تعليم قنا تحصد المركز الأول في مسابقة "الأخصائي المثالي للصحافة"    رسامة قمص بكنيسة الأنبا شنودة بقرية بهجورة في قنا    وزير العمل: لدينا عِمالة ماهرة ومُدربة جاهزة لسوق العمل الخارجي    هشام آمنة: برنامج "مشروعك" نفذ 211.7 ألف مشروع بقروض 28.4 مليار جنيه    توريد 208 آلاف طن قمح لشون وصوامع البحيرة    رئيس جهاز القاهرة الجديدة يجتمع بسكان حى الأندلس بالتجمع الثالث لبحث مطالبهم    «مواني البحر الأحمر»: تصدير 27 ألف طن فوسفات من ميناء سفاجا ووصول 742 سيارة لميناء بورتوفيق    إسرائيل تستدعي سفيرها لدى إسبانيا بعد الاعتراف بفلسطين    طلعت يوسف يحذر لاعبي فيوتشر من نشوة الكونفدرالية قبل مواجهة الزمالك    جوارديولا: أود مشاركة جائزة أفضل مدرب بالدوري الإنجليزي مع أرتيتا وكلوب    جوميز: كنت قريبا من تدريب الأهلي.. وهذا شرط منافستنا على الدوري    موعد مباراة ريال مدريد ضد بوروسيا دورتموند في نهائي دوري أبطال أوروبا.. والقنوات الناقلة    تقارير: ماكرون يفشل في إقناع بيريز بالتخلي عن مبابي من أجل الأولمبياد    رفع 1090 حالة إشغال طريق خلال حملات مكبرة بالبحيرة    الداخلية: ضبط 480 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة    7 سنوات للمتهمين بالتنقيب عن الآثار فى عين شمس    أحمد حلمي يتبرع بخاتم عسل أسود في مزاد خيري بأستراليا    بروتوكول تعاون بين نقابة السينمائيين واتحاد الفنانين العرب والغردقة لسينما الشباب    صحة المنيا: حملات مكثفة لمكافحة مسببات وناقلات الأمراض    الصحة: برنامج تدريبي لأعضاء إدارات الحوكمة بمديريات الصحة في 6 محافظات    مساعد وزير الصحة يكشف تأثير تغير المناخ على الأمراض المعدية    الأكبر سنا والمربع السكني.. قرارات هامة من «التعليم» قبل التقديم للصف الأول الابتدائي 2024    للمرة الأولى منذ "طوفان الأقصى".. بن جفير يقتحم المسجد الأقصى    إقامة صلاة الجنازة على رئيسي وعبداللهيان في طهران    هيئة شئون الأسرى: قوات الاحتلال تعتقل 12 فلسطينيا بالضفة الغربية    رئيس حزب الجيل: فخور بموقف مصر الحاسم تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة    بإجمالي 37.3 مليار جنيه.. هيئة قناة السويس تكشف ل«خطة النواب» تفاصيل موازنتها الجديدة    لمواليد برج القوس.. اعرف حظك في الأسبوع الأخير من شهر مايو 2024    في محو أمنية .. مصطفى خاطر مؤلف روايات    فدوى مواهب تخرج عن صمتها وترد على حملات المهاجمين    الأزهر يطلق صفحة مستقلة بفيس بوك لوحدة بيان لمواجهة الإلحاد والفكر اللادينى    تقديم 4599 طلباً للحصول على شهادة بيانات عقار للتصالح بالفيوم    توريد 208 ألف طن قمح لشون وصوامع البحيرة    التكييف في الصيف.. كيف يمكن أن يكون وسيلة لإصابتك بأمراض الرئة والتنفس؟    