سعر الدولار في البنوك المصرية صباح اليوم السبت 14 يونيو 2025    إعلام إيراني: طهران قصفت 150 موقعا إسرائيليا من بينها قواعد جوية    المشدد 10 سنوات لعصابة الكيف في السلام    طقس اليوم السبت 14 يونيو 2025.. شديد الحرارة والعظمى بالقاهرة 37 درجة    الأهلي يختتم تدريباته استعدادًا لمواجهة إنتر ميامي في كأس العالم للأندية    الأهلي يواجه إنتر ميامي بزيه الأحمر التقليدي في كأس العالم للأندية    صباحك أوروبي.. قيمة صفقة فيرتز.. عودة بوجبا.. وصفقات ريال مدريد    مرتجي يتسلم شهادة مشاركة الأهلي للمرة العاشرة في مونديال الأندية    الأهلي يواجه إنتر ميامي في افتتاح كأس العالم للأندية    موعد ظهور نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 محافظة السويس الترم الثاني    اليوم.. محاكمة 6 متهمين بقضية خلية العجوزة    نقيب الفنانين العراقيين يطمئن على إلهام شاهين وهالة سرحان ببغداد    إعلام إيرانى: ضرباتنا استهدفت أكثر من 150 موقعا فى إسرائيل بينها قواعد جوية    قصور الثقافة تعرض "طعم الخوف" على مسرح مدينة بني مزار الأحد المقبل    فريق طبي بمعهد القلب ينجح في إجراء قسطرة لرضيع عمره 5 أيام    غرائب «الدورس الخصوصية» في شهر الامتحانات    طلع مدرس مساعد بجامعة بني سويف، مفاجأة غير متوقعة في واقعة تحرش مدرب جيم بطفل في الفيوم    60 دقيقة تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. السبت 14 يونيو 2025    جماهير الأهلي توجه رسائل مباشرة ل تريزيجية وهاني قبل مباراة إنتر ميامي (فيديو)    ازدحام غير مسبوق في سماء السعودية    توجيهات رئاسية مُستمرة وجهود حكومية مُتواصلة.. مصر مركز إقليمي لصناعة الدواء    أسعار الفراخ اليوم السبت 14-6-2025 بعد الانخفاض الجديد.. وبورصة الدواجن الرئيسية اليوم    أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 14-6-2025.. انخفاض كبير فوق 600 جنيه    «معلومات الوزراء»: 2025 تشهد تباطؤًا واسعًا فى النمو الاقتصادى العالمى    تعرف على أسماء وأماكن لجان الثانوية العامة 2025 بمحافظة الشرقية    وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجارات قوية في شرق طهران    مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية: إسرائيل دمرت الجزء الموجود فوق سطح الأرض من منشأة نووية إيرانية رئيسية    معاذ: جماهير الزمالك كلمة السر في التتويج ب كأس مصر    فرنسا تحذر مواطنيها من السفر إلى الشرق الأوسط    إنفانتينو: بطولة كأس العالم للأندية ستكون لحظة تاريخية فى كرة القدم    اعرف رد محافظ الإسكندرية على جزار يبيع كيلو اللحمة ب700 جنيه.. فيديو وصور    الدبيكي: إعتماد إتفاقية «المخاطر البيولوجية» إنتصار تاريخي لحماية العمال    رئيس جامعة سوهاج في ضيافة شيخ الأزهر بساحة آل الطيب    قبل وفاته مع «حذيفة».. «محمود» يروي لحظات الرعب والانفجار ب خط غاز طريق الواحات: «عينيا اسودّت والعربية ولّعت»    ضبط عاطل وراء إشعال النار بشقة والده في الطالبية    هل تتأثر قناة السويس بالصراع الإسرائيلي الإيراني؟.. الحكومة ترد    حدث منتصف الليل| خطة الحكومة لتأمين الغاز والكهرباء.. وهبوط 5 رحلات اضطراريا بمطار شرم الشيخ    الأزهر يدين العدوان الصهيوني على إيران ويطالب بوقف الانتهاكات الصهيونية بحق دول المنطقة    مراسل برنامج الحكاية: فوجئنا بوجود أجانب على كارتة الاسماعيلية    تامر عاشور يظهر بعكاز فى حفل الكويت.. صور    ما حكم أداء النافلة بين الصلاتين عند جمع التقديم؟    «الإفتاء» توضح كيفية الطهارة عند وقوع نجاسة ولم يُعرَف موضعها؟    الكويت تدعو مواطنيها فى مناطق التوتر بتوخى الحذر والمغادرة حال سماح الظروف    كوكا: من الصعب إيقاف ميسي.. ولن ألعب في مصر لغير الأهلي    احذرها.. 4 أطعمة تدمر نومك في الليل    «تضامن الدقهلية» تطلق قافلة عمار الخير لتقديم العلاج بالمجان    7 خطوات أساسية من المنزل لخفض ضغط الدم المرتفع    «الأهلي في حتة عاشرة».. محمد الغزاوي يرد على المنتقدين    مصرع عاملين وإصابة 12 آخرين في انقلاب ميكروباص بالعياط    بعد نصف قرن على رحيلها.. صوت أم كلثوم يفتتح تتر مسلسل «فات الميعاد»    4 أبراج يتسمون ب «جاذبيتهم الطاغية»: واثقون من أنفسهم ويحبون الهيمنة    طوارئ نووية محتملة.. السعودية توضح: لا مواد مشعة في مياه المملكة    إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والمدارس في مصر رسميًا (الموعد والتفاصيل)    نائب رئيس جامعة القاهرة يتفقد امتحانات الفرقة الأولى بطب قصر العيني (صور)    خطيب المسجد النبوي: الرحمة صفة تختص بالله يرحم بها البر والفاجر والمؤمن والكافر    مطار شرم الشيخ يستقبل رحلات محوّلة من الأردن بعد إغلاق مجالات جوية مجاورة    خطباء المساجد بشمال سيناء يدعون للوقوف صفا واحدا خلف القيادة السياسية    بعثة حج الجمعيات الأهلية تنظم زيارات الروضة الشريفة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تهاني الجبالي في حوارها ل"البوابة": أحذر "السيسي" من موجة ثورية قادمة لن تكون آمنة
نشر في البوابة يوم 03 - 04 - 2015

أصحاب المصالح الكبرى لديهم قدرة على «لى ذراع» مصر الاقتصادية.. والملفات الداخلية تحتاج إلى تدخل الرئيس بشكل عاجل
ليس صحيحا أن الثورة قامت على مبارك لأنه عسكري كما يقولون وبل كان ذلك هو مصدر الفخر الوحيد لمبارك
ليس من عادتى قراءة ما أكتبه بعد نشره، أعرف أنه أصبح ملكا للقارئ، يحكم فيه بما يريد، ويفعل فيه ما يشاء، من حقه أن يحبه أو يكرهه، يمدحه أو يلعنه، فلا علاقة لى بالأمر من قريب أو بعيد، لكننى عدت لقراءة الجزء الأول من حوارى مع المستشارة الجليلة مرة أخرى، لفت انتباهى أنها كانت غاضبة وهى تتحدث، المرارة تسيطر على كلماتها.. ولأنى أعرف أنها وطنية حتى النخاع، ولا أحد يستطيع أن يزايد على وطنيتها، وجدتنى أتساءل عمّا أو عمّن يكون أغضبها. راجعت ما قالته، فوجدتها غاضبة من حالة عبث سياسية شاملة تتفاعل في مصر الآن، حاولت أن تلفت الانتباه إليها، وكنت واضحا ودقيقا عندما طلبت من الرئيس أن يقرأ حوارى مع المستشارة تهانى، لأنه لابد أن يقرأه، فمثلها لا يقول كلاما عابرا، نمر عليه مرور الكرام. هنا، في الجزء الثانى من الحوار، أعتقد أن ما ستقوله سيكون أكثر قسوة وصراحة، لن نحتاج إلى مزيد من المقدمات، فقط علينا أن نسمع.
