قال الكاتب الكبير أحمد الخميسي إنه ليس لدينا في الأدب المصري - للأسف - نموذج الأم مكتملا. الأم في أغلب الأعمال الأدبية التي تناولتها بدت في معظم الحالات أو كلها تقريبا هي الأم الطيبة، الصابرة، الحمول، المضحية، ويبرز هنا نموذج " أمينة " في ثلاثية نجيب محفوظ. والأم لدي عبد الحميد جودة السحار في " أم العروسة" وغيرهما من أدبائنا. وأضاف، لم يتم تناول الأم من جانبها الأبعد من الطيبة والتضحية لأجل أبنائها. ومن باب أولى لم يتم تناول الأم كنموذج كفاحي مثلما هي الحال في رواية " الأم " لمكسيم جوركي. للأسف تم اختزال الأم في حدود الطيبة والبذل. في هذه الحدود فقط تم تصوير شخصية الأم. وأعتقد أن السبب في ذلك أن المجتمع العربي والثقافة العربية لم تكن مؤهلة لتفهم أن للأم جوانب أخرى ذاتية، وكفاحية، وحتى استقلالية. ولهذا فإننا سنجد أنفسنا في واقع الأمر أمام نموذج أدبي واحد للأم بالمعنوية والعقلية والدور التاريخي ذاته حتى وإن برزت في تلاوين مختلفة قليلا. وأضاف لم يستطع أحد - مثلا - أن يقدم لنا " شفيقة محمد " أول شهيدة في ثورة 1919 كأم وثائرة. لكني أعتقد أن اتساع أفق التناول الثقافي للظواهر قد يساعد تقريبا في طرح " الأم " كشخصية مكتملة أغنى من إطار " التضحية بصمت". وتابع: بالنسبة لي شخصيا قامت أمي بدور مهم ومؤثر جدا. كانت أول قاريء لما أكتبه ، وأول ناشر. كانت تعدني وأنا صبي- إذا كتبت قصة- أن تعطيني خمسة صاغ، في الستينات كان ذلك مبلغا جميلا. فكنت أكتب، وأقرأ عليها، ثم كانت الناشر لأنها كانت تحتفظ بتلك السذاجة لتقرأها على أقاربي. كانت قارئي الأول، وناشري الأول، وأول من دفع لي مكافأة مالية عن أعمالي الساذجة. أعتقد أن كل أم في مصر هي بطريقتها الخاصة أم بطلة، أتذكر أمي دائما وأشتاق إليها، وأقبل يديها في خيالي كل عيد أم، وأقول لها : كل سنة وأنت طيبة ياحبيبة القلب والروح.