«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قضايا الترجمة 9
ثلاثة أيام مع الترجمة في جامعة القاهرة: كيف تترجم لتخدم أمتك؟!
نشر في أخبار الأدب يوم 07 - 11 - 2015

قطعنا شوطا في ملف "قضايا الترجمة". في الأعداد السابقة قدمنا ما يشبه النظرة العامة علي أبرز المشاكل، عبر تحقيقات موسعة مع القائمين علي الجهات الرسمية المختصة في مصر، عرضنا أبرز المعوقات التي كان أهمها العشوائية وغياب التنسيق التي تجعل المؤسسات كالجزر المنعزلة. ونستكمل في هذا العدد وفي الأعداد القادمة حواراتنا مع المترجمين أحد الأضلاع الأساسية في عملية الترجمة، من أجل قراءة أكثر دقة، وأيضا كمحاولة للبحث عن حلول.
ننشر هنا تفاصيل المؤتمر الذي استضافه قسم اللغة الإنجليزية بجامعة القاهرة الأسبوع الماضي علي مدار ثلاثة أيام، حول السياسات الثقافية للترجمة. وحوارا مع المترجم هاني السعيد لينقل تجربته مع لغة من أصعب اللغات وهي اللغة الأردية وليكشف عن أوجه جديدة للقصور في معضلة الترجمة في مصر.
استضاف قسم اللغة الإنجليزية بجامعة القاهرة الأسبوع الماضي علي مدار ثلاثة أيام، مؤتمرا دوليا حول السياسات الثقافية للترجمة، وذلك تحت رعاية د.جابر نصار رئيس جامعة القاهرة ود.معتز سيد عبد الله عميد كلية الآداب، وبالتعاون مع مركز دراسات الترجمة والدراسات الثقافية البينية بجامعة مانشستر والأكاديمية البريطانية، حيث يتزامن ذلك مع بدء الدراسة ببرنامج الماجستير في السياسات الثقافية للترجمة بقسم اللغة الإنجليزية، والذي يعد أول برنامج يمنح درجة الماجستير في السياسات الثقافية للترجمة علي مستوي العالم.
تناول المؤتمر عددا من المحاور الرئيسية دارت في فلكها الندوات، كما تضمن حلقتين نقاشيتين؛ الأولي بعنوان "ميراث الترجمة" وتستعرض تاريخ الترجمة إلي العربية في العصر الحديث وما حققته مشروعات الترجمة علي امتداد الوطن العربي، والثانية تحت عنوان "دراسات الترجمة وأدب الرحلات نموذجان للاتصال الثقافي".
الأوراق البحثية
تضمنت الندوات عددا من الأوراق البحثية التي تم عرضها خلال الأيام الثلاثة، بلغ عددها 34 ورقة بحثية، يمكن تقسيمها إلي عدة محاور كالتالي:
الترجمة الأدبية
توضح الجورجية داريجان غاردافادزه في بداية ورقتها البحثية "ترجمة أدب ما بعد الاستعمار وقضايا الهوية الثقافية فيه" أن الترجمة تستهدف تقارب وتعارف الثقافات المختلفة ولا شكّ أنّها أساس من الأسس الهامّة لثقافة أيّ أمّة من الأمم، ولذلك فإنّ عدد النماذج الأدبية المترجَمة وجودتها تقدّر مستوي الثقافة لأيّ أمّة من الأمم، ومهمّة المترجم الماهر في احتفاظ النموذج الأدبيّ المترجَم بشكله ومضمونه الأصليين ونقل أسلوبه الأدبي إلي لغة الترجمة، لكنها مهمة صعبة المنال.
تطرح غاردافادزه علي وجه التحديد القضايا والآفاق لترجمة الأدب العربي الحديث إلي اللغة الجورجية بعد الاستعمار وقضايا الهوية الثقافية فيه، وما يواجهه من تحديات الحاضر، وذلك من خلال نموذجين يتناولان قضية اللقاء بين الشرق والغرب هما "عصفور من الشرق" لتوفيق الحكيم و"قنديل أمّ هاشم" ليحيي حقي.
