في الحلقة السابقة تزوج البرنس فؤاد من الأميرة »الوحشة« شويكار في صفقة معلنة، فالأميرة واحدة من أغنياء مصر، والبرنس غارق في الديون ولعب القمار والسكر في الكلوب الخديوي ولايعود الا في الفجر، حيث تبدأ معاركه وشجاراته مع الأميرة »الوحشة« وانتهي به الأمر لان يعلق كرباجا علي الجدار، لايحتاج الا ان يمد يده اليه كل ليلة وينهال علي الأميرة المسكينة!! شعرت الأميرة شويكار بانها سجينة داخل قصر الزعفران. وكلما طلبت من زوجها ان تخرج لزيارة أهلها كان يرفض باصرار، فلم تجد أمامها وسيلة لأخبار أهلها بما يحدث لها سوي تهريب الرسائل والخطابات اليهم، تروي لهم فيها عن حياة الذل التي تعيشها في ظل هذا الزوج النصاب الملكي، وتطلب انقاذها من سجن الزعفران. وكان للأميرة شقيقان: الأمير وحيد الدين، والأمير سيف الدين، في حين كانت والدتها نجوان هانم تعيش في الاستانة ذات يوم.. وبينما كان البرنس فؤاد بعيدا عن القاهرة في غزواته اليومية لدور اللهو، دبت خناقة حامية بين الأميرة شويكار وحماتها. انتهزت شويكار الفرصة وغياب البرنس فؤاد، واسرعت هاربة من قصر الزعفران الي بيت أهلها. وعاد البرنس فؤاد ليكتشف هروبها، فانطلق وكله غضب كالمجنون الي سراي الجزيرة، حيث تسكن عائلة الأميرة شويكار. وهناك حدثت مشاجرة.. وفيما بعد انتهت هذه المشاجرة بأكثر القضايا الملكية اثارة في تاريخ مصر. بعد يومين من الواقعة، كان الأمير أحمد فؤاد قد اكتشف هروب زوجته، فعاد علي الفور الي القاهرة وتوجه الي قصر اصهاره في الجزيرة. في القصر وجدت الأميرة شويكار شقيقها »البرنس« سيف الدين، فروت له كل ما حدث ومعاناتها داخل قصر الزعفران من زوجها المقامر السكير وحماتها سليطة اللسان. هنا، لابد ان نتوقف قليلا لنحكي عن الأمير سيف الدين فقد كان هذا الأمير يعيش مأساة شخصية.. خيط البداية لهذه المأساة هو قصة عنيفة عاشها سيف الدين في القاهرة، اذ ارتبط عاطفيا بالأميرة نعمت هانم ابنة »البرنس جلال« وتقدم يخطبها لنفسه، واخذ يتبادل معها رسائل غرامية بالتركية والفرنسية ووجد فيها صديقة يبدو انها قدرت حالته العصبية المضطربة التي اثرت في عاطفته المرضية تجاهلها.. لكن اعصابه اخذت تتوتر وتفاقمت حالته العصبية.. فقد اخذت الأسرة تتندر علي الخطابات التي يرسلها الي خطيبته، وأهمل شقيقه الأكبر الأمر.. ثم بدأ عمه الأمير أحمد كمال يبدي اعتراضات علي الزواج ويشهر بتصرفاته العصبية امام انسبائه لينفرهم منه، وهو الدور نفسه الذي لعبته عمته »البرنسيس« عين الحياة هانم افندي، وكانت اميرة عجوزا من النوع التركي الصارم الي حد العدوانية. وقد وجدت في الأمير احمد سيف الدين هدفا سهلا لعدوانيتها المستمرة، لذلك لم يكف لسانها الشرس عن التشهير بالعاشق المسكين. لم يستطع سيف الدين مواجهة هذه الضغوط علي شخصيته المريضة عصبيا الا بالاغراق في احتساء الخمر، لتبدر منه تصرفات أكثر طيشا وتوترا، لدرجة ان عمه بدا يهدد بان يضعه تحت الوصاية ويطلب الحجر عليه من المجلس الحسبي بداعي السفه، خاصة بعد ان سجلت محاضر الشرطة حوادث تدل علي نزقه وهو عصي او مخمور. وفي تلك الفترة كانت شقيقته شويكار تعاني ايضا من تصرفات زوجها، فهربت الي قصر اسرتها باحثة عن حل أو مواساة. اصطحب البرنس سيف الدين اخته ليتمشي معها في حديقة القصر وليهديء من روعها. وبعد قليل حضر البرنس فؤاد وشاهدهما من بعيد. فطلب من جارية حبشية ان تخطر الأميرة شويكار بانه ينتظرها في صالون القصر. بعد دقائق صعدت اليه الأميرة شويكار مع شقيقها الأمير سيف الدين. لكن البرنس فؤاد تجاهل وجود شقيق زوجته، وطلب من الجارية ان تخبره بان يتركه مع زوجته. وبكل هدوء انصرف البرنس سيف الدين الي صالون مجاور. وباسلوب لايخلو من العجرفة والتعالي، اخذ البرنس احمد فؤاد يصرح في زوجته لانها هربت من قصر الزعفران دون اذنه، فصرخت فيه الأميرة شويكار: »اسمع.. انا مش جاريتك!«