رئيس جامعة القناة يُعلن أسماء الفائزين في مسابقة "أحمد عسكر" لأفضل بحث تطبيقي    مفتي الجمهورية من منتدى كايسيد: الإسلام يعظم المشتركات بين الأديان والتعايش السلمي    6 يوليو.. بدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني بمركز التعلم المدمج ببني سويف    «النقد الدولي» يوافق على قروض بقيمة 20.99 مليون دولار لدعم اقتصاد غينيا بيساو والرأس الأخضر    الحكومة توافق على إصدار قانون لتنظيم مرفق مياه الشرب والصرف الصحي    الانتهاء من تنفيذ خط طرد محطة بيجام بشبرا الخيمة    البنك الأهلي المتحد يفتتح أحدث فروعه "شبين الكوم" بالمنوفية    بلينكن يعلن عن مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة ملياري دولار    أمير الكويت: البلاد في مرحلة جديدة من العمل الجاد والعطاء اللا محدود    بيرسي تاو في قائمة منتخب جنوب إفريقيا لمعسكر يونيو    براءة المتهم بقتل زوجته في الجيزة    مصرع طفل غرقًا في بحر النزلة بالفيوم    وزير السياحة يتابع التجهيزات النهائية قبل إعلان موعد افتتاح المتحف المصري الكبير    السبت.. المتاحف وإدارة الفن ندوة ثقافية بمعهد الموسيقى العربية    أبرزها «الأسد» و«الميزان».. 4 أبراج لا تتحمل الوحدة    الزعيم عادل إمام: افتقدت أكبر حب فى حياتى بوفاة والدتى    أمير المصري يكشف عن شخصيته في فيلم Giant: قصة صعود ملاكم من الطبقة العاملة    أغاني الجنوب مع كرم مراد، حفل فني في بيت السحيمي    محافظ دمياط تفتتح الوحدة الصحية بالجبايلة    المرور: ضبط 14 ألف مخالفة على الطرق والمحاور خلال 24 ساعة    14 مليار دولار.. رئيس الوزراء: تسلمنا الدفعة الثانية من صفقة تطوير رأس الحكمة    الأمم المتحدة: أكثر من 7 ملايين شخص يواجهون خطر انعدام الأمن الغذائي بجنوب السودان    وفد اليونسكو يزور معهد الموسيقى العربية    "قال أشياء إيجابية عني".. كلوب يسخر من مشادته مع محمد صلاح    بث مباشر.. حجز شقق جنة في القاهرة الجديدة و6 أكتوبر بالقرعة العلنية    لا تصدقوهم.. إنهم كاذبون!    اليوم الأول لمهرجان كان.. لقاء مفتوح مع ميريل ستريب وإعادة فيلم الافتتاح    صور.. كريم قاسم من كواليس تصوير "ولاد رزق 3"    أمين الفتوى: الصلاة النورانية لها قوة كبيرة فى زيادة البركة والرزق    الإفتاء توضح حكم الطواف على الكرسي المتحرك    محافظ بورسعيد للطلاب: "بتأخذوا دروس خصوصية علشان تنزلوا الشارع" - صور    الصحة تنشر طرق التواصل مع البعثة الطبية للحج.. وتوجه 4 نصائح مهمة    تحرير (148) مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    "التعاون الإسلامي" تؤكد دعمها الثابت لحقوق الشعب الفلسطيني    «دون شكاوى».. 8682 طالبًا وطالبة يؤدون امتحان الشهادة الإعدادية الأزهرية 2024 بالمنيا    انهيار جزئي بمنزل دون إصابات بسوهاج    «التضامن»: في مقدمة المخاطر والويلات التي تشهدها المنطقة الحرب الإسرائيلية على غزة (تفاصيل)    وزير الرياضة يعلن عودة الجماهير للملاعب ويتوعد المخالفين    حكم وشروط الأضحية.. الإفتاء توضح: لا بد أن تبلغ سن الذبح    للنهائى الأفريقي فوائد أخرى.. مصطفى شوبير يستهدف المنتخب من بوابة الترجى    "النقد الدولي" يوافق على قروض لدعم اقتصاد غينيا بيساو والرأس الأخضر    انطلاق الامتحانات العملية بجامعة طيبة التكنولوجية بالأقصر.. صور    «حياة كريمة» تطلق قافلة تنموية شاملة إلى قرية شماس بمركز أبو النمرس    الداخلية: ضبط 25 كيلو مخدرات و132 قطعة سلاح بالدقهلية    الصحة تشارك في اليوم التثقيفي لأنيميا البحر