إذا لم تحدث مراجعة ل«السياسات الاقتصادية والاجتماعية» فإن الباب مفتوح أمام «خروج جديد» إجهاد «محلب» دليل على «الفشل».. والحكومة تعمل من دون «رؤية» مصر في «خطر داهم» بسب أداء مجلس الوزراء المجموعة الاقتصادية الحالية تلاميذ لمحمود محيى الدين وبطرس غالى وأحمد نظيف وتؤمن ب«الرأسمالية المتوحشة».. والوزراء يتحدثون عن «أزمات» لا «حلول»
■ قلت لها: يبذل رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب مجهودا خارقا، يواصل الليل بالنهار، لا يكف عن العمل، نراه دائما مرهقا.. فهل يتناسب العائد الذي تحققه الحكومة، مع هذا المجهود الهائل؟
- قالت: أي قيادة تتحول في النهاية للإجهاد والإرهاق ولا تنام تصبح قيادة فاشلة، لأن الفشل السياسي يبدأ من هذه النقطة، فإذا كان هناك بالفعل رؤية واضحة لدى القيادة فإنها تتحول بالضروة إلى توجيه إستراتيجي ويتحول كل في موقعه إلى منفذ، ويتابع المسئول النتائج التي خطط لها منذ البداية، ولذلك نقول: الرؤية.
■ هل معنى ذلك أننا أمام رئيس حكومة بلا رؤية؟
- مع احترامى الشديد للجهد الذي يبذله رئيس الوزراء والوزراء إلا أننى أعتبر أننا نعمل بلا رؤية، لأننا لا نملك الحق في الحوار الوطنى حول الرؤية الشاملة لمصر، واكتفينا بأننا وضعنا الدستور ومررناه، ولكن هناك قضايا رئيسية لابد أن تفتح، وهناك قصور من النخبة الفكرية والثقافية والإعلام الذي انشغل بالقشور وترك المتن، وفقدنا مساحات وآليات الحوار، وأصبح كل يغنى على ليلاه، وأنا أتمنى أن يدعو الرئيس لمؤتمر قومى تُمثل فيه كل القوى الاجتماعية للحوار حول قضايا مفصلية، لأن هذا هو الحل الوحيد لنخرج من المأزق الذي يحاصرنا جميعا.
■ أعرف أنك تشعرين بالقلق بسبب أداء الحكومة، لكن هل يمكن أن يؤدى هذا الأداء إلى أزمة؟
- هذا الأداء لا يؤدى إلى أزمة فقط، فالواقع يقول إن هناك خطرا داهما، لأنه من الواضح أن المجموعة الاقتصادية الموجودة الآن تؤمن بأهمية استمرار السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي كانت سائدة أيام مبارك، لأن جميعهم تلاميذ لمحمود محيى الدين ويوسف بطرس غالى وأحمد نظيف ومجموعة الليبراليين الجدد الذين كانوا مؤمنين بفكرة تساقط الثمار، وهو ما انعكس على طريقتهم والتوجه الاقتصادى الذي يمثلونه، والشىء الغريب جدا أن هذا الفكر «الرأسمالية المتوحشة» يناقش في مجتمعاته ويتم مراجعته، وهناك علو لفكرة السلم الاجتماعي، لأنهم لا يريدون لتلك المجتمعات أن تسقط مرة أخرى، ونحن لا نراجعه، ونحيا بنفس الفكر الذي ضغط على أعصابنا منذ منتصف السبعينات، في حين أننا عطلنا مسارات الاقتصاد التعاونى والمملوك للشعب، وهذه السياسات هي التي قامت عليها الثورة.