بينما تناقش سونيا فريد، التمثيل الثقافي، من خلال روايتي "المترجم" لداوود هاري و"مالينشي" للاورا إيسكيفال، عن طريق عقد مقارنة بين دور المترجم وعلاقته بالتمثيل الثقافي في الروايتين من خلال تحليل ثنائية الولاء والخيانة ومدي تأثيرها علي دور المترجم كموثق لتاريخ أمته سواء بشكل إيجابي أو سلبي، كما يتعرض البحث للعلاقة بين الترجمة والشهادة وتحديداً من حيث قدرة الترجمة علي القيام بدور مُكمل للحكي كوسيلة للتوثيق والمقاومة.
في حين يسلط محمد عمر لافي، في بحثه "كيف تترجم (من أجل) فلسطين" الضوء علي استيراد الأدب الفلسطيني إلي الألمانية، باعتبار أن الأدب الفلسطيني يظل ظاهرة استثنائية، لا يرتبط بمكان معين ولا يقتصر علي لغة ما.
ونوع آخر من الأدب، تناولته لبني عادل شريف؛ هو أدب الطفل، والذي يعد من الأمور الشائكة التي تم التغاضي عنها لسنوات عديدة إلي أن بدأت دراستها أكاديميا في الثلاثين عاما الماضية، حيث أوضحت أن ما يجعل هذا النوع من الترجمة صعبا ومختلفا عن غيره هو إيجاد الوسيلة المثلي والملائمة التي يمكن من خلالها مخاطبة القارئ المستهدف، وبالتالي، فإن ترجمة أدب الطفل تحفز المترجمين علي أن يضعوا في الاعتبار قدرات الطفل الإدراكية واللغوية.
ومن جانبه، استعرض علي أكبر برموزه في ورقته تحليلا لاستراتيجيات ترجمة المفردات المعبرة عن الخصوصية الثقافية ومستوي التغيير الأيديولوجي، من خلال ترجمتين لرواية ماركيز "مائة عام من العزلة"، الأولي قام بها فارزاني (1942) والثانية قدمها بارساي (2002)، لتبيان مستوي التغيير الأيديولوجي الذي طرأ علي ترجمة هذه المفردات قبل وبعد الثورة الإسلامية، وقد كشفت الدراسة تأثير الثورة الإسلامية علي قرارات المترجم لاختلاف الظرف الاجتماعي والاقتصادي قبل وبعد الثورة.
بينما تطرقت هالة كمال إلي دراسة الكتابات النسوية المترجمة من خلال نصوص فيرجينيا وولف، حيث تتبعت صوت المترجمة في النص المترجم وعلاقته بالصوت النسوي في النص الأصلي، والجوانب المتعلقة بتدخل المترجمة في النص بإضافة تصدير أو مقدمة أو هوامش.
المسرح المترجم
تم مناقشة الترجمات المسرحية من خلال ورقتين بحثيتين، الأولي التي ترجمها وليد الحمامصي عن أنطونيو بيبّو، يتناول فيها المسرح الأيرلندي في إيطاليا الفاشية، حيث ركز الباحث علي الدور المتميز الذي لعبه المسرح الأيرلندي في إيطاليا إبان مرحلة الفاشية، وكيف تسللت المسرحيات الأيرلندية إلي المجال الثقافي الأيرلندي بأفكار تعد تخريبية في نزعتها لاقت استنكار رقباء الفاشية في معظم الأحيان.
أما الثانية فهي لإزالة الغموض في ترجمة الصورة الشعرية في مسرحيات شكسبير، أوضحت فيها أمية إبراهيم خليفة أن المترجم الذي يتطرق إلي ترجمة الصورة الشعرية في أعمال شكسبير للعربية يجد أنه يتعامل مع مشكلة ذات شقين؛ الأول لغوي والثاني ثقافي، ولذلك حاولت أن تكتشف الأساليب التعويضية التي تقلل من قدر الفقدان في ترجمة الصورة الشعرية التي تمثل جزءا لا يتجزأ من معني المسرحية.
الترجمة المرئية
تعد الترجمة المرئية من الفروع سريعة النمو في دراسات الترجمة، وبالرغم من ذلك، فالأبحاث فيها قليلة، والتي تكمن أهميتها في الكشف عن الأبعاد الثقافية الموجودة في ترجمة الأفلام المصرية، ومن بينها التأدب في الترجمة المرئية علي الشاشة.
