"سيكسولجي" هم مجموعة من الشباب، رفضوا كل كلمات "العيب والحرام"، التي خطها المجتمع، ورأوا أنه في العلم لا مكان لتلك الكلمات، ورفضوا أن يتلقوا معلوماتهم من ذويهم، ثم قرروا أن يخوضوا التجربة بنفسهم. وطبقًا للمثل القائل "أهل مكة أدرى بشعابها"، بدأ عدد من الشباب والفتيات، كل منهم يسأل الآخر عن كل ما يرغب في معرفته، لتكون الإجابات واضحة ودقيقة، دون أي تدخل للآراء الخاطئة، ونجح كل جنس منهم في شرح ما يشعر به للطرف الآخر، ليخرج كل طرف في النهاية، وهو يعلم جيدًا ما له وما عليه، وبدأوا أولى خطواتهم برفض الوقوف صامتين تجاه مجتمع لا يعرف شيئا عن ثقافته الجنسية. وبدأوا في التجول وسط هذا العالم الجديد، من خلال صفحتهم بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، حيث إن لديهم صفحة عامة، تحظى بإعجاب ما يقرب من 10 آلاف شخص، وأخرى سرية، عليها قرابة الألف ونصف، كل منهم يتبادل خبرته مع الآخرين، رافضين دخول الدين أو الآراء والمعلومات الشخصية في الموضوع. فكان الاتفاق بينهم أن يتم الحوار في أدب، وممنوع منعا باتا نشر أي صورة مخلة خارجة عن سياق الحوار، أو محاولة البعض في التخطي على الآخرين بأي ألفاظ خارجة، أو الاستهزاء بأسئلتهم، ويحظر على الجميع الإجابة على أسئلة الأعضاء المطروحة، بدون رد علمي وموثق، لمنع تداول أي معلومات خاطئة. وهو ما أكده محمد الجلالي وصديقة أحمد منصور، أدمن الجروب، أصحاب الفكرة، حيث قاموا بنشر على الجروب بعض الممنوعات، مدونًا:"الجروب هيتأرجح بين الإطار العلمي الصارم والإطار الموضوعي البسيط ولن يتدنى لأية محاورات شخصية أو حكايات خاصة أو هزار سخيف، وده معناه اننا هنحافظ على الجروب من حالة التوهان.. بشوية قواعد، أي بوست غير موضوعي أو سرد لتجارب شخصية، هنحذفه هو وصاحبه، أي تعليق فيه إهانة أو هزار سخيف ( بدون داعي )، هنحذفه هو وصاحبه، أية محاولات لوضع ( صور جنسية ) بلا معني، هنحذف البوست وصاحبه، أي ردود فيها أي أشارات دينية أو مفاهيم شعبية، هنحذفه هو وصاحبه، أي سؤال غبي ( بيخالف البديهيات العقلية ) هنمسحه بس". هكذا وضع جلالي ومنصور أوامرهم الصارمة، التي من شأنها الحفاظ على مشروعهم، الذي بدأ منذ نحو 5 أشهر، وقال ل"البوابة نيوز"، :"المشروع بدأ من 5 شهور تقريبًا وخلال الفترة دي قدرنا نحافظ على المنهج العلمي والإطار الموضوعي للصفحة وناوين نستمر على هذا المنوال هنا في الجروب ونرجع نهتم أكتر بالصفحة". وأضاف: "مشروعنا هدفه دهس النظرة (الشعبية) للجنس وخلق ثورة جنسية بإتباع المنهج العلمي لتغيير المفاهيم المغلوطة والمشوهة عن الجنس، هننجح في ده، وزي ما قدرنا نوصل للصحافة فإحنا بنسعي إننا نوصل للإعلام ثم الشارع بتقديم محتوى يغير مسار الوعي الجماعي العربي ل 100 سنة قدام أو على الأقل يفكك التراث الجماعي الأصولي". وأضاف: "الجروب ده أسسناه علشان يبقي وسيلة متابعة أقرب وأسهل من الصفحة وجمّعنا فيه شخصيات لطيفة وقدرنا نخلق مجتمعا أرقي وأقدر أنه يتدارك السقطات الساذجة اللي زي الهرتلة الكلامية وحكايات أبلة نظيرة". جلالي طالب بكلية الحقوق بجامعة طنطا، 20 سنة، جاءت له الفكرة مع صديقة منصور عندما رأو أن المجتمع ينقسم بين 3 أطراف، إما "بيخاف من الجنس"، وهم مرضى ب"السكسوفوبيا"، بحسب وصفه، وإما يحتقروه، أو الطائفة الأكبر، وهم "الجهلة". وقال: "الفكرة بتاعتنا بدأت من هنا، إحنا مش هنمشي على نفس خط الناس دي، إحنا هننقل العلم كما هو، بحالته النقية بعيدًا عن التأطير أو التحريف أو التزييف، هنغير مفاهيم الجنس علشان نعالج مرضي السكسوفوبيا ونقلل نسبة الجهل الموجودة حوالينا". وعن مدى نجاح التجربة، أكد أن وصول الصفحة خلال تلك المدة، لهذا العدد الملتزم بقرارتنا التي ذكرناها سابقًا، هو دليل على نجاح التجربة، قائلًا:"لو استمرينا على هذا المنوال في خلال سنتين فقط سنستطيع خلق مجتمع جديد غير ملتزم برداء القناعات التي بنيت على خطأ، كما أن هناك تطوير للتجربة فسنسعى ليكون لنا مؤسستنا الإعلامية على الإنترنت وهي راديو وقناة على اليوتيوب، لتكون بديلة عن كل وسائل الإعلام وما تنشره من معلومات مفصلة على حجم عادتنا وتقاليدنا فقط". وفي هذا السياق، بدأت "البوابة نيوز" التواصل مع عدد من المنتمين لتلك التجربة، للحديث عن مدى استفادتهم منها، وما إذا كانت لديهم رغبة في نشرها لدى المجتمع أم لا، حيث أكد محمد عبد المنعم، أنه استفاد كثيرا من تلك التجربة، وأنه نقل تجربته لأصدقائه. وعن إجابته عن مدى نجاح التجربة وتفوقها على برامج التوعية في التليفزيون، قال: "التجربة نجحت إنها تخلق مجتمع مختلف عن المجتمع الخارجي وده شيء مش سهل ولسه محتاجين وقت عشان نفلتر المجتمع ده -الجروب يعني- أكتر، والمجتمع الخارجي قدامه فترة كبيرة أوي عشان يفهم اللي الجروب ده عايز يوصلله، لكن للأسف أعضاء الجروب هيعيشوا ويموتوا ومش هيشوفوا المجتمع متغير". وعن نظرته للفتيات المتواجدات معه بتلك التجربة، قال: "كنت فاكر إن أغلب المصريات تافهين ودماغهم على قدهم وتفكيرهم محدود في تخاريف مجتمعنا لكن اتضحلي إن فيه بنات زي الفل عن طريق الجروب هنا". تلك النظرة التي تحدث عنها محمد عبد المنعم، جعلت أميرة محمود، تخرج عن صمتها، كما اعترفت أنها قليلة التفاعل معهم، قائلة: "مع إني معظم الوقت بقرأ بصمت، أنا فعلا عرفت معلومات كتير بالنسبة لبنت زيي، صعب كانت تعرفها لأنه في مجتمعنا عيب".