قمة عربية فى ظروف استثنائية    تعديلات جديدة على قانون الفصل بسبب تعاطي المخدرات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 22-5-2024 في المنيا    هربا من الحر للموت.. دفن جثتى شابين ماتا غرقا بنهر النيل في الصف    رئيس مياه القناة: استخراج جذور الأشجار من مواسير قرية الأبطال وتطهير الشبكات    لأول مرة .. انعقاد مجلس الحديث بمسجد الفتح بالزقازيق    طلاب جامعة الإسكندرية في أول ماراثون رياضي صيفي    دار الإفتاء توضح أفضل دعاء للحر.. اللَّهُمَّ أَجِرْنِى مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ    هكذا تظهر دنيا سمير غانم في فيلم "روكي الغلابة"    استطلاع رأى 82% من المواطنين:استكمال التعليم الجامعى للفتيات أهم من زواجهن    سيدة «المغربلين»    طلاب جامعة القاهرة يحصدون المركزين المتميز والأول فى مسابقة جسر اللغة الصينية    طلاب الشهادة الإعدادية في الإسكندرية يؤدون امتحان الهندسة والحاسب الآلي    دبلوماسي سابق: الإدارة الأمريكية تواطأت مع إسرائيل وتخطت قواعد العمل الدبلوماسي    عباس أبو الحسن بعد دهسه سيدتين: أترك مصيري للقضاء.. وضميري يحتم عليّ رعايتهما    رئيس نادي إنبي يكشف حقيقة انتقال محمد حمدي للأهلي    قرار جديد من الاتحاد الإفريقي بشأن نهائي أبطال إفريقيا    طريقة صنع السينابون بالقرفة.. نكهة المحلَّات ولذَّة الطعم    مأساة غزة.. استشهاد 10 فلسطينيين في قصف تجمع لنازحين وسط القطاع    شاهد.. حمادة هلال ل إسلام سعد: «بطلت البدل وبقيت حلاق»    هل تقبل الأضحية من شخص عليه ديون؟ أمين الفتوى يجيب    الأرصاد: الموجة الحارة ستبدأ في الانكسار تدريجياً يوم الجمعة    جوميز: عبدالله السعيد مثل بيرلو.. وشيكابالا يحتاج وقتا طويلا لاسترجاع قوته    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمود صلاح يكتب: "أمير الأحزان".. أسرار محاولة اغتيال الملك فؤاد
نشر في البوابة يوم 13 - 03 - 2015


الفصل الخامس
فؤاد يكشف عن وجهه الحقيقى وأطماعه في ثروة زوجته
علقة ساخنة للأمير سيف الدين شقيق شويكار على يد فؤاد!
اتهام الأمير سيف الدين بالشروع في قتل أحد الخدم
فؤاد يحبس شويكار في قصر الزعفران
ويمنعها من الخروج ويمنع أشقاءها من زيارتها
تولى الخديوى عباس حلمى الثانى حكم مصر وكان في الثامنة عشرة من عمره، ولم تكن لديه خبرة كبيرة في شئون الحكم فأرسل في استدعاء عمه الأمير أحمد فؤاد من ايطاليا ومنحه رتبة الفريق وعينه ياورا له ليساعده في إدارة حكم البلاد. وصل فؤاد إلى مصر والأحوال السياسية مضطربة والبلاط منقسم على نفسه فلم يجد مكانا للراحة سوى قصر الأمراء الثلاثة وحيد الدين وسيف الدين وشويكار وهناك توثقت علاقته بهم ورأى في شويكار الزوجة المناسبة له وبارك الخديو عباس هذا الزواج.
وفى احتفال جميل تجمع فيه كل أفراد الأسرة المالكة تلقت الأميرة شويكار " الشبكة " من الأمير فؤاد وفجأة وصل " تلغراف " يخبره أن والده الخديو إسماعيل قد سقط مريضا في أستانبول التي استقر بها بعد منفاه في ايطاليا وفشل فؤاد في دخول تركيا لرؤية والده. في اليوم التالى للحفل ذهبت العروس إلى قصر الزعفران لتعيش مع زوجها.. وفى قصر الزعفران بدأت المشاكل..
لا يستطيع المرء أن يكون سعيدا لمجرد أنه أمير. وأنه غنى شديد الثراء !
كان ذلك ينطبق تمامًا على حال الأمير الشاب أحمد سيف الدين. عندما بلغ سن الرشد وتسلم ميراثه الكبير. وسمح له عمه الأمير أحمد كمال الذي كان وصيا عليه بأمر من الخديو. أن يسحب ما يشاء من أمواله في البنوك.
وصحيح أن الأمير الشاب كان يعرب عن سروره بذلك. بل أنه اقدم على خطبة أميرة شابة حسناء هي الأميرة نعمة جلال ليؤكد لمن حوله أنه أصبح في طور الرجال. وكان قد هام غراما بالأميرة الجميلة فعلًا.