ومن الأوراق التي قدمت بالمؤتمر في هذا الصدد، دراسة حالة عن فيلم "باب الحديد" قام بها عمرو الزواوي ضمن بحثه "الترجمة المرئية للتعبيرات المصرية المسيئة"، الذي يوضح كيفية ترجمة التعابير غير المهذبة في الأفلام، وقد كشف في النهاية أن التعبيرات المسيئة عادة ما يتم التعامل معها في الترجمة المرئية من خلال الإغفال أو المخافضة، وهذا يؤدي إلي تغيير جوانب هامة من الثقافة المصرية، وتخفيض قيمة تأثير الفيلم عالميا.
وورقة أخري استعرضت فيلمي "زقاق المدق" و"عمارة يعقوبيان"، قدمتها رانيا سالم بعنوان "المثلية بين الترجمة النصية والصياغة السينمائية"، ودرست فيها كيف يتم ترجمة المثلية من لغة إلي أخري، ومن ثقافة إلي أخري، ومن سياق إلي آخر، فكشفت أن الفرق بين الرواية والصياغة السينمائية والترجمة لا يكمن فقط في الوسيط (الكتاب والسينما)، ولكن أيضًا في مستوي ونوع "الأمانة في النقل" والدقة المتبعة في إعادة خلق أو نقل النص الأدبي الأصلي.
الترجمة الزائفة
جذبت الترجمة الزائفة اهتمام الدارسين منذ أن سلط توري (1995) الضوء عليها باعتبارها مبحثا من مباحث الدراسات الوصفية للترجمة، وهو ما حاولت كل من هبة عارف ورندة أبو بكر توضيحه من خلال ورقتيهما، فالأولي ناقشت "الترجمات الزائفة إلي العربية لنماذج من الشعر الرومانسي الإنجليزي في النصف الأول من القرن العشرين" في محاولة لاستعراض هذا اللون من الترجمة والذي مارسه الشعراء المصريون في ترجمتهم للشعر الرومانسي الإنجليزي في النصف الأول من القرن العشرين.
بينما تناولت الثانية "الترجمة الزائفة في الفضاء الرقمي"، وركزت علي بعض المبادرات الرقمية التي تقدم المحتوي الذي ينتجه المستخدم العادي مثل "تمت الترجمة" و"القارئ الشعبي" و"الكشري توداي"، حيث يشير مصطلح الترجمة الزائفة هنا إلي الترجمات غير الجادة والفكاهية التي تسعي بقصدية لتقديم النص الأصلي بلغة عربية حرفية مبالغة في التغريب.
المسلم في الترجمة
علي صعيد آخر، ناقشت بعض الأوراق تناول الإسلام والمسلمين في الترجمات، منها "السياسات الثقافية لترجمة دانتي إلي العربية" لإدواردو كريسافوللي، والتي يفسر فيها أن الرقابة الذاتية أو مفهوم التقاليد الحاكمة للقبول في نص اللغة المترجم إليها أو السببين معا يتحكمان في ترجمة بعض المصطلحات الدينية، مثلما تأثر دانتي بالمصادر الإسلامية، وهو الاتجاه الذي كان متجاهلا أو يعتبر هامشيا بالنسبة للدراسات حول دانتي حتي منتصف القرن العشرين.
كما قدم أحمد الجندي وعبد الوهاب خليفة قراءة جديدة لبدايات ترجمة الإسلام إلي اللغة الإنجليزية في بحثهما "ويبقي الإسلام متهماً في الغرب منذ ذلك الوقت"، ويوضحان أن الأبحاث تركز في المقام الأول علي الجوانب اللغوية للترجمة، في حين أن العوامل الاجتماعية والثقافية التي تلعب دورا حيويا في إنتاج هذه الترجمات قد تم تجاهلها في كثير من الأحيان، ويعمد البحث أيضا إلي دراسة الطرق التي اتبعتها هذه الترجمات الأولي في تصوير الإسلام والمسلمين.
ولذلك قامت ورقة ميريلين ديفيد "موقع المترجم المسلم: الأنساق والشبكات والروايات الشخصية وتفاعلاتها مع ترجمة النصوص الإسلامية" بالكشف عن تأثير السياق الاجتماعي الثقافي في الترجمة والذي يتمثل في ميل المترجم إلي تفضيل خيارات لغوية معينة دون غيرها، حيث إن الدراسات الأكاديمية التي تتناول ترجمة النصوص الإسلامية رغم أنها شهدت تطورا ملحوظا في السنوات الخمسين الماضية مع ارتفاع عدد تلك الترجمات إلي اللغات الأوروبية، ولكنها تنصب في معظمها علي بحث مدي السلامة اللغوية في النص المترجم، ونادرا ما تهتم بالسياق الذي تمت فيه عملية الترجمة.