المتوسط الخامس والعشرين    «النقل» تكشف تفاصيل التشغيل التجريبي ل5 محطات مترو وتاكسي العاصمة الكهربائي    كاتب صحفي: مصر تمتلك مميزات كثيرة تجعلها رائدة في سياحة اليخوت    أحمد مجدي: السيطرة على غرفة خلع ملابس غزل المحلة وراء العودة للممتاز    6 ميداليات لتعليم الإسكندرية في بطولة الجمهورية لألعاب القوى للتربية الفكرية والدمج    ضبط 14293 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    بعد الصين.. بوتين يزور فيتنام قريبا    تشاهدون اليوم.. نهائي كأس إيطاليا وبيراميدز يستضيف سيراميكا    «إكسترا نيوز»: قصف مدفعي إسرائيلي عنيف على عدة مناطق في رفح الفلسطينية    وزارة العمل: 945 فرصة عمل لمدرسين وممرضات فى 13 محافظة    النائب إيهاب رمزي يطالب بتقاسم العصمة: من حق الزوجة الطلاق في أي وقت بدون خلع    بشرى سارة للجميع | عدد الاجازات في مصر وموعد عيد الأضحى المبارك 2024 في العالم العربي    أحمد كريمة: العلماء هم من لهم حق الحديث في الأمور الدينية    ريال مدريد يكتسح ألافيس بخماسية نظيفة في ليلة الاحتفال بالليجا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"البوابة" تحقق في "الجرائم الرسمية" ضد المصريين.. الحكومة أدخلت "سلعًا خطرة" دون فحصٍ ب"تريليون و500 مليار جنيه" خلال 5 سنوات
نشر في البوابة يوم 07 - 04 - 2015


المستوردون يقتلون المصريين بقرارات حكومية
رغم هروبه.. رشيد محمد رشيد يحكم وزارة الصناعة والتجارة «عن بُعد»
قرارات رشيد سارية رغم اعتراض الوزير الحالي
حرائق قاعة المؤتمرات وشركات البترول تكشف لغز البودرة «المضروبة»
منير فخري عبدالنور يعترف بالكارثة ولا يستطيع «منع» استمرارها
هذه القضية ليست مجرد تحقيق صحفي نكتبه على صفحات جريدتنا ثم ننصرف إلى حال سبيلنا اتباعا لطريقة «عملنا اللي علينا» مثلما يفعل غيرنا.
لكنها قضية غير عادية تتجاوز النظرة الضيقة، بل من فرط خطورتها تحرض على الصراخ بأعلى صوت في وجه كل المسئولين عن إدارة هذا البلد، والمطالبة بمحاكمة المتورطين علنا مهما كانت أسماؤهم أو نفوذهم في مواقع السلطة، على كل ما ارتكبوه وما زالوا يرتكبونه من جرائم في حق 90 مليون مواطن، هم وحدهم الذين يدفعون ثمن عبث الحكومات المتعاقبة بحياتهم وصحتهم ومستقبل أبنائهم، عبر السماح بالاستيراد العشوائي لكافة السلع الرديئة والسامة دون رقابة من الجهات المختصة.
تفاصيل هذه القضية ليس لها وصف سوى أنها جريمة مكتملة الأركان، تورطت فيها الحكومة عمدًا مع سبق الإصرار والترصد، عبر الموافقة على تمرير دخول صفقات من السلع المستوردة لصالح رجال أعمال من الوزن الثقيل دون اتباع للقواعد المعمول بها عالميا وبدون شروط تحدد المواصفات القياسية أو الصلاحية لتلك السلع.
ليس سرًا أن السلع الرديئة والخطرة التي يتم استيرادها من الخارج أغرقت الأسواق المصرية، وليس سرًا أنها تلقى رواجًا في أوساط المستهلكين على اختلاف شرائحهم الاجتماعية، رغم علمهم أنها تحتوى على مكونات خطرة.
ورغم ذلك فالتقديرات الرسمية لحجم استيراد تلك السلع الكارثية ابتلعت تريليون وخمسمائة مليار جنيه خلال 5 سنوات بواقع من 300 - 350 مليار جنيه سنويا، من بينها 7 مليارات فقط لاستيراد المواد الغذائية، على رأسها القمح وزيوت الطعام، يضاف إلى هذه الأرقام الضخمة نحو 40 مليار جنيه أخرى تدخل في نطاق التجارة السرية، هي عبارة عن حجم السلع المهربة بالأساليب المختلفة، منها الملابس ب7 مليارات والتبغ ب13 مليار جنيه إلى جانب سلع أخرى خاصة المنشطات الجنسية التي ملأت الصيدليات والأرصفة.