وكان يقول لمن حوله بفخر: لم أعد سيف الدين الصغير !
إلا أن مشاكل أخته الأميرة شويكار مع زوجها الأمير فؤاد. والتي بدأت تتفاقم يوما بعد يوم بسبب محاولات فؤاد المستمرة لوضع يده على ثروة واملاك زوجته. هذه المشاكل كان لها تأثير سيىء على نفسية الأمير سيف الدين.
وكانت شويكار تزيد نفسيته سوءا كل يوم وهى تبلغه بالمعاملة السيئة التي بدأت تلقاها من زوجها فؤاد. الذي حظر على سيف الدين زيارة أخته في قصر الزعفران.
وبعثت شويكار ذات يوم إلى شقيقها الصغير سيف الدين برسالة قصيرة حزينة تقول له فيها:
أن زوجى الأمير فؤاد.. في طريقه لتطليقى !
كان قصر الزعفران قد تحول إلى ساحة مشاجرات يومية بين الأمير فؤاد وزوجته شويكار.
وكانت شويكار بينها وبين نفسها قد اقتنعت تماما أن فؤاد تزوجها من أجل ثروتها لا غير !
ومن ناحيته فان الأمير الشاب لم يتوقف يوما عن التفكير في التعاسة التي تعيش فيها أخته.
وكان دائما يقول: لن أتخلى أبدا عن كوكو !
كان في غاية التأثر لما يحدث لها. لكنه كان في وضع العاجز الذي لا يستطيع إنقاذها ممما هي فيه. كل هذا جعله عصبيًا يحاول التنفيس عن مشاعره المضطربة في أشياء عنيفة ومبالغ فيها. كان يتشاجر مع أقاربه ويعامل خدمه بطريقة عنيفة. وحتى عندما حاول أخوه الأكبر وحيد الدين أن يحتج على تصرفاته تطاول عليه بيده !
باختصار..
ظهرت عليه الأعراض المتوقعة من غلام مشاكس جامح.. وعاطفى في نفس الوقت !
وقد وصلت بعض تصرفات الأمير سيف الدين في ذلك الوقت إلى الجهات القضائية المسئولة.
ومن أغرب هذه التصرفات اتهامه بإطلاق النار على أحد الخدم الذين يعملون في خدمة الأمير أحمد بك إبراهيم.
وهى تهمة يبدو أن البعض حاول الصاقها بالأمير سيف الدين !
لأن أوراق قضيته لاتزال مستنداتها الرسمية محفوظة في وزارة العدل المصرية، تتضمن تقريرا من رئيس نيابة يدعى " ى. سليمان " حرره في القاهرة يوم 31 مايو من عام 1898. حول هذه الواقعة وأرسله إلى النائب العام. وفى هذا التقرير يقول رئيس النيابة بالنص:
" السيد النائب العام.. تنفيذا للأمر الشفهى الذي تلقيته من سعادتكم. لى الشرف أن أكتب لكم تقريرًا يتعلق بالقضية التي تخص عمر بشير. خادم الأمير أحمد بك إبراهيم. وهى القضية التي اتهم فيها الأمير أحمد بك سيف الدين. بالشروع عمدا في قتل المذكور يوم 5 مايو 1898. وذلك بإطلاق ست رصاصات عليه. لم تصبه إحداها.
وقد قرر عمر بشير أنه يوم 5 مايو أثناء مروره أمام منزل الأمير سيف الدين. ولج الأمير إحدى غرفه وأحضر مسدسه. وعاد ليطلق عليه ست رصاصات. وكانت المسافة بين الطرفين من 35 إلى 50 مترا وقد استمر عمر بشير في طريقه بدون أي تغيير أثناء إطلاق الرصاص عليه. وعند بلوغه الاسطبل وجد رفاقه والحاج حسن السايس. وروى لهم ما حدث ثم شكا إلى سيده.
