الحكومة تبعث برسالة اطمئنان لجميع المستثمرين| مدبولى: إزالة أي تحديات تواجه مشروعات القطاع الخاص    قبل موسم الحج .. سعر الريال السعودي اليوم في البنوك المصرية    هذا هو مستقبل مصر المشرق    مديرية العمل بجنوب سيناء تعلن عن دورات تدريبية على مهن صيانة الحاسب الآلي والمحمول    ألمانيا «تؤكد» دعمها لحل الدولتين بعد اعتراف إسبانيا وأيرلندا والنرويج بفلسطين    الصحة العالمية: ثلثا مستشفيات غزة خارج الخدمة بسبب أوامر الإخلاء والحرب    خبراء أمريكيون: تراجع حملة بايدن لجمع التبرعات عن منافسه ترامب خلال أبريل الماضى    «محاط بالحمقى».. محمد صلاح يثير الجدل برسالة غامضة    سام مرسي يتوج بجائزة أفضل لاعب في «تشامبيونشيب»    تعليم كفر الشيخ: لا شكوى من امتحان الشهادة الاعدادية اليوم    6 يونيو المقبل الحكم بإعدام المتهمة بقتل طفلتيها التوأم بالغردقة    موعد وقفة عيد الأضحى وأول أيام العيد 2024    القبض على طالب دهس سيدة بسيارته فى منطقة مصر الجديدة    ضبط المتهمين باختطاف شخص بسبب خلاف مع والده فى منطقة المقطم    وزيرة التضامن تدشن مرحلة جديدة لبرامج الحماية من المخدرات بالمناطق المطورة    هلا السعيد تكشف تفاصيل جديدة عن محاوله التحرش بها من سائق «أوبر»    وزير الرى: 70 % من استهلاك المياه في الزراعة وإنتاج الغذاء    إقبال السياح على مكتبة مصر العامة بالأقصر (صور)    تضامن الفيوم تنظم قوافل طبية تستهدف الأسر الفقيرة بالقرى والنجوع    مجلس الوزراء يبدأ اجتماعه الأسبوعي بالعاصمة الإدارية لبحث ملفات مهمة    السكة الحديد: تخفيض سرعة القطارات على معظم الخطوط بسبب ارتفاع الحرارة    وزير الصحة يفتتح الجلسة الأولى من تدريب "الكبسولات الإدارية في الإدارة المعاصرة"    الأهلى يرفع راية التحدى أمام الترجى كولر يحذر من لدغات الخصم المفاجئة.. ويطالب بالحسم المبكر    لمواليد برج الجوزاء.. توقعات الأسبوع الأخير من شهر مايو 2024 (تفاصيل)    صحيفة عبرية توضح عقوبة إسرائيل المنتظرة للدول الثلاث بعد اعترافهم ب«دولة فلسطينية مستقلة»    موعد نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 بورسعيد    أحمد أيوب ل"هذا الصباح": ثبات موقف مصر تجاه فلسطين أقوى رد على أكاذيب إسرائيل    مصدر رفيع المستوى: ممارسة مصر للوساطة جاء بعد إلحاح متواصل للقيام بهذا الدور    مسابقة 18 ألف معلم 2025.. اعرف شروط وخطوات التقديم    تباين مؤشرات البورصة في ختام تعاملات الأربعاء    كيفية الحفاظ على كفاءة التكييف في فصل الصيف    العمل تنظم فعاليات "سلامتك تهمنا" بالمنشآت الحكومية في المنيا    أبرزهم بسنت شوقي ومحمد فراج.. قصة حب في زمن الخمسينيات (صور)    أدعية الحر.. رددها حتى نهاية الموجة الحارة    "لحصد المزيد من البطولات".. ليفاندوفسكي يعلن البقاء في برشلونة الموسم القادم    افتتاح ورشة "تأثير تغير المناخ على الأمراض المعدية" في شرم الشيخ    «مواني البحر الأحمر»: تصدير 27 ألف طن فوسفات من ميناء سفاجا ووصول 742 سيارة لميناء بورتوفيق    جوارديولا: أود مشاركة جائزة أفضل مدرب بالدوري الإنجليزي مع أرتيتا وكلوب    تريزيجيه جاهز للمشاركة في نهائي كأس تركيا    بروتوكول تعاون بين نقابة