يلقى السجين عقابًا على جريمته التي ارتكبها بقضاء فترة في السجن إلا أنه بعد الإفراج عنه يفاجأ بأن عليه مواجهة نوع آخر من العقاب يتمثل في نظرة المجتمع له.. فالمسجون المفرج عنه لا يجد من المجتمع إلا النفور، وأبواب العمل توصد في وجهه فيجد نفسه في مواجهة شبح البطالة والعوز وقد يدفعه ذلك إلى دخول السجن مرة أخرى. أما السجينات فتواجهن عقوبة أشد وأقسى من مجتمع لا يرحم، خصوصا إذا كانت جريمتها تتعلق بالشرف فتظل منبوذة بقية حياتها، وإن أعلنت توبتها. تروى س.م معاناتها بعد خروجها من السجن قائلة: زوجى توفى منذ سنوات وتركنى وحدى أواجه مصيرى أنا وبناتى الثلاث، وكانت أكبرهن تبلغ من العمر 13 سنة.. وكان كل أملى في الحياة أن يستكملن تعليمهن ولكن لم أقدر على مصاريف التعليم، وعملت في أكثر من مهنة دون جدوى فبدأت أستدين من المحيطين بى ووقعت على نفسى إيصالات أمانة، ولم أستطع تسديدها بعد ذلك فشكانى صاحبها وحكم علىّ بالسجن. وبعد أن خرجت فوجئت بنفور بناتى وجحود أكبرهن لأن أهل زوجها عايروها بى. أيضا «محمد» ضحية أخرى وله قصة تروى في ذلك، تقول إنه كان يعيش مع إخوته ال 7 في منزل صغير جدًا، ولأنه منزل مزدحم كان يدفعه ذلك إلى الهروب، ومنذ كان في سن 13 سنة كان يعيش في الشارع ويجلس مع أصدقاء السوء إلى أنهم قاموا بسرقة كشك، وكانت أول عملية سرقة لهم، وتم القبض عليه بحكم أنه صاحبهم وتم سجنه في سجن العقابية للأحداث لمدة 6 أشهر إلى أن خرج بعدها من الأحداث أكثر إجراما على حد قوله. لأنه رأى الكثير من أعمال البلطجة داخل الأحداث حيث يسود قانون الغابة والبقاء والسيطرة للأقوى مهما كان، ولا فرق في ذلك بين سجين أو سجان. بعد خروجه من السجن وهو طفل لم يكن «محمد» يرغب بالطبع في أن يواصل سيره في طريق السرقة أو غيره. لكن للأسف نظرة الناس له باعتباره خريج سجون كانت صعبة لدرجة أن الأمهات كن يبعدن أولادهن عنه خوفًا عليهم مما جعله من غير اختيار يكمل في هذا الطريق ويمارس أعمال سرقة حتى انتقل من مدينة السلام الذي تربى فيها مع أسرته إلى المرج، وهناك تعرف على مجموعة من المسجلين خطر الذين استقطبوه إلى عالم التجارة في المخدرات بجانب السرقة. دخل محمد السجن وهو عنده 19 سنة بتهمة سرقة بالإكراه وحبس سنة ثم أربع سنوات. وآخر مرة خرج فيها من السجن كانت في 2008 بعدها قرر أن يتوب ويتوقف عن هذا الطريق الذي استشعر فيه أن حياته ستضيع هدرًا في السجون دون أن يعمل شيئًا نافعًا في حياته. ولكن يبدو أن الأمر لم يكن سهلًا فقد تعرض للكثير من الضغوط والإغراءات من زملائه في تجارة المخدرات حتى يعود للعمل معهم، ولكنه رفض رفضًا تامًا الأمر الذي دفعهم إلى ضربه علقة موت أدت إلى كسر رجله ما دفع محمد إلى التربص باثنين منهم وضربهم فقام الآخرون بطعنه بسكين في بطنه وإلقاء مية نار على وجهه أدى إلى فقدانه بصره. بعدها سعى «محمد» لدى المسئولين للحصول على رخصة كشك أو عمل مشروع يأكل منه لقمة حلال. لكن للأسف لم يحصل إلا على رخصة فاترينة شراكة مع شخص آخر، وحتى بعد أن رضى محمد بهذا الأمر الواقع لم يجد هو وشريكه البضاعة أو الفاترينة الذي سيضع فيها حاجته. خريجو السجون والبطالة الكثير من السجون لايجدون عملًا لتدبير قوت يومهم، فضلًا عن تخلى الأهل والأقارب عنهم ومضايقات الجيران، وكذلك تفشل محاولات كثير منهم في الزواج، هكذا يكون الحال معهم فماذا ستكون الإجابات إذا سألنا الشباب والفتيات.. بعضهم يؤيد والبعض الآخر يعارض، فيقول (على ) 30 سنة أرفض تمامًا فكرة الارتباط بإحدى الفتيات خريجى السجون حتى وإن كانت مظلومة فالمجتمع للأسف لا يفرق بين ظالم أو مظلوم وستظل وصمة عار تلاحقها وتلاحقنى. أما (أحمد) 25 سنة فله رأى آخر يقول لا مانع لدى من ارتباطى بفتاة خرجت من السجن، ولكن بشرط أن تكون القضية غير متعلقة بالشرف والأمانة، وأن تكون أعلنت توبتها وارتباطى وزواجى بها خطوة أخيرة بعد التأكد من أنها بالفعل أعلنت توبتها ونحن بشر، وقد تدفعنا الظروف إلى أفعال خارجة عن ارادتنا فلماذا لا أعطيها فرصة أخرى في الحياة وسأقف أمام أهلي في حالة رفضهم لها فأنا صاحب الرأى الأول والأخير. من النسخة الورقية