فوفقا للبيانات الرسمية بسجلات مصلحة الجمارك والأجهزة الرقابية يتم ضبط ما قيمته 4 مليارات جنيه سنويا، وعلى حسب القاعدة المتعارف عليها من الناحية الأمنية بأن المضبوطات لا توازى سوى 10٪ وبالتالى يصبح حجم السلع المهربة 40 مليار جنيه سنويا.
أما السلع المستوردة الخطرة التي تدخل الموانئ بصورة رسمية فحدث عنها ولا حرج، لأنها تملأ الأسواق والبيوت ودواوين الحكومة والمصانع وشركات البترول.
وهى عبارة عن مواد إطفاء الحرائق «البودرة الرغاوى» وقطع غيار السيارات والمعدات ومواد التنقية المستخدمة في محطات مياه الشرب «المرشحات » والكيماويات بأنواعها المختلفة وأدوات المائدة والملابس ولعب الأطفال والأدوات الكهربائية، إلى جانب الألعاب النارية رغم حظر استيرادها وتداولها وفق القانون المصرى... إلخ.
لكن كيف تدخل هذه السلع الرديئة من الموانئ والمنافذ الجمركية؟ وما هي المخاطر الناتجة عن استيرادها؟ هل تورطت الحكومة بالفعل في تلك الجريمة؟ سهام الاتهامات في هذه القضية الشائكة، تتجه صوب منير فخرى عبدالنور بصفته وزيرًا للتجارة والصناعة، المعنى بالرقابة على كل السلع الواردة من الخارج من خلال الأجهزة التابعة لوزارته فهو يعلم بالكارثة ويدرك حجم مخاطرها على صحة المصريين، لكنه سمح باستمرار الفوضى في الاستيراد، والمثير للدهشة أن الوزير يعترف بعدم وجود رقابة على السلع بفحصها سواء من ناحية الجودة أو خطورة المكونات.
لكن يبدو أنه ليس قادرًا على مواجهة مافيا الاستيراد أو الحد من نفوذ مراكز القوى داخل الوزارة من رجال الوزير الأسبق رشيد محمد رشيد هؤلاء يشكلون «لوبي» لحماية مصالحهم ومكاسبهم على حساب المصلحة العامة.
فضلا عن عدم قدرته على منع نزيف تدفق البضائع التي يدور بشأنها جدل في الجهات المتخصصة يتراوح ما بين أنها ناتجة عن النفايات ومخلفات المصانع، أو أن تلك المنتجات يتم تصنيعها بخامات رديئة حسب طلب المستورد الذي يريد سلعا رخيصة بغض النظر عن خطورتها، لتحقيق مكاسب خيالية على حساب المستهلك المصرى وصحته، وغير ذلك من الاتهامات التي تلاحق السلع المستوردة.
وقبل أسابيع وتحديدا في 27 فبراير 2015 أكد منير فخرى عبدالنور في تصريحات علنية لمندوبى الصحف أن شهادة ال«سى آى كيو» ملأت البلد بالسلع الرديئة، مضيفا أن النية داخل الحكومة تتجه الفترة القادمة نحو إلغاء العمل بتلك الشهادة لمواجهة إغراق الأسواق بالسلع غير المطابقة للمواصفات.
والخطورة المترتبة على تلك السلع أصبحت الشغل الشاغل في أوساط المتخصصين وخبراء معامل الرقابة على الواردات بعد أن تبين عدم صلاحيتها.
هنا سنتوقف أمام نوع معين من السلع المستوردة وهى «مواد الإطفاء» عقب الحرائق التي اندلعت في كثير من المنشآت لعل آخرها مركز المؤتمرات وشركة النصر للبترول.
فقد ثبت أن المواد المستخدمة سواء البودرة أو الرغاوى ليست فعالة بما يكفى لإخماد النيران أو الحد من انتشارها، ليس هذا وحسب بل تحمل في ذات الوقت مخاطر تتمثل في احتوائها على مواد شديدة السمية «بيكربونات الصوديوم - الأمونيوم» الأمر الذي دفع لطرح التساؤلات حول ظروف دخولها للبلاد مع غيرها من السلع والمواد الكيماوية.