وهذه الشهادة تبدو غير سليمة لعدة أسباب:
أولا.. يبدو من ظروف الشكوى أن عمر بشير لم يكن حسن النية في شكواه. وأنه أراد أن يصف الجريمة على أنها تصرف لا شعورى من الأمير سيف الدين. وفى الواقع أن الشهود الذين تم سماع أقوالهم لم يذكروا أنهم رأوا الأمير سيف الدين وهو يطلق الرصاص. ولا الخادم وهو يهرب. ومع ذلك فانهم قالوا في أقوالهم أنهم سمعوا صوت طلق ناري في حديقة السراى. وجاء عمر تجاههم بعد فترة وقال لهم أن الأمير سيف الدين يتتبعه ومعه مسدسه.
وأضاف رئيس النيابة في تقريره:
" وجدير بالإثبات أقوال الشهود أنهم لا يعتقدون أن الأمير سيف الدين كانت لديه النية في قتل الخادم ولكنه بكل بساطة كان يصطاد فاذا كانت أقوال الخادم عمر سليمة. فان رفاقه في اعتقادى لن يتورعوا عن تأكيد شهادته.
" فضلا عن ذلك فقد أدلى الأمير سيف الدين يوم التحقيق أمام البوليس بأنه لم يكن يريد أي اذى أو ضرر للخادم. وأنه كان يصوب على عصفور لتجربة سلاحه. وفى الواقع فان المسافة بين الأمير والخادم المجنى عليه كانت كبيرة. بحيث أنه لا يمكن معها إصابة الخادم من طلقات مسدس الأمير. وهذه المسافة كانت 150 مترًا كما أثبتها معاينة المحقق ولم تكن من 35 إلى 50 مترا فقط كما ذكر الشاهد !
كما ثبت أن مسدس الأمير سيف الدين أقصى مداه 15 مترا !
بل أكثر من ذلك فان أقوال الأمير والشهود الآخرين الذين شهدوا لصالحه تأكدت بالعثور على رأس ودماء العصفور على مسافة ثلاثة أمتار من مكان الحادث. وقد تم التحفظ على الرأس كدليل مادى مع باقى أدلة القضية. وإذا اضفنا إلى ذلك الضغائن بين مخدوم عمر بشير والأمير سيف الدين. وكذلك بين خادميهما. لحصلنا على دليل جديد عن كذب ادعاء عمر بشير. ولو أن إقرار الشاهد بأنه كان يسير دون أي انحراف أثناء إطلاق النار عليه، ودون حتى أن يأخذ الحيطة الواجبة. ليتجنب هذه الطلقات محاولا الاحتماء تحت الأشجار لكفيل في رأيى بتأكيد وجهة نظرى "!
***
لماذا كان الأمير سيف الدين يتمرن على مسدسه ؟
وهل كان اصطياده للعصفور.. مجرد تجربة يشجع بها نفسه.. على إطلاق الرصاص على إنسان فيما بعد ؟
ذلك سؤال لم يطرحه أحد !
لكن ما حدث للأسف أنه في ذلك الوقت بالضبط والذي كان الكيل قد طفح بأعصابه. وأصبح مستفزا للغاية. بسبب معاناة أخته شويكار مع زوجها فؤاد. في ذلك الوقت حاول عمه الأمير أحمد كمال الوصى السابق عليه أن يحجز عليه. بزعم أنه يسىء التصرف في أملاكه !
وفيما بعد وفى أوراق قضية الأمير سيف الدين، فإنها تم سماع أقوال العم الأمير أحمد كمال لسؤاله عن مبرراته في الحجر على تصرف ابن أخيه الأمير سيف الدين في أمواله.
فقد سأله المحقق: هل طلبت عظمتك الحجز على الأمير أحمد سيف الدين، ومتى تم بالتحديد طلب الحجز ؟
- قال الأمير أحمد كمال: طلبت مرتين من المحافظ الحجر على الأمير وعلى أخيه الأمير محمد وحيد الدين. والدافع كان أن إدارة أموال سيف الدين تدل بوضوح على ضعف قواه العقلية. هذا وضحته عند طلب للحجر الذي قدمته للسيد المحافظ هل تريد دليلا جديدا. ها هو.. لقد تم تعيين نظار للدائرة وطردهم بالدور دون دافع مبرر. كما أن هؤلاء النظار كانوا غير اكفاء للقيام بالأعمال المسندة اليهم، وأخيرا عين ابن أخى الأمير سيف الدين أحد المدرسين الأتراك وهو كبير السن ومعرفته باللغة العربية ضعيفة جدا، عينه كناظر على أراضيه في زنكلون والتي تبلغ مساحتها نحو ألفى فدان، ولم يكن لهذا المدرس أية معرفة بالزراعة. وكل خبرته أنه كان مدرسًا يستعان به في منزل أخى الراحل الأمير إبراهيم باشا.