■ هذا صحيح، لكن الثورة قامت على من مارس هذه السياسات ومكن لها؟
- ليس صحيحا أن الثورة قامت على مبارك لأنه عسكري كما يقولون، بل على العكس كان ذلك هو مصدر الفخر الوحيد لمبارك، أنه رجل عسكري، وأنه رمز من رموز حرب أكتوبر، لكن السياسات الاجتماعية والاقتصادية التي تبناها مبارك وآلت بنا إلى مجموعة من الشعب تملك الثروة والسلطة معا ثم تمارس حياتها على جثة ال90 مليونا.. تلك السياسيات هي التي أدت إلى الثورة، وإذا لم يحدث لتلك السياسات مراجعة شاملة فنحن بذلك نفتح الباب أمام موجة ثورية جديدة.
■ استوقفتنى الكلمة قليلا.. قلت لها: هل قلت يا سيدتى إننا يمكن أن نقف في مواجهة موجة ثورية قادمة؟
- قالت: نعم.. وأريد أن أكون واضحة مع الجميع، لو استمرت الأوضاع على ما هي عليه، فلن تكون الموجة الثورية القادمة آمنة على الإطلاق، وكل ما أتمناه رغم تخوفاتى أن تكون الموجة آمنة ومنظمة عبر آليات الدولة المصرية وتحقق التغيير الجذري.
■ هناك ما يزعجك بالتحديد؟
- أشياء كثيرة تزعجنى الآن، لكن امنحنى عقلك، فالحكومة التي من المفروض أنها تباشر أمورنا تتحدث عن الأزمات أكثر من المواطنين أنفسهم، فلم نسمع لأى وزير إلا وهو يتحدث عن أزمات، وهى حالة محبطة جدا، لأن هؤلاء فيما يبدو لا يعرفون أن الحل لكل الأزمات التي نعانيها لا يتمثل في إجراءات تنفيذية بل في برنامج وطنى محدد نشارك فيه جميعًا لأن الشعوب هي التي تغير.
■ وكأنك لا تجدين كفاءات في مواقع المسئولية؟
- لا أقول ذلك بالطبع، ولكن هناك أزمة أساسية فكثير من العقول الاقتصادية الحقيقية الفذة لا تُسمع، ولا يفسح لها المسئولون السياسيون مكانا، وحين تشكل اللجان الاقتصادية نجد أن رموز الليبرالية الجديدة هم البارزون فيها، ونراهم في حوارات داخل المؤتمر الاقتصادى على المنصة الرئيسية يتحدثون، وكأنه لا أحد غيرهم في البلد، وهى حالة محبطة جدا، لأن هؤلاء لن ينتجوا فكرا جديدا، بل سيساهمون في إنتاج عصر مبارك، لأنهم كانوا الفاعلين فيه بشكل أساسى.
■ أغضبك ما حدث في المؤتمر الإقتصادى.. يبدو هذا، فما بين السطور يشى بأنك لست راضية؟
- بالطبع لست راضية، فأنا كمواطنة مصرية سعيدة بالمظاهرة السياسية التي تمت بالمؤتمر الاقتصادي، لأنها أكدت أن العالم اضطر أن يركع أمام الشعب المصرى اعترافًا منه بأن الثورة قامت، وأنها انتزعت السلطة من نظام حكم فاشى، وأنها الآن تبنى مصر جديدة وهو الشعار السياسي لهذا المؤتمر.
أما الشعار الاقتصادى فإننى أعتبر أن المؤتمر لم يكن مؤتمرا اقتصاديا ولكنه كان مؤتمرا استثماريًا والفرق كبير، وأنا لا أعرف من أقنع القيادة بتحويله إلى مؤتمر للمانحين، وهو ما يعنى أن الدول تعطى لمصر مبالغ مالية وهو مشروع بالمناسبة، وأن تتولى مصر بعدها مسئولية توجيه تلك الأموال طبقًا للسياسات الموجودة، لكن المؤتمر تحول في النهاية لمؤتمر للمستثمرين، وبدأنا نتحدث عن مشروعات لم تناقش وأولوياتها غير مستقرة في الضمير الوطني.