السينمائيين واتحاد الفنانين العرب و"الغردقة لسينما الشباب"    الأكبر سنا والمربع السكني.. قرارات هامة من «التعليم» قبل التقديم للصف الأول الابتدائي 2024    فدوى مواهب تخرج عن صمتها وترد على حملات المهاجمين    الأزهر يطلق صفحة مستقلة بفيس بوك لوحدة بيان لمواجهة الإلحاد والفكر اللادينى    بإجمالي 37.3 مليار جنيه.. هيئة قناة السويس تكشف ل«خطة النواب» تفاصيل موازنتها الجديدة    الصحة: برنامج تدريبي لأعضاء إدارات الحوكمة في مديريات الشئون الصحية ب6 محافظات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 22-5-2024 في المنيا    رئيس جهاز مدينة 6 أكتوبر يتابع أعمال التطوير بالقطاعين الشرقي والشمالي    سيدة «المغربلين»    هكذا تظهر دنيا سمير غانم في فيلم "روكي الغلابة"    الرئيس الصيني: السياحة جسر مهم بين الشعبين الصيني والأمريكي للتواصل والتفاهم    طلاب جامعة القاهرة يحصدون المركزين المتميز والأول فى مسابقة جسر اللغة الصينية    5 نصائح غذائية للطلاب خلال فترة الامتحانات من استشارية التغذية    51 مباراة دون هزيمة.. ليفركوزن يسعى لمواصلة كتابة التاريخ في موسم استثنائي    البيت الأبيض: إسرائيل وافقت على طلبات أمريكية لتسهيل إيصال المساعدات إلى غزة    طريقة صنع السينابون بالقرفة.. نكهة المحلَّات ولذَّة الطعم    هل تقبل الأضحية من شخص عليه ديون؟ أمين الفتوى يجيب    اجتماع الخطيب مع جمال علام من أجل الاتفاق على تنظيم الأهلي لنهائي إفريقيا    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمود صلاح يكتب: "أمير الأحزان".. أسرار محاولة اغتيال الملك فؤاد
نشر في البوابة يوم 28 - 02 - 2015


الفصل الرابع
الخديو إسماعيل مات بعد زواج فؤاد من شويكار بأسبوعين!
السلطات التركية منعت الأمير فؤاد من زيارة والده وهو فى مرض الموت
حفل زفاف أسطورى لفؤاد وشويكار بحضور كبار رجال الدولة
فؤاد يستقيل من وظيفته كمساعد للخديو
أقيمت للأمير إبراهيم جنازتان الأولى في الإسكندرية وكان في وداع جثمانه أفراد الأسرة الحاكمة والأعيان وكبار الموظفين والثانية في القاهرة حيث وارى جثمانه التراب.
أمر الخديو عباس حلمى الثانى بسفر الجثمان في قطار خاص من الإسكندرية رافقه خلالها الأمراء سعيد طوسون ومحمد عبد الحليم وفؤاد الذي رأى الأميرة شويكار في هذه الرحلة وكانت ترتدى السواد ولم تكف عن البكاء على والدها الراحل.
مضى موكب الجنازة يشق شوارع القاهرة وسار أمامه ستة جمال تحمل الخبز ليوزع على الفقراء، ومن خلفهم سارت الخيالة ومشاة البوليس ثم مقرئو القرآن الكريم والدراويش وفى مقابر الامام الشافعى أطلقت المدفعية 21 طلقة وذبحت المواشى ووزع لحمها على الفقراء. وعاد أولاد الأمير الراحل إلى قصر الدوبارة ليعيشوا فيه بمفردهم بعد أن اصبحوا الورثة الوحيدين لثروة أبيهم.
كان القصر كما وصفته البارونة دوما لورنى في كتابها "الشرق والغرب".. منيعا. بنى قبل سنوات طويلة.. وعلى الرغم من مظهره الخارجى الجميل إلا أنه لم يعد آمنا فقد مات صاحبه الأمير إبراهيم فجأة.
ووصفت البارونة دوما لورنى الأميرة شويكار بقولها وجدتها مكتنزة للغاية، بيضاء البشرة، داكنة الشعر والعينيين، لها فم صغير وأسنان جميلة لكن ملامحها كانت غامضة.
