"أحضر توًا يا سيدي.. يا من ذهبت بعيدًا أحضر لكي تفعل ما كنت تحبه تحت الأشجار لقد أخذت قلبي بعيدًا عني آلاف الأميال معاك أنت فقط أرغب في فعل أحب إذا كنت قد ذهبت إلى بلد الخلود فسوف أصحبك فأنا أخشي أن يقتلني الشيطان ست لقد أتيت هنا من أجل حبي لك فلتحرر جسدي من حبك".
ولم يقتصر الحديث عن الربيع على العرب فقط بل تكلم عنه شعراء أجانب ومنهم بابلو نيرودا الذي قال "يمكنك أن تقطع كلّ الأزهار ولكنك لا تستطيع أن تمنع الربيع من القدوم"، و"تستطيعون قطف الزهور لكنكم أبدًا لا تستطيعون وقف زحف الربيع"؛ كما قال راشيل كارسون "كم أخاف أن يأتي الربيع المقبل صامتًا بلا طيور تغرد في الغابة، وتعج الصحراء بالجراد ويتشوه منظر النجوم والقمر".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.