الترجمة السياسية
(التعبيرات والاصطلاحات السياسية التي نقرؤها ونسمعها في الكثير من الخطابات السياسية تحمل الكثير من التلون أو اللطف والتمويه اللفظي، فيميل بعض السياسيين إلي مخاطبة الجماهير بدماثة سياسية الطابع فيتجنبون المفردات المنفرة أو المزعجة والتي قد يستقبلها الجمهور علي مضض، والترجمة ليست مجرد نسخة طبق الأصل من النص الأصلي ولكنها عملية تفكير انتقائي واع وممنهج لكتابة نص أو تأليفه أو تلفيقه أحياناً)، هذا ما أوضحته هبة القاضي في ورقتها البحثية من خلال تحليل وإلقاء الضوء علي ترجمة بعض تعبيرات اللطف والإساءة في عينة من الخطابات السياسية لبعض قادة السياسة في العالم.
بينما ذهبت حنان شرف الدين إلي تناول "دور الترجمة في سرد أحداث المعارضة الشعبية"، من خلال تحليل عرض مواقع جريدة الأهرام وال سي إن إن وال بي بي سي لوقائع الثورة المصرية للقراء العرب وغير العرب، وكيفية استعراض المقالات الإخبارية وترجماتها للمعارضة الشعبية، وآثار تلك التغطية الإعلامية علي المواقف السياسية للقارئ.
ومثلها بحثت مني علاء الدين، ولكن حول الترجمات المختلفة لواقعة شارلي إيبدو، من خلال ورقة "هل كلّنا (شارلي)؟"، فقدمت دراسة تحليلية نقدية لأربعة عناوين صدرت في مجلتين من الأشهر عالميا وهما التايم وذي نيويورك، والصحيفتين المصريتين الأهرام وديلي نيوز، بعد سويعات من واقعة إطلاق النيران علي مقر صحيفة شارلي إيبدو في 7 يناير 2015 في العاصمة الفرنسية باريس، وسعي البحث إلي إبراز ما يترتب علي النقل والتحليل المغاير للحدث ذاته من تبني مواقف متباينة وبالتبعية الإتيان بترجمات مختلفة.
السياسة الثقافية للترجمة
تشتمل الترجمة من وجهة نظر ثقافيّة سياسية مفاهيم مهمّة بالغة التعقيد مثل اللغة والثقافة والسياسة والترجمة، والتي قام بهاء الدين مزيد بتناولها وإظهار التأثير الحتمي المتبادل فيما بينها، مع عرض نماذج وتطبيقات في الترجمة بين اللغتين العربية والإنجليزية.
بينما قدمت دعاء إمبابي في ورقتها "السياسات الثقافية لمشروعات الترجمة ذات الصبغة المؤسسية في العالم العربي" ثلاثة مشروعات للترجمة انطلقت من العالم العربي، وسعت إلي فحص الطريقة التي تنظم بها هذه المشروعات عملها علي خلفية الإطار الأوسع للإنتاج الثقافي في المنطقة، وهذه المشروعات هي "كلمة" التابع لهيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة ويركز علي ترجمة الإصدارات إلي العربية، "المكتبة العربية" التي تنشر أبرز آثار التراث العربي باللغتين العربية والإنجليزية، وأخيرا المشروع المشترك للترجمة العربية فيما بين معهد الدراسات الدينية والثقافية والحياة العامة التابع لجامعة كولومبيا بالولايات المتحدة ويهدف إلي نشر ترجمات إلي العربية عن الديمقراطية والتحول الديمقراطي، حيث يتناول البحث: النهج المتبع في ترجمات هذه المؤسسات والتوجهات السياسية التي يتم بناء عليها اختيار النصوص للترجمة.