عندما تولى الخديو عباس حلمى الثانى الحكم كان في الثامنة عشرة من عمره.
وبالطبع لم تكن لديه خبرة كبيرة في شئون الحكم، زاد على ذلك ظروف البلاد المعقدة التي تولى حكمها، فقد كانت مصر تتبع الدولة العثمانية من الناحية الاسمية، وتجبى الضرائب باسمها. لكن الحاكم الحقيقى وصاحب الكلمة العليا والأولى والأخيرة في البلاد كان اللورد كرومر المعتمد البريطانى.
وكان الخديو عباس حلمى الثانى يكره اللورد كرومر ويبغضه.
وكان صعبا عليه أن يواجهه وأن يدير دفة الحكم بمفرده. وكان لابد له أن يبحث عمن يقف إلى جواره يسانده ويعاونه ويؤيده.
وكان أعمامه قد رحلوا مع جده الخديو إسماعيل الذي كان يكبره بسنوات قليلة.
وكان الخديو عباس حلمى يرى أن الأمير أحمد فؤاد أكثر خبرة منه في أمور الدنيا. فقد تعلم في جنيف وتورينو. والتحق بالجيش الإيطالى في وحدة كان مقرها روما، وكان على صلة قوية بالبلاط الإيطالى، وفى نفس الوقت لديه خبرة بالدبلوماسية.
ولكل هذه الأسباب أرسل الخديو عباس حلمى الثانى يستدعى عمه الأمير أحمد فؤاد من إيطاليا، ليكون إلى جواره.
وأسرع الأمير أحمد فؤاد الذي كان يبحث عن دور يليق به يلبى دعوة الخديو وعاد إلى البلاد.
ووقتها كانت الأحوال السياسية في مصر مضطربة..
حتى البلاط نفسه كان منقسما إلى فريقين..
فريق يحب الخديو الشاب عباس حلمى ويسانده في مخاوفه من الوصاية البريطانية وتصرفات اللورد كرومر.
وفريق يحقد عليه كشاب صغير السن وجد نفسه فجأة حاكما للبلاد!
وعندما عاد الأمير أحمد فؤاد ليكون أقرب مساعدى الخديو بالتوجس من هذا الأمير العائد بأفكار وتكوين أوربي. ومطامح شخصية لاشك فيها.
أما الأمير أحمد فؤاد نفسه فقد كان أكثر ذكاء!
كان عندما يقع خلاف بين الفريقين داخل البلاط. يجلس ليستمع إلى رأس كل فريق. ويتظاهر بأنه على الحياد. ليعطى في النهاية رأيه النهائى ومشورته للخديو!
ولم تكن صراعات أفراد البلاط تتوقف!
وعندما كان التعب والحيرة ينال من الأمير أحمد فؤاد. كان يهرب من قصر الخديو ساعات ليبحث عن الراحة!
ولم يكن يجد هذه الراحة سوى في قصر الأمير الراحل.. إبراهيم أحمد!
وهناك كان يلتقى بولديه.. الأمير وحيد الدين.. والأمير سيف الدين.
وهناك أيضا.. كان يشاهد الأميرة شويكار!
وهناك.. استقر رأيه على الزواج منها!
***
ورغم أن الأميرة شويكار كانت في ذلك الوقت امرأة شابة جياشة المشاعر والعواطف، إلا أنه كان واضحا أن هذا الزواج.. زواج مصالح!
البعض كان يرى أن الأمير أحمد فؤاد ضابط شاب رائع يستحق الزواج من أميرة ثرية مثل شويكار!
البعض كان يرى أن شويكار هي سعيدة الحظ بزواجها من أمير له خبرة في الحياة مثل أحمد فؤاد!
لكن معظم أفراد الأسرة الحاكمة كانوا سعداء بهذا الزواج الذي سيجمع بين فرح الأسرة البكر وفرعها الأصغر مرة أخرى!
ورغم أن الخديو عباس حلمى كان يعرف تماما أن الأمير أحمد فؤاد ليس " كامل الأوصاف ".. لكنه أعرب عن سعادته بهذه الزيجة.