لقد سألت وزير الزراعة حول نصيب الفلاحين من المؤتمر الاقتصادى فلم يجبنى، فعرفت أنه لم يحدث شىء له قيمة هناك، أو على الأقل، لم يحدث شىء له قيمة حتى الآن، وكل ما أتمناه أن يكون هناك بعد وطنى حول من يراجع أولوياتنا الاقتصادية المرتبطة بالشعب المصرى وقدرة الإنتاج.
ففى الوقت الذي لدينا فيه مقومات زراعية ومقومات صناعية ومقومات بشرية، لابد أن يكون لدينا أولوياتنا التي نحددها نحن، لا تلك التي يحددها الآخرون، وأن نحدد نحن الثمار التي نريد أن نجنيها، لا تلك التي يريد الآخرون أن يحصدوها.
إننى أريد أن ألفت الانتباه إلى شىء مهم جدا، فهناك فكرة سائدة أن تشجيع الاستثمار الأجنبى يأتى من خلال تخفيض الضرائب، ولدينا خبراء متخصصون في التلاعب من خلال إقناع المستثمرين بإنشاء الشركات في فترة تخفيض الضرائب، وبعد أن تنتهى هذه الفترة يقومون بتغيير اسم الشركة دون تغيير لنشاطها، ليستفيدوا بفترة جديدة من التخفيض، بل إن الشركات تخرج وهى خاسرة على الورق.. هذا ليس استثمارا أبدا.
■ هل كنت تنتظرين وجوها بعينها على منصات المؤتمر الاقتصادى، ولم تعثرى عليها؟
- سأقول لك حكاية سريعة، بعد ثورة 30 يونيو دعونا خمسين شخصية اقتصادية لوضع برنامج اقتصادى لمصر بعد الثورة، كان من بين المشاركين رءوس التنمية في مصر، مثل الدكتور عزمى مصطفى، والدكتور محمدى عيد، والعشرات غيرهم، ووضعوا برنامج عمل خرافى، ووضعناه بيد يدى من يهمه الأمر، فلماذا لم نر أحدا من هؤلاء الاقتصاديين التنمويين على منصات المؤتمر الاقتصادى؟ ما الذي قدمه رجال أعمال؟ ماذا فعل مثلا نجيب ساويرس، حتى يكون متصدرا المشهد بهذه الصورة؟.. هل لديه رؤية، أم أنه يعمل من أجل مصالح فئته الرأسمالية فقط؟
هذا الحس الأحادى لابد أن يتراجع، ولا يجب أن يؤول الوطن إلى رؤية واحدة، ولابد أن تناقش كل الرؤى وتستدعى كل العقول، لأن احتكاك العقول ينتج فكرة وطنية جديدة، وهو ما حدث في تجربة أمريكا اللاتينية وتجربة اليونان وماليزيا.
مصر فعليا لديها من العقول الخلاقة اقتصاديًا ما يمكنها أن تحاور هذا الفكر الذي أدى في النهاية إلى تجويع الشعب المصرى وإفقاره وضياع عماله وفلاحيه، وهى قوى الإنتاج، وفى نفس الوقت لم يؤد إلى سياسات تعليمية ووطنية منتجة، ولم يؤد إلى الحفاظ على الشعب المصرى سكانيا وصحيًا، هذه السياسات آلت بنا إلى الأزمة ولابد من مراجعتها من مفهوم وطني.
