كعادتها تخرج الطفلة «مريم» في الساعة السابعة صباحًا، تضع قبلة على جبين والدتها، التي تعطيها النصائح، وتطالبها أن تكون متفوقة في دراستها، تصطحب شنطتها المٌثقلة بالكتب والكراريس والأدوات المدرسية، لتقف بجوار المنزل، تستقل أتوبيس المدرسة، بتلك الطقوس تبدأ التلميذة «مريم» ضحية الإهمال، التي انهار عليها سور مدرسة الأورمان بحى الطالبية بالجيزة. «تركنا الحكومى وبندفع فلوسنا في التعليم الخاص وبرضوا ولادنا بيموتوا».. بتلك الكلمات تحدثت والدة التلميذة «مريم همام» 11 سنة، الطالبة بمدرسة الأورمان، والتي توفيت إثر سقوط سور المشتل الزراعى أثناء وجودها بالمدرسة. وتحكى الأم المكلومة عن تفاصيل الحادث، وهى تتمتم ببعض العبارات، أمام مستشفى الهرم قائلة: «كنت بحلم أشوفك عروسة، وتحققى كل ما تتمنيه يا مريم لكن ربنا اختارك عروسة في الجنة، عشان تكونى شفيعة لبابا وليا يا مريم». وقالت: «خرجت مريم للمدرسة في الساعة السابعة صباحًا، وكانت بتتصل بيا 3 مكالمات في اليوم، الأولى عندما يصل الباص إلى المدرسة، والثانية أثناء الفسحة، والأخيرة قبل مغادرة المدرسة مع انتهاء اليوم الدراسى، واليوم ده كان عندها امتحان، وكلمتنى قبل الواقعة بنصف ساعة، وقالت (أنا خلصت الامتحان وسأحصل على الدرجة النهائية ويجب أن توفى بوعدك ونخرج فسحة جامدة) وظلت تمازحنى بخفة دمها المعهودة، وأكدت لها بأننا سنخرج اليوم، وطلبت منها ألا تتأخر في المدرسة، لأنها في بعض الأوقات كانت بتحب اللعب مع أصدقائها وتعود في آخر باص يخرج من المدرسة». وفى الساعة الثالثة والنصف تلقيت اتصالا هاتفيا من المدرسة بإصابتها، فتوقعت أنها أصيبت أثناء اللعب، أو أصيبت بشيء بسيط، اتصلت على هاتفها لكنها لم ترد، فزاد خوفى عليها فتوجهت إلى المدرسة، وعندما وصلت وجدت الحزن في عيون الأطفال، وأخبرتنى صديقتها أن سور المدرسة سقط عليها هي و5 آخرين من زملائها، وتم نقلها إلى مستشفى الهرم. وتضيف: «عندما وصلت أخبرونى بوفاة ابنتى، وأن المدرسة لو أحضرتها بسيارة إسعاف لنقلتها للمستشفى بسرعة وكان من الممكن إنقاذها لكن ابنتى ظلت موجودة تحت الأنقاض لمدة ساعة ولم يتحرك ساكن سواء من المدرسة أو الحماية المدنية لانتشالها من بين الأنقاض وإنقاذها». ويقول والد مريم ل«البوابة» والبكاء ينهمر من عينيه: «مريم بنتى الوحيدة اللى طلعت بيها من الدنيا، كنت أشاهدها وهى تكبر أمام عينى، كانت متفوقه في دراستها، جميع أصدقائها يلجئون إليها إذا تعثروا في درس أو مسألة في مادة الحساب، ويشهد على تفوقها ومستواها التعليمى والأخلاقى الجميع، ربنا رزقنى ب«مريم» وهى كانت نور عينى إللى بشوف بيها جاءت إلى الدنيا ومعها الخير كله». أما طلاب المدرسة من جميع المراحل فتوجهوا للاطمئنان على زملائهم المصابين في الحادث ومواساة أسرة مريم في محنتهم، وأكدوا ل«البوابة» قائلين.. إن سور المدرسة كان به بعض الشروخ، وكان هناك إهمال من المدرسة في بنائه «إحنا كنا ممكن نموت أو نُصاب في الحادث، لكن في النهاية مريم ماتت بسبب الإهمال، وندى زميلتنا محجوزة في القصر العينى بين الحياة والموت، حسبنا الله ونعم الوكيل» مؤكدين أنهم لن يتركوا حق زملائهم يذهب هدرًا حتى لو وصل الأمر لتعطيل الدراسة والتظاهر حتى يعود حق زملائهم. كان اللواء محمود فاروق، مدير مباحث الجيزة، تلقى إخطارًا من المقدم «عصام نبيل»، رئيس مباحث قسم شرطة كرداسة، يفيد بسقوط سور مدرسة الأورمان بمنطقة المريوطية التابعة لمركز شرطة كرداسة بالجيزة، تسبب في إصابة 6 من أطفال المدرسة، وذلك عقب انتهاء اليوم الدراسى، وتسبب أيضًا في وفاة طفلة تدعى مريم، 11 سنة، نتيجة انهيار سور المدرسة عليها. وانتقل اللواء «مجدى الشلقانى»، مدير إدارة الحماية المدنية، إلى موقع الحادث وتم انتشال الضحايا، ونقلهم إلى المستشفى، وبإخطار اللواء «طارق نصر»، مدير أمن الجيزة، أمر بإجراء التحريات حول الواقعة وإحالة المتسببين في الحادث إلى النيابة العامة التي تباشر التحقيقات في الواقعة حاليًا. من النسخة الورقية