أما أم الأمير أحمد فؤاد فقد طار بها الفرح فقد كانت امرأة محترمة متدينة. وكانت دائما تشعر بالتوجس من تعليم ابنها المتحرر.. وتخشى أن يتزوج امرأة غربية متحررة. بل أنها كانت تخاف أن تفاجأ ذات يوم بأن فؤاد تزوج من إيطالية مسيحية!
وكما شهدت القاهرة جنازة لم تحدث من قبل للأمير إبراهيم أحمد.. شهدت حفل زفاف لم يحدث من قبل.. لابنته الأميرة شويكار!
***
في البداية..
أقيم احتفال جميل ورائع تجمع فيه كل أفراد الأسرة الخديوية.
وقرأ الحضور فاتحة القرآن الكريم.
ثم تلقت الأميرة شويكار "الشبكة" وكانت خاتما ثمينًا قدمه لها عريسها الأمير أحمد فؤاد.
لكن فجأة وصل من استانبول خبر حزين!
وكان الخبر يقول إن الخديو إسماعيل الذي كان قد استقر في استانبول بعد منفاه في إيطاليا قد سقط مريضا بشدة. ولم يكن بد إلا أن يرحل الأمير فؤاد إلى هناك، ليكون إلى جوار والده المريض فسافر بالفعل لكن السلطات التركية لم تسمح له بدخول البلاد. فعاد أدراجه إلى مصر.
وفى يوم 13 فبراير من عام 1895 صدر بيان يقول: إن الأميرة شويكار كريمة الأمير الراحل إبراهيم باشا، المقرر أن تزف في اليوم التالى إلى الأمير فؤاد باشا ستدعو في ذلك المساء إلى حفل استقبال.. السيدات من المصريات والأوربيات. إلى منزل الأسرة بطريق مصر القديمة. بجوار الوكالة البريطانية. وأن الاستعدادات ستقام في العباسية لاستقبال العروسين في قصر الزعفران بجوار المرصد. وأن قوسًا للنصر قد أقيم. والطريق قد تم تزيينه كأبهى ما يكون "!
وكان حفل الاستقبال في قصر الدوبارة أكثر من رائع..
كان الحفل مقصورا.. على النساء فقط
ولم تتم دعوة أي رجل!
وتم طلب عشاء لمائة فرد.. واستحضرت مغنية دار الأوبرا المصرية الأولى وهى إيطالية، وتم اختيار الدور الأرضى للقصر والتأكد من أنه أمن !
وأقيمت " كوشة " اشبه بالعرش في إحدى قاعات الاستقبال الكبيرة. جلست اليها الأميرة شويكار لتستقبل ضيفاتها.
وكانت تجلس شامخة صامتة كأنها تمثال جميل!
ومرت طوابير الضيفات بالكوشة ثم تفرقن إلى مجموعات جلسن يتحدثن عن احتفالات الزواج وعن العروس والعريس.
وفجأة وقع ما لم يكن في الحسبان.
إذ سمع الجميع صوت عنيف كأنه طلقة مدفع!
وصاحت الأميرة شويكار من مكانها في الكوشة في فزع.. بالله عليكم.. أخرجوا الناس من هنا.. ووزعوهم بعيدا. فهذا الصوت هو صوت تشقق الحوائط. يوجد هنا ناس أكثر من اللازم"!
وأسرع البعض يدفع مغنية الأوبرا إلى أبعد حجرة في القصر.
ومع ذلك.. فقد استمر الاحتفال!
وشدت مغنية الأوبرا بأغنية "الجوهرة ".. من أوبرا فاوست. وتجمعت السيدات يستمعن اليها في انبهار
وفى اليوم التالى ذهبت العروس إلى قصر زوجها.
وكانت معظم مقتنياتها قد أرسلت إلى هناك قبل ذلك ، ومع ذلك فقد استبقيت أفخر المقتنيات لتكون مع العروس في موكبها الذي قطع شوارع القاهرة.
وكان الموقف جميلا حقًا.
في الأمام كانت هناك فصيلة من رجال البوليس يمتطون صهوات الخيول وخلفهم فرقة موسيقية تابعة لفرسان الجيش المصرى. ثم سرية مدفعية.
وكانت شويكار تركب المركبة الحديوية الرسمية!
وأمامها سرية من الفرسان.