والشهادة اللغز التي أشار لها وزير التجارة والصناعة، كانت ترجمة لقرار أصدره رشيد محمد رشيد وزير الصناعة والتجارة في عهد مبارك.
القرار يحمل رقم 159، نشر بجريدة الوقائع المصرية بتاريخ 28 فبراير 2010. مفاده «الإفراج عن جميع السلع غير الغذائية بالفحص الظاهرى فقط، أي مطابقة شهادات البيانات المرفقة بما هو مدون على العبوات».
أما مضمونه فهو أمر كارثي، يتيح للمستوردين إدخال السلع بصورة عشوائية لا تخضع للمعايير والمواصفات المطلوبة، فضلا عن غل يد الجهات المختصة بالرقابة عن أداء دورها بفحص الواردات أو التأكد من سلامتها معمليا. لكن ما المقصود بال«سى آى كيو»؟
هي شهادة البيانات الصادرة من بلد المنشأ والمعتمدة روتينيا من السفارة المصرية في البلد المصدر للسلع. اعتماد السفارة هو توثيق للأختام الخاصة بالمصنع أو الغرفة التجارية.
والكارثة الحقيقية التي تقف وراء دخول تلك السلع هي قرار حكومى يتيح عدم الرقابة عليها بما يعنى تحصين ارتكاب الجرائم وحمايتها بقرار وزارى، فضلا عن التشجيع على ارتكاب أعمال التزوير في البيانات.
ولم يتوقف نزيف الفضائح عند حدود قرار رشيد محمد رشيد، لكن الأمر امتد في إطار الفوضى إلى ما بعد هروب رشيد خارج البلاد، حيث أصدر أحد رجاله وهو «السيد أبو القمصان» الذي تولى منصب مستشار فخرى عبدالنور ورئيس لجنة التظلمات بالوزارة، تعليمات إلى الموانئ والمطارات بتاريخ 15 نوفمبر 2013 مفادها أنه في حالة رفض الشحنات الواردة معمليا، يمكن إعادة الفحص مرة أخرى، وإذا تكرر الرفض من المعامل المختصة، يمكن للمستورد أن يتقدم بشهادة بيانات جديدة للشحنة نفسها التي تم رفضها معمليا مرتين.
فمنتهى العبث أن تساهم الدولة في تمرير الصفقات بتلك الصورة البشعة وهى تعلم أنها غير مطابقة للمواصفات القياسية التي تحددها هيئة المواصفات والجودة.
التفاصيل وحدها كاشفة وفاضحة لأبعاد الجريمة وحجمها وتداعياتها على الشأن العام بكل تفاصيله المتعلقة بالصحة والأوضاع الاقتصادية وغيرها من الأمور المرتبطة بالحماية من الكوارث.
فقد كشفت المستندات الموجودة لدينا أن وزارة الصناعة سمحت بدخول مادة بودرة إطفاء غير مطابقة للمواصفات، ليس هذا وحسب بل إنها تحتوى على مواد شديدة السمية دخلت الأسواق وأغرقت بها البلاد لصالح كبار المستوردين وذلك في جريمة مكتملة الأركان.
والحكاية كما ترويها المستندات أن الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، لم تكتف بإصدار التعليمات لصالح المستوردين بل شاركت في ارتكاب الجرائم لحسابهم عبر قيامها بتزوير النتائج المعملية لإحدى شحنات بودرة الإطفاء.
تلك الشحنة تم رفضها معمليا في اختبارات المادة الفعالة «المكون الأساسى للبودرة» حيث تبين أنها ليست مطابقة للمواصفة القياسية المصرية التي تحمل كود رقم «4833» وتشترط أن تكون المادة الفعالة «المكون الأساسي» لبودرة إطفاء الحرائق لا تقل عن 90٪ من حجم العبوة الواحدة، ولا يجب أن تحتوى على أي مادة سمية ينتج عنها انبعاثات أثناء تفاعل البودرة مع الحرائق، إلا أن وزارة الصناعة والهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات خالفتا تلك الاشتراطات.
حيث كشفت المستندات أن المعمل الكيميائى بالمطار ولجنة التظلمات بالهيئة أصدرا تعليمات بإعادة الفحص المعملى لبودرة الإطفاء الواردة بميناء العين السخنة وكانت النتائج كالتالى: نسبة المادة الفعالة تتراوح بين 40٪ إلى 50٪ وهذا غير مطابق للمواصفات القياسية المصرية التي تنص على أن المحتوى الكيميائى طبقا للمواصفة القياسية المصرية يجب ألا يقل عن 90٪ وبناء عليه تم رفض الرسالة.