■ قلت لتهانى الجبالى: كان هناك استدعاء لبعض رجال الأعمال الذين يمكن أن نعتبرهم «عابرين لكل العصور»، ومنهم من هاجم النظام المصرى في المؤتمر.. هل لا يزال النظام السياسي مترددا، هل عجز عن استيعاب الدرس السياسي بشكل صحيح، وهو أن هؤلاء رجال كل عصر ولا ولاء لديهم إلا لثرواتهم؟
- لقد قرأت المشهد في شرم الشيخ، وبعد أن رأيت رجال أعمال بعينهم على المنصات، تيقنت بأن هناك سيطرة من رأس المال على الحكم، لأن أصحاب المصالح الكبرى لديهم المقدرة على لىّ ذراع مصر الاقتصادية وهى منهكة، ويمارسون دورهم التاريخي، ولكن الاستدعاء المنظم للقوى الشعبية صاحبة المصلحة لتحدث التوازن هو عقدة النظام، ونحن في التحالف الجمهورى للقوى الاجتماعية نحاول أن يكون التحالف قائمًا على العمال والكادحين والطبقة الوسطى بتنويعاتها من خلال اتحاد النقابات المهنية واتحاد الكتاب، والتكوينات القائمة، لأنه ليس لدينا حالة حزبية ناضجة ولذلك حاولنا محاورتهم من خلال قياداتهم الطبيعية المنتخبة فأنتج هذا الحوار خلال عامين تحالفا سياسيا ينضج مع الوقت، بحيث أنهم اتخذوا قرارا بخوض الانتخابات لأنهم لم يجدوا أنفسهم في أي من التحالفات الموجودة على الساحة، ووجدوا أن الاستدعاءات فيها تتم بشكل شخصي، وهو ما استدعى أن يخوض بعضهم الانتخابات بشكل فردى واقترح البعض ضرورة وجود قائمة تعبر عنهم، ورأينا أن واجبنا يساند هذا التوجه، وعبرت هذه الفكرة عن نفسها في البيان التأسيسى حيث رصدت موقعها طبقا للموجتين الثوريتين، لأن الشعب المصرى هو من خرج إلى الشارع ولم يكن يقوده شخص بعينه وليس له تنظيمات، ولكن هناك حالة ثورية في مصر، وبالتالى لابد أن يكون لدينا شجاعة محاولة تنظيم صفوف الشعب المصري.
■ كانت هناك عقبات كثيرة وقفت عائقا أمام هذه القائمة، أليس كذلك؟
- لم تكن عقبات فقط، لقد حوربت من كل الدوائر في محاولة يائسة حتى لا تتواجد، وكانت تجربة صعبة لأننا لا نملك رأس مال، وننفق على أنفسنا، ونحن أضعف وأفقر الناس وفى النهاية نحن مؤمنون بالشعب المصرى وسنحاول أن ننزل له في موقعه في القرى والنجوع، المهم هنا أن الفكرة حالة أبعد من مجرد الظرف الانتخابى، وربما طرح الفكرة لإيجاد مشروع للحوار الوطنى يكون محاولة صادقة بمثابة إلقاء حجر في الماء الراكد، ومحاولة لإنضاج الظرف السياسي أكثر مما نحن عليه، لأننا نرى إهانة للإرادة الشعبية أن يؤول بنا الأمر إلى الاستدعاءات بمعيار شخصي، أو المساومة في غرف مغلقة عنوانها المحاصصة ما بين أحزاب أو تنظيمات أو قوى صاحبة مصالح، وهذا هو الفساد السياسي بعينه، وحين نراجع ما حدث ونجد أنفسنا أمام قوى هي التي أدت بنا إلى أزمات، في الوقت الذي بات فيه أعداؤنا في حالة يقظة تامة لأننا في ظرف تاريخي، إذن علينا أن نلوم أنفسنا إذا لم نستوعب الدلرس، وليكن السؤال الدقيق في هذه اللحظة هو: كيف يمكن أن نقرأ درس الماضى ولا نغيره؟
■ كانت هناك اتهامات بأن بعض الأجهزة السيادية تحاول أن تتدخل في تشكيل القوائم الانتخابية.. هل تقاطع أي من هذه الأجهزة مع قائمة التحالف الجمهورى للقوى الاجتماعية؟
- لا.. نحن لم يكن لنا أي انشغال بالتفاعل مع أي من الدوائر، حتى الدوائر الحزبية، لأننا رأينا كحركة أننا لابد ألا ندخل الانتخابات، وهو لم يكن قرارا مطروحا، وحركة الدفاع عن الجمهورية كانت تحتاج إلى بعد ثقافى واجتماعي، في وقت لم يكن هناك وثيقة فكرية ولا ثقافية، فاعتبرنا أن مسئوليتنا تتمثل في طرح حوار في هذا الاتجاه الذي يحاول أن يبنى قيم الجمهورية الثالثة، ولكن التفاعل مع القوى المجتمعية هو ما أعطى هذه المسئولية، وكنت أرجو قيادات القائمة ألا تشارك في القائمة ونقف مساندين لها، فيما اعتبروا أن ذلك تخلٍ، وكنا نتمنى أن يكون التوجه هو الذي يناقش ولا يحاصر.
