تُعتبر الترجمة جسر هام للتواصل بين الثقافات، وهي قناة هامة من قنوات التواصل، خاصةالترجمة الأدبية، والتي تحوي العديد من القيم الفردية والجمعية لدى المجتمعات المختلفة، فالترجمة تفتح باب واسع للاطلاع على ما يمتلكه الاخرون من آداب، وفنون، واهتمامات، كذلك توضّح اهتمامات الآخر، وفي بعض الأحيان تكون وسيلة لمُقارنة المعارف والحضارات. ولكن كذلك فإن الترجمة يجب أن تكون على المستوى المطلوب، ليس فقط من الناحية اللغوية، وإنما لابد وأن يكون المترجم قادرًا على فهم مغزى العام للمعنى، ومُدركًا الجوانب الدقيقة للثقافة والمُفردات التي يتم ترجمتها، ومُلمًا بثقافة البلد الذي يُترجم أدبه، حتى يستطيع نقل الصورة التي أرادها المؤلف لقارئ اللغة التي يُترجم إليها النص. وحاليًا فإن المُترجمات العربية لا تخرج عن بضعة لُغات، يُشترط فيها أن يكون صاحب العمل قد وصل إلى العالمية، وأن تكون وسائل الإعلام قد قامت بتعظيم عمله حتى يطمئن الناشر إلى أن العمل سيُحقق من الترجمة عائدًا مُناسبًا يستحق العناء، حتى لو تكررت اللغة التي يتم الترجمة منها أو نفس الأديب الذي تتم ترجمة أعماله. يروي الناشر شريف بكر صاحب دار العربي للنشر والتوزيع تجربة نشر المترجمات المختلفة ل"البوابة نيوز"، فيقول أنه بسبب تعدد سفرياته إلى العديد من المعارض الدولية، اكتشف وجود آداب كثيرة ومختلفة لا نعرف عنها في العالم العربي شئ، وتختلف تمامًا عن الصورة النمطية الموجودة عن أوربا، والمليئة بالأفكار الخاطئة "وبعد دراسة لسوق الترجمة في العالم العربي اكتشفت أن المترجمات الموجودة سيئة جدًا"، فهي إما لا تصلح للقراءة، أو أنها غير مفهومة ولا تنقل الروح الحقيقية للنص "فنجد ترجمة من طراز أغرب عن وجهي، وعليك اللعنة"، وهو ما يبتعد تمامًا عن فحوى النص الأصلي، مُضيفًا أن الكتب المُترجمة غالية جدًا "لأن معظم هذه المترجمات تأتي عادة من لبنان، فأنت تشتري كتاب ب100 جنيه وتقرأ منه 20 صفحة وتغلقه لصعوبة اللغة المترجمة". ويؤكد بكر أن المنطقة العربية فقيرة للغاية في حركة الترجمة، وأن أسواق الكتب في العالم تتعدى نسبة المترجمات فيها نسبة ال 80%، ويُمثل الإنتاج المحلي 20% فقط "ولكن في الوطن العربي تبلغ نسبة الأعمال المترجمة 10% فقط، ما جعل هذه البلاد أكثر انفتاحًا على الآخر"، مُشيرًا إلى أن ثقافة الآخر عن مصر مثلًا توفقت عند مرحلة نجيب محفوظ، لأننا توقفنا عن ترجمة الأدب المصري. وأشار بكر إلى محاولات تلافي أخطاء الترجمات التي وجدها "فلدينا طريقة مُعينة لترجمة الموضوع والحوار تكون أقرب إلى العربي والمصري، وذلك حتى يتمتع القارئ بالعمل وكأنه يقرأ النص بلغته الأصلية"، وأن هناك مشروع ترجمة من عدة دول بدأ بالفعل"فنحن نحاول الوصول للقارئ الشاب بشكل مختلف، عن طريق ترجمة جيدة وغلاف جذاب وأدب مختلف، وحاليًا ترجمنا من النرويج، وهولندا، وتركيا، والبرازيل، والتشيك، وكولومبيا، والمانيا والجبل الأسود". يتحدث الناشر محمد البعلي مدير "صفصافة للنشر والتوزيع"، فيوّضح أن الناشر دائمًا بالنسبة للمُترجمات يبحث عن الأسماء الكبيرة التي حققت نجاحًا في العالم كله حتى يسعى لترجمة أعمالها "فالأمر بالنسبة لأغلب الناشرين هو عمل تجاري يستهدف الربح مع وضع الثقافة في المرتبة الثانية"، موضّحًا أن الترجمة عملية انتقائية يتم حسابها لدى الناشر جيدًا، كما أن الترجمات التي تأتي من دول كثيرة عادة ما تكون مدعومة من مراكز ثقافية أو سفارات تلك الدول. وأضاف البعلي ل"البوابة" أن اللغات الأساسية في ترجمة الأدب هي الإنجليزية والفرنسية والإسبانية، وأنه لا يُمكن الحديث عن تجاهل أدب شرق أوربا وغيره لوجود العديد من العوامل غير حسابات الناشرين مثل أهمية الحصول على ترجمة جيدة عن النص الأصلي "فأغلب النصوص المُترجمة عن ترجمة إنجليزية أو فرنسية لا تكون جيدة بنفس القدر الذي تتم به ترجمة النص الأصلي مُباشرة، مُشيرًا إلى أنه حاليًا تجري بعض المحاولات من قِبل مؤسسات صينية لترجمة الأدب الصيني إلى العربية "وهو ما يُعد تجديد وتنشيط لحركة مُختلفة من الترجمة".