المفاجأة أن الرقابة على الصادرات والواردات بوزارة الصناعة أرسلت خطابا يفيد قيامها بسحب عينة ثالثة من بودرة الإطفاء رغم ظهور نفس النتائج إلا أن العينة تم الإفراج عنها بتغيير البيانات الفنية للرسالة رغم أنها نفس العينة التي تم رفضها من معامل الرقابة على الصادرات والواردات من قبل.
نتائج مزيفة للعينات
قبل خمسة عشر شهرا وتحديدا في نهاية ديسمبر 2013 تم الكشف عن واحدة من أساليب التدليس المدعوم من وزارة الصناعة وهيئة الرقابة على الصادرات والواردات.
فقد أزاح أحد محاضر فحص العينات لبودرة ثلاثية بناء على قرار من النيابة العسكرية عقب بلاغ مقدم ضد رسائل بودرة إطفاء غير صالحه للاستخدام فتم تشكيل لجنة من الكيميائيين المختصين بالمعمل الكيميائى من معامل الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات بفرع المطار للكشف عن الرسالة.
تشكلت من الكيميائيين إيهاب صالح الشبراوى والدكتورة أمل إسماعيل حسن ونبيل محمد عثمان وعبدالعال عارف وكانت النتائج كالتالى:
نسبة بيكربونات الصوديوم 39.5٪ وهى كمية المادة الفعالة في الفحص الأول.
نسبة كربونات الكالسيوم 40.5٪ في الفحص الثانى.
وأشار أعضاء اللجنة المشكلة بأنه طبقا للمقايسة فإن العينة غير مطابقة للمواصفات القياسية التي تنص على أنه يجب أن تكون المادة الفعالة 90٪ فأكثر.
والمثير للدهشة أن اللجنة التي قامت بفحص العينات في المرتين «الفحص المعملى الأول والثانى» وخرجت بنتائج متضاربة لرسالة واحدة بما يفيد وجود تلاعب فاضح، الأمر الذي دفع جهات التحقيق لأن تأمر بتحليل العينات في معامل إحدى الجهات ذات الطبيعة السيادية التي أصدرت تقريرها بناء على الفحص برفض الشحنة بالكامل لعدم مطابقتها للمواصفات القياسية المصرية، إلا أن الرقابة على الصادرات أرادت إنقاذ نفسها بارتكاب مصيبة أكبر فقامت بإعادة الفحص مرة ثالثة وتم التلاعب في العينات بهدف الإفراج عن الشحنة الفاسدة لصالح أحد رجال الأعمال، حيث أمرت لجنة التظلمات بوزارة الصناعة والتجارة بإعادة الفحص وهو ما أكده محضر إثبات الحالة الذي تضمن الآتى «أنه في يوم الأربعاء الموافق 24/12/2013 تم فتح حرز عينة بودرة إطفاء حريق رقم (16064) لإعادة الفحص بوجود كل من يوسف محمد محمود أخصائي تحاليل، وكيميائي محمد عبدالحفيظ، ومهندس عاطف على منذر، هؤلاء من معامل الهيئة».
وأشار محضر إثبات الحالة إلى أنه بموجب سحب عينات الفحص من بودرة الحريق وجد أن نتيجة السحب الأول كانت النسبة الفعالة في البودرة 33.7٪ وهى مرفوضة في كل الأحوال طبقا للمواصفة القياسية المصرية أنه في حال رفض العينة مرتين من ثلاث مرات يتم رفضها على الفور ولكن وحسب ما أفاد المحضر تم تمرير وعبور بودرة الحريق إلى الأسواق وتم سحب عينة أخرى من المنتج وإرسالها للمعمل وكانت المفاجأة أن نتيجة إعادة الفحص تجاوزت المادة الفعالة 75.6٪ وحسب المنشور الذي حصلنا عليه تم تمرير البودرة إلى الأسواق.
قضية أخرى فجرتها المستندات وهى تمرير رسالة بودرة وتهريبها إلى الأسواق بعد التحفظ عليها بمعرفة معامل الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات تمهيدا لإعدامها أو إعادة تصديرها بمعرفة المستورد إلى بلد المنشأ. لكن بأساليب مريبة تورط المسئولون في تهريبها وإخراجها وطرحها بالأسواق.