الترجمة تنمية
دور جديد أضيف للترجمة، وهو بناء وتنمية الدولة، وقد تناوله كل من مصطفي رياض ومينا نبيل، حيث قدم الأول ورقة بعنوان "دور الترجمة في ابتناء الدولة القومية في مصر في النصف الأول من القرن العشرين"، ويهدف فيها إلي تقييم أثر تلك الترجمات علي تطور الفكر السياسي في مصر في النصف الأول من القرن العشرين من زاوية النظرة إلي الإرث الثقافي، ومسألة الهوية، والتوجهات السياسية المتغيرة في الفترة الليبرالية من تاريخ مصر الحديث.
بينما جاءت الورقة الثانية تحمل عنوان "الترجمة.. خطوة نحو البناء والتقدم: مصر والعراق نموذجا"، وهي تهدف إلي تسليط الضوء علي دور الترجمة الرئيسي والمحوري في بناء نهضة دولتين في فترات تاريخية معينة كان قائما علي إدارة شؤونها حكامٌ أولوا اهتمامًا كبيرًا بالعلوم والثقافة إيمانا منهُم بأنها إحدي الدعائم الرئيسية للتَقَدم والازدهارِ، وتناول بالتحديد الدور الذي لعبته الترجمة من خِلالِ: بيت الحِكمة في العراق ومدرسة الألسن في مصر.
مشكلات الترجمة
تواجه الترجمة بفروعها المتعددة كثيرا من الصعوبات، وهو ما لم تغفله أوراق المؤتمر، حيث تناول كل من ابتهال التميمي ومحمود فرحان "صعوبات ترجمة بعض النصوص القانونية من اللغة العربية إلي الإنجليزية"، وذلك عند التعامل مع نصوص قانونية كعقود الزواج والطلاق، والتي صنفاها إلي ثلاثة أنواع: الصعوبات النحوية والدلالية والثقافية، وتوَصل البحث إلي أن صعوبات ترجمة الوثائق القانونية تعود إلي الاختلافات في الأنظمة القانونية للغتين، بالإضافة إلي أن الاختلافات الثقافية تلعب دوراَ بارزاَ في سوء ترجمة بعض المصطلحات.
في حين ناقش بهاء الدين حسن "إشكالية ترجمة المصطلحات الفلسفية في مصر"، حيث إن الكثير من المصطلحات الفلسفية تم تحريفها، فيتناول البحث أمثلة من المصطلحات مثل "الليبرالية" و"العلمانية" وكيفية نقلها إلي اللغة العربية، وتستعرض الدراسة مفهوم المقاومة عند لورانس فينوتي وتطبيقه علي بعض المصطلحات الفلسفية المترجمة إلي اللغة العربية وتحديد مدي العلاقة بين المفهوم والمصطلح ومدي نجاح الترجمة في المحافظة علي فحوي المصطلح بعد نقله.
المترجم مؤلف ثاني للنص
أوضحت ندي سليمان في ورقتها المعنية بدور المترجم ومكانته أنه "لم تعد محاولات الوصول إلي تعريف لعملية الترجمة أو لجهود المُترجِم للوصول إلي النص المُترجَم قاصرة علي اعتبار عملية الترجمة نقلاً من لغة إلي لغة أخري أو تبادلاً معرفيا، ولكن باعتبارها تبادلاً ثقافياً مع كل ما يصاحب هذا النقل من عقبات وصعوبات، ومن ثم فإنه يجب التعامل مع المترجم علي أساس أنه المؤلف الثاني للنص".
الحلقات النقاشية
دار خلال المؤتمر حلقتا نقاش، جاءت الأولي حول ميراث الترجمة، برئاسة د.خيري دومة؛ أستاذ الأدب العربي بقسم اللغة العربية في كلية الآداب، وشارك فيها أساتذة من مختلف أقسام اللغات لمناقشة تاريخ الترجمة، هم: د.مصطفي رياض في الإنجليزية، د.ناهد الديب عن الألمانية، د.أنور مغيث في الفرنسية، د.علي المنوفي في الأسبانية، ود.محسن فرجاني عن اللغة الصينية.
أوضح د.خيري في مستهل حديثه أن الفكرة في البداية كانت الاحتفال بسلسلة ميراث الترجمة، التي تنشر أهم الترجمات في التاريخ العالمي، ولكنها اتسعت لكي تصبح عن تاريخ الترجمة، حيث إن الثقافة العربية الحديثة يصعب أن تفهمها وتتصورها دون الترجمة، وأضاف "الثقافة العربية الحديثة تفتقر إلي كل العمليات الحديثة، لأنه ليس لدينا ببلوجرافيا مما يصعب معه الحصول علي المعلومات والكتب، فكل ميراثنا في الترجمة وغيرها ضائع لأنه لم يجد من يدرسه ويرصده ويسجله".