وكانت ستائر المركبة الخديوية مسدلة بحيث لا يرى أحد وجه العروس الشابة التي كانت تضع النقاب!
وخلف عربة شويكار مضى طابور مركبات صديقاتها وخادماتها ومضى الموكب في روعة وكأنه استعراض ملون لبزات الحوذية ومشاة الحرس التي تبرق باللونين القرمزى والذهبى يخترق ميدان الأوبرا ويمر أمام فندق شبرد القديم نحو بيت زوج المستقبل الأمير فؤاد في قصر الزعفران !!
***
كان قصر الزعفران شيئًا آخر غير قصر الدوبارة!
كان قصرًا جميلا حافظ عليه الأمير فؤاد بشكل طيب. ولم تكن فيه حوائط مشققة ولا أسقف متهاوية. بل كان مثالًا لقصور الأمراء والحكام. فالنظام سائد. والغرف مليئة بالأثاث الفخم. وكان معروفًا أن فؤاد يفاجأ الطباخين بزيارات مداهمة للمطابخ ليتأكد من نظافة الأوانى والأوعية بنفسه!
وكانت الفخامة هي طابع كل شىء في قصر الزعفران.
وتجمعت السيدات للاستمتاع بمشاهدة الهدايا التي أغدقت على العروسين ووقف الخدم يتسلمون الهدايا الأخرى وهم يرددون باصوات مرتفعة أسماء الذين أرسلوا الهدايا !
واقيم في الصالون.. عرشان
عرش لفؤاد.. وآخر لشويكار!
وقبل منتصف الليل تماما انطلق العريس أحمد فؤاد مع نفر من اصدقائه لزيارة المسجد المجاور.
ثم عاد ليجلس على العرش بجوار عروسه الشابة.. ومد يده ورفع النقاب عن وجهها!
وانتهت احتفالات الزفاف..
وبدأت شويكار حياتها كزوجة للأمير فؤاد في قصر الزعفران.
***
بعد زواج شويكار من الأمير فؤاد كان يمكن أن تختلق لنفسها العذر لكى تبتعد عن أخويها وحياتهما.
لكنها كانت تحب أخويها بصدق.
واستمرت علاقتها بهما بعد زواجهما كما كانت في السابق. وكان الشقيق الأصغر الأمير سيف الدين يحظى كالعادة بمكانة وحب أكثر من شقيقه وحيد الدين لديها.
وعاشت شويكار السنة الأولى من الزواج في سعادة..
فهى تركت حياة الملل والعزلة التي كانت تعيشها مع شقيقيها وسط جو مشحون بالحزن في قصر الدوبارة، وهى قد تزوجت من أمير يعرف الكثير عن العالم.
لكن الأمير فؤاد كان في نفس الوقت يعيش المشاكل والأحزان !
فقد توفى والده الخديوى إسماعيل بعد اسبوعين فقط من زواجه بشويكار !!
وقد وصلت الخلافات بينه وبين الخديو عباس حلمى إلى طريق مسدود في يونيو من نفس العام. مما اضطره في النهاية لأن يقدم استقالته من وظيفته كمساعد للخديو الذي قبل الاستقالة في هدوء. لكن فؤاد كان يتوقع عواقب أخرى غير هدوء الخديوى!
وتحول الأمير فؤاد إلى رجل عصبى متعكر المزاج !
ولا يعرف أحد هل دفعت العروس الشابة ثمن مصاعب زوجها مع البلاط ؟!
وبعد عام واحد من الزواج سافر الأمير فؤاد مصطحبا شويكار في رحلة إلى ايطاليا. وخلال هذه الرحلة وبالتحديد في شهر نوفمبر 1896 انجبت له شويكار ولدا. أعطاه اسم جده الراحل إسماعيل !
وعندما اصبح عمر المولود شهرا عاد الأمير فؤاد باسرته إلى القاهرة، وهو يضع الكثير من الآمال والاحلام على مولوده الأول الذكر، هذه الآمال والاحلام التي تقطعت وماتت بعد ثمانية شهور بموت الأمير الطفل وعمره لا يتجاوز تسعة شهور !
***
وكان هناك جانب خفى في شخصية فؤاد لا يعرفه كثيرون !
ذلك أن كان يؤمن بالتطير إلى حد مبالغ فيه !