حيث أكدت المستندات، أن الرسالة الواردة من فرع العين السخنة وهى عبارة عن 65 طن من بودرة إطفاء الحرائق من نوع (بى سى) مرفوضة معمليا سواء في الفحص الأول أو الثانى وبإعادة الفحص في اختبار المحتوى الكيميائى مرة أخرى وجد أن المادة الفعالة غير مطابقة للمواصفات القياسية المصرية والعالمية، وعقب رفض الرسالة بعد إجراء الاختبار، تم تخزينها بموجب عقد بين هيئة الصادرات والمستورد تمهيدا لاتخاذ أي من القرارين، إعدامها أو إعادة تصديرها.
لكن الرقابة الإدارية كما توضح المستندات قامت بتتبع المخالفات الناتجة عن الاستيراد وإغراق الأسواق بالمواد السامة، وتبين لها قيام إحدى الشركات «ريد نوكسي» بتوريد 65 طن بودرة إطفاء حريق غير مطابقة للمواصفات لأحد المصانع المملوكة للدولة استوردتها من الصين شركة (إيجى جلوبال) وجرى تعبئة 12 طن بودرة داخل طفايات الحريق وطرحها في الأسواق بالمخالفة لشروط التحفظ.
وبالبحث والتحرى من الرقابة الإدارية وجدت تسريب بودرة الإطفاء المتحفظ بواسطة الهيئة إلى الأسواق.
ومشاهد العبث لم تتوقف عند حدود معينة في بيزنس مواد الاطفاء «البودرة الرغاوى» فالمستندات تثبت تدليس الحكومة وتورطها في السماح باستيراد البودرة والمواد شديدة السمية ودخولها البلاد منذ عام 2005 وربما يكشف لنا ذلك لغز إصابة ملايين المصريين بالأمراض السرطانية حيث أفاد أحد الخطابات الصادر من المعمل الرئيسى لهيئة الرقابة على الصادرات والواردات بخصوص مادة (فوسفات الأمونيوم) الأحادية (وكبريتات الأمونيوم) التي تدخل ضمن المواد المستخدمة في تعبئة طفايات الحريق وبعد الاطلاع على المراجع العلمية التي أفادت بأن هذه المادة تؤثر على الجهاز التنفسى والجلد والعين ومن مخاطرها أيضا أنها تتحول تحت ظروف الحرائق إلى مادة سامة، فقد جاءت التوصية بمنع دخول أي مادة تحتوى على الأمونيوم ضمن مكونات البودرة.
لكن رئيس الإدارة المركزية للمعامل ومدير عام الهيئة العامة للصادرات والواردات، تجاهل المراجع العلمية التي تؤكد أن هذه المواد شديدة السمية وأصدر خطابا في (20/2/2012) موجها إلى رئيس الإدارة المركزية للواردات الصناعية بوزارة الصناعة تضمن محتواه «بخصوص استخدام مادة كبريتات الأمونيوم كمادة إضافية للمحتوى الكيميائى الخاص ببودرة إطفاء الحريق، تم مخاطبة الهيئة العامة للمواصفات والجودة.
وأفادت أن مادة كبريتات الأمونيوم من المواد السامة طبقا للمراجع «لكن المسئولين بالهيئة العامة للصادرات والواردات قاموا باعتماد دخول الشحنات التي تحتوى على نفس المادة.
وأشارت في خطاب مرسل للموانئ «أن أساس الفحص يتم بناء على المواصفات القياسية وليس المراجع والاجتهادات وعليه فقد تم إصدار تعليمات أن يقدم المستورد شهادة أمان من بلد المنشأ دون النظر لأى مواد سامة «ورغم أن المواصفة القياسية المصرية أشارت إلى أن المسحوق الكيماوى الجاف المخصص لتعبئة أسطوانات الإطفاء يجب أن يكون غير سام وله القدرة الإطفائية المطلوبة مع الاحتفاظ بالمواصفات الكيميائية وعدم التعجن أو التحجر وعدم تأثره بالرطوبة وقابليته للتخزين دون أن تتأثر خواصه الطبيعية أو الكيماوية وعند تعرضه للنار لا تتولد منه أبخرة أو غازات ضارة أو سامة.
إلا أن مراكز القوى في هيئة الرقابة على الصادرات والواردات ومافيا الاستيراد ضربوا بالمواصفات القياسية عرض الحائط، وجلبوا مئات الأطنان من السلع التي تحتوى على مكونات خطرة.
من النسخة الورقية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.