وتحدثت د.ناهد الديب عن الثقافة الألمانية والترجمة، ليس فقط إلي العربية وإنما "ميراث الترجمة في الثقافة الناطقة بالألمانية"، مؤكدة أن الترجمة في ألمانيا ثقافة وحضارة، فقالت: "الترجمة ثقافة، وإذا كنت سأنقل عن شعب ثقافته لابد أن أعرفه جيدا، ولذا أود أن أوضح أن الترجمة علم مصري صميم بدأ عام 196 ق.م من حجر رشيد، الثقافة التي نقلت من الفراعنة اتخذوها الألمان وأصبحت لهم الأساس الذي عملوا من خلاله، ثم استحسن جوتنبرج الفكرة عندما اخترع الطباعة".
واستطردت: الفلسفة الألمانية بكل من فيها أفادوا من الترجمة العربية التي نقلت من اليونانية، وإن كنت سأترجم فلسفة ألمانية سأعرف أن الألمان لديهم في عقلهم الباطن الفلسفة العربية القديمة، فجوته مثلا له دور مهم جدا صنعه في الترجمة، حيث إن جميع أعماله متأثر فيها بالثقافة الشرقية، وكان مهتما جدا بالإسلام والثقافة العربية والفارسية ونقل عنها لدرجة أنه نفسه حاول الكتابة باللغة العربية، ولكن الترجمة عن الألمانية لم تبدأ إلا في الستينيات، عن طريق لغة وسيطة، وبناء عليه كان هناك لبس في الفهم من جانب المترجم".
ثم انتقلت الديب إلي الحديث عن الترجمة الموجهة أثناء الحرب العالمية الثانية، حيث أشارت إلي أن كتاب كفاحي لهتلر ترجم 3 مرات من الألمانية إلي العربية بأشكال مختلفة، بناء علي الحالة التي يريدها هتلر، وفي النهاية أكدت أن الإشكالية في المركز القومي للترجمة أنه ليس لديه خطة محددة للترجمة عن الألمانية.
واستكمل د.علي المنوفي بالحديث عن الإسبانية، مستعرضا العوامل المحفزة لتدريسها في مصر، وتاريخ نشأتها والمؤسسات المختلفة لتدريسها مثل المعهد الإسباني العربي للثقافة، الذي تتضمن مهامه تقديم منح للطلاب في الجامعات الإسبانية ودعم الأعمال المترجمة، بالإضافة إلي البيت العربيه الذي يعني بالثقافة الإسبانية، وحتي إنشاء قسم الإسباني بمدرسة الألسن، ثم تحدث عن المرحلة الأولي في ترجمة اللغة التي ارتبط فيها الوضع السياسي بالأعمال التي يتم اختيارها للترجمة.
وأضاف المنوفي: "كان لابد من وجود طفرة، والتي ارتبطت بتوفير المناخ الترجمي لإنتاج الأعمال من الإسبانية إلي العربية واللغات الأخري، وأشير تحديدا إلي سلسلة الجوائز والمركز القومي للترجمة، فبدأت معهما الكثير من المساهمات، ولكن هناك دوافع سياسية تتدخل في ترجمة الأعمال، حيث يوجد من حصل علي جائزة نوبل من الإسبان ولم يترجم إلي العربية حتي الآن".
بينما طرح د.أنور مغيث سؤالا في بداية حديثه قائلا: "هل نشاط الترجمة خاضع للسياسات الثقافية للدولة أم خالق لها؟، لو بحثنا ذلك في الواقع الملموس يمكن أن نجزم أن الترجمة كانت خالقة للسياسات الثقافية الحديثة، منذ اللحظة الأولي التي ترجم فيها رفاعة الطهطاوي الدستور الفرنسي، فالطهطاوي بترجماته من الفرنسية خلق المجال العلماني للحقيقية، بأن يكون هناك معايير للحكم بعيدا عن الاتفاق مع القرآن والسنة، مثل القابلية للتجربة وتحقيق المنافع، فخلق الشعور بالمعرفية، ومن هنا كانت أهمية فتح المجال للترجمات الفرنسية".