ولم يكن يفعل شيئا إلا بعد أن يستمع إلى المنجمين.. وذات يوم أخبره أحدهم أن حرف " الفاء " سيكون حرف الحظ له ولأهل بيته !
ولهذا وعندما اصبح أبا للمرة الثانية وأنجبت له شويكار بعد ثلاثة اشهر فقط من موت طفلهما الأول أنجبت له طفلة. فقد أعطاها اسم " فوقية " !
لكن " فوقية " لم تأت بالحظ السعيد لأمها شويكار !
فبعد مولدها بفترة بسيطة بدات أمور شويكار تسوء مع فؤاد.
بدأت شويكار تتسمع يوما بعد يوم بأن فؤاد لم يتزوجها من أجل جمالها أو شخصيتها المميزة. وانما لأنها كانت شديدة الثراء. وان كان ما يعنيه من هذا الزواج هو أموالها.
وبالفعل.. كان فؤاد بطريقته المستبدة يريد أن يتحكم في كل شئون زوجته المالية !
وبدأت شويكار تبوح بهواجسها هذه لأقرب الناس اليها. شقيقيها اللذين كانا يداومان على زيارتها في قصر الزعفران. وبالأخص سيف الدين. الذي كان لم يزل بعد الطفل الشقى. لكنه كان في نواحى أخرى بالغ الجسارة. وفى بعض الأحيان كان خجولًا !
كان الأمير سيف الدين يمتطى الخيول التي لم يتم ترويضها، لأن طبيعتها النارية تشابه طبيعته. لكنه في نفس الوقت كان يخاف من الظلام !
وقد روت البارونة دوما لورنى في كتابها حكاية طريفة عن ذلك. فقالت أنها كانت تزور شويكار ذات يوم وجلست شويكار تعزف لها على البيانو. وفجأة دخل الأمير الصبى سيف الدين إلى الحجرة وقال للبارونة أنه خائف من البقاء وحيدا في العتمة.
أرادت البارونة أن تداعبه فقالت له: وحيدا؟ لكننا لسنا وحيدين على الإطلاق.. أن معنا هنا الأرواح الطيبة والشريرة "!
والغريب أن الأمير صدقها. فقد انتابه الفزع
- وصرخ في شويكار: كوكو.. تعالى.. أن البارونة تفزعنى !
ردت شويكار ضاحكة: آه يا أخى أحمد.. هل انت خائف.. يا للفتى الشجاع.
كان يحمل في صدره قلب طفل !
وحاول ببراءة الأطفال أن يدافع عن نفسه.
- فرد قائلًا: طيب.. ولكن البارونة تخاف من خيولى !
ثم أضاف قائلا بمكر الأطفال أيضا
- ولكنها ستضطر إلى استخدامها.. فقد أعدت مركبتها منذ ساعة !
وهذا ما حدث بالفعل.
وعادت البارونة المسكينة إلى مقرها في مركبة يقودها اثنان من الخيل التي لم يكتمل ترويضها. في رحلة رعب لم تنسها البارونة أبدًا.
وقد كتبت تقول..
وفى اليوم التالى شاهدت الأمير الصغير.. وكان وجهه يحمل براءة كل أطفال العالم !
***
كان الأمير سيف الدين وقتها بين الخامسة عشرة والسادسة عشرة.
لكنه ظل طفلا في اشياء كثيرة.
ومع ذلك فقد كان واعيا بمشاكل أخته شويكار مع زوجها الأمير فؤاد.
وكانت شويكار تفضى له دائما بما يقبع في داخلها من لأحزان وفى الماضى كانت تتصرف معه وكأنها أمه. وقد انقلب الحال بعد زواجها، واصبح شقيقها الأصغر الذي كانت تعامله وكأنه ابنها.. أصبح هو المسئول عن الاستماع إلى أحزانها والتخفيف من آلامها!
هكذا وجد الأمير الفتى. صغير السن الطائش. شديد الحساسية. وجد نفسه يمتلىء بالمرارة والحزن على أول امرأة أحبها بصدق في الحياة.. أخته الوحيدة الكبيرة الأميرة شويكار!
هذا الحزن.. وهذه المرارة
قادته إلى نهايته المأساوية!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.