ومضى العم الأمير أحمد كمال يقول: وهذا ليس كل شىء.. فإن الأمير سيف الدين حرر عقدًا لمدة ثلاث سنوات مع محمد بك سليم كبير كتاب محكمة الإسكندرية. لتعيينه وكيلا لدائرته براتب قدره 30 جنيها في الشهر. دون استشارتى في الموضوع. علما بأنه لم يتعرف عليه إلا بواسطتى. عندما شاهده عندى عدة مرات. وذلك ما أدهشنى كثيرًا. ثم فوجئت به يطرده بعد شهر ونصف دون دافع مبرر على اثر نزاع قام بينهما.. وهذا تصرف غريب سبب خلل في عقل الأمير سيف الدين. والغريب أنه أعاد تعيين الرجل المفصول بزيادة في مرتبه وصلت إلى 40 جنيها. ثم طرده مرة أخرى مما دعا الأخير إلى رفع دعوى ضد الأمير سيف الدين أمام محكمة القاهرة. انتهت بأن دفع له سيف الدين مرتب ثلاثة شهور.. وهذا كله يدل في كلمة واحدة عن سوء إدارة الأمير لأعماله. كما أن سجلات الدفاتر الخاصة بالأملاك غير موجودة بدائرته. والدفاتر الوحيدة الموجودة خاصة فقط بالمراسلات.. إضافة إلى ذلك فان حالته معروفة لدى كل الناس !
***
استشاط الأمير سيف الدين غضبًا..
وهرع إلى قصر عمه الأمير أحمد كمال في الجزيرة يطلب منه تفسيرا حقيقيا لمحاولته الحجر عليه.
كان ثائرًا مثل بركان..
لكن العم المحنك أمره بحزم أن يغادر القصر قبل أن تتطور الأمور وتتحول إلى أزمة.
وغادر الأمير سيف الدين قصر عمه وهو يغلى.
وكان قد سقط في دوامة من الاحباط والاحساس بالهوان فها هي أخته شويكار تتفجر الخلافات بينها وبين زوجها.. وها هو عمه يريد الحجر عليه.. وهو عاجز أن يفعل شيئا هنا.. أو هناك !
أما هناك في قصر الزعفران..
فقد كانت الأمور تمضى إلى الأسوأ، كالأمير فؤاد الذي اكتشفت زوجته شويكار جانبا آخر من شخصيته وهو أنه مقامر وسكير كان قد أصيب بالسعار في رغبته وضع يده على ثروتها.
وإزاء رفضها وعنادها.. فقد أعلن أنها اصبحت حبيسة قصر الزعفران.. لا تغادره.. ولا يزورها فيه أحد !
وذات يوم نشب بينهما شجار عنيف..
وما أن غادر فؤاد القصر، حتى اسرعت شويكار هاربة في مركبة إلى " الدوبارة " قصر والدها الراحل !
وكاد الأمير سيف الدين أن يطير منه الفرح عندما وجد أن أخته جاءت لتعيش معه من جديد.. وأخذ يقبل يديها في سعادة. والدموع تنهمر من عينى شويكار التي لم تكن قد بلغت بعد العشرين من عمرها.
لكن سعادة سيف الدين وشويكار لم تدم سوى يوم واحد.. أو بعض يوم !
فقد عاد فؤاد إلى قصر الزعفران ليكتشف هروب شويكار إلى قصر الدوبارة. فإصابة غضب رهيب. وارسل مرتين يستدعيها لكنها لم ترد على من أرسلهم !
ولم يكن هناك أمام الأمير فؤاد سوى أن ينطلق بنفسه مع بعض خدمه وعدد من رجال البوليس إلى قصر الدوبارة في القصر العينى. ودخل القصر والشرر يتطاير من عينيه، ولم يكن يبحث عن شويكار. لكنه كان يريد الظفر بشقيقها الأصغر سيف الدين لينفث فيه عن غضبه !