■ هل بعض قيادات الحركة كانوا سببًا في إعاقتها؟
- لا إطلاقًا.. وأحسسنا بالحصار وأن كثيرا من القوى السياسية والحزبية تحاصرنا.
■ هل بعض الحركات النقابية لديهم مشكلة مع تكوين القائمة؟
- لا.. ليست هناك مشكلة بقدر ما كان هناك بعض القيادات قررت أن تخوض الانتخابات على الفردي، وأنا أعتبر ذلك تناقضا، وكان هناك شكل من الاختلاف في الرأي، ولم نكن نعتبر ذلك تأمينا للقوائم بل طرح الرؤية التي تتعلق باستدعاء الشعب المصرى في طرح قضايا بعينها، لذلك كان تضمن البيان التأسيسى 10 نقاط نملك فيها رؤية بالتفصيل، وشرحنا برامجنا حول تحقيق تلك الرؤى وبرامج عمل محددة.
■ امتد بنا الحوار.. غضبت تهانى الجبالى بما يكفى، لكن وقبل أن أطوى أوراقى سألتها بصراحة، عن تقييمها للرئيس عبدالفتاح السيسى؟
- قالت: الرئيس السيسى لديه رؤية متكاملة للأمن القومى في الداخل والخارج، لكن أولوياته هو يضعها طبقا لمعلوماته فهو رجل مخابرات في المقام الأول، وربما يطرح عليه ما لا نعرفه، ومن الواضح أن المسار المتعلق بالأداء الخارجى يتم بطريقة دقيقة، يحاول فيها الرئيس فك حقل الألغام الذي فرض على مصر، في إطار عزلتها العربية والأفريقية والعالمية وسحقها لمدة تقترب من نصف قرن تحت أقدام الولايات المتحدة الأمريكية، كما أن الرئيس يدرك المسارات المتعلقة بالأمن القومى فيما يتعلق بالمواجهة الأمنية والعسكرية.
هذا على المستوى الخارجى، أما على المستوى الداخلى، فأنا أرى أن الرئيس يسكن الوضع الداخلى أكثر مما يتدخل فيه تدخلا جادا، كلام الرئيس طوال الوقت عبارة عن رسائل مشفرة، وأتصور أنه يدرك أن التحول القادم لابد أن يكون بيد القوى الاجتماعية في مصر، وليس من خلال تدخل مباشر من القيادة العليا، وأدرك أنه قرأ جيدا الرؤساء الثلاثة من قبله جمال والسادات ومبارك، لكن ليس معنى ذلك أن هذا الاتجاه صحيح، لأن هذه السياسة تمثل خطرا كبيرا على المسار الداخلى، في ظل سياسات حكومة ليست مناسبة على الإطلاق، ولابد أن يدرك الرئيس – وهو حتما يعى ويدرك – أن استمرار الوضع داخليا على ما هو عليه لن يكون في مصلحة أحد، الملفات الداخلية تحتاج إلى تدخل مباشر من الرئيس مهما كانت قناعاته، لأن ملفات الأمن القومى الداخلى هي العامل الأكبر في الاستقرار، هذا في الوقت الذي ينتظر فيه أعداؤنا تفاقم الوضع الداخلى من خلال تعميق الأزمات، فليس من مصلحتنا أن نترك الأزمات تتصاعد.
من النسخة الورقية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.