واستكمل مغيث: "اللحظة الثانية الهامة في تاريخ الترجمة الفرنسية هو تأسيس مجلس المعارف العمومية (وزارة التعليم)، كانت أغلبها تترجم من الفرنسية، لأن الدولة المصرية شعرت بأنها لتصبح حديثة لابد أن يكون تعليمها علمانيا، يتم توجيهه للمسلمين والمسيحيين وغيرهم ممن يعيشون بمصر ولا يقتصر علي المسلمين فقط، أما اللحظة الثالثة فهي التأثير في مجال الأدب، وقد بدأ ذلك في الستينيات والسبعينيات مع المطابع ودور النشر الخاصة، بينما اللحظة الرابعة والأخيرة فهي تأسيس العلوم الإنسانية، والتي بدأ يتضح معها حدود العلوم".
ومن جانبه، لم يستطرد د.محسن فرجاني في الحديث عن تاريخ الترجمة بين العربية والصينية، وإنما اقتصرت كلماته فقط عن الترجمة المباشرة، فأوضح أنها بدأت من الجانب الصيني مبكرا، خلال 3 موجات، الأولي من القرن التاسع إلي السابع عشر ميلاديا، حيث شهدت ترجمات مهولة عن العالم العربي، ثم جاءت المرحلة الثانية مع الأجيال التالية التي انقطعت صلتها بالمنطقة العربية، بينما المرحلة الثالثة من عام 1949 حتي الآن، تم التعرف خلالها علي قدر أكبر من إنتاج العالم العربي في مجالات المعرفة المختلفة وخاصة الأدب.
أما د.مصطفي رياض، فقد قدم موجزا لبدايات الترجمة من الإنجليزية خلال العصر الحديث، باعتبارها اللغة الأكثر انتشارا بين الكتب المترجمة.
بينما تناولت الحلقة النقاشية الثانية أدب الرحلات، برئاسة د.سحر صبحي،ومن المشاركين فيها نوريس ويليام ، ومارلين بلومي، حيث سعوا خلالها لتقريب وجهات النظر حول هذا النوع من الأدب عن طريق معالجة المشاكل التي تواجه الأنشطة الثقافية، وتبادل الأفكار، وكيف يمكن لمؤلف هذه النوعية أن يوضح رؤيته وتجربته التي عاشها أثناء السفر للمترجم الذي لم يري، حتي يتمكن من الكتابة.
توصيات المؤتمر
في ختام المؤتمر، أعلنت د.علا حافظ، رئيس قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب جامعة القاهرة، عددا من التوصيات التي خلص إليها الأساتذة والباحثون خلال أيام المؤتمر، والتي جاء في مقدمتها؛ عمل ببلوجرافيا بالكتب المترجمة في اللغات المختلفة للحفاظ علي جهد ووقت المترجم وتيسير عملية الترجمة، وإنشاء معامل للترجمة لأن الطلاب يحتاجون لممارسة ذلك عمليا من خلال رؤية من يتحدث أمامهم.
وأوصوا أيضا بضرورة العمل علي تقليل الفجوة بين مؤسسات الترجمة المختلفة والمترجمين المحترفين في سوق العمل، حيث إن هناك انفصالا ما بين الجانبين النظري والعملي، ذلك بالإضافة إلي التأكيد علي الحاجة إلي تنظيم العديد من المؤتمرات والندوات لمناقشة المزيد من طرق الترجمة الصحيحة.
مؤتمر العام القادم
أنهت حافظ حديثها بالدعوة إلي مؤتمر العام القادم الذي سيقيمه القسم أيضا، وهو الملتقي الثالث عشر للأدب المقارن، وذلك في الفترة من 11 إلي 13 نوفمبر 2016، تحت عنوان "أصوات من إفريقيا"، والذي سيتناول عددا من المحاور منها: الأدب في إفريقيا، اختلافات اللغة في إفريقيا، التراث الثقافي لإفريقيا، الثقافة الشعبية والمسرح في إفريقيا.
وسيتم إغلاق باب التسجيل يوم 31 مارس 2016، علي أن يتم الإعلان عن الأوراق المقبولة في الأول من يونيه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.