وقد روى الأمير سيف الدين ما حدث للبارونة دوما لورتى قائلا: جريست مثل الأرانب في الحديقة.. وبدأنا لعبة الاستغماية، كما يعل الانجليز عند مطاردة الثعالب. وقفزت خارج ارضنا وتدليت من فوق الحائط المواجه لفيلا كارى. ولكن بواب اللورد كرومر شرع في اغلاق البوابة. وبينما كان يغلق الضلفة الأولى تسلقت الثانية، وجعلت البواب يرى مسدسى. لكنه أبعدنى وأكمل الاغلاق. وكنت أساءل نفسى " لماذا يتحتم على كوكو أن تعيش مع فؤاد، أنه لا يحبها.. أنه مالها الذي يريد.. والمال يكفى اثنين ويزيد.. لكنه يريد التحكم فيه "!
لكن الكاتب الصحفى صلاح عيسى روى هذه الواقعة بتفاصيل أخرى في " حكايات من دفتر الوطن " قائلًا:
في قصر والدها بالجزيرة وبعد أن هربت الأميرة شويكار من قصر زوجها البرنس أحمد فؤاد. وجدت شقيقها البرنس سيف الدين فروت له كل ما حدث ومعاناتها داخل قصر الزعفران من زوجها المقامر وحماتها سليطة اللسان لتمشى معه في حديقة القصر وليهدىء من روعه.. وبعد قليل حضر البرنس فؤاد وشاهدهما من بعيد. فطلب من جارية حبشية أن تخطر الأميرة شويكار بأنه ينتظرها في صالون القصر.
بعد دقائق..
صعدت اليه الأميرة شويكار مع شقيقها الأمير سيف الدين.
لكن البرنس فؤاد تجاهل وجود شقيق زوجته !
وطلب من الجارية أن تخبره بأن يتركه مع زوجته ؟
وبكل هدوء انصرف البرنس سيف الدين إلى صالون مجاور.
وبنفس طريقة العجرفة التركية أخذ البرنس أحمد فؤاد يصرخ في الأميرة شويكار لأنها هربت من قصر الزعفران دون اذنه.
فصرخت فيه الأميرة شويكار: اسمع.. انا موش جاريتك !
ثار البرنس فؤاد..
- وصاح فيها: انت.. لازم ترجعى الآن قصر الزعفران.
ردت عليه في اصرار: أبدا لن أعود إلى الزعفران.. سأعيش هنا وسط اخواتى ليحموننى.. وإذا كنت تريد أن تعيش معى هنا أو في قصر الدوبارة لا مانع.. أو حتى تستأجر لى قصرًا في القاهرة.. لكن الزعفران مستحيل !
وجن جنون البرنس فؤاد..
وجذبها من يدها بشدة من المقعد الذي كانت تجلس عليه.. فاندفعت وهى تصرخ مستغيثة.
وهنا.. اسرع شقيقها الأمير سيف الدين لإنقاذها.
واندفع يوجه لكمة هائلة للبرنس فؤاد..
لكن الأخير كان أقوى جسديا.. فرد الصاع صاعين.. واوسع الأمير سيف الدين ضربًا.. ولم يجد سيف الدين أمامه سوى الهروب من المكان.
بينما كان البرنس فؤاد يصرخ في أحد الخدم: أمسك الكلب ابن الكلب ده.. وسلمه للبوليس.
***
وعادت شويكار مرغمة مع فؤاد إلى قصر الزعفران.
ولم يسمح لأحد بزيارتها. سوى البارونة دوما لورتى. التي انطلقت في اليوم التالى إلى الزعفران، وعندما دخلت مركبتها عبر مدخل القصر عرج الأمير فؤاد من السلاملك وسألها عن سبب مجيئها
وعندما قالت له أنها حضرت لترى زوجته وافق وسمح لها بالدخول.
وشاهدت البارونة صديقتها الأميرة شويكار واقفة على أفريز صغير من الرخام بحذاء نوافذ الصالون.. الذي كان بدون حاجز !
وكانت تبدو في هذا الوضع الخطر كأنها " أوفيليا " بطلة مسرحية هاملت التي ألقت بنفسها في الماء.
كانت ترتدى رداء للنوم أبيض..
وشعرها الأسود منسدل على كتفيها
وما أن شاهدت البارونة تدخل الحجرة
* حتى صاحت مستنجدة بها: " أنا سجينة "!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.